الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثلاثية توفلر.. الفرصة الضائعة (3 / 3 )

محمد عبعوب

2017 / 3 / 27
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات


في الجزء الثالث من ثلاثيته والذي يتكون من جزأين ، يذهب عالم المستقبليات الأمريكي آلفن توفلر الى حوصلة نتائج ثورته الثالثة التي يبشر بها، وهي قد أخذت شكلها و مكانها الفاعل على مسار التطور الحضاري على وجه الأرض، بعد أن أخذت الموجة السابقة المتمثلة في حضارة التصنيع في الانكماش والتحلل..

في هذا الجزء يحاول المؤلف "اقتراح تركيبة واضحة وشاملة للحضارة الجديدة التي تسود الكرة الأرضية " مركزا تحليله على الجوانب البارزة في عالم الغد الذي تصوره وعلى ما واكب الانتقال الى هذا العالم من مصاعب ونزاعات بين القوى الجديدة الصاعدة وبين القوى التقليدية الآفلة، والتي تمثل عمليات التنافس والاستحواذ على المؤسسات الإنتاجية وإعادة هيكلتها أولى مراحلها.

ويلخص توفلر في مقدمته لكتابه الموضوع في أن "تحول السلطة هو الصراع المحموم على امتلاك السلطة في الوقت الذي تفقد فيه الحضارة الصناعية تفوقها العالمي وتطمح قوى جديدة الى السيطرة على الكرة الأرضية" بمفاهيم وقيم ورؤى جديدة تتجاوز في قدرتها ودقتها وسرعة استجابتها، المفاهيم والرؤى التي كانت سائدة من قبل .

وبعد هذا العرض لهذه الثلاثية الذي حاولت فيه قد الإمكان إعطاء ملخص مركز لما قدمه توفلر من صور ونماذج لهذه الحضارة العصية على الملاحقة والإحاطة بها بفعل تسارع اكتشافاتها وتطور مفاهيمها ، والتي تفرض حتمية وجودها بكل قوة على الأرض، ملغية لكل الحدود والنظم الاحتكار التي أقامتها موجة الحضارة الثانية، بعد كل هذا قد يتبادر للقارئ تساؤل عن الفرصة الضائعة في هذه النظرية التي عنونت بها عرضي لهذه الثلاثية؟ . ولعل من تسمح له الظروف بقراءة هذه الثلاثية قراءة معمقة سيجد الإجابة العميقة والوافية عن تساؤله، لكنني هنا أعطي إجابة بسيطة عن هذا التساؤل قدر بساطة فهمي لما ورد في هذه الثلاثية، حيث يستعرض توفلر فيها التطورات والنقلات الحضارية الإنسانية من زاوية تخص بيئته التي يقيم فيها ، أي بما يأخذ في اعتباره مستوى التغيرات التي يعيش فيها او لها صلات ببيئته، وإن كان قد زار عديد البلدان من اجل وضع رؤية شاملة لكل المكونات الحضارية لكوكب الأرض..

فهو يشير الى مرحلة الانتقال من حضارة الموجة الثانية الى موجة الحضارة الثالثة الى آثار مكلفة نفسيا واقتصاديا وبيئيا لشعوب أوروبا وشمال أمريكا واليابان ، باعتبارها عاشت وبعمق مرحلة الانتقال من حضارة الموجة الأولى القائمة على الزراعة، الى حضارة الموجة الثانية القائمة على الصناعة، وأن تفكيك هياكل هذه الأخيرة مكلفة من كل النواحي ، وهي تكاليف أعفى تخلف دول العالم النامي وفشلها في الاندماج في موجة الحضارة الثانية من دفع ضريبته، حيث جل دول العالم النامي لم تعش مرحلة الموجة الثانية وحافظت على رتم الحضارة القائمة على الزراعة وهو ما يعني أن انتقالها الى موجة الحضارة الثالثة التي تتشابه في بعض مظاهرها مع الموجة الأولى لن يكون مكلفا، وان شعوب هذه الدول إذا ما حظيت بقيادات حكيمة ومتطلعة لملاحقة التطور الحضاري المحقق في صورة حضارة المعرفة السائدة اليوم، ستحقق هدفها في وقت قياسي وبدون تكاليف باهظة كتلك التي دفعتها الدول الصناعية جراء انهيار الصروح الصناعية الضخمة وتراجع القيم وتفكك النسيج الاجتماعي الذي تدفع شعوب الدول الصناعية ثمنه اليوم بكل قناعة لإدراكها أن البديل سيعوضها عن كل الخسائر مهما كان حجمها..

ويمكننا أن نرصد من خلال ما تقدمه شبكة المعلومات الدولية من متابعة دقيقة وفورية لتطور الشعوب ، صور مؤسفة لتبديد الوقت والموارد والفرص تسود دول العالم النامي التي لا زالت تعاني حالة من التراجع والاضطراب على كل المستويات و الصعد، حيث فشلت على مدى القرون الماضية في اللحاق بموجة الحضارة الصناعية، ونراها اليوم تعيش حالة من التوهان الحضاري مضيعة فرصة نادرة للانتقال المتاح وغير المكلف مباشرة الى آفاق الحضارة الثالثة ، فيما العالم المتقدم يغادر وبسرعة نحو آفاق جديدة واعدة تتخذ من ثورة المعرفة منهاجا لها ..
انتهى..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اضطرابات في حركة الطيران بفرنسا مع إلغاء نحو 60 بالمئة من ال


.. -قصة غريبة-.. مدمن يشتكي للشرطة في الكويت، ما السبب؟




.. الذكرى 109 للإبادة الأرمينية: أرمن لبنان.. بين الحفاظ على ال


.. ماذا حدث مع طالبة لبنانية شاركت في مظاهرات بجامعة كولومبيا ا




.. الاتحاد الأوروبي يطالب بتحقيق بشأن المقابر الجماعية في مستشف