الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
تقاطعات بين الأديان 7 قراءة في روايات خلق الكون
عبد المجيد حمدان
2017 / 3 / 24العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
تقاطعات بين الأديان
7
قراءة في روايات خلق الكون
إذاً وقد عرضنا في الحلقة الماضية سبعاً من روايات الخلق ، خمسا منها لديانات قديمة توصف بالوثنية ؛ المصرية ، الصينية ، الفارسية ، السومرية والبابلية ، واثنتين لديانتين توحيدتين ؛ اليهودية والمسيحية معها ، والإسلامية ، وتركنا المجال للقارئ كي يقف على المتفق والمختلف بينها، فقد حان وقت القراءة معا لتقاطعاتها واختلافاتها .
أول ما يلفت الانتباه في هذه الروايات هو الاتفاق على أن الروايات الخمس الأولى هي نتاج تفكير بشري بحت ، وأن الروايتين الأخريين صادرتان عن الله ، أي قادمتان من خارج العقل البشري . ومع ذلك يصدمنا ذلك التقاطع بين نتائج التفكير البشري ، لأناس كان حظهم من العلم ، ومعرفة الكون على وجه الخصوص ، ما هو أقل من القليل ، ونتاج الوحي الإلهي المحيط بكل العلم ، ما وصلت إليه البشرية حتى اللحظة ، وما بقي عليها معرفته وهو كثير كثير . ودعونا الآن نبتعد عن السؤال الذي يقفز في وجوهنا : كيف حدث ذلك ؟
1
التقاطعات :
وفي محاولة قراءة التقاطعات يلفت الانتباه اتفاق الروايات على بدايات تشكل الكون . كلها تقول إنه في البدء كان العدم ، السكون ، العماء ، المحيط الأزلي ، المياه الأزلية . وبعد هذا الاتفاق تأتي اختلافات ، أهمها بداية خلق الإله لذاته . فإذا كان الله في الروايات الوثنية هو من خلق نفسه بنفسه ، بعد انفجار البيضة الكونية أو قبلها ، تغفل الروايتان التوحيديتان هذه المسألة ، وتكتفي بالإشارة إلى أن الله كان موجودا منذ الأزل ، وإن روحه كانت ترف على وجه الماء .
التقاطع الثاني تمثل في 1- مساواة الأرض ببقية الكون – السماوات – بما تحوي من مجرات ، وأجرام ونجوم وكواكب . 2- وأنهما – الأرض والسماوات – مكونتان من نفس المادة . 3- وأنهما كانتا ملتصقتين ، وتم الفصل بينهما . و4 – وأنهما احتاجتا لذات الفترة الزمنية في الخلق ، – يومان لكل منهما في الرواية الفارسية والروايتين التوحيدتين - . 5 – وأن الأرض ، كونها مساوية للسماوات ، هي مركز الكون وهي ثابتة ، وأن الشمس أصغر منها وخلقت لإضاءة النهار ، كما خلق القمر لإضاءة الليل ، وهما ، الشمس والقمر ، يدوران حول الأرض . 6 – والأرض ، قبل كل ذلك وبعده ، مسطحة ومستوية ، ومن ثم محمولة ، الأمر الذي استدعى خلق وسائل لتثبيتها .
التقاطع الثالث تمثل في خلق الليل والنهار – النور والظلمة في الفارسية - ، واعتبارهما كأشياء مناظرة للأرض والسماوات ، وليس كظاهرة ضوئية . والأهم أن خلق الشمس والقمر تلا خلق الأرض ، كما تلا خلق النهار والليل . الشمس إضافة لإضاءة النهار لمعرفة اليوم والسنة والقمر إضافة لإضاءة الليل ، لمعرفة اليوم والشهر .
وأخيرا جاء التقاطع الرابع في تتالي عمليات الخلق ؛ النباتات ، الحياة البحرية ، الحياة البرية ، وفي خاتمتها خلق الإنسان .
ومرة أخرى دعونا نقفز على السؤال : إذا كان عقل الإنسان في تَمَعُّنِهِ للأرض حوله ، وللسماء فوقه ، وانطباقهما الواحد على الآخر ، ورؤيته لقرصي الشمس والقمر بهذين الحجمين اللذين يتراءيا له ، وبحركتهما من الشروق إلى الغروب ،وذات الأمرين مع النجوم ، وعجزه عن فهم ظاهرتي النهار والليل ، عقل الإنسان هذا قد قاده لإيراد هذه التفاسير المناقضة تماما للعلم ، فما بال الله الخالق والذي يرى ويحيط بكل أمر وبكل شيء من علوه ؟ وقبل ذلك تعالوا نقفز عن السؤال : أين ذهبت كل تلك المياه الأزلية ، والذي مازال علماء الفضاء والفلك يبحثون عنها دون طائل ؟
2
العلم والتقاطعات :
والآن ، وقبل الانتقال لرصد الاختلاف بين الروايات ، تعالوا نتوقف للمقارنة بين ما يقوله العلم ، والذي هو نتاج العقل البشرى ، وبين ما تقوله الروايات الدينية ، وعلى الأخص روايتا الديانات الإبراهيمية أو التوحيدية أو السماوية .
أول ما يلفت الانتباه هو ذلك الاتفاق بين العلم والروايات أن للكون نشأة وبداية . للعلم أكثر من نظرية حول نشأة الكون ، أشهرها نظرية الانفجار العظيم ، وأنه حدث قبل أكثر من 13.5 مليار سنة ، فيما تعيد الروايات الدينية هذه البداية لزمن أقل من ذلك بكثير . وأيضا يلفت الانتباه اقتراب الروايتين المصرية والصينية ، القائلتين بالبيضة الكونية وانفجارها ، من نظرية الانفجار العظيم العلمية . وأيضا يتفق العلم مع الروايات حول تماثل مادة الأرض مع المادة المشكلة لمختلف الأجرام ، النجوم والكواكب الأخرى ، ومنها الشمس والقمر ، لكنه يفترق معها تماما فيما تُعَرِّفُهُ الروايات بالسماء وبالسماوات .
وساد الاختلاف بين العلم والروايات الدينية في التالي : 1- المياه الأزلية . الروايات تذهب إلى وجود هذه المياه ، العذبة والمالحة ، بذات الشكل في السماء وعلى الأرض ، فوق الجلد وتحت الجلد ، كما جاء في الرواية التوراتية . ولأن وجود الماء مؤشر على وجود الحياة ، فإن العلم في بحثه الدائب عن الماء على الكواكب المختلفة ، وفي المجرات المختلفة ، لم يصل إلى نتيجة إيجابية بعد . ورغم اكتشاف عديد من الكواكب المماثلة لكوكب الأرض ، وعلى أبعاد مختلفة ، ونمو التفاؤل بوجود حياة فيها ، فإن البحث عن ماء فيها ما زال بعيدا عن رفد هذا الأمل بما يعززه . 2- أن العلم أوضح بما لايدع مجالا لأي شك ، أن الأرض لا تساوي أكثر من ذرة في هذا الكون الهائل الاتساع والضخامة . وصار طالب الابتدائي يعرف أنها أصغر كثيرا جدا من الشمس حجما وكتلة . كما بات يعرف أن الأرض والقمر نشآ من انفجار حدث في الشمس ، أي بعد نشأة الشمس بوقت طويل ، وبعد نشأة الكون ، بما يقرب من تسع مليارات من السنين . 3- وهو امر ملفت للانتباه أن الروايات الدينية ، وفي مقدمتها الروايتين التوحيديتين ، فشلت تماما في تفسير ظاهرتي الليل والنهار . نظرت لهما الروايات كأجسام مادية مماثلة للأرض والسماء . ولذلك قالت الروايات بخلقهما كمادتين منفصلتين ، يواصل الواحد منهما مطاردة الآخر ، كما توضح الروايتان التوحيديتان – الرواية التوراتية تقول بخلقهما في اليوم الأول للخلق ، والشمس والقمر في اليوم الرابع – وكما تقول الرواية القرآنية أكثر من غيرها . وأكثر أنه تم خلق الشمس والقمر بعد ذلك ، الأولى لإضاءة النهار ، والثاني لإضاءة الليل . وبات طالب الابتدائي الآن يعرف أن الليل والنهار ظاهرة ضوئية تحدث نتيجة لكروية الأرض ودورانها حول نفسها وتلقيها لضوء الشمس ، ومن مواجهة نصفها للشمس ، واحتجاب النصف الآخر ، ومن ثم ، ونتيجة حركتها الدائبة حول محورها ، تتغير كثافة الضوء على جزئها المقابل للشمس ، فيكون الفجر والضحى والظهيرة والعصر والمغيب والغسق ..الخ . كما غدا بمقدور أي طالب إعدادي إعادة إنتاج هذه الظاهرة الضوئية في المختبر . كما وبات هذا الطالب يعرف أن اليوم هو الزمن الذي تستغرقه دورة الأرض حول نفسها ، مكونة الليل والنهار . ويعرف أيضا أن القمر لا يدور حول نفسه ، وأن إضاءته لليل لا تعدو كونها عكس الجزء المواجه منه لأشعة الشمس إلى الأرض ، وأنه لذلك يدخل في هذه الدورة من الهلال إلى البدر فالعودة للهلال وإلى المحاق ، وأن هذه الدورة تسمى بالشهر القمري . 4 – ويمكننا القول أن العلم يقول بأن نشوء الحياة على الأرض وقع بصورة مقاربة لشكل التعاقب الزمني الذي قالت به الروايات ، مع قطع العلم بأن عملية الخلق حدثت بصورة مناقضة تماما لتلك الواردة في الروايات . يقول العلم أنها بدأت بالخلية وتصاعدت ، على مدى زمني طويل جدا ، لتصل لخلق الأجناس ، سواء أكانت نباتية أم حيوانية ، أي بصورة مناقضة تماما للصورة التي أوردتها الروايات ، وأن هذه الأجناس لم تثبت على حالها كما تذهب إليه الروايات ، وإنما هي في تطور مستمر ، لا يهم في ذلك اعتراف رجال الدين به أو إنكاره . لكن العلم يتفق مع الروايات في أن خلق الإنسان تأخر كثيرا عن باقي الأجناس .
ومرة أخرى دعونا هنا نقفز عن السؤال : إذا كان البشر الذين صاغوا روايات الخلق ، في الديانات الوضعية ، قد خانهم فقر معارفهم ، فكيف نفسر ذلك في الديانات الموصوفة بالسماوية ؟ هل نقفز إلى الاستنتاج ، بالرغم من وصفها بالسماوية ، بأنها هي الأخرى نتاج العقل البشري وإمكانياته المعرفية الفقيرة والضعيفة وقت نزولها ؟
3 –
الاختلاف :
ونأتي إلى ما وقع من اختلاف أول خلاف في هذه الروايات . فأول ما يلفت الانتباه في روايات الخلق ، التركيز المصري ، السومري والبابلي ، والفارسي في صورة أقل ، على خلق الآلهة ، وذلك بعكس الرواية الصينية التي تتحدث عن بطل ، لا عن إله ، فيما تكتفي الروايتان التوحيديتان بالتأكيد على وجود الله منذ الأزل ، ودون إشارة إلى كيفية نشأته ، وما إذا كان لهذه النشأة من بداية .
ويتمثل الاختلاف الثاني في أن الروايات المصرية ، الفارسية ، السومرية والبابلية ، عزت الخلق إلى الصراع بين هؤلاء الآلهة ، وحاجتهم للانفصال عن بعضهم البعض والمساندة في هذا الصراع . وانفردت الصينية بعزو الخلق إلى تعب البطل من حمل السماء فموته وتطاير أعضائه . أما الروايتان التوحيديتان فعزت الخلق لإرادة الله ، ودون مسبب لذلك .
وانصب الاختلاف الثالث على أصل وطبيعة المادة التي تشكلت منها الأرض والسماء . انفردت الرواية الصينية بعزوها للبيضة الكونية . فبعد كسرها من قبل البطل تساقطت الأجزاء الثقيلة منها وشكلت الأرض ، فيما تطايرت الأجزاء الخفيفة وشكلت السماء . بعد ذلك تلتقي هذه الرواية مع الروايات المصرية والسومرية والبابلية ، في قولها أن تضاريس السماء ؛ الشمس والقمر والنجوم ...الخ ، وتضاريس الأرض ؛ البحار والجبال ، السهول والوديان ، البحيرات والأنهار ..الخ تشكلت من أعضاء البطل بعد موته . المصرية تقول أن السماء تشكلت من الإله نوت والأرض من الإلهة جب ، فيما تقول السومرية والبابلية أنهما – السماء والأرض – تشكلتا من جسد الإلهة تياميت . ولم تشر الروايتان التوحيديتان لأصل المادة التي تشكلت منها الأرض أو السماء ، وإنما اكتفت بالقول أن الله إذا أراد شيئا يقول له كن فيكون .
وتمحور الاختلاف الرابع حول الكيفية التي تم بها فصل السماء عن الأرض . اكتفت الروايتان التوحيديتان بالقول أنهما كانت رتقا ففتقناهما . وعزت الرواية الصينية فصلهما إلى تحطم البيضة الكونية وسقوط مكوناتها الثقيلة ، وتطاير مكوناتها الخفيفة . الرواية المصرية قالت بأن الإله تشو – أو الهواء - هو من قام بعملية الفصل بين الزوجين الإله نوت ، الذي رفعه تشو مكونا السماء ، والإلهة جب والتي أبقاها تشو لتكون الأرض . وانفردت الرواية البابلية بعزو الفصل إلى شطر جسد الإلهة تياميت إلى نصفين ، مثل شطري سمكة ، وليبقي الإله ميردوخ نصفها الأسفل مكونا الأرض فيما رفع نصفها الآخر مكونا السماء .
أما الاختلاف الخامس فيدور حول الكيفية التي تم بها رفع السماء . الرواية المصرية تقول أن السماء محمولة على الهواء ، لأنه هو من فصل بين السماء والأرض ، فيما تقول الصينية أن البطل وقف بين السماء والأرض لمنع عودتهما للالتصاق ، أي أنه هو من قام بحمل السماء 18 ألف سنة قبل أن تخور قواه ويموت . وتتشابه الرواية السومرية مع المصرية من حيث أنه بعد قرار الآلهة بفصل السماء عن الأرض ، حمل الإله آن السماء فيما حمل الإله أنليل الأرض . وانفردت الرواية البابلية بشرح الكيفية التي تم بها رفع السماء وتثبيتها . الإله ميرودخ – ميردوك – بعد شطر تيامت رفع نصفها وكوره مشكلا السماء . فتح فيها ، من جانبيها ، بوابات كبيرة بمتاريس قوية . دعمها بلي ذيل تيامت مشكلا الجبال العالية التي تسند السماء . كَوَّر رِدْف تيامت وسند السماء بها . أخيرا نشر شبكته ومدها لتشكل غلافا يضم السماء والأرض معا ويؤمن ارتباطهما الدائم . وفيما تجاهلت الرواية التوراتية مسألة رفع السماء ، واكتفت بالقول أن الله فصل بين الماء الذي فوق الجلد والماء الذي تحت الجلد ، وسمى الجلد سماء ، اكتفت الرواية القرآنية بالقول أن الله رفع السماء بغير عمد ، وجعلها سبع سماوات طباقا .
الاختلاف السابع دار حول وسائل تثبيت الأرض . وفي حين تتفق الروايات كلها على أنها منبسطة ، وأنها محمولة على الماء ، - الآلهة تحملها في روايات لم نتطرق إليها كالرواية الإغريقية حيث يحملها الإله أطلس ، وعلى قرن ثور في روايات أخرى ، وأنها مركز الكون ، انفردت الرواية القرآنية بالحديث عن كيفية تثبيتها . الرواية القرآنية ، وفي آيات عدة – راجع النصوص في الحلقة السابقة – تحدثت عن خلق الجبال كأوتاد ورواسي تثبتها وتحول دون ميلانها .
أخيرا انفردت الروايتان الفارسية والتوراتية بالحديث عن تتابع خلق الحياة على الأرض . الرواية الفارسية قالت أنه تم خلق الحياة النباتية في المرحلة الرابعة من مراحل الخلق الستة ، فيما تم خلق الحيوانات والماشية في المرحلة الخامسة . أما الرواية التوراتية فقالت أن خلق الحياة النباتية قد تمت في اليوم الثالث ، اي قبل خلق الشمس الذي جاء في اليوم الرابع . وفي اليوم السادس تم خلق الحيوانات البحرية والطيور ، أما الحياة البرية فقد جاء خلقها في اليوم السادس . وقالت الروايتان السومرية والبابلية بأنه بعد استقرار آلهة الأرض عليها جرى تكليف الآلهة ، كل واحد على انفراد ، بخلق ما يحتاجه مملكة له . ولم تعر الرواية القرآنية اهتماما مناسبا لهذه المسألة .
4
خاتمة .
وأكثر ما يدهش القارئ ، الحاصل على شيء من المعرفة العلمية ، فشل الروايات التام في عرض صورة مقبولة لحالة كل من الأرض والسماء . قالت الصور أن الأرض مسطحة ، وأن السماء سقف مصمت ، أو سقوف مصمتة حسب الرواية القرآنية ، وله بوابات بمتاريس قوية وحراسات دائمة . وجاء العلم لينسف هذا التصوير نسفا تاما . وكما كل النجوم والكواكب والأقمار المنتشرة في المجرات ، فالأرض كروية الشكل ، لا يحيط به سقف أو سقوف ، وإنما غلاف جوي من الهواء ، وتسبح في فضاء لانهائي وفي مسار محدد حول الشمس ، وتثبت على هذا المسار بفعل قوى الجاذبية مع الشمس ومع كواكب المجموعة الشمسية ، والشمس ومجمعوتها مع المجموعات المماثلة في مجرتها درب التبانة .
أيضا فشلت الروايات ، خصوصا التوحيدية في تحديد ماهية الليل والنهار . حتى أن الرواية التوراتية قالت بخلق الشمس والقمر بعد خلق الليل والنهار بثلاثة أيام . وحتى أنها ذهبت لخلق الحياة النباتية قبل خلق الشمس ، متصادمة مع العلم الذي يقول بمركزية الضوء كعنصر من عناصر حياة النبات بصفة خاصة ، وعموم الحياة بصفة عامة .
ويمكن للمرء فهم أسباب عجز الروايات غير السماوية عن مسايرة العلم . فهذه الروايات التي هي نتاج بشري ، قامت على تفسير مشاهدات الناس لمحيطهم . المشاهد يرى الأرض التي يقف عليها منسبطة ، ويرى السماء قبة زرقاء تعلو رأسه . ولم تكن له معرفة لحاجة النبات للضوء ليقوم بعمل التمثيل الكلوروفيلي ، أو ما يسمى بالطبخ ، فتغذية النبات وصنع الثمار . هنا نعود للسؤال الذي سبق وطرحناه وأجلنا الإجابة عليه : ما بال الروايتين التوحيدتين ، التوراتية والقرآنية ، وهما من وحي الله ، قد وقعتا في ذات خطأ الروايات الوثنية ؟ كيف نفهم أن الله ، وهو يرى كل شيء من علوه ، ويحيط بكل شيء ، لم ير كروية الأرض ، ولم يعرف ، وهو من خلقها ، أنها تدور حول نفسها وحول الشمس ؟ وكيف نفهم أن الله ، وهو يرى ويعرف ، لأنه من خلق الغلاف الجوي ، لم يعرف أنه ليس بسقف مصمت ؟ وأن لا وجود لسقوف أخرى ، سبعة كما قال القرآن ، أو اثنا عشر كما تقول الديانة الشامانية من وسط آسيا ؟ وكيف لم يعرف حاجة النبات للضوء كي يحيا ، وبالتالي حاجة كل الكائنات الحية لضوء الشمس هذا كي تحيا ؟ وكيف اكتفى بالقول : " وخلقنا من الماء كل شيء حي "، والماء عنصر من عناصر الحياة وليس بالعنصر الوحيد ؟ كيف لم يعرف بحاجة الحياة للأكسجين ولثاني أكسيد الكربون والنتروجين وسائر العناصر الأخرى والتي إن نقص واحد منها كان الموت لا الحياة ؟
وإذاً يمكن القول أن الجواب المنطقي يتمثل في أن الأديان كلها نتاج بشري ، وأنها نقلت عن بعضها البعض . وقد يكون هذا النقل صحيحا ، وقد يكون أن البشر توصلوا عبر تجاربهم الخاصة لنتائج مقاربة للنتائج التي توصل إليها سابقوهم . وقد يكون هذا وذاك .
وإذاً تعالوا نؤجل القطع بالجواب إلى الوقفة الخاصة مع الرواية القرآنية في الحلقة القادمة .
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. تسجيل صوتي لقائد حماس العسكري يدعو الشعوب العربية والإسلامية
.. حزب مودي يواصل التضييق على المسلمين ويغلق مدرسة إسلامية بولا
.. الشريعة والحياة في رمضان| مسائل فقهية في الزكاة والصدقات
.. ما العلامات الروحانية لليلة القدر؟
.. مدينة القيروان في تونس تستعيد ألقها الروحي خلال شهر رمضان |