الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحداثة الدرويشية المؤنسنة

عبدالكريم الكيلاني
شاعر وروائي

(Abdulkareem Al Gilany)

2006 / 1 / 16
الصحافة والاعلام


انقشع الغبار وظهر زيف الكلمة المغلفة ببقايا أنين ووجع أمة كاملة اتخذها درويش قناعا ليخفي خلفه وجهاً لم نألفه من قبل ولايمكن القبول به من شاعر كبير كان يوما لسان حال قضية وصوتاً من أصواتها حتى خيّل لنا أن لاقضية فلسطينية بدون محمود درويش ولا محمود درويش بدون قضية فلسطينية .. كنا نراهما وجهان لعملة واحدة .. وتوأمان لانكاد نفرّق بينهما .. أصبنا بالاحباط وبالحزن حين ظهر لنا الشاعر الكبير في برنامج (( خليك بالبيت )) ليلة الثلاثاء 3 يناير العام 2006 لمقدمّه زاهي وهبة وهو يتباهى بما لا يكاد يصدق ممتطيا صهوة السراب بدلا من صهوة المجد ممتشقا سيف المراوغة والتظليل بدلا من امتشاقه سيف البطولة والخلود ..
خسرت محبيك وخذلت قرّاءك ومعجبيك ايها ( الرمز ) الذي كنت يوما ما تتوسد شغاف القلوب وتلتحف بالاروح الهائمة من خلال نصوصك المقاتلة كنت فيما مضى تسكرنا حتى الثمالة بكلماتك الصادقة والنافذة كالرصاص في صدور المحتلّين .. فلم آثرت الترّجل عن صهوة المجد ؟ .. لتنزل الى درك مظلم حيث اللا مكان في ضمائر الشعوب العربية ..
(( أنسنة العدو)) مصطلح دافع عنه وروج له بعض من الأدباء الفلسطينين ومنهم غسان كنفاني وإميل حبيبي ومحمود درويش كانت تنظيراتهم في هذا المجال مربكة وغير مفهومة بل غير مقنعة رغم أن التنظيرات قد تخرج الى أرض الواقع بلا وعي وهذا المفهوم لايمت للواقع بصلة والواقع الفلسطيني كان حقلا للتجارب فلو كان العدو حافظا للعهود والمواثيق الدولية والانسانية إتجاه من يحارب نستطيع أن نؤنسنه بأطر لاتخرج عن التقاليد والأعراف المتبعة في هذا المجال إلا أننا على طول الخط وعلى مدى السنين الماضية وجدنا ان العدو الاسرائيلي معبأ بالكامل لمحو فلسطين شعباً وتاريخاً بكل الطرق المتاحة .. لافرق .. فمن القتل الجماعي الى التهجير الى بناء المستوطنات وصولاً الى شراء الذمم والأقلام .. والآن تيقّن لنا هذا بعد ان سمعنا درويش هو يحاول ايهامنا بحداثوية القضية الفلسطينية أدبا على طريقته الخاصة .. ولعله يحسب إنه يستطيع الضحك على الملايين من خلال تنظيراته الهلامية وتحليلاته السفسطائية لواقع ملموس لايحتاج الى منظّر يغيّر من آيدلوجيته أو يشكّل تراكيب التواصل بين الشعوب حسب مفهومه .. فكان بحق جرسا من أجراس عدة تدق ناقوس الخطر لينذرنا بنجاح المخطط الامريكي بعصرنة القضية الفلسطينية مفهوما استعماريا وبالتالي الرضوخ والخنوع لهذا المخطط المسمى بالشرق الاوسط الكبير لتمرير المآرب والمطامع وتوسيع هالهيمنة الامريكية وهذا مانخشاه ..
وقد يقول قائل إن العقل والقلب متلازمان عند الأنسان الوعي لكننا نقول بأن هذا صحيح لكن يمكن للشاعر والقاص والكاتب أن يفرق بينهما حين نعي حجم المخاطر وحجم التحشيد والتعتيم الأعلامي الذي يتمارسه إسرائيل بأياد أخرى لحجب الحقائق ولإسكات الأصوات التي تناهض الأحتلال من خلال شق صف المثقفين العرب واختلافهم على مفهوم المقاومة وهذا ما نراه جليا في الساحة الادبية حاليا

ولعل الأديبة غادا فؤاد السمان حاولت إخبارنا وإقناعنا بهذا الأمر الجلل وهي تستعرض بعض الخطوط الحمر التي تخطتها ثلة من الأقلام العربية في كتابها الموسوم (( إسرائيليات بأقلام عربية ))ومما ورد في كتابها هذه الرسالة التي أرسلها درويش الى إحدى اليهوديات " "(( ..السيدة شيرلي هوفمان أميريكية - إسرائيلية، تعيش في مدينة القدس. التقيت بها في مهرجان الشعر العالمي في روتردام. قرأتُ شعرا عن أزقّة القدس، وهي قرأت شعرا عن حجارة القدس. قرأتُ عن تيهنا الجديد، وهي قرأت عن تيهها القديم. ولكنّها عرفت ْ ما لم أعرف، قالت: إن أسباب الحروب الدائمة في الشرق الاْوسط هي غيرة النساء، الغيرة التي اندلعت نارها بين جدتهم سارة، وجدتنا هاجر.. ضحك الجمور طويلا.!!!)) إلا أننا لم نشأ إيقاظ واستفزاز الوحش النائم في دواخلنا إملا بأن تكون الزميلة غادا مخطئة ولكننا بعد أن سمعنا باذاننا ورأينا بأم أعيننا ماقاله الشاعر الوسيم حد الأقناع محمود درويش لمحاوره زاهي وهبة ليحدث فينا شرخا لايمكن له أن يوارى وجرحا سحيقا لايندمل .. والذي زاد الطين بله عن المحاور لم يتطرق للأاتهامات الموجهة للمحاور بل كان يروج لمجموعته الشعرية ( لزهر الوز أو أبعد )) أملا في لفت الأنظار اليها ومن ثم بيع نسخ أكثر منها متعكزا بدرويش الماضي .. درويش سجل أنا عربي.. بينما كان المراقبون يأملون أن تكون هذه المحاورة مدخلا لنقاش فكري واسع الثراء يشمل كل المسائل العالقة في خضم أدب المقاومة وكنا نأمل أيضا أن تناقش فيها سيل الاتهامات الموجهة لدرويش من قبل الأديبة غادا فؤاد السمان والواردة في كتابها ( إسرائيليات بأقلام عربية) لتبيان وجلاء الحقائق وإقناعنا بعكس ماجاء فيها إلا أنا رأينا تحاشيا متعمدا من قبل الاثنين مكتفين بالمجاملات والألفاظ المنمقة والأيحاءات السلبية فأصبنا بخيبة أمل .. لنستيقظ بعدها حاملين بأعيننا الصور البشعة التي نراها كل يوم في الاراضي المحتلة ونعود بخفي حنين الى واقع مزر يهان فيه الدم الفلسطيني كل يوم وتستباح فيه الحرمات ونحن لازلنا نناقش ونحلل للتطبيع وننشر مفهوم (( أنسنة العدو )) ليصبح الجلاد إنسانا لايمكن لنا المساس به وخدش شعوره حتى بالكلمة أما الفلسطيني فهو الجاني ويجب عليه السكوت والخنوع امام الغطرسة الاسرائيلية كي لاتخدش أحاسيسه وبالتالي كي يحظى درويش بامتيازات سلطوية ويزيد من رصيده في البنوك السويسرية والاوربية وكل هذا على حساب الانسان العربي الفلسطيني وتحت غطاء الأدب المقاتل والحداثة الدرويشية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -بيتزا المنسف-.. صيحة أردنية جديدة


.. تفاصيل حزمة المساعدات العسكرية الأميركية لإسرائيل وأوكرانيا




.. سيلين ديون عن مرضها -لم أنتصر عليه بعد


.. معلومات عن الأسلحة التي ستقدمها واشنطن لكييف




.. غزة- إسرائيل: هل بات اجتياح رفح قريباً؟ • فرانس 24 / FRANCE