الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إسرائيل تراهن على ترحيل جماهيرنا خارج انتمائها وحقوقها، وخارج أرضها، لكنها واهمة

محمد بركة

2017 / 2 / 25
مواضيع وابحاث سياسية



إسرائيل تراهن على ترحيل جماهيرنا خارج انتمائها وحقوقها، وخارج أرضها، لكنها واهمة(*)





*كل ادعاء بتحصيل الحقوق مع تغييب وتجاهل السياق السياسي الكفاحي، هو أحد أشكال التصالح مع الصهيونية

*وحدة جماهيرنا العربية الكفاحية ليست تكتيكا انتخابيا انما هي أساس التقدم في قضايانا

*لن نسمح بتشويه شعارنا الديمقراطي، فالنضال اليهودي العربي يجب أن يكون على ركائز ومبادئ واضحة

*نحن متمسكون بخيار القائمة المشتركة، حتى لو جرى خفض نسبة الحسم*

*استنهاض المقاومة الشعبية شرط لتجاوز مقولات الإحباط بين أبناء شعبنا الفلسطيني







تراهن حكومة إسرائيل على شل كفاح جماهيرنا العربية بأدوات متعددة وعلى ترحيلها من ارضها ومن انتمائها، وعلى استمرار احتلال الأراضي منذ العام 1967، دون أن تلقى مقاومة شعبية، ولكن كل هذا رهان خاسر، لأن الشعوب لا يمكن أن تسكت على ضيمها، ولا يمكنها أن تنسحب من حياتها وتاريخها، من وطنها الذي لا وطن لها سواه.
ضمن هذا التاريخ: في هذا العام يكون قد مر 50 عاما على عدوان حزيران والاحتلال، وفي شهر تشرين الثاني المقبل، يكون قد مر مائة عام على وعد بلفور، وفي العام المقبل، يكون قد مر 70 عاما على نكبة شعبنا الفلسطيني. وكل نتائج هذا على شعبنا ما تزال قائمة وتستفحل أكثر؛ باستمرار اللجوء الفلسطيني، وحرمان شعب بأكمله من الحق بالحياة الطبيعية في وطنه، وأيضا في تسارع مشاريع الاستيطان بهدف منع أي احتمال لإقامة دولة فلسطينية مستقلة، وهذا سيستفحل أكثر في عهد دونالد ترامب، رغم أننا لم نشهد من الإدارات الأميركية السابقة، ما يمنع كل اشكال العدوان واستمرار مآسي الشعب الفلسطيني، فأميركا كمؤسسة تعادي السلام العادل وتعادي حقوق الشعب الفلسطيني وتتعامل مع إسرائيل كرأس حربتها الاستراتيجية في المنطقة العربية.
هناك من ابتهج لسماع ترامب يتحدث عن "الدولة الواحدة"، ولكن هذه ليست الدولة التي طرحها حزبنا الشيوعي في العام 1945، ولا ما تطرحه الآن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، بل القصد هو الدولة التي يريدها اليميني الإسرائيلي الاستيطاني أي بسط ما يسمى "السيادة الإسرائيلية" على كامل فلسطين التاريخية، ومعها مرتفعات الجولان السوري المحتل، وفي المقابل تجاهل وجود الشعب الفلسطيني، وتجاهل حقوقه القومية والمدنية، بما فيها حق الترشح والانتخاب، بل محاصرته في كانتونات مغلقة على حالها، ومنفصلة عن بعضها.
كما يجري الترويج في هذه المرحلة لحالة ولغة الاحباط لدى الشعب الفلسطيني بالاستناد الى عوامل محلية اقليمية وعالمية تساهم في خلق الاحباط، ولكن هناك عاملان مركزيان خاصان بالشعب الفلسطيني، يساهمان هما أيضا بالترويج لحالة الاحباط: استمرار الانقسام الداخلي؛ وثانيا، غياب المقاومة الشعبية الجماهيرية الواسعة، التي ما تزال مجرد شعارات لا وجود عميق لها على الارض، باستثناءات محدودة مثل حالة قرية بلعين، التي أحيت في الاسبوع الماضي، مرور 12 عاما على انطلاقتها دون توقف.
حينما يكون الشعب خارج المقاومة وخارج العمل السياسي، يكون الاحباط أكبر، خاصة حينما يقتصر الرهان على العمل الدبلوماسي. ولهذا آن الأوان لأن تخرج مبادرة حقيقية لاستنهاض المقاومة الشعبية الفلسطينية، وفي المقابل، استنهاض نضال يهودي عربي حقيقي في إسرائيل ضد الاحتلال، على شكل ما شهدناه في سنوات مضت.
من يراهن على استمرار الحالة القائمة وحالة الاحباط الشعبي من دون حدود، فإنه يُغرق نفسه في أوهام، لأن الانفجار الفلسطيني قادم لا محاولة، ولأنه لا يوجد شعب يستطيع الانسحاب من هويته ومن حياته ومن وطنه، وأن يسلم بسلب حقه بالحياة والدولة المستقلة والعودة.


**قضايا الأرض والمسكن

إن القضية الأساس في واقع جماهيرنا العربية في البلاد، هي حرمان المواطنين العرب من الحق الأساس في الأرض والمأوى، وعلى هذا الأساس تمت مصادرة الأراضي، وتضييق الخناق على بلداتنا، ومنع توسعها وتطورها حتى في اتجاه الاراضي المسلوبة منها، وحرمانها من الخرائط الهيكلية ومن توسيع مسطحات البناء. أما في النقب، فإن القضية ليست خرائط هيكلية وتراخيص بناء، بل مزاعم المؤسسة الحاكمة بملكيتها للأرض، وفي "أحسن الأحوال" يتم وصف بعض الأراضي على أنها "متنازع عليها"، وتصف أصحابها بأنهم غزاة.
وهنا، نشير باهتمام واعتزاز الى حالة الاستنهاض الجماهيري في النشاطات التي دعت لها لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية بعد اغتيال الشهيد يعقوب أبو القيعان وهدم البيوت بالجملة في قلنسوة وام الحيران والتهديد بهدم عشرات الوف البيوت العربية. إن الحراك الجماهيري الواسع، كان رسالة ذات دلالات للمؤسسة الحاكمة في كل ما يتعلق بسياستها تجاه حقوقنا بالأرض والمسكن. ونحن نريد لهذا النهوض الشعبي أن يشتد أكثر لأنه الضمانة الأقوى لحماية الأرض والبيت وذلك بعيدا عن شعارات الإثقال على الشعب بمزايدات فارغة من جهة، ومن دون اغراقه بأوهام لا أساس لها، ترتكز على مزاعم "حسن نوايا السلطة" من جهة اخرى.
إن كوادر الحزب والجبهة، في كل هذه النشاطات، وفي مختلف المناطق، يقومون بالدور الطليعي فالخط الكفاحي النضالي الذي وضعه الحزب والجبهة، على مر السنين، ما زال العمود الفقري لكفاح جماهيرنا. هناك من يسعى الى تسفيه أدواتنا النضالية، وأنا لا أقصد أصحاب النوايا الحسنة، الذي ينجرفون وراء الشعارات، دون فحص من يقف وراءها. فهناك من يسمي النضال الشعبي الواسع "جعجعة"، أو يقولون لقد "مللنا من الوسائل القديمة"، والهدف من وراء هذا هو تغييب دور الجماهير وشل حركتها وإلغاء مشاركتها وبالتالي ابعادها عن سياق الكفاح السياسي.
فنحن بما لا يدعو الى الشك، نريد تطوير آليات نضالنا وتحديثها ومراكمة نجاعتها، ولكن ليس بالتخلي بأي حال من الأحوال عن أدوات النضال الكفاحية التي تضمن المشاركة الجماهيرية الواسعة، مثل المظاهرات والتظاهرات والاضرابات، فهذا لا يتعارض مع استحداث الوسائل. لأنه لا يمكن التقدم نحو الحقوق من دون الحراك الجماهيري الواسع، الذي هو الضاغط الأساس على من يمارس الاضطهاد وسلب الحقوق.







**لا نوايا حسنة للسلطة

إن قضايانا الأساسية تحتاج الى النضال الجماهيري للتقدم بها، ولا يمكن أن تُحل من خلال حوارات مع المؤسسة الإسرائيلية الحاكمة، على أساس مزاعم "حسن نوايا السلطة"، وكأن مصدر العنصرية والتمييز هو "سوء أداء" الضحية، التي "لا تعرف" كيف تحاور المؤسسة، أو أن هذا التمييز هو مجرد خلل في أداء السلطة، وليس عنصرية الأيديولوجية الصهيونية التي تقود الحكم في إسرائيل، فعلى مدار سبعين عاما ارتطمت المراهنات على تحصيل حقوقنا خارج النضال الشعبي والمشاركة الجماهيرية وخارج الموقف السياسي، بهذه الأيديولوجية العنصرية، بينما مراكمة تحصيل حقوقنا تحققت بفضل سواعد المناضلين وليس من خلال "كرم" المؤسسة الحاكمة.
هناك أربعة مبادئ مترابطة يجب أن يرتكز عليها كفاحنا:
أولا، الاتفاق على أن كل محاولات الادعاء بتحصيل الحقوق مع تغييب وتجاهل البعد السياسي والايديولوجي للتمييز انما هو أحد أشكال التصالح مع الصهيونية.
ثانيا: وحدة المقهورين والمضطهدين، بمعنى الوحدة الكفاحية لجماهيرنا العربية، لتعزيز نضالها من أجل حقوقها القومية والوطنية والمدنية ميدانيا وتنظيميا وان لا يجري التعامل مع الوحدة فقط كتكتيك انتخابي.
ثالثا، أن النضال من أجل حقوق جماهيرنا العربية التي تعاني من الفقار والقهر الطبقي يجب أن يتركز على مبادئ الفكر التقدمي واليساري، الذي في صلبه العدالة الاجتماعية، وتوزيع عادل للثروات.
رابعا: وحدة جماهيرنا العربية لا تعني التطوع في الدخول في قفص الاقصاء والتقوقع الذي تسعى المؤسسة الحاكمة الى وضعنا فيه، بل هناك حاجة للنضال العربي اليهودي الديموقراطي المشترك، على أسس واضحة.




**هجوم متعدد الجبهات

تواجه جماهيرُنا العربية هجوما سلطويا متعدد الجهات، وأقساها ما يهدف الى خلق المواطن العربي "القنوع الخنوع"، من خلال مشاريع منها ما انطلق منذ ما بعد النكبة، وتعاد صياغته بأشكال متعددة، منها ما نراه اليوم، من خلال بث أجواء الاحباط والتيئيس، ومشاريع ما يسمى "الخدمة المدنية" والانخراط في جيش الاحتلال، إنهم يريدون خلق "عربي جديد" مقطوع كليا عن انتمائه وهويته وتاريخه وقضيته السياسية الوطنية.
إن المؤسسة الحاكمة يقلقها حضورنا السياسي والكفاحي، وفي السنوات الأخيرة رفعوا نسبة الحسم لغرض ابعادنا عن الدائرة البرلمانية، إذ راهنوا على عدم وحدة جماهيرنا، إلا أن ما حصل باغتهم وأحرجهم، لذا نرى اليوم مبادرات لتخفيض نسبة الحسم، بهدف فتح أبواب أمام تفسيخ القائمة المشتركة، أو اصطناع لاعبين جدد. ومن هنا، نؤكد على موقف الحزب الشيوعي والجبهة، بالتمسك بخيار القائمة المشتركة، التي ما كانت تقوم لولا الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة. واشار الى أحزاب جديدة جرى الإعلان عنها أو في الطريق لتشكيلها، ترتكز على "العلاقة الحسنة" مع السلطة.
بموازاة ذلك تنشط جمعيات تتكئ على الشعار التاريخي للحزب والجبهة، الاممي والصحي، بشأن العمل والنضال اليهودي العربي بحيث بدل ان نقنع اوساطا في الجمهور اليهودي للدخول في الدائرة الديمقراطية ينصب جهدها على استدراج العرب المظلومين الى دائرة التدجين في قفص الصهيونية.
كل ذلك الى جانب هجوم شرس على اليسار في ظل نيو ليبرالية متوحشة الى اقصى الحدود (وليمة نتنياهو وكحلون احتفاءً بالإنجازات الاقتصادية) وعلى فكرة اليسار، حتى اصبح الانتماء الى اليسار في عرف المؤسسة بما في ذلك ما كان يسارا صهيونيا الى شتيمة والى امر يجب التنصل منه.
ان أياما صعبة تمر على العمل الديموقراطي في إسرائيل ولذلك الآن بالذات يجب التمسك بالنضال العربي اليهودي المبدئي وعدم الخوف من المرحلة بالهروب الى الوان جديدة والى صيغة يسار مخفف او "يسار لايت" وثمة حاجة الى دراسة تجربة سيريزا في اليونان الذي انتهى به الامر الى الانصياع لإملاءات الاتحاد الأوروبي وتجربة بوديموس في اسبانيا وغيرهما.
نحن نعلم ان العمل الديمقراطي يستند الى التعاون بين الوان سياسية مختلفة ولكن أعضاء الحزب والجبهة يساهمون في هذا العمل بلونهم ووفق قرارات هيئاتهم وليس بتقمص اقنعة أخرى والوان ومرجعيات أخرى. والمشاركة الشعبية الواسعة في مظاهرة تل ابيب ضد هدم البيوت في 1122017 التي جرى تنظيمها وانجاحها بطاقاتنا المتوفرة في الحزب والجبهة هي الدليل على اننا قادرون.







**تمييز اقتصادي على أساس قومي

إن ما تدعيه حكومة نتنياهو من نجاحات اقتصادية، لا أساس لها، بل تلك قد تكون ثمارا لكبار أصحاب رأس المال. وإلى جانب هذا، فإن هذه الحكومة تعمق سياسة التمييز العنصري في الجانب الاقتصادي، الى جانب سياستها الطبقية. بمعنى أن هذه الحكومة كسابقاتها تجعل من الجماهير العربية، التي تشكل 18% من اجمالي السكان، الاسفنجة التي تمتص أكثر ما يمكن من عيوب وكوارث الاقتصاد القائم على التمييز الطبقي، كي يكون العبء أقل على اليهود بكثير من حيث النسبة. وعلى هذا الأساس نجد أن الفقر والبطالة تصل الى خمسة اضعاف النسبة القائمة بين اليهود، الامر الذي ينتج تزاوجا مقيتا بين الاضطهاد القومي ضدنا كعرب وبين الاضطهاد الطبقي ضدنا كجماهير مسحوقة ومهمشة.
إن هذه السياسة ترتكز على انتاج الفقر العربي والاستفادة منه سياسيا بتنفيذ فعلي لشعار "الحقوق مقابل الولاء"، علما أن الهدف الأساس هو الحرمان من الحقوق في كل الحالات. وقد قلنا إن الخطة الاقتصادية للجماهير العربية، التي أقرتها قبل عامين وشهرين، لا تلبي حتى الحد الأدنى مما هو مطلوب للجماهير العربية. والميزانية الإضافية الجديدة في هذه الخطة، التي تتراوح ما بين مليارين الى 2,5 مليار شيكل، موزعة على خمس سنوات، ونصفها يتجه لإقامة مراكز شرطة.
حري بنا ان نؤكد مجددا على أن حقوقنا في وطننا وحقنا في المواطنة المتساوية مشتقة من اننا أصحاب الوطن والأرض ولا نقبل ان تكون، بأي حال، اشتقاقا للولاء للسلطة الحاكمة في إسرائيل.
ولكن على الرغم من كل هذه الهشاشة، التي أكدناها في أبحاثنا ومواقفنا في الجبهة والحزب الشيوعي مرارا، فإن الخطة الاقتصادية لم تدخل الى ميزانيتي العامين الجاري 2017 والمقبل 2018، رغم ان المدة الزمنية بين اقرار تلك الخطة وبين اقرار قانون الميزانية لم يتجاوز أسابيع قليلة في نهاية العام 2015. والسبب أن الحكومة لا تريد أن تكون هذه الخطة ملزمة للوزارات بعد شملها في قانون الموازنة العامة، بل هي تريد وضع الخطة كي يتم التفاوض لاحقا على كل واحد من البنود، وفي نهاية المطاف لا يتم تحقيقها، تماما كما هو الحال مع خطة المليارات الأربع في حكومة إيهود باراك في العام 2000.




(*) البيان السياسي لرئيس الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة محمد بركة، أمام الجلسة العاشرة للمجلس العام للجبهة، الذي عقد في الناصرة مساء يوم السبت 18 شباط الجاري








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أهلا بكم في أسعد -أتعس دولة في العالم-!| الأخبار


.. الهند في عهد مودي.. قوة يستهان بها؟ | بتوقيت برلين




.. الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين تزداد في الجامعات الأمريكية..


.. فرنسا.. إعاقات لا تراها العين • فرانس 24 / FRANCE 24




.. أميركا تستفز روسيا بإرسال صورايخ سراً إلى أوكراينا.. فكيف ير