الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الثورة الصناعية الرابعة والتحديات الإقتصادية لفجوة الدخل الخامسة

تامر البطراوي

2017 / 3 / 23
تقنية المعلمومات و الكومبيوتر


إذا كانت الثورة الصناعية الثانية قد استبدلت جزء العمل البشري المادي بالآلات فإن الثورة الصناعية الرابعة ستستبدل الجزء المتبقي من العمل المادي والعمل الذهني بالذكاء الصناعي (AI) ، ظهر مصطلح "الثورة الصناعية الرابعة" (Fourth Industrial Revolution) أو الثورة الآلية (automation) بمعرض هانوفر (Hanover Fair) لعام 2011 -معرض صناعي عالمي يقام بشهر إبريل من كل عام بولاية ساكسونيا السفلى بألمانيا– وذلك من خلال مبادرة للحكومة الألمانية بتشكيل فريق عمل لدراسة الثورة الصناعية الرابعة (the Working Group on Industry 4.0) وزيادة القدرة التنافسية للصناعات وبحث آثار الدمج المتزايد لـتقنية الأنظمة الالكترونية المادية في عملية التصنيع (cyber-physical systems) ، وفي عام 2012 قدمت مجموعة العمل تقرير مبدئي للحكومة الألمانية الإتحادية تضمن مجموعة من التوصيات حول الثورة الصناعية الرابعة ، وفي ابريل 2013 قدمت اللجنة بمعرض هانوفر تقريرها النهائي حول الثورة الصناعية الرابعة (FM-EAE, 2017) ، وفي قمة الأجندة العالمية (World Economic Forum) لعام 2015 طرح كلاوس شواب عدة أفكار في صورة تساؤلات وهي انتقال العالم بحلول عام 2025 إلى مرحلة جديدة بانتشار مجموعة من التقنيات التي ستغير شكل العلاقات البشرية منها انتشار تداول الطباعة ثلاثية الأبعاد ، والصيدلي الآلي الذي يمكنه صرف الوصفات الطبية ، والهاتف القابل للزرع في الجسد ، وتخليق الأعضاء البشرية وزراعتها في الجسد ، بالإضافة إلى اتصال العقل البشري بشبكة الإنترنت وقدرة الآلة على قراءة الأفكار ، وفي يناير 2016 عقدت الدورة رقم 46 للمنتدى الإقتصادي العالمي بدافوس بعنوان "الثورة الصناعية الرابعة" والتي وصفها كلاوس شواب بالتسونامي المقبل التي تعمل على طمس الحدود الفاصلة بين المجالات المادية والرقمية والبيولوجية.
ترجع ارهاصات الثورة الرابعة إلى أوائل تسعينات القرن العشرين وانتقال الشبكات إلى مرحلة جديدة وهي المرحلة الهوائية اللاسلكية ، حيث ظهر النظام العالمي لاتصالات الهاتف النقال GSM (Global System for Mobile Communications) عام 1991 والذي أصبح بنهاية عام 1997 متاحاً في أكثر من 100 دولة ، كما ظهرت تقنية Wi-Fi عام 1990 لينتقل معها الإتصال بشبكة الإنترنت من المرحلة السلكية إلى المرحلة اللاسلكية ، وتقنية إنفراريد (Infrared) عام 1993 للنقل اللاسلكي عبر الأشعة تحت الحمراء ، وتقنية البلوتوث (Bluetooth) عام 1998 وهي تقنية راديوية لنقل المعلومات في مسافات قصيرة لا تتعدى العشرة أمتار ، ثم تقنية (WiMAX) عام 2001 والتي تعتبر امتدادً لتقنية (Wi-Fi) وإن كانت تتفوق عليها بنقل البيانات بكميات وسرعات أكبر.
الذكاء الصناعي
الذكاء الصناعي (artificial intelligence - AI) هو تخصص هندسي بعلم الحاسوب يبحث في خلق الآت بمكنها فهم ومحاكات الذكاء الإنساني عن طريق عمل برامج الحاسب الآلي ، وذلك من خلال أداء ثلاث وظائف رئيسية وهي تفسير المرئيات (interpreting images) وفهم اللغة الإنسانية وطرق التعلم ، وذلك من خلال ثلاث أنظمة وهي نظام بيانات لتمثيل المعلومات والمعرفة ، وخوارزميات لرسم طريقة استخدام تلك المعلومات والمعرفة ، ولغة برمجة لدمج كلاً من المعلومات والخوارزميات (بونيه، 1993) ، ويعتبر أهم مجالين من مجالات الذكاء الصناعي مجال " الذراع الآلية الذكية (Smart Robot) التي تحاكي بشكل أساسي العمل المادي ، وأنظمة الخبراء (Expert Systems) التي تحاكي السلوك الذهني ، أنظمة الخبراء هي تلك البرامج التي يمكن من خلالها حفظ خبرة العلماء في شكل برامج مستديمة ، وفي تقرير منتدى الإقتصادي العالمي عام 2016 حول استراتيجيات التوظيف والقوى العاملة بالثورة الصناعية الرابعة ، أن التقنيات التي تقود تقدم الأعمال خلال الفترة من 2015 وحتى 2017 تشمل تقنيات الطاقة وإنترنت الأشياء والطباعة المجسمة ، أما التقنيات التي ستقود مجال الأعمال خلال الفترة من 2018 وحتى 2020 فتشمل تقنيات الروبوتات المتقدمة والذكاء الصناعي والتقنيات المتقدمة لعلم المواد (WEF, 2016, p. 10).
كانت البداية مع ألان تورينج عالم الرياضيات الإنجليزي عام 1937 عندما طرح فكرة الآلات التي لها قدرة على التفكير تحاكي تفكير الإنسان ، أما مصطلح الذكاء الاصطناعي (artificial intelligence) فترجع صياغته إلى عالم الحاسوب الأميركي جون مكارثي (1927- 2011) الذي صاغه عام 1956 خلال مؤتمر كلية دارتموث الأميركية حول إمكانية تصميم آلة ذكية قادرة على تقليد ومحاكاة عمل البشر ، ويعتبر كتاب "أجهزة الكومبيوتر والفكر" (Computers and Thought) لفيجنباوم وفيلدمان (Edward Feigenbaum and Julian Feldman) والمنشور عام 1963 أول كتاب مرجعي في علم الذكاء الصناعي ، وفي عام 1977 قدم البروفيسور فايجنباوم (faygenbaum) خبير الذكاء الاصطناعي في جامعة ستانفورد ورقة بحثية لمؤتمر الذكاء الاصطناعي العالمي طرح خلالها فكرة أن قوة أنظمة الخبراء تنبع بشكل أساسي من المعرفة (Knowledge) التي تختزنها وليس من قدرتها على تمثيل البيانات والعمليات الإستنتاجية ، ومن ثم ركزت الأبحاث الجديدة على استخلاص المعرفة من الخبراء عوضاً عن التركيز على الطرق المختلفة للتمثيل والعمليات الاستنتاجية المعقدة ، وفي عام 1980 تأسست الجمعية الأمريكية للذكاء الصناعي والتي دفعت البحث العلمي بمجال الذكاء الصناعي بقدر هام من خلال المؤتمرات والأوراق البحثية بمجال الذكاء الصناعي (Bruce, 2005, p. 56) ، وفي عام 2005 توصل "راى كرزويل" (Ray Kurzweil) باستخدام قانون مور أن الكمبيوتر سوف يكون له نفس قوة المعالجة لدى العقول البشرية بحلول سنة 2029، وبحلول عام 2045 سوف يصل الذكاء الاصطناعي إلى نقطة يصبح عندها قادرا على تحسين نفسه بمعدل يتجاوز كل ما يمكن تصوره في الماضي.
وإذا كانت تطبيقات الذكاء الصناعي تُمثل بعلاقات الإنتاج بإحلال الآلة محل عنصر العمل الماهر كبرامج الطبيب الآلي والمعلم الآلي والتاجر الآلي ورجل الدين الآلي...، فإن الأثر الإقتصادي لتلك التطبيقات قد يتعدى تغير علاقات الإنتاج إلى تغير فهم علاقات الإنتاج أو نظرية الإنتاج أيضًا ، من خلال تطوير أنظمة الخبراء الإقتصاديين الذكية لإعادة فحص النظرية الإقتصادية من خلال تلك الأنظمة الآلية ، ففي عام 2013 وضع "ماروالا" (Marwala) نموذج بالإعتماد على تطبيقات الذكاء الصناعي لتحليل أسواق الأسهم وتقديم قرارت ذكية بشأن تعاملات الأسهم ، مما سيفتح المجال بالمستقبل لخلق أنظمة ذكية تسمح بإعادة قراءة النظرية الإقتصادية بطريقة أكثر إدراكًا إستيعابا واعمق تحليلاً ربما يتغير معها مفهومنا للنظرية الإقتصادية (Marwala, 2016) ، كما أكد بعض الباحثين أن تطبيقات الخبراء الإقتصاديين الذكية من الممكن أن يحل إشكالية قطور التخطيط الإقتصادي التي أدت إلى إخفاق التجارب الإشتراكية ومن ثم إعادة إحيائها مرة أخرى ، وذلك من خلال التقديرات الذكية الحالية والمستقبلية للأنماط الإستهلاك والإنتاج ، ومن ثم إمكانية تحقيق التوازن على مستوى الإقتصاد القومي بأكمله ، خاصة مع اندماجها مع تقنيات الحواسيب الكمومية (Cockshott, 1990) ، وفي تقرير لشركة (Accenture) الرائدة في مجال الخدمات الإستشارية لقطاع الأعمال حول الأثر المستقبلي للذكاء الصناعي على النمو الإقتصادي ، اعتبرت أن معدل النمو الإقتصادي في المستقبل (بحلول عام 2035) لأكبر عشر اقتصادات متقدمة حاليا سوف يتضاعف تقريبا بتأثير تطبيقات الذكاء الصناعي ، إلا أن ذلك النمو لن يتحقق بإحلال الآلات الذكية محل الآلات الحالية وعنصر العمل وإنما من المنتجات المبتكرة التي ستعتمد على تقنيات الذكاء الصناعي كالمركبات ذاتية القيادة التي سينخفض معها معدل الحوادث وتسهيل الحركة لذوي الإعاقة بالإضافة إلى أن السيارات الخاصة ستصبح ملائمة للسفر عبر المسافات البعيدة ، بالإضافة إلى نمو مبيعات الهواتف وأجهزة الحاسب الذكية (Purdy & Daugherty, 2016, pp. 15-16) ، ويقدر الأثر الإقتصادي العالمي التراكمي المتوقع للذكاء الصناعي بالعشر سنوات المقبلة (حتى 2025) أن يتراوح ما بين 1,49 إلى 2,95 تريليون دولار ، وزيادة في الناتج المحلي الإجمالي للدول المتقدمة تتراوح ما بين 296,5 إلى 657,7 مليار دولار (Chen & el, 2016) ، ونظرًا للتأثيرات الهائلة المرتقبة لتقنيات الذكاء الصناعي على التوظيف وقوى العاملة ناقش تقرير المكتب التنفيذي للبيت الأبيض بالولايات المتحدة لعام 2016 الأثر الإقتصادي للذكاء الصناعي على مستقبل العمل والتوظيف ، حيث اعتبر أنه ينبغي الترحيب بشكل عام بتطبيقات الذكاء الصناعي ، وأن تأثير التكنولوجيا على مستقبل العمل سوف يسير في اتجاهين ، حيث سيؤدي إلى رفع انتاجية بعض الأعمال ، ومن جانب آخر سيؤدي إلى اندثار أنماط معينة من العمل والتي يقدر تراوحها ما بين 9 إلى 47% ، مما يعني تغير وتفاوت في أنماط توزيع الدخل وعدم المساواة ، مما يلزم تبني سياسات معينة لمواجهة ذلك التحدي واستعادة تكيف الإقتصاد مع أنماط الإنتاج الجديدة ، والتي قد أوصى التقرير بأن تتم عبر ثلاث إستراتيجيات وهي أولا إستراتيجية دعم تقنيات الذكاء الصناعي لتحظى الولايات المتحدة بالريادة في ذلك المجال ، ثانيا إستراتيجية ودعم توجيه التعليم والتدريب تجاه وظائف المستقبل المرتبطة بتقنيات الذكاء الصناعي ثالثا إستراتيجية الإغاثة في المرحلة الإنتقالية للعمال والباحثين عن العمل لضمان النمو المشترك لعنصر العمل على نطاق واسع (USA Executive Office of the President, 2016)
إنترنت الأشياء
لم تكتمل فترة التسعينات حتى ظهرت تقنية انترنت الأشياء IoT والتي اصبح بمقتضاها يمكن لعدد كبير من الأجهزة الإتصال بشبكة الإنترنت والذي كان مُقتصراً على أجهزة الكومبيوتر فقط ، والتي بتكاملها مع تقنية الإتصال اللاسلكي (Wi-Fi) أصبح من الممكن ربط الأجهزة النقالة بشبكة الإنترنت ، وترجع تقنية IoT لعام 1982 من خلال ورقة بحثية بجامعة كارنيجي ميلون الأمريكية (Carnegie Mellon University) لتطوير آلة الكولا بحيث تُصبح من خلال اتصالها بالإنترنت قادرة على إرسال التقارير حول موجوداتها من المشروبات ، وفي عام 1991 قدم مارك ويزر (Mark Weiser) ورقة بحثية بعنوان كمبيوتر القرن الـواحد والعشرون (The Computer of the 21st Century) والتي قدم فيها الرؤية المعاصرة لمفهوم انترنت الأشياء ، وبحلول عام 1999 ظهر مصطلح انترنت الأشياء IoT (the internet of things) بمفهومه المعاصر من خلال عرض قدمه البريطاني كيڤن آشتون (Kevin Ashton) المشارك والمؤسس لمعهد "أوتو آي دي" التابع لمعهد مساتشوستس (Auto-ID Center at MIT) المتخصص في التحديد الآلي للهوية من خلال الموجات الراديو وأجهزة الإستشعار ، بحيث اصبحت تقنية IoT تعني امكانية اتصال عدد كبير من الأشياء بشبكة الإنترنت بدلاً اقتصار عملية الدخول على الإنترنت بأجهزة الكومبيوتر فقط ، وبالتالي تتحول شبكة الإنترنت من شبكة تصل بين أجهزة كومبيوتر فقط إلى شبكة تصل بين عدد كبير من الأجهزة الغير متجانسة ، وبالتالي يمكن التحكم في تلك الأجهزة من خلال اتصالات متبادلة عن طريق شبكة الإنترنت.
أنظمة الواقع الوهمي-المادي
وبحلول عام 2006 ظهر مصطلح أنظمة الواقع الوهمي-المادي CPS (cyber-physical systems) من خلال بحث للأمركية هيلين جيل (Helen Gill) مديرة برنامج الأنظمة المدمجة بالمؤسسة الوطنية للعلوم بالولايات المتحدة (National Science Foundation) للإشارة إلى أنظمة يُمكن من خلالها تفاعل المكونات المادية والحسابية ، بحيث يُمكن من خلال الربط الإلكتروني ما بين جهازين أو أكثر أن يتحكم كلاً منهما في الآخر بشكل آلي ، وإذا كان الظهور الفعلي لتلك التقنية كان عام 2006 إلا أن جذورها تعود لمصطلح التحكم الآلي (cybernetics) الذي صاغه نوربرت وينر (Norbert Wiener) عام 1948 (Edward , 2015, p. 33) ، وبذلك فإذا كان البريطاني آشتون قد قدم فكرة ربط كافة الأجهزة بالإنترنت IoT عام 1999 ، فإن الأمريكية هيلين قدمت فكرة تفاعل تلك الأجهزة المرتبطة بشبكة الإنترنت تلقائياً وتحريك كلأ منها للآخر بشكل آلي من خلال تقنية CPSعام 2006 ، والتي ستنتقل إلى مرحلة جديدة بحلول عام 2008 وانتشار تقنية الواقع المعزز AR الذي سيتيح لتلك الأجهزة المتفاعلة فيما بينها من التفاعل مع المحيط الواقعي بما يتضمن من مكونات مادية وحيوية ، لتنتقل الأجهزة الذكية من التفاعل الشبكي المغلق إلى مرحلة التفاعل الشبكي المفتوح كمرحلة متقدمة من الذكاء الصناعي.
تقنية الواقع المعزز
ويرجع أول ظهور لتقنية الواقع المعزز (Augmented Reality) لعام 1968 عندما طور الأمريكي إيفان سذرلاند (Ivan Sutherland) بجامعة هارفارد أول جهاز عرض ثلاثي الأبعاد "سيف داموكلس" (Damocles Sward) والذي كان عبارة عن جهاز يسمح برؤية المحيط واضافة أشكال ثلاثية الأبعاد إلى الصورة ، وفي عام 1975 قدم "مايرون كروجر" (Myron Krueger) جهاز (Videoplace) الذي يتيح التفاعل مع الأشياء الإفتراضية ، وفي عام 1990 ظهر لأول مرة مصطلح "الواقع المعزز" أو "دمج الواقع بالخيال" (Augmented Reality) بشركة "بوينج" للطائرات (Boeing) من خلال الأمريكي "توماس كوديل" (Thomas Caudell) ، وفي عام 1995 قدم معهد ماساتشوستس تقنية تتبع الكائنات المتحركة ، وبدءً من عام 1998 طورت جامعة شمال كارولينا تقنية الواقع المعزز لتتسارع بحوث تطويرها بعد ذلك ويظهر أو تطبيق للواقع المعزز بالأجهزة النقالة عام 2000 ، أما أول تطبيق لتقنية الواقع المعزز بأجهزة الهواتف النقالة "الموبايل" فقد ظهر عام 2008 ، وتعني تقنية الواقع المُعزز أو تقنية دمج الواقع بالخيال AR (Augmented Reality) تحويل المحيط الحقيقي إلى إفتراضي (بالإعتماد على تقنيات الكاميرا والـ GPS) واستخدامه كمصدر للمعلومات عن طريق ربط الواقع الفيزيائي بشبكة المعلومات ، وبالتالي فتظهر كافة المعلومات المرتبطة بذلك الحيز الواقعي ، ولذلك فهي تقنية تقوم على التفاعل ما بين الأجسام الحقيقية والافتراضية في العالم الحقيقي والوقت الحقيقي، ومواءمة الأشياء الافتراضية والمادية مع بعضها البعض في وضعيات ثلاثية الأبعاد 3D (Linaza, 2012).
الداتا الكبيرة
ترتب على انتشار الإنترنت بدءًا من عام 1991 وتواتر التقنيات التي عززت من استخدام الشبكة كتقنية انترنت الأشياء IoT عام 1999 ، ثم تقنية الواقع المادي الوهمي CPS عام 2006 ، وتقنية الواقع المعزز بأجهزة الإتصالات النقالة عام 2008 ..، إلى تسارع معدلات البيانات والمعلومات التي يتم انتاجها وتبادلها بمعدلات عالية غير مسبوقة [مع التفريق ما بين البيانات (Data) والتي تمثل مشاهدات خام في صورتها الأولية قبل المعالجة ، وما بين المعلومات (Information) والتي تمثل البيانات التي تمت معالجتها بحيث يمكن الأستفاده منها واتخاذ القرار] ليظهر مصطلح البيانات الضخمة أو "الداتا الكبيرة" (Big Data) ، والذي يرجع أول استخدام له للكاتب الصحفي الأمريكي إيريك لارسون (Erik Larson) عام 1989 بمجلة هاربرز (Harpers Magazine) حول استخدام رجال الإعلان للبيانات في الوصول إلى العملاء المستهدفين ، وفي عام 1999 ظهر أول استخدام للمصطلح بورقة بحثية نشرتها جمعية الحوسبة الآلية (Association for Computing Machinery) بعنوان "الإستكشاف البصري للبيانات في وقتها الحقيقي" (Visually Exploring Gigabyte Datasets in Real Time) ، وفي عام 2001 قدم الأمريكي "دوغ لاني" (Doug Laney) ورقة بحثية بعنوان "إدارة البيانت ثلاثية الأبعاد" (3D Data Management: Controlling Data Volume, Velocity and Variety) قدم من خلالها ثلاثة شروط (3V) لإعتبار البيانات ضخمة واطلاق عليها مصطلح "البيانات الضخمة" (Big data) وهي الحجم الكبير (Volume) وسرعة التولد (Velocity) والتنوع (Variety) ، ليصبح مصطلح البيانات الضخمة يشير إلى كمية كبيرة من البيانات المتنوعة والتي تصدر بشكل متواتر سريع ، بحيث يصعب معالجتها بالوسائل التقليدية (Marr, 2015) ، وفي عام 2003 تم تقدير حجم البيانات التي ولدها البشر منذ بداية التاريخ وحتى عام 2003 بما قدره 5 إكسابايت ، والذي تضاعف في السنوات اللاحقة بمعدلات غير مسبوقة لتبلغ حجم البيانات التي ولدها البشر خلال عام 2007 فقط بـ 281 إكسابايت (لم يبلغ 1 زيتا بايت حتى عام 2010) (Graham, 2011) ، مما مهد لشهرة مصطلح "البيانات الضخمة" (Big data) والإهتمام به جماهيرياً ، والذي يرجع لمبادرة مجلة "وايرد" الأمريكية (Wired) ، والتي قدمته عام 2007 بمقال بعنوان "نهاية النظرية العلمية: طوفان البيانات يجعل النظرية العلمية عفا عنها الزمن" (The End of Theory: The Data Deluge Makes the Scientific Method Obsolete) (Marr, 2015) ، ويمثل التحدي المستقبلي فيما يتعلق بالبيانات الضخمة في التكنولوجيا التي ستستوعب ذلك القدر المتنامي من البيانات بشكل ضخم والكفاءات التي ستقوم على معالجة تلك البيانات.
الحوسبة الكمومية
في عام 1941 تم إنشاء أول حاسبوب وكان مكون من عدة طوابق ومئات الآلاف من الأنابيب المفرغة (Vacuum Tubes) كتقنية لقراءة البيانات ، كان قبل تلك الفترة تحديدًا عام 1936 قد قام تورينج بنشر بحث نظري حول فكرة إنشاء شريط مغناطيسي طويل يجرى عليه عدد من الرموز لبيانات ومعلومات معينة ، وفي عام 1952 طور جون فون نيومان الحاسب الآلي بنفس فكرة آلة تورينج ولكن استبدل الشريط المغناطيسي بذاكرة عشوائية ، تطور الأمر بعد ذلك إلى استخدام الترانسترات في معالجة البيانات ، والتي تقوم بتخزين البيانات بنظام الأكواد الثنائية صفر أو واحد فيما يعرف بالبيت bit ، واصبحت الترانزستورات هي الوحدات الأساسية التي يصنع منها الذواكر والمعالجات ، والتي كانت تتطور باستمرار وتصغر أحجامها بقدر كبير ، مما دعا إلى ظهور قانون مور (Gordon moore) الذي اعتبر خلاله أن حجم الترانزستورات تصغر كل 18 شهر ، ومن ثم ثارت منذ السبعينات إشكالية وصول تلك الترانزستورات إلى الحجم الذري ، حيث أن وصول حجم الترانزستور إلى المستوى الذري أو صغره دون المستوى الذري ستصبح القوانين الفيزيائية المعمول بها في تطوير الترانزستورات الحالية غير قادرة على التعامل مع المستوى الذري وسننتقل إلى حقل جديد وهو مبادئ النظرية الكمومية في الفيزياء ، وفي عام 1982 قدم ريتشارد فيونمان بحث عرض خلاله موديل جديد للترانستورات القائمة على مبادئ الكم ، واستخدم لأول مرة مصطلح الحاسبة الكمية أو الحوسبة الكمومية (quantum computing) ، في العام 1994 قدم عالم الرياضيات بيتر شور بحثه الشهير حول خوارزمية لتحليل الأرقام إلى مكوناتها الأولية بواسطة آلة حاسوبية تقوم على أسس فيزياء الكم ، وإذا كانت قدرة المعالجات بالحواسيب التقليدية تتوقف على عدد الترانزستورات الموجودة بشريحة المعالج ، والتي تجعل من قدرة وسرعة تلك الحواسيب على المعالجة محدودة بقدرات وسرعات معينة ، فإن الإنتقال إلى المعالجات الكمومية سيفتح آفاقًا جديدة لقدرات خارقة في المعالجة بسرعات فائقة ، في الحاسوب التقليدي البت إما يقوم بتخزين الصفر أو الواحد ، أما البت الكمومي (الكيوبت أو الكوانتم بت) والذي يتعامل مع ما دون المستوى الذري فبإمكانه تخزين الأكواد حسب دوران الإلكترون بصيغة الصفر أو الواحد أو كليهما أو أي عدد من القيم اللانهائية التي تقع بين الصفر والواحد ، فبينما يقوم الحاسوب المكتبي بعمل عملية حسابية واحدة، يمكن للحاسوب الكمي أن يعمل ملايين الحسابات في نفس الوقت ، ولذلك فإن التطورات المتوقعة بتقنية الحوسبة الكمومية ستتيح آفاقًا واسعة للتطبيقات الإلكترونية في مجال معالجة البيانات من حيث معالجة البيانات المعقدة والسرعة الفائقة وكسر خوارزميات التشفير المستخدمة حالياً ، مما سيعرض سرية المعلومات المشفرة للخطر ، وهو ما سيتطلب تقانة موازية أكثر تطورًا بهذا الشأن.
تكنولوجيا النانو
تكنولوجيا النانو (nanotechnology) ، يمكن من خلال تقنية النانو تقني صنع سفينة فضائية في حجم الذرة يمكنها الإبحار في جسد الإنسان لإجراء عملية جراحية والخروج من دون جراحة. كما تمكن من صنع سيارة في حجم الحشرة وطائرة في حجم البعوضة وزجاج طارد للأتربة وغير موصل للحرارة وأيضا صناعة الأقمشة التي لا يخترقها الماء بالرغم من سهولة خروج العرق منها. و قد ورد في بعض البرامج التسجيلية أنه يمكن صناعة خلايا أقوى 200 مرة من خلايا الدم ويمكن من خلالها حقن جسم الإنسان بـ 10% من دمه بهذه الخلايا فتمكنه من العدو لمدة 15 دقيقة بدون تنفس ، ومن التقنيات النانوية التي ستكون أكثر تأثير في الثورة التكنولوجية القادمة ما يعرف "بأنابيب الكربون النانوية" (Nanotubes Carbon) وهي عبارة عن اسطوانات نانوية مفرغة تتشكل من هياكل سداسية من ذرات الكربون "نانوتيوب" وهي ظاهرة تم رصدها لأول مرة عام 1991 في شركة NEC اليابانية للصناعات الإلكترونية بواسطة (Sumoi Lijima) والذي اكتشف بتكثيف أبحاثه أن اسطوانات الكربون النانوية تتشكل بطريقة متعددة الطبقات فتتداخل مشكلة حزمة من الأنابيب المتداخلة (Multi-wall) ، وفي عام 1993 قام فريق من العلماء الصينيين برصد أصغر نانوتيوب في العالم بقطر 0,5 نانومتر (1 نانو يعادل 1 على ألف من المليمتر) ، الثورة الإقتصادية التي تكمن في تلك الأنابيب تكمن في خواصها التي تم اكتشاف أنها أقوى من الحديد بقدار 100 مرة وأخف في الوزن بمقدار 6 مرات ، وأعلى من النحاس في توصيل الحرارة ، كما يمكن أن تكون شبه موصلة وفقا لطريقة تصنيعها ، العقبة الإقتصادية حاليا في التوسع في استخدام تقنية الأنابيب النانوية هو تكلفة انتاجها المرتفعة ، ولكن مع التوسع في البحوث حول تلك التقنية وانخفاض تكلفة إنتاجها ستؤدي إلى ثورة ضخمة في مجال التصنيع ومفهوم الندرة للموارد الطبيعية المعاصرة (صالح م.، 2009)
الروبوتات
الروبوتات (robotics) ظهر مصطلح روبوت لأول مرة عام 1920 بمجال الأدب الخيالي برواية للكاتب المسرحي التشيكوسلافي "كاريل تشابيك" 1890 – 1938 (Karel Čapek) كانت تحمل عنوان R.U.R اختصاراً لـ (Rossumovi univerzální roboti) والتي تعني "رجال روسوم الآلية العالمية" أو "إنسان روسوم الآلي" أو "رجال آليون عالميون" ، وبذلك اشتق تشابيك مصطلح روبوت من (robota) والتي كانت تعني حرفيا "أعمال السخرة التي يؤديها العبيد" لتدل على الإنسان الآلي ، ومنها اشتقت كلمة (robot) بالإنجليزية والتي يتم ترجمتها إلى "روبوت" أو "إنسان آلي" أو "إنسالي" ، إلا أن تشابيك كان يقصد بمصطلح روبوت رجال آلية تم تخليقها من مادة حيوية عضوية وليست مواد غير عضوية (معادن) ولذلك فالمفهوم القديم للمصطلح يختلف عن المفهوم الحديث والذي يعني الآلة التي تُحاكي ووظائف يقوم بها الإنسان أو تؤدي وظائف تفوق قدراته (منظومة ميكانيكية) ، ويرجع أول استخدام للفظ "روبوت" (robot) وفقاً لذلك المعنى إلى كاتب الخيال العلمي "اسحاق اسيموف" (Isaac Asimov) عام 1941 ، أما أول محاولة فعلية لتصنيع روبوت فكانت عام 1948 من خلال البريطاني "ويليام غراي" (William Grey) وكان الروبوت حينها يتصف ببطء شديد ، وفي عام 1954 ظهر أول روبوت تم تصميمه لأغراض تجاريه من خلال الأمريكي "جورج ديفول" 1912 – 2011 (George Devol ) "والذي لم يحصل على تعليم جامعي في الهندسة وإنما اعتمد على التعليم الذاتي" إلا أن أول استخدام فعلي للروبوت بأغراض صناعية كان عام 1961 (Richard & Zexiang , 2014) ، وبدءًا من عام 1973 انتقلت صناعة الروبوتات إلى مرحلة روبوتات الجيل الأول القابلة للبرمجة كصناعية "الأذرع الروبوتية" من خلال شركة كيوكا الألمانية (KUKA ) ، بالإضافة إلى تصنيع أول روبوت له القدرة على الرؤية والتحدث بقدرة عقلية تعادل طفل عمره 18 شهراً وهو روبوت (WABOT) ، ثم تسارعت معدلات تطور الروبوتات بعد ذلك خاصة بفترة الثمانينات والتسعينات ، حيث تم تطوير أول روبوت قادر على المشي عام 1981 بجامعة واسيدا بطوكيو ، وفي عام 1985 ظهرت روبوتات الجيل الثاني "التكيفية" القادرة على تكيف نفسها باستلالية مع ظروف البيئة المحيطة ، وذلك عن طريق تزويدها بأجهزة استشعار متعددة كأجهزة استشعار للأشعة تحت الحمراء والأصوات البعيدة وتسجيلها ، وفي عام 1996 قام معهد ماساتشوستس بتطوير روبوت على هيئة سمكة تونة لإستكشاف أعماق البحار والحياة البحرية ، كما قامت شركة هوندا عام 1996 بتصنيع روبوت P2 (ASIMO) بقدرات تنظيمية عالية ، وفي عام 1997 قدمت شركة هوندا روبوت P3 (ASIMO) والذي يمثل أول إنسان آلي بتحكم ذاتي (Autonomous Mobile Robots) ، وفي عام 2000 ظهرت روبوتات الجيل الثالث الذكية والتي تمتلك القدرة على معالجة المعلومات واتخاذ القرار ، حيث طورت شركة سوني عام 2000 روبوت (SDR) والذي كان قادراً على التعرف على عشرة أنواع من تعبيرات الوجه والمشي على الأسطح غير المنتظمة ، وفي عام 2002 طورت هوندا الجيل الجديد من روبوت (ASIMO) والذي كان قادرا على التعرف على صاحبه من خلال الوجه والصوت والقيام بالعديد من المهام المعقدة (RobotShop, 2008) ، وفي عام 2006 طرحت شركة "ليجو ميندستورم" (LEGO MINDSTORMS) الروبوتات بشكل تجاري بالأسواق ، وفي عام 2013 قدمت وكالة الفضاء الأمريكية ناسا روبوت "فالكيري" (Valkyrie) والذي يتميز بقدرات عالية على الإدراك والتصرف ، تتميز روبوتات الجيل الثالث بنظام بصري مزود بكاميرات دقيقة فائقة القدرة على نقل وتسجيل الصورة تصل إلى رؤية الفضاء الخارجي ، بالإضافة لنظام سمعي بتقنية متطورة قادرة على تمييز وتحليل الموجات الصوتيه البعيدة والمتداخلة بكافة اللغات التي يتم برمجتها بها ومحاكاتها بتقنيات ناطقة ، بالإضافة إلى المستشعرات التي تمكنه من قياس التغيرات المناخية وتحديد الموقع الجغرافي وتحليل وقياس الموجات الضوئية وفوق وتحت الضوئية ، إن الروبوتات في المرحلة القادمة ستكون قادرة على القيام بكافة الأعمال البدنية والذهنية التي كان يقوم بها الإنسان بقدرة وكفاءة أعلى وتكلفة أقل ، وبالتالي سيصبح الإنسان في مواجهة تحدي قوي ومنافسة شرسة مع الآلة وصراع حول الوجود!
المركبات الذاتية
لقد ظهرت أولى صور القيادة الآلية أو المركبات الذاتية (autonomous vehicles) أول ما ظهرت بالطائرات التجارية عبر تقنية الطيار الآلي (autopilot) ، أما القياة الآلية بمجال السيارات فظهرت مع السيارات التي طورتها شركة جوجل والتي يتوقع أن تصبح أكثر إنتشاراً بحلول عام 2025 ، السيارات الآلية تقوم على فكرة القيادة عبر الحواسيب التي تقوم على المخاطبة الآلية بين السيارات عبر معايير معينة مما يؤدي إلى تقليل احتماليات الحوادث أو الحاجة لتوسيع الطرق علاوة على استهلاك للوقود أكثر كفاءة ، وفي عام 2014 قدمت شركة مرسيدس الفئة S والتي تضمنت تقنيات ونظم متقدمة تقوم على المحافظة على مسافة معينة ما بين السيارات على الطرق السريعة ، كما اختبرت اليابان نظام لقيادة عدة أربع شاحنات من خلال سائق واحد ، وفي عام 2012 أصدرت ولاية نيفادا الأمريكية أول رخصة لسيارة ذاتية القيادة لسيارات تويوتا بريوس المعدلة مع تقنية جوجل التجريبية للقيادة الذاتية ، وفي 28 مايو عام 2014 قدمت جوجل نموذج جديد من سيارتهم ذاتية القيادة بدون عجلة قيادة ولا دواسات ، كما طرحت بنفس العام تقرير حول إطلاق روبو تاكسي ، وهي سيارة أجرة تعمل بدون سائق من جوجل ، مما يمثل تهديدا مباشرًا لمهن القيادة والتي تستوعب قدرًا كبيرًا من العمل البشري.
الهولوجرام
الهولوجرام "التصوير التجسيمي" (Hologram) وهو مصطلح مشتق من كلمة هولوس (Holos) وغرافو (Grapho) بمعنى سجل الصورة الكامل أو فن التصوير المجسّم ، كنتيجة لتقاطع أشعة المرجع (Reference beam) بأشعة الجسم (Objective beam) ، ويرجع تاريخ أول تصوير بالهولوجرام بوضوح وعمق واقعي لعام 1962 من قبل أستاذ الفيزياء والعلوم الرياضية السوفيتي "يوري دانسيك" (Yuri Denisyuk) بالإتحاد السوفيتي ، وبنفس العام أيضاً بجامعة ميتشجان الأمريكية من قبل الفيزيائي الأمريكي جيوريس أوبتنيكس 1936 - معاصر (Juris Upatnieks) وأستاذ الهندسة الإلكترونية الأمريكي ايميت ليث 1927- 2005 (Emmitt Leith) ، إلا أن تلك الصورة كانت ثابته ولم تظهر الصورة المتحركة للهولوجرام إلا بعد عشر سنوات بعام 1972 ، وفي عام 2000 تطورت تقنية منخفضة التكلفة للتصوير التجسيمي ، وأصبحت تقنية الهولوجرام متاحة للهواة بتكلفة منخفضة ، وفي عام 2008 قدمت قنوات CNN تقنية الهولوجرام للجمهور لأول مرة ، والذي كان سبباً في شهرة التقنية بين الجمهور بعد ذلك ، وفي عام 2013 قامت شركة سامسونج بتسجيل براءة اختراع لهاتف محمول يعمل بتقنية الهولوجرام إستعداداً لإنتاجه في السنوات اللاحقة ، وفي ابريل عام 2015 ظهر بمدريد أول تظاهر احتجاجي بتقنية الهولوجرام على القانون الأسباني الذي يحظر التظاهر في الأماكن العامة بعنوان "الهولجرام من أجل الحرية" (Holograms for Liberty) والذي استطاع أن يجمع حشداً ضخماً من المحتجين بصور واقعية بالميادين ، إن تقنية الهولوجرام بدمجها مع تقنيات محاكاة الشخصية (والتي يتم تزويدها بالمعلومات التاريخية حول الشخص واختياراته وطباعه وصوته.. ومن ثم تقوم بتوليد ردود أفعال الشخص بدرجة دقة كبيرة) ستؤدي إلى محاكاة الأشخاص بدرجة كبيرة والتغلب على العوائق المكانية والزمانية بل وقدر كبير من وحشة الموت!
الطباعة المجسمة
ظهرت الطباعة المجسمة لأول مرة عام 1980 من خلال تقنية "النماذج الأولية السريعة" (Rapid Prototyping) (RP) ، وفي عام 1984 قدم الإمريكي "تشاك هال" 1939 – معاصر (Chuck Hull) اختراعه "جهاز التصوير التجسيمي" (stereolithography process) (SLA) والذي حصل على براءة اختراعه كأول جهاز للطباعة المجسمة عام 1986 وتمكن من إصدار أول طباعة مجسمة عام 1987 ، وفي عام 1987 حصل الأمريكي "كارل ديكارت" (Deckard Carl) على براءة اختراع لتقنية طباعة مجسمة تدعى "الليزر الملبد الإنتقائي" (Sintering Laser Selective) (SLS) ويتم فيها توجيه شعاع ليزر عالي القوة لدمج جسيمات البلاستيك أو المعدن أو الزجاج والتي حصل على براءة اختراع لها عام 1989 ، كما ظهر عدة تقنيات أخرى للتصوير التجسيمي كتقنية (Fused Deposit Model) والتي تعتمد على الصهر والتشكيل ، وفي عام 1989 قدم معهد ماساتشوستس طلب للحصول على براءة اختراع لطباعة ثلاثية الأبعاد (3 Dimensional -print-ing) والتي قام على تنفيذها فريق عمل بقيادة إيمانويل ساش (Emanuel Sachs) حصل عليها عام 1993 ، والتي تعتمد على تقنية نفث الخامة في شكل طبقات ، وما بين عامي 1996 و 2007 شهد سوق الطابعات ثلاثية الأبعاد حرباً بين الشركات المعنية لإنتاج طابعة بتكلفة أقل من 5000 دولار (AHEAD, 2014) ، ويعتبر عام 2007 نقطة تحول في صناعة الطباعات المجسمة حيث اتطاع البروفيسور البريطاني "أدريان بوير" 1952 – معاصر (Adrian Bowyer) تطوير تقنية (Rep Rap) لطباعة ثلاثية الأبعاد للملفات مفتوحة المصدر وإنتاج طباعة (BFB Rap Man 3D) بشكل تجاري بدءًا من عام 2009 ، وفي عام 2009 تمت أول محاولة لطباعة ثلاثية الأبعاد للأنسجة الحية (bio--print-ing 3d) فيما يعرف بتكنولوجيا الطباعة الحيوية أو هندسة الأنسجة الحيوية ، والتي تتم من خلال ترتيب الخلايا الحية على هيئة طبقات على وسيلة هلامية (gel medium) (Writers, 2009) وفي عام 2013 قدم فريق بحثي دراسة حول تقنية طباعة أذن كاملة (Manu & Other, 2013) وبالرغم من النجاحات المتحققة في مجال الطباعة الحيوية إلا أن الإشكالية الأساسية التي تقابل العلماء والباحثين في مجال الطباعة الحيوية ثلاثية الأبعاد هي طول الوقت اللازم لإتمام عملية الطباعة بالإضافة إلى جعل الخلايا تتمايز وتنمو بصورة صحيحة ، فهل سيتمكن العلماء من الوصول لمرحلة طباعة كائن حي كامل؟
التقنية الحيوية
إن التقنية الحيوية أو التكنولوجيا الحيوية (biotechnology) هي الأخرى أحد أهم ملامح الثورة الرابعة ، ويرجع أول ظهور لمصطلح التقنية الحيوية للإقتصادي الزراعي المجري "كارل إيركي" (Károly Ereky) عام 1919 وإن كان يقصد بالمصطلح العملية التي يمكن أن تتطور من خلالها المواد الأولية بيولوجيا بمساعدة كائنات حية دقيقة لتصبح منتجات مفيدة (كعمليات التخمير) ، إلا أن المفهوم المعاصر للتقنية الحيوية قد تطور عن المفهوم القديم ليشير إلى استخدام المعلومات المتعلقة بالمنظومات الحية (النباتية والحيوانية والبشرية) لأغراض صناعية ، كإنتاج أو تحوير أو تطوير أو لعمليات تتعلق بالكائنات الحية قد تكون ذات قيمة بالنسبة للإنسان ، وذلك من خلال التعديلات الجينية على الكائنات الحية الدقيقة ، ولذلك فالتقنية الحيوية ترتبط بثلاث مفاهيم أساسية وهي الهندسة الوراثية وإعادة تشكيل الحمض النووي (DNA) ، وزراعة الأنسجة ، والأجسام المضادة ، ويرجع اشتقاق مصطلح "تقنية حيوية" إلى (Biotechnology) إلى كلمة (Bio) وهي كلمة مشتقة من الكلمة اللاتينية (Bios) بمعنى الحياة ، وكلمة (Technology) بمعنى الطريقة المنظمة لعمل الأشياء (Systematic methodology) (عبيدة و أحمد، 2008)
وقد مرت الثورة البيولوجية بأربعة مراحل وهي: مرحلة البيولوجيا الجزئية (Biology Molecular) والتي تأسست في ثلاثينيات القرن العشرين وصاغ المصطلح الأمريكي "وارن ويفر" 1894 – 1978 (Warren Weaver) عام 1938 ، والتي تهتم بفهم آليات الحياة على مستوى الجزئيات الحيوية والتفاعل بينها ، ومرحلة بيولوجيا الخلية (Biology Cell) والتي تهتم بدراسـة العلاقـات داخل الخلايا وبينها وبين بعض ، ومرحلة علم الغدد الصم العصبية (endocrinology-Neuro) والتي تهتم بدراسة العلاقات بين الأعضاء والجهاز العصبي وجهاز الغدد الصماء ، أما المرحلة الرابعة للتقنية الحيوية فظهرت منذ أوائل السبعينات ويطلق عليها مرحلة ثورة الهندسة الوراثية (Engineering Genetic) أو تكنولوجيا دنا DNA (الحمض الريبوزي النووي المنقوص الأوكسجين) والتي أصبح من خلالها يمكن إعادة تشكيل الأحماض النووية (الجينات) التي تمثل الشفرة الوراثية والتي بإدخالها في خلايا الميكروبات تتحول الميكروبات إلى ما يشبه المعامل التحويلية التي تعمل على تخليق العديد من المواد ذات القيمة والأهمية للإنسان كالبروتينات والمواد الغذائية والصناعية.. ، كتخليق بروتين وحيد الخلية من النفايات البترولية بإستخدام ميكروبات معدلة وراثياً ، ولذلك فتقنية البيوتكنولوجيا الحديثة تعتمد أساساً على الميكروبات المهندسة وراثياً التي يستخدمها علماء البيولوجيا ليحولوها إلى مصانع غاية في الدقـة لإنتـاج الغذاء، الكيماويات، العقاقير والوقود (قنديل، 2007) ، وفي عام 1985 اكتشف العلماء أصابع الزنك (Zinc fingers) بعوامل النسخ -بروتينات- (Tran-script-ion factors) هذه الأصابع عبارة نتوئات من أحماض أمينية تتعرف على الجزء الخاص من الجين المسؤل عن تنشيطه ، وفي عام 1986 تمكن العلماء من نقل جين النمو إلى الخنازير ونقل جين الأنسولين البشري إلى البكتريا ، وفي عام 1990 أجريت أول عملية للعلاج الجيني ، وبحلول عام 1995 كان هناك أكثر من مائة عملية قد أجريت لعلاج بعض الأمراض الوراثية بالعلاج الجيني (عبيدة و أحمد، 2008)
التقنيات الفضائية
التقنيات الفضائية هي تلك التقنيات المعنية بدخول الأجسام واستردادها من الفضاء لأغراض خاصة كالمركبات الفضائية (Spacecraft) والأقمار الفضائية (Satellite) والمحطات الفضائية (Space Station) ، لم يمضي نحو خمسين عاماً على أفكار غزو الفضاء التي تناولها بشكل علمي لأول مرة الروسي "كونستانتين تسيولكوفسكي" عام 1903 بكتابه "الصاروخ في الفضاء الهائل" ، حتى انطلق أول قمر صناعي بالعالم للإتحاد السوفيتي عام 1957 "سبوتنك 1" (спутни⩅) ، ليتتابع بعد ذلك إطلاق الأقمار الصناعية والتي بلغت نحو 6600 يتم استخدامها في الأغراض الإقتصادية والأمنية والعلمية (RISING, 2013) والتي تختلف أعمارها وفقاً لعوامل العمر الإفتراضي وتطور التكنولوجيا وعوامل الجدوى والكفاءة التشغيلية ، وفي عام 2016 بلغ عدد الأقمار الصناعية الفعالة 1419 قمر صناعي حول الأرض (UCS, 2016)
وفي عام 1923 قد الألماني "هربرت أوبريث" أطروحته للدكتوراه حول إنشاء محطات فضاء مدارية دائمة ورحلات بين الكواكب إلى جامعة ميونخ ولكنها رفضت باعتبارها أوهام (تم قبولها لأحقاً بجامعة بابس برومانيا) ، ولم يمضي أيضاً نحو خمسين عاماً حتى أطلق الإتحاد السوفيتي عام 1971 أول محطة فضاء في العالم "ساليوت 1" (Salyut 1) ، وفي عام 1973 أطلقت الولايات المتحدة المحطة الفضائية (SkyLab ) والتي استمرت 6 سنوات ، أما أول محطة فضاء ناجحة أطلقها الإتحاد الوفيتي فكانت "ساليوت 3" عام 1974 ، وقد استمر الإتحاد السوفيتي في بناء وإطلاق المحطات الفضائية ضمن برنامج خاص يسمى سالوت وحتى "ساليوت 7" (باركر، 1434، صفحة 8) ، وفي عام 1986 أطلق الإتحاد السوفيتي محطة "مير" (MIR) الشهيرة كأول محطة فضائية متكاملة لإجراء مختلف التجارب والتي استمرت 15 عاماً (1986 - 2001) ، وكما نلاحظ فإن العلاقات الدولية في مجال التقنيات الفضائية كانت تأخذ الطابع التنافسي الذي كان يتسم دوماً بإخفاقات ونجاحات متتابعة لكل وكالة ، وبحلول التسعينات اتخذت العلاقات الدولية في مجال الفضاء مساراً مختلفاً ، حيث اتجهت العلاقات الدولية إلى التكتل والتعاضد وتكثيف الجهود بدلاً من تشتيتها ، فبتفكك الإتحاد السوفيتي عام 1991 والذي خلفه روسيا الإتحادية عرض مدير وكالة الفضاء الروسية عام 1993 على مدير وكالة الفضاء الأمريكية "ناسا" مقترح بإنشاء محطة فضاء دولية ، وقد اعتمدت حكومتا الدولتين الفكرة بنفس العام تحت مسمى "المحطة الفضائية الدولية" (ISS) والتي تعتبر (حتى العصر الحالي) أكبر محطات الفضاء على الإطلاق وأكبر جسم في الفضاء من صنع الإنسان ، وقد تم بنائها بموجب تعاون دولي بين وكالة الفضاء الأمريكي والأوروبية وتمويل من وكالة الفضاء الكندية ومنظمة الفضاء اليابانية ووكالة الفضاء الأوروبية (عشر دول أوروبية) بقيمة 100 مليار يورو ، وفي عام 1998 وضعت المحطة في مدارها بتجميعها من أكثر من عشرين جزءاً رئيسياً وعلى ارتفاع 409 كيلومتر فوق سطح البحر (نقطة الحضيض) وبمتوسط سرعة أفقية 7.6 كم/الثانية (أكبر من 11 كم/بالثانية يتحرر الجسم من الجاذبية) وتدور حول الأرض دورة كل 90 دقيقة أي أن الشمس تشرق وتغرب على روادها 16 مرة باليوم ، إن التكاليف الباهظة إنتاج المحطات الفضائية وتشغيلها كتكلفة تموين المحطة الفضائية بـ1 كم تتراوح ما بين 10 إلى 40 ألف يورو يجعل من الصعوبة بمكان دخول الدول المتوسطة في المشاركة الدولية الفضائية فضلاً عن الدول النامية والصغيرة ، وتمثل المحطة الفضائية الدولية التواجد البشري الدائم الوحيد في الفضاء حالياً
علم المواد
إذا كان علم الموارد الطبيعية يتداخل بشكل أساسي مع علم الجغرافيا والجيولوجيا فإن تخصص علم المواد (materials science) يتداخل بشكل أساسي مع الفيزياء التطبيقية والكيمياء والهندسة الكيميائية والهندسة الصناعية والهندسة الميكانيكية، الهندسة المدنية والهندسة الكهربائية ويقوم على أساس البحث في خواص المادة وفهمها بهدف إنشاء مواد جديدة لها الخصائص المطلوبة بدلاً من البحث بطريقة عشوائية عن خواص المواد المتاحة ، ويهتم علم المواد بالمواد الهندسية التطبيقية التي يمكن تقسيمها إلى مواد معدنية ومواد خزفية ومواد بوليمرية (علم المواد، 2008) والتي ترتبط بالتطبيقات التكنولوجية العصرية ، أي أن علم المواد يهتم بحل مشكلات المواد من الناحية الهندسية التطبيقية بهدف فهم العلاقة بين خصائص المواد وتطبيقاتها ، لقد ساهمة التطبيقات الحديثة لعلم المواد من تخليق مواد جديدة ذات خواص فريدة مكنت من أداءات أفضل للإنتاج ، فعلى سبيل المثل تطورت صناعة السيارات إلى إنتاج سيارات أقل وزنا وبالتالي زيادة سرعتها وزيادة كفاءة استهلاك الوقود ، بالإضافة إلى تطبيقات تتعلق بصناعة الطائرات والمركبات الفضائية من خلال مواد تتوافق خصائصها مع الطبيعة الوظيفية لتلك المنتجات ، إن التقنيات المتعلقة بتطور علم المواد سوف تؤدي في المستقبل إلى تغير المفهوم المعاصر للموارد النادرة باحلال بدائل أكثر كفاءة لمواد اقتصادية يعتمد انتاجها على موارد طبيعية تختلف عن الموارد الحالية ، مع امكانية تخليق مواد يمكنها من الوفاء باحتياجات تعجز المواد الحالية عن الوفاء بها (Department of Energy, 2003)
تخزين الطاقة
تنقسم الطاقة كقدرة للقيام بشغل إلى طاقة وضع كامنة كطاقة الجاذبية والطاقة الكيميائية والطاقة الكهربائية ، وطاقة حركية كالطاقة الحرارية ، أو مزيج بينهما والذي يبحثه علم الديناميكا الحرارية ، ولكون الطاقة هي مصدر الفعل لرأس المال الصناعي من آلات ومعدات ، فإن آفاق تطور رأس المال الصناعي يرتبط بابتكار تقنيات خزن وتحويل الطاقة ، وبالرغم من أن المحاولات البحثة حول تخزين الطاقة (energy storage) ترجع لعام 1700 أي قبل قرن من انتشار الكهرباء ، إلا أنها بالقرن العشرين أصبحت واحدة من أبرز الإشكاليات البحثية الهندسية التي تواجه العالم لتعاظم الحاجة إلى الطاقة وتعظيم الإستفادة من التدفقات الهائلة للطاقة النظيفة والمتجددة ، خاصة للتوسع في نشر الطاقة بالمناطق النائية والبعيدة عن الشبكات الكهربائية ، والتي يفتقر بها نحو 1.2 مليار نسمة للإتصال بالطاقة الكههربائية وفق تقديرات مؤسسة التمويل الدولية التابعة للبنك الدولي ، لقد ظهرت منذ السبعينات عدة محاولات لتخزين الطاقة أخذت في التطور من خلال تقنيات تفكيك الماء أو الهواء المضغوط (محطة هانتوف الألمانية) وبالإضافة إلى تخزينها في الملح والرمال الصحراوية ، في عام 1980 تم تطوير بطاريات الفانديوم اللاعضوية ، بالإضافة إلى بطارية "الصوديم-كبريت" NaS التي تخزن الكهرباء بالتحلل الكيميائي للصوديوم المتعدد الكبريت (sodium polysulphide) ، وبطاريات الليثيوم أيون ، إلا أن الإشكالية التي تحول دون التوسع في استخدام بتلك التقنيات تكمن في ارتفاع تكلفتها الإقتصادية ، العديد من الأبحاث المعاصرة تتجه نحو البحث حول حلول لتخزين الطاقة بالمعدن السائل بالإضافة إلى تقنيات النانو ، فقد أظهرت الأبحاث أن ألواح الخلايا الشمسية المصنوعة من شرائح من المواد النانويه المتطورة والمطعمة بنقاط تعمل بتقنيات الفيزياء الكمومية (نقاط الكوانتم QD) تضاعف ما تنتجه الألواح الشمسية من الكهرباء (مصبح، 2013، صفحة 666) ، لقد أصبحت توربينات الرياح الحديثة تنتج طاقة كهربائية أكثر بمقدار خمسة عشر ضعفًا مقارنة بتوربينات الرياح التقليدية التي كانت تستخدم في التسعينيات من القرن الماضي ، كما أنه من المتوقع انخفاض تكلفة تقنيات تخزين الطاقة إلى 100 دولار لكل كيلو واط في الساعة خلال الخمس سنوات القادمة ، مقارنة مع 250 دولار في الوقت الحالي (تقرير كامبريدج وبرايس وواترهاوس، 2015) إن تكثيف البحث بالسنوات القادمة حول تقنيات تخزين الطاقة من المتوقع أن يقدم حلولاً مبتكرة تضاعف القدرة على تخزين الطاقة بتكاليف أقل مما سيمهد لفتح آفاق جديدة لتنمية رأس المال الصناعي وتغير الطلب نحو الوقود التقليدي.


البطراوي، تامر (2017). أبحاث في الإقتصاد السياسي - النظرية الإقتصادية الكلية عرض ومناقشة، دار السلام: الطبعة الأولى، الأسكندرية.

Facebook: Tamer Elbatrawy
Email: [email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وضع لؤي وائل لاعب المقاولون تحت الملاحظة الطبية 24 ساعة بعد


.. رئيسة جمعية العون الطبي للفلسطينيين تحذر من كارثة صحية في غز




.. بلع لسانه.. وضع لو?ى واي?ل لاعب المقاولون تحت الملاحظة الطب


.. دعوى قضائية: أطباء يابانيون يطالبون غوغل بتعويضات بسبب نشر -




.. مهندسة متفوقة في الطب في كاليفورنيا داعمة للفلسطينيين تحظى ب