الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العراق من أين و الي أين(الجزء الاول)

عادل رضا

2006 / 1 / 18
مواضيع وابحاث سياسية


في أواخر الستينات , أجتمع عدد من العراقيين في أحد بيوت كربلاء , مع الشهيد الصدرالاول , و كان البيت يستخدم كمضافة عند زيارة كربلاء من قبل السيد محمد باقر الصدر و من يعمل معه أنذاك , و كان الشهيد الصدر رحمة الله عليه, ينام علي فراش مكسور, بفراش من الليف الخشن , و باقي العراقيين الذين معه كانوا ينامون علي الحصير , في الصالة المجاورة للباب الرئيسي , و في أغلب الاحيان , هو الاخر كان ينام علي الحصير في الغرفة المجاورة للصالة الرئيسية.

كانوا هؤلاء من النخبة ومن الدائرة المحيطة التي عملت مع السيد محمد باقر الصدر في ذلك الحين , و كان بينهم المسلم الشيعي و المسلم السني , و الملحد و الشيوعي , و كانت تلك النخبة مخترقة بأثنان من الامن العام.

و أنضم الي هذه النخبة فيما بعد عدد من المسيحيين , لا أعرفهم شخصيا , و لكن للتأريخ أقول:

أن السيد محمد باقر الصدر لم يكن يمنع أحد يريد العمل معه من العمل , فكان الدخول الي الدوائر التي حوله متاحا للجميع , فمن يريد الانضمام يدخل ضمن الدائرة و الدوائر المحيطة و يعمل , بغض النظر من أي دين و مذهب و أنتماء سياسي أخر ينتمي اليه.

ألي هؤلاء النخبة التي نامت علي الحصير في تلك الايام , و الي السيد محمد باقر الصدر, أهدي هذه المقالة, ما عدا الاثنان الخونة من الامن العام.

منذ حادثة جسر الائمة أُصبتُ بأحباط شديد , و حزن عميق , ضارب في الاعماق , علي كبر حجم المأساة , و لعلها المصيبة و الفاجعة التي فجرت قنبلة الاحزان المتراكمة في صدري , نتيجة لما يحصل من تأمر علي قتل و أذلال العراقيين , هذا القتل و الاذلال المستمر و المبرمج , و المخطط له, بشيطانية أستخباراتية , منذ بداية الاحتلال الأجنبي القديم الجديد للعراق الجريح.


الاحتلال الأجنبي القديم, كان أحتلالا غير مباشر, يتم بواسطة النظام السابق.


و الاحتلال الأجنبي الجديد , هو الان أحتلال مباشر , عسكريا و أستخباراتيا و أقتصاديا , بواجهة من الصداميين الجدد , الذين كانوا يبررون مشاركتهم في المشروع الأجنبي , من باب أنهم يستطيعون تغييره من الداخل من خلال المشاركة مع الاحتلال الأجنبي الجديد المباشر.

و الجدير بالذكر أن عدد من هؤلاء الاشخاص ممن فاتحوا كاتب هذه السطور بذلك التبرير المبني علي أنهم دخلوا ضمن اللعبة الأجنبية من أجل تغيير ذلك المشروع من الداخل لصالح المشروع الاسلامي الثوري!!!!؟؟

و من أجل مصلحة العراقيين!!!!!! و من باب تجربة شيء جديد من العمل الحركي الساعي الي السلطة من أجل تطبيق الفكر و من أجل الناس , و من باب:

أنه أذا تركنا المجال السياسي خاليا , فغيرنا من غير المخلصين للأسلام و للعراق , سيأخذون المواقع السلطوية بدلا منا , فالافضل أن نسبقهم ألي التعاون مع الاجنبي , لنأخذ تلك المواقع السلطوية بدلا منهم , لأننا مخلصين و هم ليسوا كذلك , و علي أساس أننا نمثل المظلومية التأريخية للشعب العراقي.

و لست أريد نقاش تلك المسألة , و هي مسألة جدلية لها أخذ و رد ضمن النقاش السياسي, و لكن أقول:

أن العديد من تحركوا في وجهة النظر تلك تم أغتيالهم بظروف غامضة علي مدي الثلاث السنين الماضية , ضمن عمليات تصفيات داخلية يفعلها الصداميون الجدد بين بعضهم البعض , و هو نفس الاسلوب الصدامي القديم الذي كان يتحرك به صدام حسين في السبعينات بكثرة , لتصفية المناوئين له و المعارضين المحتملين لصعوده.

و أيضا نقول:

أن وجهة النظر هذه الي حد علمي ليس لها غطاء شرعي و أستناد فكري , فيما عدا تحريك العواطف , و طرح نظرية جديدة في العمل السياسي علي المستوي العراقي , و هي نظرية كما أسلفنا ليس لها غطاء شرعي قرأني و الكثير ممن تحركوا بها بالتنظير علي المستوي الاعلامي , أشخاص مشبوهين , ليس لهم تأريخ مشرف , و لهم أرتباطات بعثية سابقة , و أجنبية حالية, مما يثير الكثير من علامات الاستفهام و الحذر كذلك .

و علي العموم من تحركوا من هذا الباب الي الان , لم يثبت نجاحهم علي الساحة العراقية في كل المجالات السياسية و الخدمية و الاقتصادية...الخ , و هذا أمر يقوله الواقع المعاش علي الارض و ليس نحن من نتقول علي الاخرين بل أن ما هو موجود علي الارض هو من يتكلم( اذا صح التعبير).

و لكن هناك رأي مخالف يقول:

أن من قبل الدخول ضمن المشروع الأجنبي , قد تعدي الخط الاحمر فيما يخص بالمبدأ الاسلامي الحقيقي, بقبوله الدخول في تنازلات مبادئية تخترق الخطوط الحمراء , بما يتعلق بما هو مبد أ, و ما هو فكر أسلامي أصيل لا نقاش عليه , هذا من ناحية , و من ناحية أخري من تحرك في خط التنازل لم يقف عند خط أحمر واحد , من التنازل و الالغاء الفكري للمباديء , بل تم التنازل عن خطوط حمراء أخري( اذا صح التعبير) , أي أن هناك تراجعا أخلاقيا مستمرا منذ القبول بالتعاون مع الغازي القديم الجديد علي أرض العراق الجريح.

أن من بدأ التنازل لم يتوقف عن التنازل هذه من ناحية, و من ناحية أخري فشل من تنازل عن تقديم أساسيات الحياة من ماء و كهرباء و مجاري و امن شخصي و عام الي الشعب العراقي الجريح .


و يضيف هذا الرأي:

أن من تحرك في خط التبرير في الدخول ضمن المشروع الأجنبي , لم يقدم شيئا الي الناس و المحرومين الحقيقيين علي أرض السواد , ما عدا أستمرار القتل و السرقات بمئات الملايين من الدولارات و التأمر علي أغتيالات هنا و تصفية تيارات شعبية مليونية هناك , و صدامية جديدة بأسم المذاهب و القوميات هنالك.

حتي أن أحد أقدم المعارضين للنظام السابق في العراق قال كلمة مؤلمة :

أن ممارسات حزب البعث التي حاربناها طيلة الخمس و الثلاثين عاما , قام هؤلاء القادمين مع المشروع الأجنبي, بعملها جميعا في ثلاث سنين فقط.


و ما كان يثير الغضب مع مرور الايام , هو أكتشاف أن الاغلب الاعم من كتاب المقالات الاستكبارية , و ممن يظهرون علي شاشات الفضائيات, المتحركين بالتنظير للمشروع الأجنبي , هم بالاصل بعثيون و من أتباع النظام السابق , و هم ممن تحركوا بالدعم الاعلامي و العسكري و الاستخباراتي , و ممن قدموا كل شيء حتي من أجل أثبات ولائهم للنظام السابق.


و هؤلاء منهم ضباط أستخبارات بعثيون , و مسئولين فرق حزبية, وأشبال حزبيين, وأعلاميين , و الان أصبحوا بقدرة قادر يتحركون بأسم أبناء المقابر الجماعية!!!!!! و هم من ساهم بقتل شهداء تلك المقابر , بصورة مباشرة أو غير مباشرة .

أن هؤلاء بعد أن أدركوا أن سفينة النظام السابق ستغرق , ما قاموا به هو أنهم أنتقلوا من السفينة القديمة , الي السفينة الجديدة.

و يتحرك هؤلاء المنظرون للمشروع الامريكي الجديد , من منطلق أنهم يدافعون عن ضحايا النظام السابق , و من خلال هذا الدفاع يحاولون تمرير الخطط الأجنبية الموضوعة للتنفيذ علي أرض العراق الجريح .

أن هؤلاء يمررون السم التنظيري للاحتلال الجديد القديم للعراق الجريح , أن هناك محاولة لخلط السم بالعسل , من أجل تمرير السم علي عوائل و أبناء و بنات شهداء المقابر الجماعية مرورا بباقي العراقيين.

أن هناك محاولات مستمرة لأستغلال عذابات الناس و مأسيهم , و التسلق عليها, لتنفيذ مخططات الاخرين من أهل الاستكبار العالمي , تلك المخططات التي تصب في خدمة من ساند و دعم النظام السابق , في قتل أهل تلك المقابر الجماعية.

أن من يقول أنه يتحرك في خط الدفاع عن ضحايا النظام السابق , هو من كان يدعم ذلك النظام في ذلك الوقت هذا من ناحية, و من ناحية أخري الاستكبار العالمي هو من دعم و ساند و غض الطرف عن ذلك القتل المليوني للأنسان العراقي , و هو نفس الاستكبار الذي يأتي الان و يقول:

أننا ندافع عن مظلوميتكم , فتعالوا الينا و نفذوا خططنا نحن أتيناكم بالحرية و الديمقراطية فنفذوا ما نريد.

طبعا التنفيذ لما يريده الاستكبار العالمي فقط لا غير , و أي شخصية أو تيار أو حزب يخرج عن ما يريده الاستكبار العالمي , يتحرك المنظرون للمشروع الاجنبي ضدهم بالتشويه و محاولات الاسقاط و التسقيط الاعلامي.

و أقل شيء يقال لمن يرفض تنفيذ ما يريده الاستكبار و الصداميين الجدد , هو الاتهام بالدعم للنظام القديم!!!!!!!!و هذا ما يُضحك و يثير الغضب بنفس الوقت.

و هو أن يأتي عفلقي ساقط و مجرم قاتل , و يتهمك بالبعثية و الصدامية .


أن هؤلاء المنظرين و المبررين للمشروع الأجنبي, لا يستحون و لا يخجلون, و يحاولون ألغاء الطرف عن تأريخهم الاسود,اذ كان هؤلاء في الثمانينات من أبناء النظام السابق, من الدرجات الثالثة والرابعة ( اذا صح التعبير) و من أدوات حكمه , و ألان يتحركون بأستغلال مأسي العراقيين الذين عاشوا المصائب و القتل و التعذيب و التهجير و التصفية الجماعية علي يد النظام السابق.

ماذا كان البديل عن المشروع الأجنبي أنذاك ؟


أن البديل كان موجودا , و هو ما صرح به التيار الصدري في أوائل الاحتلال , من أن المرجعية هي المشروع السياسي البديل المطلوب في المرحلة القادمة لما بعد سقوط النظام الصدامي القديم.

أن هذا الكلام يذكرني بما حدث في نهاية السبعينات , عندما عاد الامام روح الله الخميني الي أرض أيران , ليقول أنه هو من يشكل الحكومة.

أن الامام روح الله الخميني بأعتقادي , تحرك من واقع تكليفه الشرعي و نظرته الواعية البصيرة , في حين تخلف الاخرون عن تكاليفهم الشرعية عداءاً للثورة أو ولاءاً للاستكبارالعالمي.

فقام الامام روح الله الخميني بالأعلان عن حكومة مؤقتة أدارت أجهزة الدولة القديمة.

و ما حدث لمن كان يتبع النظام الشاهنشاهي المقبور من أفراد و شخصيات قيادية , فهؤلاء من أنفسهم تراجعوا عن العودة ألي هياكل الدولة من باب الخوف, ومن باب التسليم أنه ليس لهم مكان ضمن النظام الجديد بطبيعة الحال.

أو أنهم كانوا يهربون الي خارج البلد أنذاك, هربا من محاكمات تدينهم بأنتهاك حقوق الانسان و العمالة و نهب ثروات البلد.

لذلك أن ما قام به التيار الصدري بالاعلان من أن المرجعية هي المشروع السياسي, كان بأعتقادي ينصب في تلك الناحية من المطالبة للأخرين في المرجعية الدينية العليا , بتحمل مسئولياتهم الشرعية, كما تحملها الرجل العظيم و الروحاني العاشق للخالق الامام روح الله الخميني, و التي ترتب عليها أنذاك بعد أسبوعين فقط , انتخابات و كتابة دستور, و من ثم أنتخابات أخري لتشكيل حكومة منتخبة , و سارت المسيرة علي أرض ايران منذ ذلك الحين الي الان .

و لم يقم أحد علي أرض أيران, بألغاء كل مؤسسات الدولة القديمة و أداراتها و بيروقراطيتها , و تسريح جيوش موظفيها و رميهم في الشارع , و لم يقم أحد بحل كل أجهزة الشرطة و الجيش, و حرس الحدود و الاستخبارات, و سلاح البحرية و الطيران, و الاستخبارات و باقي الوزارات , لقد تمت أدارة الدولة القديمة لأسبوعين من قبل حكومة تحمل شرعية ثورية , و بعد الانتخابات تم تشكيل حكومة ثورية دستورية.

هذا علي العكس مما حدث علي أرض العراق الجريح بعد سقوط الاحتلال الأجنبي الغير مباشر, بأنتهاء حكم النظام السابق , و بداية الحكم الأجنبي المباشر منذ التاسع من أبريل.

أن المشكلة أن المرجعية في النجف لم تقم بواجباتها الشرعية بتشكيل حكومة مؤقتة , تمثل الواجهة التي يمكن من خلالها أدارة الدولة العراقية بمؤسساتها القديمة , الي حين أقامة الانتخابات و كتابة الدستور , كما جري في ايران.

أن المرجعية كان بأمكانها أن تقلب الطاولة علي المشروع الأجنبي برمته و لكن للأسف الشديد , نقول:

أن المرجعية الدينية العليا في النجف هي مرجعية خادمة للأجانب و الاستكبار العالمي , أكثر من كونها مرجعية دينية تعيش التكليف الشرعي و المسئولية القرأنية.

و مادام الاجانب راضيين علي المرجعية الدينية العليا في النجف ,فلابد أن يكون هناك شئ خاطيء , و لا بد أن نراجع مواقفنا تجاه المرجعية الدينية العليا , فأما هي مرجعية جاهلة و لا تملك الوعي السياسي و الشرعي , أو أنها مرجعية تتحرك في خدمة المشروع الأجنبي علي أرض السواد , و هي ما كانت تقوم به منذ سقوط بغداد , و ما الدعم الاعلامي الاستكباري لمرجعية من هذا النوع ألا دليل أخر علي ما نقول.

أن من تحرك بالدعم الاعلامي للمشروع الأجنبي علي أرض السواد هو من يدعم مرجعية من هذا النوع , فلماذا يا تري؟

الا لأن هذه المرجعية تتحرك في خط خدمة الأجانب و الحرب علي العراقيين الحقيقيين , بل أنها حرب علي الاسلام , لأنها المرجعية المفترض بها أنها قائدة للمشروع الاسلامي الي حين أنتهاء الانتظار للمهدي المنتظر( اذا صح التعبير) , فاذا من يفترض أن يكون قائدا للمشروع الاسلامي حسب النظرية التي تقول بالمرجعية , اذا كان من يفترض به أن يكون قائدا للأسلام أصبح خادما لأعدائه, فعلي الاسلام السلام.

أن المرجعية الدينية العليا قد تم تفريغها من محتواها , مادامت قد تخلت عن تكليفها الشرعي و واجباتها الدينية , و ما دامت المرجعية قد تحركت ضمن أدوات مشروع أستكباري معادي للعراق و مضاد للأسلام








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قصف مستمر على مناطق عدة في قطاع غزة وسط تلويح إسرائيلي بعملي


.. عقب نشر القسام فيديو لمحتجز إسرائيلي.. غضب ومظاهرات أمام منز




.. الخارجية الأمريكية: اطلعنا على التقارير بشأن اكتشاف مقبرة جم


.. مكافأة قدرها 10 ملايين دولار عرضتها واشنطن على رأس 4 هاكرز إ




.. لمنع وقوع -حوادث مأساوية-.. ولاية أميركية تقرّ تسليح المعلمي