الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حزب العدالة والتنمية التركي يحشد للاستفتاء، على القاعدة الدينية والقومية

لطفي الهمامي
كاتب

2017 / 3 / 26
مواضيع وابحاث سياسية


حزب العدالة والتنمية التركي يحشد للاستفتاء، على القاعدة الدينية والقومية
مثلما أشرنا في العدد السابق لصوت الشعب فلقد شهد الخلاف التركي – الأوروبي تطورا خطيرا؛ في ظاهره يدور حول حق السلطة التركية في الدعاية للاستفتاء المزمع القيام به يوم الأحد 16 أفريل 2017 من جهة ورفض بعض الدول الأوروبية لذلك من جهة ثانية. لقد تحول الصراع بين الأتراك أي بين جبهة الرفض وجبهة الموافقة على تعديل الدستور إلى أوروبا في ظل انحصاره التدريجي في تركيا نفسها نظرا للحصار المضروب على جبهة الرفض.وإصرار الحكم على ملاحقة المعارضة حتى خارج البلاد.
الدفع بالصراع نحو الديني والقومي لا يخدم مصحة الشعب التركي
من الملفت للانتباه خلال الحملة التركية السياسية والدبلوماسية والإعلامية بقيادة عبد الله أردوغان على بعض الدول الأوروبية وعلى محكمة العدل الأوروبية دعوته الأتراك المقيمين بتلك البلدان إلى إنجاب خمسة أطفال بدل الثلاثة وهو معدل إنجاب الأتراك خارج التراب التركي في إشارة إلى الغزو الديموغرافي كأحد الأسلحة المستخدمة في المعركة ضد أوروبا، كما حثّهم على تملّك المكان الذي هم عليه لأنهم حسب قوله مستقبل تركيا.
كما اتّهم الاتحاد الأوروبي بأنه أطلق حملة صليبية ضد الإسلام، مشدّدا على أن أوروبا غير قادرة على الانتصار حتى لو عادت به إلى عصر الحروب الصليبية وانه إذا ما أراد الذهاب لأية دولة أوروبية لمخاطبة الأتراك فلن يمنعه من ذلك أحد. من بين تفاعلات الأزمة خلال هذا الأسبوع قيام الأكراد من مناصري حزب العمال الكردستاني بقيادة عبد الله أوجلان المعتقل من قبل تركيا، القيام بمسيرة بمدينة فرنكفورت الألمانية تجاوز عدد المشاركين فيها الثلاثون ألف رافعين شعارات منادية بالديمقراطية ومندّدين بالتعديلات المزمع القيام بها بالدستور، كما نددوا بحكم أردوغان ووصفه بالدكتاتور مما جعل السلطة التركية تستدعى السفير الألماني في أنقرة للتنديد بالسماح للأكراد بحق التظاهر في حين منعت ألمانيا ممثلي السلطة وحزب العدالة والتنمية من الدعاية في أوساط الأتراك لصالح الاستفتاء.
اعتمدت تركيا في صراعها ضد أوروبا على الوازع الديني والتجييش ضدّها على أساس أنها معادية للإسلام واصفا إياهم أي أردوغان بالصليبيين.في حين أن الاتحاد الأوروبي يحاول جرّ النظام التركي إلى بيت الطاعة لابتزازه والاستمرار في السيطرة على المنطقة من خلال دول المنطقة نفسها في محاولة لسحب البساط من تحت أقدام الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا.إن الصراع التركي - الأوروبي ليس وليد اليوم بل جذوره تعود إلى قرون نظرا لتموقع تركيا جغرافيا وكذلك لحجمها الديمغرافي الثقيل كبوابة رئيسية لأوروبا إضافة إلى الثروات الطبيعية وغيرها.لكنّ الخطير في هذا الصراع و تحويله من الجهة التركية من صراع من اجل تركيا مستقلة ديمقراطية ومتقدمة إلى تحويل الصراع نحو الوجهة الدينية والقومية لان الخاسر الأول والأخير في هذه المعركة سوف يكون الشعب التركي نفسه. أما نظام أردوغان الذي يستعمل الإسلام والروح القومية التركية والرافع لشعار تركيا قوية ما هي إلا دعاية معروفة لليمين الديني الأكثر عمالة وجبنا. لقد بينت التجربة الآن أن حزب العدالة والتنمية من بين أخر اهتماماتها السيادة التركية.
ما هي مصلحة الشعب التركي من ترك النظام البرلماني وتشريع النظام الرئاسي
لقد مرّ الدستور التركي منذ 1987 إلى سنة 2011 بسبعة عشر (17) تحويرا، وبثلاثة استفتاءات، منها اثنين من قبل حزب العدالة والتنمية. ويمثل الاستفتاء هذه المرة من بين أهم تلك التحويرات والتعديلات لأنه سوف يطال طبيعة النظام السياسي.يقود الاستفتاء من الناحية السياسية حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية التركية مقابل جبهة رفض واسعة بقيادة الحزب الجمهوري وريث النظام الأتاتوركى( أتاتورك) وحزب الشعوب الكردية وحزب العمال الكردستاني وغيرها من التشكيلات المدافعة عن النظام السياسي البرلماني وحق الأقليات في قيادة الدولة والمشاركة السياسية والمدنية.إذا أولى نتائج الاستفتاء قبل وقوعه هي تقسيم الشعب التركي على القاعدة القومية بإضافة البعد الديني من قبل حزب الأغلبية بقيادة أردوغان. تعيش تركيا اليوم أمام تحديات إقليمية ودولية كبيرة لا يمكن مواجهتها إلا بالوحدة الداخلية حول مشروع مستقبلي، ولكن على عكس ذلك فان كافة المؤشرات تؤكد أن الشعب التركي تم تقسيمه على قاعدة الصراع الإيديولوجي.من بين التحديات المطروحة أولا تجاوز المأزق الذي وقعت فيه تركيا خلال الحرب على سوريا والذي لم تنتهي تبعاته إلى اليوم بل استتباعاته بدأت تخيّم من خلال علاقات تركيا الدولية المتأزمة. أما نتائج محاولة الانقلاب الفاشلة وما رافقه من اعتقالات وتشنيع بالانقلابيين بدوره قسّم الشعب التركي بين معسكرين، كان من باب الحكمة السياسية للنظام الحالي إيجاد مخرج سياسي بدل الأمني والعسكري وبالإضافة إلى ذلك لا يزال الصراع مع حزب العمال الكردستاني مفتوح على كافة الاحتمالات العسكرية والسياسية والدبلوماسية.من جهة الاتحاد الأوروبي كذلك لا يزال موضوع الشراكة أو الالتحاق به موضوع للصراع السياسي مما يعنى أن تركيا سوف تظل في مرمى الاتحاد الأوروبي على خلفية الهجرة غير الشرعية رغم ما قدم لها من دعم عسكري ومالي.
كافة هذه التناقضات سوف يضاف إليها الصراع حول تعديل الدستور و استتباعاته.إذا ما عدنا إلى محتويات التعديل فإننا نجد أن المشروع المطروح على الاستفتاء يضم 18 تعديلا.من بين تلك التعديلات إلغاء منصب رئيس الوزراء وإلحاق السلطة التنفيذية بالرئيس المنتخب الذي يعين ويعزل وزرائه ومستشاريه. كما ينص التعديل على عدم قطع الرئيس علاقته بحزبه السياسي مثلما هو معمول به الآن.وفي خطوة للحد من هيمنة المؤسسة العسكرية نص التعديل على إلغاء المحاكم العسكرية بما في ذلك المحكمة القضائية العليا العسكرية والمحكمة الإدارية العليا العسكرية.
إن جوهر الاستفتاء يقوم على تغيير النظام السياسي التركي من نظام برلماني إلى رئاسي مطلق يجمع بين قيادة الدولة والحزب الحاكم باعتباره الحائز على الأغلبية التي مكنته عبر صندوق الاقتراع إلى بلوغ الرئاسة.
إذا ما عدنا إلى تاريخ حزب العدالة والتنمية خلال فترة الحكم فإننا نلاحظ ميزة أساسية وهي، سياسة التدرج نحو أولا أدلجة المجتمع دينيا وقوميا وثانيا استعمال تلك الأدلجة للحشد الشعبي وتوجيهه نحوا لتخلى التدريجي عن المكتسبات الديمقراطية، في هذا الإطار المنهجي يؤتى بالاستفتاء ليقطع خطوة حاسمة في التخلي عن التعددية وفتح مرحلة جديدة وهى مرحلة النظام الرئاسي، لكن لا يجب أن يحجب عنا ذلك المستقبل غير الواضح والنوايا السياسية والإيديولوجية لحزب العدالة والتنمية لما ما بعد الاستفتاء.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السعودية.. شخص يطعم ناقته المال! • فرانس 24 / FRANCE 24


.. الادعاء الأمريكي يتهم ترامب بالانخراط في -مؤامرة إجرامية-




.. هذا ما قاله سكان مقابر رفح عن مقبرة خان يونس الجماعية وعن اس


.. ترامب يخالف تعليمات المحكمة وينتقد القضاء| #مراسلو_سكاي




.. آخر ابتكارات أوكرانيا ضد الجيش الروسي: شوكولا مفخخة