الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التحكم في المناخ؛ أقذر أسلحة الحضارة المعاصرة

محمد عبعوب

2017 / 2 / 23
الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر


" رجل الجو" قصة من قصص الخيال العلمي، تخيل فيها مؤلفها تيودور .ل. توماس "علْماً تتمثل مؤسسته السياسية المركزية في (مجلس للجو) يضم ممثلين لمختلف الأمم، يتولى هذا المجلس وضع سياسة جوية يتحكم من خلالها في الشعوب عن طريق تعديل المناخ وإطلاق عاصفة هنا وإرسال ريح هناك ، ليضطر الشعوب الى الخضوع " ، وها نحن اليوم نعيش بعض مظاهرها واقعا ملموسا في حضارة العولمة المتوحشة التي لا تتوانى عن استخدام أي سلاح لتحقيق مآربها ..

بهذه القصة -التي كتبت خمسينات القرن الماضي- يبدو أن كاتبها قد أشعل في عقول علماء مراكز البحوث و وكالة الفضاء الأمريكية(NAZA) ، فتيل قنبلة المناخ التي تستخدم اليوم كأقذر سلاح من قبل القوى العظمى وفي مقدمتهم أمريكا في حروبها القذرة من أجل إخضاع الشعوب والسيطرة على مقدرات كوكب الأرض . وكانت الجمعية الأمريكية للأرصاد الجوية سباقة في الإعلان عن هذه النوايا القذرة بإعلانها بداية سبعينات القرن الماضي أن "تعديل الجو أصبح اليوم حقيقة واقعة" وهو تصريح رسمي بتوصل علماء المناخ الأمريكيين لإمكانية التحكم بظواهر مناخية وإدارتها بما يخدم مصالح محددة ترسمها الحكومة الأمريكية.. ويأتي الإعلان المباشر والصريح عن هذا التوجه على لسان د . والتر روبيرتس رئيس سابق للاتحاد الأمريكي لتقدم العلوم حيث حذر من العواقب الخطيرة للاستخدام السيئ لهذا الاكتشاف بقوله "إننا نتطلع الى وضع كوكب الأرض كله تحت الرقابة الجوية المستمرة في أواسط السبعينات، ونتوقع تبعا لذلك تحسنا هائلا في التنبؤات بحدوث العواصف والرياح والضباب الدخاني بما يهيئ فرص كافية لتفادي الكوارث التي تسببها، ولكننا نرى أيضا –فيما وراء ما هو متاح لنا الآن من معرفة- إمكانية رهيبة كافية يمكن استخدامها كسلاح في الحروب . هي التلاعب عمدا بالجو لصالح القلة الأقوى ، ولتدمير العدو وربما أيضا من يجاورونه" ..

لكن ورغم تطور هذا العلم وتمكن الدول الصناعية عن طريقه من التحكم في بعض الظواهر المناخية ، إلا انه ومن خلال تجارب عديدة أجرتها أمريكا ودول صناعية أخرى على إدارة هذا الاكتشاف، بالتدخل في صناعة عواصف مدمرة وتوجيهها الى مناطق محددة، وفشلهم في السيطرة عليها، وهو ما أدى الى موجات دمار وإتلاف واسعة للمحاصيل وحتى للتجمعات السكانية ، أثبت عدم قدرة هذه الدول على التحكم الكامل في هذا السلاح القذر ، وأنها هي نفسها قد تتأثر بعواقبه المدمرة، وهذا ما يؤيده مفهوم أثر رفة جناح الفراشة الذي روج له عالم الرياضيات الأمريكي الشهير إدوارد لورنز أحد مكتشفي نظرية الفوضى "الكايوس" الذي وبحسابات رياضية دقيقة أجراها يشير إلى أن "رفة جناح فراشة في الهند يمكن أن تؤدي الى فيضان في نهر الأمازون" ، وإذا ثبت عمليا صدق هذا التنبؤ و واقعيته، ترى ما هي الآثار الكارثية التي يسببها المتلاعبون بالمناخ اليوم على البيئة وكوكب الأرض؟ وهل يمكنهم التحكم في هذه الكوارث والنجاة من عواقبها؟ ..

ويحذر المفكر الامريكي آلفن توفلر في كتابه الشهير "صدمة المستقبل" من اللعب بهذا السلاح القذر ويقول "إن هذه الحقيقة ( التحكم في المناخ) تمثل نقطة تحول في التاريخ وتزود الإنسان بسلاح يمكن أن يحدث تأثيرات جذرية في الزراعة والنقل والمواصلات و أوقات الفراغ.. ومع ذلك فإنه إذا لم يستخدم هذا السلاح بمنتهى الحذر فإن قدرة الإنسان على التحكم في الجو قد تتحول من منحة الى محنة. إن النظام الجوي للأرض وحدة متكاملة ، وأي تغيير بسيط عند نقطة ما قد تترتب عليه آثار كارثية في مكان آخر. وحتى بدون نوايا عدوانية هناك دائما خطر ماثل في أن تؤدي محاولة التحكم في الريح على قارة إلى إطلاق عاصفة في قارة أخرى" .

كما يمكن استخدام ضوء الشمس أيضا كسلاح للتدمير وإلحاق الضرر بالآخرين، إذ بإعلان وكالة الفضاء الأمريكية عن قدرتها على إطلاق مرآة عملاقة الى الفضاء الخارجي لتعكس ضوء الشمس الى المناطق المظلمة من الكرة الأرضية، "فإنه لن يكون مستحيلا أن تطلق هذه الوكالة أقمارا أخرى تحجب الشمس عن أجزاء أخرى محددة من الأرض تسبب لها على الأقل حالة من ظلام جزئي" ، وهذا الإظلام مؤكد ستكون له آثار جانبية مضرة بالبيئة والسكان والمزروعات في هذا الجزء المستهدف، وأمريكا والدول الصناعية التي تسيطر على أنظمتها غريزة السيطرة والنهب، لن تتوانى عن استخدام أي سلاح يتوفر لها لإشباع هذه الحالة المرضية العصية على العلاج، ويمثل الرئيس الأمريكي ترامب اليوم ومن يقف وراءه من أصحاب الشركات والمصارف والمؤسسات الصناعية الكبرى النموذج المتوحش الأبرز الذي لن يتراجع في استخدام أي سلاح - بما فيها سلاح المناخ - لإشباع حالة النهم المسيطرة على عقولهم .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الخبز يعيد بارقة الأمل الى سكان غزة | الأخبار


.. التصعيد الإسرائيلي الإيراني يضع دول المنطقة أمام تحديات سياس




.. العاهل الأردني: الأردن لن يكون ساحة معركة لأي جهة وأمنه فوق


.. هل على الدول الخليجية الانحياز في المواجهة بين إيران وإسرائي




.. شهداء وجرحى جراء قصف قوات الاحتلال سوق مخيم المغازي وسط قطاع