الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قصة قصيرة - علاقة خطرة

محمد مزيد

2017 / 2 / 21
الادب والفن


قصة قصيرة
علاقة خطرة
محمد مزيد
لاحظ إنها تقف أمام المرآة كثيرا ، بعد عشرين سنة من الزواج ، لم ينتبه لوقوفها مثل هذه الايام ، ولم يخامره الشك يوما بتصرفاتها ، تزوجها عن حب دام ثلاث سنوات . غير انها هذه الايام ، بدت له ليست تلك المرأة الطيبة العفوية التي أحب فيها مزايا الروح قبل جمال جسدها الذي يعشقه .
تصرفاتها الغريبة ، جعلته يفكر في طريقة ليستكشف دواخل شريكته ، وليس لديه وسيلة سوى إيقاعها في فخ الفيس . وكان من السهل أن يبتكر أسماً ويضع صورة وهمية لشاب وسيم ويصنع له صفحة على الفيس . ولكي يحكم خطته الخطيرة فقد عثر على أسم مألوف .
وبالفعل ، نجح في إيجاد صفحة وهمية باسم ذاك الشاب الوسيم وما بقي غير أن يكتب لزوجته طلب صداقة . وباصابع مرتعشة وخوف من عواقب مايقوم به دخل على صفحة زوجته وطلب صداقتها . وأنتظر حلول الليل ، حيث تقوم هي بتصفح الفيس لمدة ساعتين أو اكثر قبل أن تأوي الى الفراش فيلحق بها .
وبعد إنتهاء العشاء وشرب الشاي والمحادثات الرتيبة ، وجد أن الوقت قد حان لكي يرى ردود أفعالها ، حيث ستأخذ زوجته مكانها المعتاد بالقرب من النافذة المطلة على الحديقة .
لاول مرة أكتشف إنها ترتدي ثوباً أخضر لم يره من قبل ، أو إنه بسبب الأعتياد على صورة وجودها اليومي لم يخطر بباله رؤيتها بهذا الثوب ، مطرز بورد حمر وسود . وضعت موبايلها باليد اليسرى وأطلقت ليدها اليمنى حرية الحركة بين شعرها الاسود وخصلاته التي تتدلى على جبينها .
كانت صفحة الرجل الآخر الوهمي أمامه ، ينتظر الأشارة الحمراء للموافقة على طلب الصداقة . نهض الى المطبخ ليعمل له شاياً آخر ، وبقي هناك مدة من الزمن ، توقع إنها ستكون كافية لكي يرى ردود فعلها على طلب الصداقة .
وما أن عاد بالشاي ، حتى وجد الأشارة الحمراء على طلب الصداقة . تسارعت نبضات قلبه ، موجات الدم تصاعدت الى وجهه بتدفق عجيب ، الأمور حسب ظنه بدأت تتسارع ، وعليه أن يكون حذرا ويقظا ، عليه الان أن يدخل الآن الى صفحة الرسائل ويكتب لها .. ولكن ماذا يكتب ؟ قلبه مازال يخفق بشدة وتسارع ، كأنما يرتكب ذنباً كبيراً . أراد أن يفركش الامر كله ، غير أن نفسه اللائبة دفعته الى الخوض بالمغامرة الى نهايتها ، فكتب " مرحبا " .. ونظر إليها نظرة سريعة مخاتلة لاتوحي بالمراقبة ، كانت هي منهمكة في قراءة صفحة الشاشة ، وعمل نفسه إنه منشغل جدا في حاسبته ، ولكن جزء من بصره كان يركز عليها ، وجدها ، لاول مرة تنفعل ، تنظر إليه بتردد ، مرة بتركيز ومرة بشرود ، ثم أنحنت وكتبت شيئا ما . أجابت " مرحبا " .. أصابعه مازالت ترتجف ، لايريد أن يكون في وضع الرجل منتهك الكرامة . فقال له عقله " هذه لعبة خطيرة ، توقف هنا لا تستمر ، هذه شريكة حياتك أم أولادك الثلاثة ، ولايمكنها أن تجرؤ على فعل المعصية " . لكن نفسه تقول له شيئا آخر : أكتب لها ، أستمر في لعبتك ولن تخسر شيئا ، بل تخسر إذا بقيت جاهلا . لا يعرف ماذا يكتب لها الان ! هل يستمر حقا ؟ نفسه تحثه على الاستمرار ، تقول له يجب الا تتوقف ، يجب أن تعرف ، يجب أن تكشف الوجه الآخر من زوجتك ، فكتب " كيف الحال " .. راقبها ، كانت تبدو أكثر إنفعالا ، نظرت إليه أكثر من مرة ، لاحظ ترددها ، خوفها ، قبل قليل كانت تجلس مسترخية ، الان أنتصب ظهرها .. " بخير .. من انتَ ؟ " .. مازال يرتجف ، أنهى شرب الشاي ، وبدأ يدخن سيجارته . كتب لها " أنا أنسان أبحث عن قلب ألوذ به كي ينهي مأساتي " ، أبتسمت ، أبتسامتها كشفت له عن أندماج وتماه مع الرجل المجهول " وما شأني أنا بمأساتك ؟ ..أنا سيدة متزوجة ولايجوز مخاطبة الناس والدخول في تفاصيلهم بدون سابق معرفة . " أعجبه ردها ، رد زوجته التي يعرفها جيدا ، أطلق دخان سيجارته بارتياح وأمتنان وكتب : أنا أعرفك ، أنت فلانة ، وصديقتك أم هيام تخرجين معها كل يوم . أم هيام لديها مشكلة مع زوجها لم تحل بينهما منذ أسبوعين .
راقبها ، كاد الموبايل يقع من يدها ، أحمر وجهها ، لاحظ أرتعاشة في أصابعها . كتبت " من أنت ؟ قبل أن أحذفك " .. لم يجب ، أشغل نفسه بتقليب صفحات الفيس كأن الامر لايعنيه ، موحيا لها بانه لايتابعها . وعندما شعرت بالاطمئنان من زوجها كتبت : من أنت يا أخي أرجوك ؟ كتب لها : أنا من كنت ترفضين أجابته عندما يسألك وأنت ذاهبة الى السوق عن وقت الساعة . تذكر حكايتها عندما كانت تأتي من السوق تخبره عن شخص يتحرش بها يسألها عن الساعة برغم من إنها لاتحملها . أنفعلت بشدة . ثم ضحكت . ضحكت باطلاق ، فاثارت أستغرابه . نهضت وبيدها الموبايل ، ذهبت الى غرفة النوم . تأكد الان إنها تريد أن تتحدث معه براحتها . مرت بضع دقائق ، جاءت ترتدي ثوبا شفافا يكشف عن مفاتنها ، جلست في نفس المكان . أستغرب من تصرفها ، أخذ ينظر إليها بارتياب ، ثم توصل الى إستنتاج إنها قد وقعت في الفخ ، هكذا قال في نفسه . كتبت " وماذا تريد مني الان ؟ " لا يعرف ماذا يكتب لها ، بعد أرتداء هذ الثياب . شعر أن رغبة عاصفة بالشبق تصاعدت في عروقه ، كتب لها " أريدك " !
وضعت الجهاز على الطاولة أمامها ، نهضت ، قالت له أنا جاهزة ، أتبعني حبيبي . وسبقته الى غرفة النوم .









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ربنا يرحمك يا أرابيسك .. لقطات خاصة للفنان صلاح السعدنى قبل


.. آخر ظهور للفنان الراحل صلاح السعدني.. شوف قال إيه عن جيل الف




.. الحلقة السابعة لبرنامج على ضفاف المعرفة - لقاء مع الشاعر حسي


.. الفنان أحمد عبد العزيز ينعى صلاح السعدنى .. ويعتذر عن انفعال




.. االموت يغيب الفنان المصري الكبير صلاح السعدني عن عمر ناهز 81