الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأزمة التركية - الأوروبية: أردوغان يهاجم أنظمة أروبية باستعمال الأتراك بالخارج

لطفي الهمامي
كاتب

2017 / 3 / 20
مواضيع وابحاث سياسية


الأزمة التركية - الأوروبية: أردوغان يهاجم أنظمة أروبية باستعمال الأتراك بالخارج
توسعت ردود الأفعال الدبلوماسية بعدد من البلدان الأوروبية حول قيام وزير الخارجية التركي "مولود جاويش أوغلوا" بتنظيم عدة تجمعات بالجالية التركية حول تنقيح الدستور عبر استفتاء شعبي يوم 16 افريل 2017 لصالح النظام الرئاسي.انطلقت الأزمة بشكل علني يوم 12 مارس الجاري على اثر منع دولة هولندا هبوط طائرة وزير الخارجية على أراضيها ومنع دخول عن طريق البر لوزيرة الأسرة والسياسة الاجتماعية التركية "فاطمة بتول صيّان قايا" بغرض الدعاية للاستفتاء صلب الجالية التركية.مما اضطر وزير الخارجية التركي على الهبوط بمطار مدينة ميتز الفرنسية في نفس اليوم وعقد اجتماع شعبي بأنصار حزب العدالة والتنمية موجّها خلاله نقدا لاذعا لهولندا واصفا إياها بعاصمة الفاشية بأوروبا.
تطورات الأزمة واتجاهاتها
منذ أن منعت هولندا وزير الخارجية ووزيرة الأسرة والسياسة الاجتماعية التركية من الدخول إلى أراضيها للقيام بحملة وسط الجالية التركية، بدأت السلطة في تركيا بقيادة أردوغان إلى التجييش وتجميع مناصريها لمحاصرة سفارة هولندا بتركيا كما تم تطويقها بالحواجز العسكرية بدعوى حمايتها من أخطار الانتقام.لقد اعتبر رجب طيب اردوغان في خطاب له يوم الأحد 12 مارس بالقرب من اسطنبول بأنه يتعيّن على الاتحاد الأوروبي معاقبة هولندا واصفا إياها بجمهورية الموز.كما اعتبر أن السفير الهولندي بتركيا والذي هو في إجازة خارج تركيا غير مرحبا به إلى حين.من جهة الدول الأوروبية فان ألمانيا بدورها رفضت إمكانية قيام الأتراك بحملاتهم بألمانيا معتبرتا ذلك منافيا لقوانينها، أما الدنمارك فطلبت من رئيس الوزراء التركي "بن عليّ يلدرم" إلى تأجيل زيارته والتي كانت مقررة ليوم 19-20 مارس الجاري.أما موقف المستشار النمساوي "كريستيان كيرن" هو دعوة أوروبا إلى رد فعل موحّد نحو ما تقوم به تركيا من نقل لخلافاتها الداخلية إلى أوروبا وهو يقصد الصراع بين الأتراك والأكراد، مناديا برفض جماعي لمثل هذه السياسة التي تعطي الضوء الأخضر لدول أخرى للقيام بحملاتها الانتخابية على الأراضي الأوروبية.في حين كان موقف فرنسا السماح لوزير الخارجية التركي بالقيام باجتماع ضمّ حوالي 800 تركي من مناصري العدالة والتنمية ومن أنصار تعديل الدستور لصالح النظام الرئاسي مثلما يطمح إلى ذلك اردوغان.لقد تحول موضوع الدعاية من قبل الأنظمة الحاكمة لصالح مشاريعها وسط جالياتها بأوروبا موضوع نقاش عام وتحوّل كذلك إلى احد نقاط النقاش لدى المترشحين للانتخابات الرئاسية الفرنسية حيث سارع مرشح اليمين الجمهوري"فرنسوا فيون" للتنديد بسماح فرنسا لوزير الخارجية التركي بالدعاية للاستفتاء في فرنسا وكذلك أدانته ممثلة الجبهة الوطنية اليمينية ماري لوبان.
لقد تطور النقاش ليطال موقف الدول الأوروبية من نظام رجب طيب أردوغان والموقف من الاستفتاء الذي سوف يفتح عهد جديد لتركيا عنوانه الحكم الرئاسي على الطريقة الأردوغانية والتي تحمل في طياتها دكتاتورية صاعدة لن تزيد الأتراك إلا أزمة على أزمتها الحالية. لكن السؤال المنطقي الذي يمكن أن نطرحه على اثر هذه التطورات قبل أيام من إجراء الاستفتاء، يتمثل في مدى تأثير الأتراك بالخارج في الاستفتاء؟ أو ما الذي يجعل اردوغان يعمل على توتير العلاقة مع بعض الدول الأوروبية عبر ممارسة استفزازية مثل ما قام به وزير الخارجية ووزيرة الأسرة؟ علما وان موضوع الدعاية السياسية والانتخابية للأجانب هي موضوع جدل بالدول الأوروبية والأتراك يعرفون ذلك جيد المعرفة لان لديهم سوابق في ذلك.فخلال سنة 2015 حشد رجب طيب اردوغان في مدينة ستراسبورغ الفرنسية حوالي 12 ألف من أنصاره خلال حملة انتخابية وجند لذلك أنصاره من فرنسا وألمانيا وبلجيكا وهولندا والنمسا،وعلى اثر ذلك وقع جدل واسع في الأوساط الحزبية الأوروبية بين رافض وقابل بتحفظ.أما سنة 2016 وخلال شهر افريل اندلعت على اثر مثل تلك الحملات السياسية والانتخابية معركة شوارع بين أنصار اردوغان وأنصار حزب العمال الكردستاني بمدينة مونبيليي الفرنسية انتهت بأضرار في صفوف الطرفين والإضرار بالممتلكات العامة والخاصة وسط المدينة.من الواضح أن الأزمة متجهة نحو مزيد من التعقيد فمن ناحية النظام التركي يستعمل الايدولوجيا الدينية والقومية لتحريك الجالية بأوروبا بأسرها لخوض معركة غير معلنة لا يعرف حقيقتها سوى النظام نفسه ومن ناحية الدول الأوروبية فان التطرف في اتخاذ المواقف ضد تركيا في صعود خاصة وان عدد من الدول تشهد صعود اليمين المعادى للمهاجرين.
حقيقة الجالية التركية بأوروبا وحجمها
هل أن حجم الجالية التركية بأوروبا مؤثر بحجم كبير في مسار الاستفتاء الشعبي مما يجعل النظام التركي يذهب حد توتير علاقاته بعدد من الدول الأوروبية؟ ما هي حقيقة وحجم هذا الجسم التركي المهجري وما مدى تأثيره الانتخابي؟
حسب الإحصائيات التركية فان عدد الأتراك بالخارج يعد حوالي 5 مليون نسمة، يقطن منهم حوالي 4 مليون أوروبا. خلال الانتخابات البرلمانية التركية الأخيرة مثل حجم المشاركين في الانتخابات حوالي 2 مليون.أما في هولندا البلد الذي راهن عليه النظام التركي للقيام بحملة وسط الجالية التركية فان العدد الجملي لهم لا يتجاوز 379 ألف نسمة. تعتبر اكبر نسبة للأتراك في أوروبا متمركزة بألمانيا ويبلغ عددهم حوالي المليون أما بفرنسا فهم 700 ألف ويعتبر حضورهم في الدنمارك وبلجيكا اقل من فرنسا وألمانيا.فبلغة الأرقام بان حجم الأتراك بالبلدان التي يريد النظام التركي تصعيد الأزمة معها لا يمثل حقيقة حجما مؤثرا في الاستفتاء القادم مما يعنى أن الأسباب الحقيقية تتجاوز قضية الدعاية لصالح النظام الرئاسي وهى ذات علاقة بالسياسة التركية المتبعة تجاه أوروبا خاصة بعد التغيرات الإقليمية الحاصلة عندها وتحول السياسة الأوروبية جذريا فيما يخص المنطقة المحيطة بتركيا.كما يعد موقف الدول الأوروبية من محاولة الانقلاب ومن الاستفتاء محورين أساسيين لتصعيد وافتعال هذه الأزمة من قبل النظام التركي بقيادة حزب العدالة والتنمية.
التصعيد عملية سياسية دبلوماسية لفرض نتائج الاستفتاء قبل حصوله
يبدوا أن السياسة التركية تجاه أوروبا اعتمدت هذه المرة على خطة استباقية لإعادة طرح الخلافات حول قضية الهجرة وانضمام تركيا للاتحاد الأوروبي ونتائج الحرب على سوريا ومحاولة الانقلاب العسكرية الفاشلة وكذلك الحرب المتواصلة ضد حزب العمال الكردستاني والتي سوف تكون مطروحة على طاولة المواقف الأوروبية من تركيا ما بعد الاستفتاء الشعبي لتنقيح الدستور التركي الذي يطمح إلى نظام راسي.من بين التكتيكات التركية لمواجهة ذلك ومحاولة قلب طاولة المفاوضات على الاتحاد الأوروبي ودفعه للصمت حيال الاستفتاء هو إثارة تركيا بقوة لقضية الهجرة غير الشرعية باعتبارها بوابة هامة نحو أوروبا وكذلك لعب ورقة الجالية التركية بالبلدان الأوروبية وهي ورقة خطيرة لان نتائجها قد تعود بالوبال على الطرفين.فتركيا اليوم تستغل الاستفتاء لتقوية الشعور القومي الشوفيني لدى مواطنيها وتحاول أن تظهر بمظهر السلطة القريبة منهم رغم وجودهم خارج أراضيها.في هذا الإطار لابد من ملاحظة مسالة مهمة وهي الممارسة السياسية لاردوغان، انه يستعمل الدولة وأجهزتها وموظفيها لصالح الاستفتاء وهو مقدمة أساسية للنظام القادم الذي سوف يقوم على الشخصنة ويظهر حقيقة النموذج السياسي لخط الإسلام السياسي الذي لا يؤمن بالنظام الديمقراطي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غارة إسرائيلية تقتل 3 عناصر من -حزب الله- في جنوب لبنان


.. عملية -نور شمس-.. إسرائيل تعلن قتل 10 فلسطينيين




.. تباعد في المفاوضات.. مفاوضات «هدنة غزة» إلى «مصير مجهول»


.. رفح تترقب الاجتياح البري.. -أين المفر؟-




.. قصف الاحتلال منزلا في حي السلام شرق رفح