الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من مناضل ... الى طفيلي ! مساهمة في النقاشات حول الرواتب التقاعدية للمناضلين ! - رواتب الخدمة الجهادية ، والرواتب التقاعدية للأنصار الشيوعيين -

سلام موسى جعفر

2017 / 2 / 28
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


كنت قد تناولت الموضوع في منشور سابق على الفيسبوك بنفس العنوان ، وكان سببا لسوء فهم تولد عند بعض الرفاق السابقين و خسارة بعضهم . والمقال الحالي كان جاهزا منذ اكثر من شهرين ، وسبب ترددي كان حرصي على عدم خسارة من تبقى من الصديقات والاصدقاء .
كل الخسارات تعوض الا فقدان احترام الانسان لذاته . الحياة مواقف ، قد نربح منها الكثير ، وقد نخسر بسببها اكثر ، لكن الأجيال ستذكر لنا الصحيحة منها ، فتنصفنا . اما المواقف الانانية ستلتصق بتاريخ المناضل بقعا سوداء ، من الصعب محوها من ذاكرة الأبناء والأحفاد.

احدى ابشع وأحقر ظواهر التفسخ السياسي والاخلاقي التي طبعت المجتمع العراقي بعد الاحتلال الامريكي للوطن هي ظاهرة تحول "المناضل"السابق ، المعارض لنظام المجرم صدام حسين ، الى طفيلي يعتاش على قوت المواطن ويزاحم الفقير في لقمة عيشه!
هدفي ليس الخوض في ظاهرة الفساد والنهب والاختلاس التي اصبحت متفشية بين قادة احزاب المعارضة السابقة وكوادرها من مختلف المستويات والتي اعقبت الاحتلال ، و بتشجيع منه .
وانما اعني التعويضات المالية والمادية التي اتخذت أشكال ومسميات عدة ، وكذلك الامتيازات العديدة التي صار يحصل عليها المناضل السابق.
اصبحت تلك الامتيازات والرواتب والمنح والسلف جزء لا يتجزء من منظومة الفساد والنهب التي ميزت العملية السياسية البريمرية، واحد معالمها الاساسية.

من سخريات القدر وغدر الزمن وظلمه ان رواتب الخدمة الجهادية شملت ايضا "مناضلين " سابقين من الخونة والجواسيس الذين قاتلوا في صفوف القوات الإيرانية ضد قوات الجيش العراقي اثناء الحرب العراقية الإيرانية في الثمانينات من القرن الماضي. وشملت كذلك عملاء وجواسيس تعاونوا مع مخابرات إقليمية ودولية في التحضير لاحتلال بلدهم ، وحرضوا على غزوها . ولم يستثني مشرع هذه الرشاوى الخونة الأنذال ممن ساهموا بقوة في الدعوة لاستمرار الحصار الاقتصادي على العراق وتشديده ، ذلك الحصار اللاإنساني البشع الذي الحق دمارا كارثيا في كل مفاصل حياة المجتمع العراقي دون ان يلحق الاذى بقادة السلطة وأزلامها .
اذا كانت ظواهر الاٍرهاب ، وانتشار الفساد والنهب وتفشي الطائفية و تجهيل الشعب وتخليف التعليم وانحدار الثقافة وتغير الوعي الشعبي ، لم تحدث كلها بشكل عرضي ، وانما بفعل فاعل ، فان ظاهرة تعويض المناضل السابق ، هي الاخرى ، لم تحدث مصادفة .
تعويض المناضلين السابقين أدى الى توسيع القاعدة الاجتماعية للنظام السياسي الذي اوجده المحتل ، وبالتالي ضمان استمرار عمليات الفساد والنهب دون خوف من ردات فعل شعبية ذو حجوم كبيرة.
كما تم ضمان ان لا يتحول العدد الأكبر من المناضلين الى معارضين ، بعد ان تم تخديرهم .
ان قبول المناضل بمبدأ " التعويض مقابل النضال " يحول النضال الى سلعة في أسواق العرض والطلب ، وتباع لمن يدفع اكثر!
النضال السياسي هو اختيار شخصي و تطوعي وتسقط قيمته الحقيقية عندما ينتظر المناضل او يطالب مقابلا له ، او حتى اعترافا به.

من انبل واصدق المناضلين السابقين هم رفاق الحزب الشيوعي العراقي ، الذين تصدوا لدكتاتورية صدام الدموية وقدموا تضحيات كبيرة جدا ، فمنهم من استشهد وحيدا بين أيدي الجلادين ومنهم من اعتلى المشانق بشجاعة ، يحق لرفاقه الاعتزاز والفخر بهم ومنهم من استشهد وهو بين رفاقه في معارك الانصار التي امتدت سنوات الثمانينات من القرن الماضي.

لم يخطر ببال قواعد الحزب الشيوعي العراق وكوادره من الرفاق الذين بادروا الى العمل الأنصاري وفرضه على قيادة الحزب فرضا كأسلوب كفاح بديل ، او ببال الشباب الذين التحقوا بهم، ان الحظ ممكن ان ينتزع بعضهم من براثن الموت ليبقيهم على قيد الحياة شهود عيان على ماحدث من ماسي إنسانية لابطال غيبهم الموت في سبيل قضية اختاروها بأنفسهم ، كما اختارها من بقي على قيد الحياة.

عندما طرحت فكرة شمول الانصار بالرواتب التقاعدية للبيشمركة ، كانت البلاد قد تم احتلالها بمساعدة كبيرة من الاحزاب القومية الكردية التي تحولت الى اهم الأدوات التي يستخدمها المحتل في تنفيذ مشاريعه في العراق. الإمكانيات المادية التي توفرت لدى هذه الاحزاب بعد الاحتلال وبفضله أعطتها الفرصة لتنفيذ مخطط إسقاط وإفساد المجتمع عبر البدء بمناضليه. ثم توسعت لتشمل رواتب وامتيازات مغرية على مستوى وزراء ووكلاء وزارات لقادة الحزب الشيوعي العراقي السابقين والقيادات الجديدة . وفيما بعد طرحت فكرة شمول الانصار الشيوعيين الذي تعيش الغالبية الكبرى منهم في بلدان اللجوء ، بتقاعد البيشمركة ونفذت على مراحل. اندفعت الغالبية من المشمولين بالقرار الى تقديم طلبات التقاعد ، بعد ان تم تسويق القرار باعتباره استحقاقا وطنياً.
الاستحقاق الوطني الذي تم عبره خداع المناضلين السابقين وتوريطهم بالقبول بمبدأ النضال سلعة لها ثمن ، أخذ ينكشف وبدا يتحول الى عطاء تحدد شروطه ومن يستحقه سلطات الإقليم ، وليس طرف اخر .
في العام الماضي استدرجت سلطات الإقليم الانصار الشيوعيين الى خديعة جديدة ، تمثلت بمنح الانصار الشيوعيين العرب قطع اراضي . شروط منحة الارض تتمثل بمليء استمارة باللغة الكردية فقط. ويتم التقديم عبر الممثلية القنصلية لإقليم كردستان في البلد المعني وليس عبر السفارة العراقية ، كما هو متبع في الامور المتعلقة بالرواتب التقاعدية !الإجراءات المتعلقة بمنحة قطعة الارض جسدت محاولة توجيه إهانة للمشمولين. وقتها بادرت بدعوة النصيرات والأنصار بالتنازل عن منحة الارض ، واجهت دعوتي إهمالا ورفضا وخسارة " اصدقاء " .
صديقاتي وأصدقائي اعتقد ان الوضع الكارثي الذي حل بالوطن كنتيجة للاحتلال وكنتيجة العملية السياسية التي أنشأها ورعاها الاحتلال وعملاءه يتطلب من الجميع مراجعة المواقف السابقة والتي اثبتت مجموع تطورات الأحداث عدم صحتها وأهمها موقف المشاركة في العملية البريمرية وتبعات هذا الموقف ، كالمشاركة غير المباشرة في منظومة الفساد عبر قبول الامتيازات الممنوحة لنا من قبل سلطات الفساد والإفساد .

من المؤسف ان يتم تناول الرواتب التقاعدية للأنصار الشيوعيين من خلال النقد الساخر اسوة بالرواتب الجهادية ، والعتب في هذه الحالة يقع علينا بسبب استمرار قبولنا استلام هذه الرواتب . لقد حان الوقت لمراجعة الموقف من الرواتب التقاعدية للأنصار ، وارى من المفيد اخذ النقاط التالية بعين الاعتبار في الحوار حول هذه الرواتب وبقية الامتيازات والتي سُميت "استحقاقا وطنيا"

اولا : ان التواجد المسلح للشيوعيين العراقيين الذي سمي " حركة الانصار " حدث في إطار خلافاتنا مع حزب البعث بعد انهيار تحالفنا معهم ، وليس نتيجة لانتفاضة شعبية مسلحة . لذا فان الشعب لا يتحمل مسؤولية خلافاتنا السابقة مع حزب البعث.

ثانيا : ان الغالبية العظمى من الانصار الشيوعيين من العرب او الكرد تعيش في بلدان المهجر ، وتعيش وضعا اقتصاديا مستقرا ، بالمقارنة مع من يعيش في العراق.

ثالثا : لا يحق لي القول ان الرواتب التقاعدية للأنصار هي العامل الرئيسي وراء الأزمة المعاشية التي يمر بها غالبية الشعب العراقي ، ولكنها جزء من الكل، حتى لو كان صغيراً جداً.

رابعاً : ان الالتحاق بالعمل الأنصاري جرى بشكل تطوعي ( اختيار شخصي ) والنتائج يتحملها المتطوع عادة.

خامساً : ان القبول بالتعويض يعني الاعتراف بان النضال هو سلعة ، تفقد قيمتها بعد استهلاكها.

سادساً : ان الجهة التي تتبنى دفع الرواتب ، سواء كان مصدرها ، الخزينة العراقية ، او مساعدات أمريكية وأوروبية و.... ، تتقصد إسقاط المناضلين الشيوعيين العرب ، بعد ان نجحت الى حد كبير محلياً.

سابعاً : رفض التعويضات من قبل المناضل القديم سيعيد له الشعور بقيمة نضاله و يعيد احترام ذاته واحترام المحيطين به لشخصه وللفكر الذي كافح من اجله.

ثامناً : حركة الانصار الشيوعيين ليست كردستانية ، بل حركة حزبية لعموم العراق .


تاسعا : اذا كان الدافع الاخلاقي والوطني والفكري والانساني وراء التطوع في العمل الأنصاري ، فيفترض ان تكون نفس الدوافع وراء رفضنا استمرار استلام رواتب التقاعد . المناضل الحقيقي لا يقبل ان يعتاش على قوت الفقراء ولا يقبل ان يكون جزءا من أسباب فقرهم حيث بلغت نسبة الفقر حوالي الثلث بين السكان.

عاشراً : من المستغرب ان يواصل المناضل الشيوعي السابق استلام رواتبه من مافيات تدربت في ورش الموساد والسي اي سي والتي لا تخجل من ولا تخفي خيانتها للوطن عبر اباحة المناطق التي تتحكم بها لتواجد صهيوني استخباراتي ، عسكري ، ثقافي واقتصادي !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - عيب وعار على كل شيوعي
Ayad Ayad ( 2017 / 2 / 28 - 21:27 )
عيب وعار على كل شيوعي ياخذ راتب خدمة جهادية الشيوعيون مناضلين وليسوا مرتزقة او طفيليين ..!!!


2 - دعوةٌ الرّفاق إلى ترمب لاحتلال العِراق
وداد يوسف حركات ( 2017 / 2 / 28 - 23:26 )

دعوةٌ جديدة مِنْ الرّفاق الشُّيوعييِّن إلى ترمب Trump لاحتلال العِراق متزامِنة لِتَحريرِهِ مِنْ داعش!.

حسنة


3 - الاستحقاق الانساني المشروع
صباح كنجي ( 2017 / 3 / 22 - 15:52 )
صباح كنجي ·
بخصوص تقاعد الانصار الشيوعيين والبيشمركة عموما وبغض النظر عن الاختلاف في الموقف وتباين وجهات النظر وتباعدها اود او اوضح بأن تقاعد البشمركة والانصار جرى التفكير به بعد انتفاضة 1991 قبل تشكيل الحكومة الكردية تحديدا .. لاننا واجهنا مشكلة كبيرة تعلقت بالسكن والمعيشة ولم يكن بامكان الاحزاب حينها تقديم شيء للبيشمركة الذين ساهموا في الانتفاضة وواجهوا جبروت صدام وجرائمه دون ان نوفر لهم الامكانية البسيطة للعيش وترتيب السكن ناهيك عن الذين كان لهم عوائل واطفال .. لهذا بدأنا بالتفكير بضرورة تهئية راتب تقاعدي لهم كبشر وناس ضحوا وكانوا في مقدمة ابناء شعبنا يقتحمون خطوط الموت غير ابالين بحياتهم من اجل ضمان مستقبل الاخرين اولا وقبل كل .. وافتخر واعتز باني اول من طرح هذا الموضوع على الاحزاب الكردية والعراقية في كردستان قبل تشكيل الحكومة الكردية .. وافتخر بأني جمعت طيلة اشهر اكثر من 1500 توقيع من مختلف الانصار والبشمركة من المنتمين للاحزاب ( الحزب الشيوعي العراقي ـ الاتحاد الوطني الكردستاني ـ الديمقراطي الكردستاني ـ الاشتراكي ـ الكادحين ـ الحركة الديمقراطية الاشورية ـ حزب الشعب) من زاخو الى


4 - تكملة النقص
صباح كنجي ( 2017 / 3 / 23 - 10:43 )
تكملة النقص

من زاخو الى السليمانية وسافرت الى اربيل لتقديمها يرافقني الراحل ملا حسن الى اول رئيس برلمان في الاقليم جوهر نامق مقترحين راتب تقاعدي بحدود 500 دينار عراقي في حينها .. البيشمركة والانصار اولا وقبل كل شيء بشر يحملون جنسية المواطنة في اغلى بلد في العالم ومن حقهم قانونيا ان تصرف لهم رواتب تقاعدية ..هذا هو جزء من النضال والذي يعتقد ان البشمركة والانصار مجرد خرفان للذبح والتضحية خاطئ ولا يخدم الا سلطة اللصوص والحرامية في العراق وكردستان .. البشمركة شريحة وطنية انسانية لديها كل الحق في التمتع بخيرات وورادات العراق ..ومن يعتقد ان البشمركة قد باعوا انفسهم وتحولوا الى خونة لمجرد حصولهم على استحقاقاتهم الانسانية عليه ان يراجع نفسه ويعيد النظر في موقفه .. انتهى زمن المثاليات الثورجية المنافقة .. ان كانت لنا ثمة قيم ثورية حقيقية .. يتطلب الامر ان نقدم المزيد للمضحين والشرفاء من الذين انضووا في صفوف الحركة المسلحة .. والموقف الصحيح ان نواصل كفاحنا للحصول على المزيد من الاستحقاقات لجميع شرائح المجتمع.. علينا ان ننتزع حقوقنا من براثن اللصوص والحرامية .. . صباح كنجي

اخر الافلام

.. -تكتل- الجزائر وتونس وليبيا.. من المستفيد الأكبر؟ | المسائي


.. مصائد تحاكي رائحة الإنسان، تعقيم البعوض أو تعديل جيناته..بعض




.. الاستعدادات على قدم وساق لاستقبال الألعاب الأولمبية في فرنسا


.. إسرائيل تعلن عزمها على اجتياح رفح.. ما الهدف؟ • فرانس 24




.. وضع كارثي في غزة ومناشدات دولية لثني إسرائيل عن اجتياح رفح