الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تأملات متوحشة

بكر الإدريسي

2017 / 3 / 14
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


هل سبق لك أن شعرت بالإغتراب عن كل ما يحيط بك ،

ضائع لا تكاد تتعرف على نفسك .

أو لا تستطيع عزلها عن ضوضاء العالم، وإفراغها مما صب فيها من مواد بناء وتشكيل.

هل سبق لك أن تأملت على هذا النحو ومضيت تتأمل في تأملك و في تأمل تأملك ...

قد تصل بك هذه الشعوذة من التأملات بأن تكتشف كم انت مرتهن بمحيطك، مأسور بواقعك، مخدوع بفرادة جوهرك .

بديهي جداً أن تكون سمعت أو قرأت عن حالة " الإغتراب" ولكن عندما تقترب منها، و تتوقف عن جميع الأنشطة، تنسلخ من القطيع، تنفرد بذاتك تنصت لها،

تخرس جميع الاصوات بما فيها صوتك، لتتحسس جسدك -في وجوم مطبق بقدر ما هو مدوي - وتسائله هل امتلكك ..؟

سيتملكك الفزع حينها وأنت تلملم بقاياك التي لفظتها "التأملات المتوحشة " محاولاً تشكيل هوية جديدة

أو رسم صورة بمواد تزعم أنها أولية .

فتكون أشبه بشيء غرق منذ ألف قرن ولفظ البحر بقاياه على اليابسة وجائت يد الطبيعة العمياء لتصنع منه كائناً جاهلاً بقبليتة المهترئة الممسوخة.

عندما تستنفد محاولاتك في إعادة بعثك واسترداد" أناك " وتفاجئ بأن أدواتك/عدتك لمن تكن تمتلكها من الأساس

إنما استعرتها من أولئك المستلب من قبلهم المرتهن لهم المبذور في تربتهم.

ستدرك مدى سذاجة ما بذلته من جهد للوصول إلى غيريتك أو القبض على جوهرك وفرادتك.

أو بكلام آخر ستنتهي بك كل محاولاتك النرجسية فقط إلى كشف الخديعة المؤسِسة للوجود والإنسان والعقل والاشياء.

ففي البدء كانت الخدعة.

وأنت في مواجهتك لها لديك عدة خيارات.

إما أن تستمر في محاولة القبض على كينونتك فتظل تدور في حلقة مفرغة لامتناهية.

وإما أن تتماهى مع الطبيعة والمجتمع وتفعل فيهما بقدر ما يفعلان فيك.

وإما أن تتمرد وتقوض الأسوار وتدخل عالم الجنون.

أو تتماهى مع كل ذلك وتفعل الشيء ونقيضه فتكون العدمي والدنيوي، الانطوائي والاجتماعي، المجنون والعاقل، العاجز والمبدع إلى آخر المتضادات...

فتعيش ضربا من الشيزوفرينيا بوعي أو بغير وعي.

تلك هي الصيغة التي تقاوم بها "خدعة الوجود" أقول تقاوم لأنه من المستحيل خداعها.

فهل الأمر حقاً بهذه البساطة والإستسهال؟

تعتريك حالة " الاغتراب "، تسد أفقك، تؤرقك، تمزقك فقط لبرهة من الوقت، فتنحل و تنقشع عنك..!

كيف وقد تورمت يداك، فواصلت الحفر بأسنانك، فتساقطت في فمك عند رؤيتك للهوة السحيقة التي أحدثتها.

وصرخ فيك العقل : قف هنا إن البقاء في "السجن البشري" أفضل من السقوط في هذي الهوة.

هو العقل من ساهم في توريطك في هذه المتاهة، ثم ارتد فظهر ما يبطنه من إيمان بسرديات وخرافات الإنسان الكبرى، رافضاً مرافقتك في المغامرة حتى النهاية.

تلك الطبيعة المخاتلة المخادعة للوجود، تكتشف أن العقل يتبناها ولا يسفر عنها إلا عندما تذهب به لأقاصي التجربة.

أو أنها تشكل له عائقاً وجودياً لا يستطيع تخطيه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. WSJ: لاتوجد مفاوضات بين حماس وإسرائيل في قطر حاليا بسبب غياب


.. إسرائيل تطلب أسلحة مخصصة للحروب البرية وسط حديث عن اقتراب عم




.. مصادر أميركية: هدف الهجوم الإسرائيلي على إيران كان قاعدة عسك


.. الاعتماد على تقنية الذكاء الاصطناعي لبث المنافسات الرياضية




.. قصف إسرائيلي يستهدف منزلا في مخيم البريج وسط قطاع غزة