الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كيف يصنع القرار في سورية ؟ قراءة في بعض ما أدلى به عبد الحليم خدام

أحمد مولود الطيار

2006 / 1 / 15
مواضيع وابحاث سياسية


كتب الكثير بعد ال تسونامي التي أحدثها السيد عبد الحليم خدام ويكاد يبلغ ما كتب مجلدا كبيرا لن أنافح أحدا ولن أساجل في كل ما قيل بل سأتفق مع كل ما جادت به الأقلام . ليس هنا المهم من وجهة نظري, بل الأهم لدي هو دفع النقاش إلى الأمام وتحديد من المسؤول في المقام الأول عن السياسات المهلكة والمدمرة التي استجلبت كل تلك القرارات الدولية التي لم يعرفها تاريخ سوريا القديم والحديث و السبب يعود بغض النظر عن الخلل البنيوي المستفحل في جسد النظام , الى الارتجال والسلق للقرار وعدم وجود المؤسسات القادرة على المساهمة في مساعدة متخذ القرار ووضع لوحة كاملة متكاملة أمامه من الخيارات والبدائل وكافة ردود الفعل الايجابي منها والسلبي تعينه لرسم مسارات دقيقة وواضحة تجنب البلد كافة المطبات الموجودة على الطريق مبعدة اياه عن كل الطرق والأساليب اللاعلمية في اتخاذ القرار قاطعة بحزم أمام كل الشعوذات والأنانيات والاندفاعات اللامسؤولة, مخففة الى أقصى حد ممكن لكل حماس يبلغ مبلغ الحمق. ولعلي أجد محاورا بعثيا يمتلك الجرأة ليقول كلاما جديدا بالطبع غير كل ما قيل في الجلسة الهستيرية لما يسمى مجلس الشعب ويرد عليّ ويحاججني في تحديد المسؤوليات وكلي أمل ألا يكون محاوري هذا جهاز أمني – كما جرت العادة - كي يتكافأ الحوار ولا يختل. لذلك أقول:
لا تستولين علينا الهستيريا ولا نضيعن في الزحام. ليس كل ما قاله عبد الحليم خدام مكانة سلة المهملات. فبعيدا عن دوره القائد كجزء من النظام في تعميم الفساد وبمعزل عن دوره أيضا في قمع كل جنين للحراك الديموقراطي, فالرجل قدم وجهة نظر سياسية متماسكة, حلل فيها وبعمق أسباب الترنح والتعثر والغرق الذي يكابده النظام السوري الآن، واضعا البلد بأكمله في مرمى الهدف. لنقرأ ما يقوله خدام وبالحرف ".. وسمعت من الرئيس (المقصود الرئيس بشار الأسد) إن داريل عيسى سيعمل على تعزيز العلاقات السورية الاميركية ومارتن أنديك انتقد سياسة إدارة بوش حول العراق، ثم قال للرئيس بشار سيأتي خلال أيام (مساعد وزير الخارجية الاميركي سابقاً لشؤون الشرق الأوسط وليم بيرنز) مع وفد كبير، وعلى كل حال الولايات المتحدة الاميركية لا يهمها لبنان، يهمها العراق. وفي مرات أخرى قيل في القيادة الكلام نفسه وزرع في عقل الرئيس بشار الأسد إن الولايات المتحدة الاميركية ستأتيه زاحفة تفاوضه من اجل العراق وتبقيه في لبنان. هذه قراءة خاطئة. هذه القراءة الخاطئة أوصلت إلى نتائج أتت في ما بعد. اذا، القراءة الخاطئة والاستنتاج الخاطىء وضع البلاد أيضا في مجموعة من المطبات تعاني منها الآن.(بالطبع, هذه القراءة الخاطئة لم يكن خدام وحده من نبه اليها وأشارالى النتائج الكارثية التي تمخضت فيما بعد عنها وإنما كل أدبيات المعارضة السورية وكتابها ومحلليها وقبل وقت مناسب)
السبب الثالث هو الانفعال وردود الفعل، هما صفتان سيئتان إذا لازمتا أي مسؤول، لان التصرف بالانفعال وردود الفعل يفقد المنفعل القدرة على التمييز بين الخطأ والصواب.
نلقي الآن بعد ذلك الاقتباس كل ما قاله السيد عبد الحليم خدام إلى مكب القمامة. لن نختلف لا سلطة ولا معارضة, لا محب ولا كاره لنائب الرئيس في كل ما قاله, ولكن (...) السؤال المركزي : ألم يضع السيد النائب إصبعه على الجرح؟ ليعترف كل المطبلين والمزمرين وكل أعضاء ما يسمى بمجلس الشعب وكل المحللين السياسيين للنظام السوري بدءا من السيد شارل أيوب إلى صاحب نظرية " نفي المصافحة التاريخية " الشهيرة مرورا بالسيد أحمد الحاج علي إلى السيد ميخائيل عوض وأخيرا وليس أخرا المبعد الأكبر بفعل تقرير ميليس السيد ناصر قنديل ولن ننسى بالطبع رجالات الدولة في سوريا الأمنيين منهم والسياسيين, كلهم جميعا ,ألم يزينوا للسيد الرئيس الشاب أقواله وأفعاله وعصموه وألّهوه وأوهموه أنه لا ينطق عن الهوى.
إن الاندفاع والحماس ميزة الشباب, ولقد كانتا على الدوام مرجل ومحرك التاريخ وينقلبان إلى الضد تماما لو خرج الحماس عن رشده وعن طوره وهذا ما حدث في حالتنا السورية حيث توفر الحماس وافتقدنا إلى الخبرة. ما كان ينقص سوريا القارئ السياسي الممتاز الذي يرى خلف الظواهر وما وراء الأكمات. ما وقع به صدام حسين وقع به النظام السوري والآن زمن حصاد السنابل الشامخة ذوات الرؤوس الفارغة. ألم تقل السفيرة الأمريكية في العراق للرئيس المخلوع قبيل غزوه للكويت: لاتهتم أمريكا للكويت.. . وما قال مارتن أنديك للرئيس الأسد: لا يهمنا لبنان, يهمنا العراق .
ألا يوجد في النظام السوري قارئ واحد فقط يدرك أن الاستراتيجية الأمريكية في الضغط على الخصوم قائمة على زرع الأفخاخ ومن ثم الدفع باتجاهها وتاليا الإجهاز عليها؟ ما هي الاستراتيجية السورية المضادة؟ كل الظن أن القرّاء والقراءات المتوفرة للنظام هي من مثل المثقف الجنرال وقراءته التي نشرتها صحيفة السفير اللبنانية بتاريخ 15 / 5 / 2003 تلك القراءة
التي انبت على معطيات الحرب الباردة بعد الحرب الباردة والتي لا تزال ترواح مكانها في عالم واحدي القطب, يبدو أن رفاق الجنرال لم تصلهم تلك المعلومة بعد.
فاجعة العراق نعرفها ونتألم لأشقاء لنا مما حل بهم. هل في الوقت متسع لتجنب المصير المماثل ؟
هذا يحتاج إلى قراءات مختلفة لرجال مختلفين في نظام مختلف.
النظام السوري يتصدع يوما بعد آخر, ويخسر أعمدته الغير مأسوف عليها واحدا تلو الأخر. نحتاج للحماس وللخبرة لكن المهم والأهم دولة تقوم على المؤسسات الديموقراطية, وحدها تلك المؤسسات تعرف كيف يصنع القرار وكيف يتخذ . بذلك وحده نطلّق والى الأبد الارتجال والتسرع والفردية والمقامرة والمغامرة لأنها سورية الشعب والتاريخ والأرض .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل بدأ العد العكسي لعملية رفح؟ | #التاسعة


.. إيران وإسرائيل .. روسيا تدخل على خط التهدئة | #غرفة_الأخبار




.. فيتو أميركي .. وتنديد وخيبة أمل فلسطينية | #غرفة_الأخبار


.. بعد غلقه بسبب الحرب الإسرائيلية.. مخبز العجور إلى العمل في غ




.. تعرف على أصفهان الإيرانية وأهم مواقعها النووية والعسكرية