الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اسقاط ميغ 23 سورية أم مسعى لاغتيال الاستانة واتفاق بوتين اردوغان؟

ميشيل حنا الحاج

2017 / 3 / 7
مواضيع وابحاث سياسية


اسقاط الطائرة السورية ميغ 23 يثير العديد من التساؤلات عن كيفية وصول الصاروخ المضاد للطائرات المحمول على الكتف الى أحرار الشام. ويثير تساؤلات أخرى عن مدى الدقة في احترام الاتفاق الروسي التركي الذي عقد بين بوتين وأردوغان وظلت بنوده وحيثياته في طي الكتمان ولا تتجاوز حدود تكهنات الدارسين والمحللين... بل وتثير التساؤل الأكبر عن ماهية أحرار الشام... انتماؤها... ولاؤها....من يمولها.... فهي المعارضة الوحيدة التي بقيت خارج اطار الاستانة (بالاضافة للنصرة والدولة الاسلامية)، رغم كونها قد غيرت موقفها من فتح الشام ( النصرة) والتي كانت حليفا صادقا لها على مدى السنوات الست الماضية، وطالما قاتلت معها والى جانبها. لكنها فجأة انقلبت الآن عليها وباتت تقاتلها في ادلب في معارك عنيفة استمرت عدة ايام. الا أنها رغم اظهار عدائها وانتهاء مرحلة اتفاقها مع جبهة النصرة، لم تبلغ حد المشاركة مع عناصر المعارضة الأخرى في مؤتمر الآستانة، وبالتالي في مؤتمر جنيف.
ولم تكتف برفض المشاركة في هذين المؤتمرين، بل ذهبت الى درجة تحدي منظميهما والمشجعين عليهما، باسقاط طائرة سورية روسية الصنع، وكأنها تقول بأنها وحدها تنظيم أهم من الدولة الاسلامية، ومن فتح الشام - النصرة، بل وأهم من كل التنظيمات المجتمعة او كانت مجمتمعة في جنيف. فهي القوة الحقيقية الفاعلة المعارضة على الساحة السورية والتي يجدر التفاوض معها.

والواقع ان المسموعات عن احرار الشام انها في عام 2013 ، كانت تذكر بأنها تضم خمسين الف مقاتل. ولا يعلم أحد كم بلغ عددها الآن. ففي غمرة انشغال الكثيرين من المراقبين والمحللين، وغياب اهمية التنظيم عن أعين المراقبين العسكريين المتخصصين، يبدو أن هذا التنطيم قد نمى كثيرا الآن ليتحدى كلا من سورية وروسيا (وربما تركيا، مع وجود شكوك سببها كيفية وصول صواريخ أرض جو اليها، رغم اغلاق الحدود التركية المدعى به)، اضافة الى تحدي احرار الشام لجبهة النصرة التي طالما تحالفت معها، ودخولها حديثا في معركة طويلة معها (لأول مرة)، وشاركت فيها الى جانب النصرة كتائب جند الأقصى وفصائل أخرى. ونتيجة تلك المعارك، استطاع أحرار الشام تثبيت مواقع لهم في محافظة ادلب، بحيث بات ندا منافسا لجبهة فتح الشام التي استبدلت اسمها للمرة الثالثة ليصبح هيئة تحرير الشام.

ويأتي ذلك التطور، في ظل بوادر احتمال بأن تكون المعركة الكبرى القادمة والشبيهة بمعركة حلب المفصلية، ستكون في محافظة ادلب، خصوصا بعد حسم معركة تدمر بتحريرها من الدولة الاسلامية، واقتراب معركة الدولة السورية من حسم معركتها مع الدولة الاسلامية المتواجدة في شمال شرق حلب.
فالترويج القائل بأن معركة حلب التي انتهت قبل عدة اسابيع، كانت مفصلية وحسمت المعركة نهائيا في المحافظة، وحددت مسار المعركة في الشمال السوري بحسم نهائي في حلب الشرقية، بل وحسم مسار الحرب في سورية...ذلك كله لم يكن قولا دقيقا، لأن معركة حلب الشرقية قد انتهت وحسمت فعلا مع النصرة وفصائل معارضة أخرى، لكنها لم تحسم كل شيء حسما نهائيا. فالدولة الاسلامية لم تزل متواجدة هناك في بعض قرى ومواقع في شمال شرق حلب. بل هي تسيطر على مصادر المياه التي ترتوي منها مدينة حلب، فتحرم مليون ونصف مليون من سكان حلب من المياه النقية، تماما كما كان الحال قبل شهر او أكثر في وادي بردى عندما سيطرت المعارضة على مصادر المياه التي تروي سكان دمشق، مما اضطر الدولة السورية لخوض معركة طويلة مع المعارضة دفعتها أخيرا لمغادرة وادي بردى حيث منابع المياه الدمشقية. ولسبب مشابه يدور الآن قتال في شمال شرق حلب، في مسعى لطرد الدولة الاسلامية وتحرير منابع المياه من سيطرتها. وقد استطاعت القوات السورية، رغم انشغالها في معركة كبرى أخرى هي معركتها في تدمر، قد نجحت الآن في طردهم من عدة قرى ومواقع في شمال شرق حلب ، وباتت على بعد 9 كلم من المركز الرئيسي لقوات الدولة الاسلامية - داعش.

ولكن يظل التساؤل قائما حول موقف احرار الشام (التنظيم الغامض) لدى انطلاق معركة تحرير ادلب. فهل يقاتل ضد جبهة النصرة، القوة الرئيسية في ادلب، كما فعل للتو في قتاله معها، ام يقاتل معها ضد الدولة السورية، كما فعل دائما على مدى ست سنوات، أم يقاتل ضد الاثنين معا لتأكيد مركزه كالقوة الأقوى بين المعارضة المسلحة، وخصوصا وقد قاتل للتو ضد فتح الشام، كما قاتل للتو ضد الدولة السورية عندما اسقط متحديا طائرتها الميغ 23 بصاروخ أرض جو لا يعلم الا الله كيفية وصوله اليها رغم الادعاء التركي باغلاق الحدود التركية اغلاقا تاما تنفيذا لاتفاق مبهم مع روسيا، دفع الروس لاغضاء الطرف عن التدخل التركي في الشمال السوري، وعن معركة درع الفرات الخ، ولكنه لن يستطيغ أن يغض الطرف عن كيفية وصول ذاك الصاروخ الى يد احرار الشام دون كل الفصائل الأخرى، علما أن أحرار الشام كانت دون غيرها أكثر التنظيمات حماسا للقتال الى جانب النصرة رغم رفضها باصرار الاندماج معها وفي صفوفها، وكانت ولم تزل من المجموعات التي ترغب روسيا بتصنيفها، هي وجيش الاسلام، بالارهابية. وقد تراجعت روسيا مؤخرا عن اضفاء تلك الصفة على جبش الاسلام وقبلته بين المتفاوضين، لكنها لم تزل تنظر بعين الريبة نحو أحرار الشام. وستزيد الشكوك الروسية حولها بعد أن امتلكت صاروخ أرض جو أطلقته على الطائرة السورية، مما يعني بأنه اذا وجد المزيد من هذه الصواريخ بين يديها، سرعان ما سيهدد قدرات الطائررات الروسية كثيرة التحليق في الأجواء السورية.

اذن للقضية بقية.... وقد لا تطول الاجابات على تساؤلاتها، بحثا عن ماهية أحرار الشام، حقيقة انتمائها وولائها ومصدر تمويلها وتسليحها ومدى وكيفية وصول الأسلحة اليها، واحتمال كونها قد تحولت للتنظيم الأقوى وباتت تقف على مستوى الدولة الاسلامية والنصرة في القوة والعدد والتسليح.
ميشيل حنا الحاج
الكاتب، المفكر والمحلل السياسي.
المستشار في المركز الأوروبي لمكافحة الارهاب - برلين
عضو في مركز الحوار العربي الأميركي - واشنطن








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. انطلاق معرض بكين الدولي للسيارات وسط حرب أسعار في قطاع السيا


.. الجيش الإسرائيلي يعلن شن غارات على بنى تحتية لحزب الله جنوبي




.. حماس تنفي طلبها الانتقال إلى سوريا أو إلى أي بلد آخر


.. بايدن يقول إن المساعدات العسكرية حماية للأمن القومي الأمريكي




.. حماس: مستعدون لإلقاء السلاح والتحول إلى حزب سياسي إذا تم إقا