الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دراسة متواضعة من تاريخ الحركة الشيوعية في العراق وآفاق مستقبلها .ثورة 14تموز1958ومهمات الحزب الشيوعي العراقي.الجزء العاشر

عبد الحسن حسين يوسف

2017 / 2 / 21
مواضيع وابحاث سياسية


دراسة متواضعة من تاريخ الحركة الشيوعية في العراق وآفاق مستقبلها
ثورة 14 تموز 1958 ومهمات الحزب
الشيوعي العراقي
الجزءالعاشر

لقدوصل العراق في ظل النظام الملكي في السنوات القليلة التي سبقت ثورة 14 تموز الى مستوى من الفساد الاداري والنهب المالي من قبل مسؤو لي هذا النظام الى مستوى سيء جدا كان من الصعب اصلاحه في ظل وجود النظام نفسه الامرالذي اصبح التغيير مطلوبا ليس من الطبقات المسحوقة فقط بل حتى من الطبقات الوسطى وصغار الموظفين الذين اكل الغلاء والفساد الكثير من معاشاتهم وهجر الفلاحون ارضهم بعد ان وصل طغيان الاقطاع الى الحد الذي لم يستطيعوا حتى من البقاء على قيد الحياة في ظل هكذا ظروف والتجأوا الى المدن واهمها بغداد والبصرة ليشكلوا حزاما من البؤس ومن بيوت الطين والقصب والصفيح المعدومة فيها ابسط متطلبات الحياة كونها بلا ماء ولا كهرباء وليس قريب منها مدارس او مستشفيات واصبح ساكنوها يقومون باي عمل يدوي يطلب منهم الامر الذي تحول قسم منهم الى اداة ضاغطة على عمال القطاعات الانتاجية والخدمية في الدولة او القطاع الخاص كافة لاستعدادهم للعمل باي اجر وبدو ن شروط وقد انعدم من جراء ذلك الامن والتنظيم الحياتي لمدينة بغداد وبدأت المفاهيم العشائرية تسود فيها وتبتعد هذه المدينة المتحضرة شيئا فشيئا عن المدنية التي كانت تسودها سابقا واضافة الى بروز المفاهيم العشائرية القادمة من مدن الجنوب في منطقة الرصافة من بغداد اخذت من بغداد مدن البدو وسكان اطراف الصحراء الغربية حصتها ايضا وسكن اغلب هؤلاء في اماكن تجمع من سبقوهم من ابناء مناطقهم وكانت الكرخ هي ملاذهم في السكن حتى أسمو المناطق التي سكنوها في بغداد باسماء المدن البدوية القادمين منها فسميت محلة التكارته ومحلة الدوريين ومحلة الهيتاويين ومحلة العزة في الرصافة وغيرها من الاسماء الكثيرة ..
وفي تلك الفترة نشطت الحركة الوطنية المعادية للنظام وتقاربت الكثير من تياراتها ورغم انهم لم يتفقوا على تفاصيل العمل القادم وليس لديهم برنامج لما بعد الثورة الا انهم متفقون على اسقاط النظام الملكي الرجعي وتكونت تبعا لذلك جبهة الاتحاد الوطني وكان الحزب الشيوعي والحزب الوطني الديمقراطي هم اهم واقوى هذه الاحزاب المتحالفة اضافة الى حزب الاستقلال و حزب البعث الحديث التكوين في العراق والذي كان يطبع بياناته ومنشوراته بمطبعة تبرع بها له الحزب الشيوعي العراقي وكلف الشهيد حمزة سلمان بتعليم اعضاء البعث المكلفين بالطباعة استعمال هذه المطبعة وفي 1963 بعد انقلاب شباط البعثي ((كافأ )) البعثيون الشهيد حمزه سلمان الذي علمهم الطباعة بان استشهد تحت سياطهم وباشراف قياداتهم الذين يعرفونه حق المعرفة .. وكانت اهم الفقرات التي تم الاتفاق عليها بين الاحزاب المؤتلفة هي
1-تنحية نوري سعيد وحل المجلس النيابي
2- الخروج من حلف بغداد وتوحيد سياسة العراق مع سياسة البلدان العربية المتحررة
3- مقاومة التدخل الاستعماري بكافة اشكاله ومصادره وانتهاج سياسة عربية مستقلة اساسها الحياد الايجابي
4- اطلاق الحريات الديمقراطية الدستورية
5- الغاء الادارة العرفية واطلاق سراح السجناء والموقفين والعتقلين السياسيين واعادة المدرسين والموظفين والمستخدمين والطلاب المفصولين لأسباب سياسية ...
لقد كانت اهداف جبهة الاتحاد الوطني اهداف بسيطة وغير جذرية وهي محاولة ترقيع من اجل جمع القوى الوطنية العراقية في تحالف مطلبي وليس تغييري ولهذا السبب عندما سأل احد اقطاب هذا التحالف وهو محمد مهدي كبه بعد ثورة 14 تموز 1958 عن مهمات جبهة الاتحاد الوطني بعد الثورة قال (لقد انتهت الجبهة ) وعندما سأل لماذا قال ان جميع المطالب التي تضمنها بيان الجبهة قد حققته الثورة في يوم اعلانها ...
وتحالف الحزب الشيوعي العراقي حلف ثنائي مع الحزب الديمقراطي الكردستاني لان الاحزاب الاخرى رفضت التحالف معه وكان للحزب الشيوعي العراقي حلقة وصل بينه وبين حركة الضباط الاحرار هو رشيد المطلك وكان احد الشخصيات الوطنية المعروفة ..
تكونت حركة الضباط الاحرار بهدف اسقاط النظام الملكي وكان الحزب الشيوعي العراقي على علم حتى بساعة الصفر للثورة كما اعلنت قيادات الحزب ولذلك كان الحزب في يوم الثورة بالانذار متوقعا الاعلان عنها في أي لحظة..
ان الكثيرين من قيادات الضباط الاحرار يخشون من نشاط الحزب الشيوعي العراقي بما عرف عنه من امكانيات التنظيم ورفع الشعارات المناسبة في الوقت المناسب واستطاعته تحريك الجماهير لتحقيق هذه الاهداف خصوصا ان وثبة كانون سنة1947 التي استطاع فيها ان يتصدر الجماهير المنتفضة غير بعيدة عن الاذهان وقد كانت خشيتهم في محلها ففي صبيحة يوم 14 تموز اعلنت اذاعة بغداد البيان الاول للثورة واعلان الجمهوريةوبدا البيان

هنا اذاعة الجمهورية العراقية
بيان الثورة الاول
ايها الشعب الكريم
بعد الاتكال على الله ومؤازرة المخلصين من ابناء الشعب والقوات المسلحة اقدمنا على تحرير الوطن العزيز من سيطرة الطغمة الفاسدة التي نصبها الاستعمار لحكم الشعب والتلاعب بمقدراته لمصلحتهم وفي سبيل المنافع الشخصية
ايها الاخوان
ان الجيش منكم واليكم وقد قام بما تريدون وازال الطبقة الباغية فما عليكم الا ان تؤازروه واعلموا ان الظفر لايتم الا بترصينه والمحافظة عليه من مؤامرات الاستعمار واذنابه فاننا نوجه اليكم نداءنا للقيام باخبار السلطات عن كل مسيء ومفسد وخائن لاستئصاله ونطلب منكم ان تكونوا يدا واحدة للقضاء على هؤلاء والتخلص من شرهم

أيها المواطنون
اننا بالوقت الذي نكبر فيه الروح الوطنية الوثابة والاعمال المجيدة ندعوكم الى الخلود والسكينه والتمسك بالنظام والاتحاد والتعاون على العمل المثمر في سبيل مصلحة الوطن
ايها الشعب
لقد اقسمنا ان نبذل دماءنا وكل عزيز علينا في سبيلكم فكونوا على ثقةواطمئنان بأنناسنواصل العمل من اجلكم وان الحكم يجب ان يعهد الى حكومة تنبثق من الشعب وتعمل بوحي منه وهذا لايتم الا بتأليف جمهورية شعبية تتمسك بالوحدة العراقية الكاملة وترتبط برباط الاخوة مع الدول العربية والاسلامية وتعمل بمباديء الامم المتحدة وتلتزم بالعهود والمواثيق وفق مصلحة الوطن وبقرارات مؤتمر باندونغ وعليه فان الحكومة الوطنية تسمى منذ الان الجمهورية العراقية وتلبية لرغبة قد عهدنا رئاستها بصورة وقتية الى مجلس سيادة يتمتع بسلطة رئيس الجمهورية ريثما يتم استفتاء الشعب لانتخاب الرئيس والله نسأل ان يوفقنا في اعمالنا لخدمة وطننا العزيز انه سميع مجيب .....
بغداد في اليوم السادس والعشرين من شهر ذي الحجة سنة 1377 ه الموافق لليوم الرابع عشر من شهر تموز 1958 م

القائد العام للقوات المسلحة ...
عبد الكريم قاسم

وفي لحظات هبت الجماهير بطريقة عفوية لملأ الشوارع والساحات وقطع الطريق امام أي تحرك عسكري معادي للثورة واستطاع الحزب الشيوعي ومن اليوم الاول للثورة ان يكون وجوده فاعلا فيها من خلال جماهيره المنظمة ومن خلال الضباط الشيوعيين الموجودين مع الضباط الاحرار وبعد الاعلان عن الثورة وفشل القوى الاستعمارية في اجهاضها من خلال الدعم الجماهيري لها وبروز قوة جديدة اصبحت فاعلة في الساحة الدولية هي المعسكر الاشتراكي والاتحاد السوفيتي تحديدا كما ان اهم ذريعة للتدخل البريطاني التي اعتمدت عليها في ثورة مايس 1941 غير موجوده لان الوصي على العرش ورموز الدولة الذين استطاعوا الافلات من قبضة الثورة في 1941 واستدعوا القوات البريطانية للتدخل بحكم انهم مسؤولي الدولة قد قتلهم ثوار 14 تموز وقطعوا الطريق امام أي تدخل انكليزي بغطاء شرعي . ورغم ان الانتقاد ات قد وجهت الى الضابط الشهم (عبد الستار سبع العبوسي ) الذي قام بقتل هذه العائلة واتهموه بالسادية واعتبروه مجرما الى الحد الذي دفعه الى الانتحار بعد سنوات من الثورة الا ان الحقيقة ان عمله هذا هو الذي انقذ الثورة التي لو فشلت لما تورع ولي العهد ونوري السعيد وكل مجرمي العهد الملكي من تعليق العشرات من الضباط والجنود والمدنيين الذين ساهموا بالثورة على اعواد المشانق كما فعلوا في مايس 1941
وفي وثبة كانون 1947 وفي سنة 1949 عندما علقوا الشهداء الشيوعيين فهد وحازم وصارم ويهودا صديق وابراهيم ناجي ثم ساسون الدلال بالساحات العامة في بغداد
وقد اصدر الحزب الشيوعي العراقي بيان صبيحة يوم الثورة جاء فيه
(ان شعبنا العراقي سيحمي جمهوريته الفتية كثمرة عزيزة لنضاله الطويل المرير ضد الاستعمار والرجعية )....( ان ثقتنا لا حدود لها بقوة شعبنا الابي الزاخرة بعربه واكراده بعماله وفلاحيه وكافة جماهيره الشعبية الباسلة وبقوى جيشه المغوار بقدرتهم جميعا للوقوف كرجل واحد لرد كل معتد اثيم وكل باغ لئيم )....(اننا نحن الشيوعيين الذي صعد قادتنا باقدام ثابتة على سلالم مشانق الاستعمار وخر برصاص البغي والجلادين مئات من خيرة اعضاء حزبنا وقضى الالاف منهم زهرة شبابهم وربيع اعمارهم في سجون الاستعمار ومنافيه .اننا نحن الشيوعيين الذي كان لنا شرف الدعوة الى الجمهورية وشرف النضال مع سائر القوى الوطنية بتصميم ونكران ذات من اجل تحقيقها نعاهد الشعب الابي على اننا سنمضي قدما حتى اخر قطرة من دمائنا وبكل قوة بالنضال من اجل صيانة جمهوريتنا العراقية من اجل اجتثاث اخر بقايا الاستعمار وتطهير ارض الوطن الحبيب من عملائه وفي سبيل حياة حرة كريمة لجماهير العراق ومن اجل الوحدة العربية والسلم والتقدم ..) واخذ الاستعمار وعملائه منذ اليوم الاول بالعمل على تشويه الثورة مستعملين الكثير من الذين اقتنعوا ان الثورة ستقضي على امتيازاتهم وتحكمهم وأهم هؤلاء الذين قاموا بالتشويه هم جهاز الامن الملكي الذين عرف ان تجذر الثورة وصعود الجماهير والحزب الشيوعي الى الوا جهة يعني نهايتهم ومحاسبتهم على جرائم سنين الحكم الملكي الرجعي وقام الحزب الشيوعي العراقي برفع مذكرة الى رئيس الوزراء في 20 تموز 1958 يطلب فيها منه حل هذا الجهاز المجرم الذي لن يهدا ابدا الا بعد ضرب الثورة والالتفاف على الوطنيين الشرفاء ومنهم الشيوعيين الذين ساندوا الثورة منذ الساعات الاولى ..
لقد كانت ثورة 14 تموز ليست نصرا للشعب العراقي فقط بل هي نصر لكل قوى التحرر العربي والعالمي وخصوصا انها اعلنت منذ الساعات الاولى وفي بيانها الاول الانحياز لقوى السلم والتحرر العالمي واعلنت معاداتها للاستعمار والرجعية وقد تدخل الاتحاد السوفيتي مباشرة ووجه مذكرة احتجاج الى امريكا يطالبها بسحب جيوشها التي انزلتها على سواحل لبنان محاولة منها لاجهاض ثورة تموز واعلن الاتحاد السوفيتي (ان الاتحاد السوفيتي لايستطيع ان يقف
متفرجا ازاء التدخل الامريكي المسلح ) وكانت قمة مساندة الاتحاد السوفيتي لثورة تموز هو انذار رئيس وزراء الاتحاد السوفيتي الى رؤساء دول امريكا وبريطانيا وفرنسا بسحب قواتها من الاردن ولبنان وعدم التدخل بشؤون العراق الداخلية.. لقد اعلنت الثورة عن اهدافها في الاسابيع الاولى لانتصارها وكان اهم هذه الاهداف المعلنة عن طريق قائدها عبدالكريم قاسم او من خلال برامج الوزراء المعلنة لاداء مهمات وزاراتهم كانت .
1-التخلص من الفساد الاداري والاقطاع واعفاء كبار الموظفين الفاسدين من وظائفهم ومعاقبة من يثبت فساده المالي...
2- تعديل نظام الظرائب وتوزيع اراضي الدولة على مستحقيها ممن لا سكن لهم..
3- توزيع الاراضي الزراعية من خلال قانون الاصلاح الزراعي على الفلاحين.
4- تخفيض ايجارات البيوت والتخلص من المشاريع غير المربحة لانها حلقات زائدة تظر الاقتصاد العراقي..
5- ان يكون الاقتصاد العراقي حرا وغير ملزم بان يستورد من جهة معينة دون اخرى بل ان تكون علاقاته مع كل الدول الصديقة ذات المنفعة المشتركة ..
6- عدم رفض الثورة وجود راسمال اجنبي ان كان وجوده يخدم الاقتصاد العراقي وان انسحاب العراق من الاسترليني هو خدمةللشعب العراقي رغم مضاره المؤقته ...
7- تعمل الحكومة على ايقاف الهجرة البشرية من المحافظات الى بغداد من خلال تنمية المحافظات ورفع مستوى معيشة افرادها...
8- العمل على ايجاد نظام رعاية اجتماعية واصدار قانون منصف للعمل وتحديد يوم العمل ب8 ساعات في اليوم ..
9- تخفيض كلف المواد الغذائية الاساسية20%عن الاسعار السابقة وان تكون الفوائد البيع بالجملة لا يتجاوز في كل الحالات عن 15%
10- اعداد اسماء 108 من مسؤولي النظام السابق للمحاكمة منه 30 ضابط ..
11- تعهدت الثورة باحترام الاتفاقات القائمة واعلن قائد الثورة ليس من مصلحة العراق معادات الغرب ما زال الغرب يحترم خيارات العراق

ولكن امام استمرار الاعيب الاستعمار اعلن عبد الكريم قاسم ان الغرب الان يعمل لقلب نظام الجمهورية واتيان عملاء جدد لحكم العراق وخاطب عبد الكريم قاسم الشعب ( انتم القوى التي نسحق بها الاستعمار والامبريالية )...
12- ثمنت الثورة اعتراف المعسكر الاشتراكي بها وهو السبب الذي بموجبه اعلن قائد الثورة انه مع الدول التي تصادقه ..
اغلب الوزراء الذين اشتركوا في الحكومة الاولى للثورة عدى براهيم كبة اعلنوا معاداتهم للشيوعية لانهم يعرفون حجم مخاطرها على مصالحهم وان اطلاق سراح المحكومين من الشيوعيين بعد الثورة هو عدم تدبير من اطلق سراحهم وعدم معرفة لمخاطرهم كما يقول هؤلاء الوزراء...
اعلنت حكومة الثورة الانسحاب من حلف بغداد لانه حلف دفاعي وما دامت الجمهورية العراقية جزء من الامم المتحدة فهي لا تحتاج الى احلاف دفاعية مع الاخرين ...
ولكن من اهم المكاسب التي قامت بها ثورة 14 تموز هو صدور الدستور المؤقت في يوم27 -7 -1958 والذي اعترف وللمرة الاولى في تاريخ الدولة العراقية وفي المادة الثالثة فيه بان العراق بلد العرب والكرد وهم شركاء فيه متساوين فيه ويعيشون كاخوة معا وكان نص المادة الثالثة من الدستور المؤقت هي(يقوم الكيان العراقي على اساس من التعاون بين المواطنيين كافة واحترام حقوقهم وصيانة حرياتهم ويعتبر العرب والكرد شركاء في هذا الوطن ويقر الدستور حقوقهم القومية ضمن الوحدة العراقية ) وكانت هذه الفقرة في ذلك الوقت مهمة جدا الى الحد ان كردستان في كل اجزائها لم تحصل على هذا الاعتراف الرسمي بحقوقها بهذا الوضوح وقد عقد الحزب الديمقراطي الكردستاني والحزب الشيوعي العراقي ميثاق للتعاون في 10-11-1958 من اجل العمل على تحويل هذه المادة الى واقع عملي وحصول الشعب الكردي على حقه في الادارة الذاتية لمناطق كردستان وتشكلت لجنة عليا بين الحزبين في يوم 5-2 -1959 وكان الهدف من هذه اللجنة هي مساندة الجمهورية العراقية الفتيه وتعميق نهجها الديمقراطي والعمل على تقوية العلاقة بين الشعبين الكردي والعربي في العراق والعمل على اخذ مناطق كردستان حصتها في التطور الصناعي والزراعي وشق الطرق وتعبيدها لكي تستطيع القرى الكرد ستانية نقل منتوجاتها الزراعية بسرعة الى المدن قبل تعرضها للتلف لكن الالتفاف الجماهيري وتاييد الثورة من قبل اغلب فئات الشعب والعقلية المتسلطة للضباط والجيش جعل من عبد الكريم قاسم يتنكر للكثير من الاهداف التي رفعها في بداية الثورة واولها هي الحياة الحزبية الحرة والعمل الصحفي الحر وتحديد سقف زمني لانتخابات حرة ونزيهة واستعاض بدلا عن ذلك اجازة احزاب صورية مثل الحزب الشيوعي العراقي بقيادة داود الصائغ في حين رفض طلب الحزب الشيوعي العراقي لاجازته للعمل السياسي بحجة ان حزب داود الصائغ قد قدم طلب الاجازة ومنح ولا يمكن ان يكون هناك حزبين مجازين في اسم واحد وعندما قدم الحزب الشيوعي العراقي طلب اخر باسم حزب اتحاد الشعب رفض الطلب ايضا بدعوى ان هناك حزب اخر لديه برنامج مشابه لبرنامج هذا الحزب وهو ايضا حزب داود الصائغ كما تنكر ايضا للمادة الثالثة من الدستور المؤقت التي تنص على اعطاء الحقوق الثقافية والادارة الذاتية للمناطق الكردية وقام بشن حملة على الوطنيين الكرد وساهم مساهمة فعلية بعودة القتال مرة اخرى الى كردستان ولم تجدي شعارات الحزب الشيوعي العراقي بمنادات (السلم في كردستان ) نفعا بل تحولت الى ذريعة لاعتقال الشيوعيين ومنع وصول جريدة اتحاد الشعب الى الكثير من مناطق العراق ومنها كل المنطقة الجنوبية من العراق بامر من حميد الحصونة قائد الفرقة العسكرية الاولى في الديوانية والحاكم العسكري للمنطقة الجنوبية وبدا الجفاء بين الحزب الشيوعي العراقي وعبد الكريم قاسم يظهر للعلن وكان باكورة هذا الاعلان خطاب عبد الكريم قاسم في افتتاحه كنيسة مار يوسف في بغداد شارع النضال عندما قال (ماذا يريدون اصحاب المطلب العظيمي ) ويقصد بذلك الحزب الشيوعي العراقي ردا على رفع الجماهير في 1 ايار شعار حزب الشيوعي بالحكم مطلب عظيمي والذي كان شعارا عفويا ولم يعلن الحزب الشيوعي مساندته لهذا لشعار بل تنكر له وقدمت بعض قياداته الاعتذار من عبد الكريم قاسم على رفع الشعار الذي لا يتحمل الحزب الشيوعي مسؤليته عنه وكان هذا الشعار هو ايضا حاله حال الشعارات الثورية التي رفعت في زمن العهد الملكي تؤشر دائما ان الجماهير العراقية اكثر ثورية وتسبق الحزب الشيوعي في رفع هذه الشعارات وان سبب الكثير من الماسي التي مرت بالعراق كانت بسبب عدم انصياع قيادات الحزب الشيوعي لهذه الشعارات الثورية التي كان لهذا الحزب القدرة على تطبيقها ولكن لم يفعل ذلك بسبب هيمنة التيار اليميني على الحزب والانصياع لموقف الاتحاد السوفيتي الذي حول تفكيره من حركة ثورية واجبها دعم الحركات الثورية وعلى راسها الاحزاب الشيوعية في العالم لاستلام السلطة وبناء الاشتراكية الى دولة تحاول جمع دول اخرى مؤيدة لها من خلال علاقات اقتصادية وعمليات تسليح وغيرها من العلاقات الدولية الاخرى وكانت هذه السياسة السوفيتية وانصياع الحزب الشيوعي العراقي لها قد سبب ضياع ثورة 14 تموز وعدم انتقالها من الثورة الوطنية الديمقراطية بقيادة عبد الكريم قاسم والطبقة البرجوازية المساندة له الى الثورة الاشتراكية التي تخلى الحزب الشيوعي عن اتمامها تحت اوامر التبعية السوفيتية واليمينية المحلية وقد مهدت هذه السلوكية اليمينيةلانقلاب 8 شباط 1963 وكان هذا الانقلاب كارثة حقيية حلت ليس بالحزب الشيوعي العراقي بل لكل القوى الوطنية والشعب العراقي وخسر الشعب ليس تطور ثورته الى مرحلة اعلى فقط بل خسر حتى مكاسب ثورة تموز الوطنية الديمقراطية وعاد حكم الحزب الواحد واستمرت الانقلابات والانقلابات المضادة حتى وصول البعث للمرة الثانية الى السلطة في 17 تموز 1968 واستلام المجرم صدام حسين كل السلطات في العراق ليحول العراق الى حكم عائلي متخلف لا يعرف غير شن الحروب على جيرانه والاعدامات المستمرة العشوائية لكل ابناء الشعب العراقي وليشمل في جرائمه حتى من تحالف معه واعتبره ((كاتسرو العرب )) وادعى ان بامكانه بناء الاشتراكية في العراق وتحول حزب البعث الى حزب اشتراكي شبيه بالحزب الشيوعي الكوبي .........








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - المهدي الشيوعي المنتظر!
طلال الربيعي ( 2017 / 2 / 22 - 01:40 )
ان السياسة اليمينية لقيادة الحزب الشيوعي العراقي التي اعتقدت بتحول -حزب البعث الى حزب اشتراكي- وان صدام , بعرفها, كان كاسترو العراق, او حتى قبلها بخصوص انصياعها الذليل الى الحزب الشيوعي السوفيتي, بحجة الاممية, ورفضها استلام السلطة, يذكرني بيمينية اخرى, وهي يمينية الحزب الشيوعي الكوبي قبل قيام الثورة الكوبية بقيادة الثائرين الكبيريين جيفارا وكاسترو, حيث اعتبر هذا الحزب الثورة الكوبية تطرفا يساريا.
والقيادة الحالية تستخدم قوانين الفيزياء في معالجة الامور السياسية, فتتحدث عن ضرورة تغيير ميزان القوى لاحداث التغيير السياسي. وتغيير ميزان القوى هو بمثابة المهدي الشيوعي المنتظر, فهو يؤجل التغيير الى اجل غير مسمى.
ونحن نتسائل ايضا, اذا كان تغيير ميزان القوى كفيل بتحقيق التغيير, فلماذا لم يحصل هذا التغيير في زمن قاسم وكان ميزان القوى لصالحهم؟
انهم ليسوا يمينيين فقط واعداء لدودين للثورة, بل انهم اميون في السياسة. ولا ندري اي من الطامتين هي الاكبر.


2 - نعم دكتور طلال انهم ينتظرون المهدي
عبد الحسن حسين يوسف ( 2017 / 2 / 22 - 17:15 )
انهم مثلما تفضلت ينتظرون المهدي ولكن اي مهدي ؟كان عبد الكريم قاسم مهديهم ثم صدام حسين وبعده اياد علاوي والان مقتدى الصدر وينتظرون من يغير لهم الضروف ويقول لهم تفضلوا هاكم السلطة انتم الحزب الثوري .المشكلة هناك من يصدقهم رغم خيباتهم المستمرة ويصفق لهم ..تحياتي استاذي الدكتور طلال وشكرا على تعقيبك الجميل

اخر الافلام

.. اضطرابات في حركة الطيران بفرنسا مع إلغاء نحو 60 بالمئة من ال


.. -قصة غريبة-.. مدمن يشتكي للشرطة في الكويت، ما السبب؟




.. الذكرى 109 للإبادة الأرمينية: أرمن لبنان.. بين الحفاظ على ال


.. ماذا حدث مع طالبة لبنانية شاركت في مظاهرات بجامعة كولومبيا ا




.. الاتحاد الأوروبي يطالب بتحقيق بشأن المقابر الجماعية في مستشف