الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المادية الديالكتيكية 2

عبد السلام أديب

2017 / 4 / 2
مواضيع وابحاث سياسية


تنطلق المادية الديالكتيكية من أولوية المادة على الفكر مع استخدام قوانين الديالكتيك لفهم علاقات الترابط المادي وتطورها سواء في الطبيعة أو في المجتمع. فالمادية الديالكتيكية(1) تعتمد إذن، على جملة من القوانين الناظمة التي تمثل أداة التحليل في هذه الفلسفة.

والمقصود بالقانون هنا هي تلك العلاقة السببية التي تحكم متغيرين أو أكثر، وتقرر أنه بوقوع السبب تحدث النتيجة، فلدينا مثلا ظاهرة أو قانون غليان الماء: حيث يصبح الماء في حالة الغليان عندما تصل حرارته 100 درجة، وهذا معناه أنه إذا وقع الشرط وهو بلوغ الحرارة 100 درجة فإن الماء سيصبح بالضرورة في حالة الغليان.

وتقدم كل من الطبيعة والمجتمع العشرات من الامثلة التي يمكن اعتبارها بمثابة قوانين، وحيث يمكن البحث عن العلاقة السببية التي تقف باستمرار وراء وقوع بعض الظواهر في الطبيعة أو بعض الاحداث في المجتمع، لكي نستشف منها أنها عبارة عن قوانين مادية ديالكتيكية. كما أنه لا يمكن وصف شيء بأنه علم، إذا لم يكن مبني على قوانين معينة قابلة للإثبات. وتبعا للقوانين ودرجة دقتها تكون درجة دقة العلم الذي هو موضوع له.

وتتسم القوانين التي تحكم العلاقات العامة بين الظاهرات والاشياء سواء في الطبيعة أو المجتمع بالطابع الموضوعي، نظرا لان تلك الظاهرات والاشياء لها وجود موضوعي خارج وعي الانسان. لذا فإن السمة الأساسية لقانون ما، هو أن يكون موضوعيا. هذا يعني أن قوانين تطور الطبيعة والمجتمع لا تتعلق لا بإرادة البشر ولا بوعيهم، وهذا ما تقيم البرهان عليه تجربة البشر. من ذلك أن قوانين الطبيعة تجلت قبل زمن طويل من ظهور المجتمع الانساني. فالإنسان الهومو سابيان(Homo sapiens) ظهر على الارض في حقبة حديثة نسبيا (حوالي 2,8 مليون سنة)، مع الإشارة الى كافة الحضارات البشرية والتي تطورت في ظل المجتمعات الطبقية لم تبدأ الا منذ حوالي 12 ألف سنة، أما مختلف المعتقدات الدينية المسماة بالسماوية فلم تظهر الا منذ حوالي خمسة آلاف سنة. أما بالنسبة للقوانين الموضوعية التي يتحرك كوكبنا بموجبها فإنها وجدت منذ أن وجد الكوكب (أي حوالي 5 مليار سنة)، علما أن هذه القوانين الموضوعية يقوم عليها الكون بأسره نظرا لارتباطها بالمادة المتحركة، فأشكال وأسلوب تحرك المادة تقوم على هذه القوانين. علما أن القوانين الموضوعية الناظمة لظاهرة من الظاهرات تفعل فعلها من لحظة تواجد هذه الظاهرة.

لكن الاعتراف بالطابع الموضوعي لقوانين الطبيعة والمجتمع لا ينقض بحال من الأحوال واقع أن البشر قادرون على معرفة تلك القوانين وعلى استغلالها لصالحهم، بمعنى ان الفهم الذاتي لتلك القوانين الموضوعية يمكن من اكتساب المنهج الديالكتيكي واستعماله في التفاعل مع الطبيعة والمجتمع، وهنا نكون بصدد الديالكتيك الذاتي الذي طورته الحركة الماركسية اللينينية في صراعها السياسي من اجل تعميم نمط التفكير البروليتاري في مواجهة نمط التفكير البرجوازي. وكل تاريخ العلم والتقنية شهادة ساطعة على الكيفية التي يستخدم بها البشر القوانين التي يتم اكتشافها خلال نشاطهم العملي. إن المادية الديالكتيكية تقر بالدور الفاعل للوعي المتفاعل مع الواقع في حياة الانسان. وتستند المادية الديالكتيكية كفلسفة علمية إلى ثلاثة قوانين أساسية هي:

1 - قانون تحول الكم إلى الكيف.

2 - قانون وحدة وصراع الأضداد.

3 - قانون نفي النفي.

وتجدر الاشارة الى أن ترتيب هذه القوانين الثلاثة لا علاقة له بأولوية بعضها على البعض الآخر، كما أنها غير منعزلة عن بعضها، فهي تشتغل في ترابط وثيق فيما بينها بحيث فلا معنى لفصل بعضها عن بعض. وتمكننا دراسة هذه القوانين من اكتساب المنهج الديالكتيكي واستعماله كنظرية فلسفية حول العالم ووسيلة للعوص في أية ظاهرة للتعرف على جوهرها وتناقضاتها الرئيسية والثانوية وعلى التناقض الرئيسي الفاعل في تطور الظاهرة وانتقالها من حالة الى حالة.

1 - قانون تحول الكم الى الكيف:

أ – في الطبيعة:

حاولت الفلسفة المادية وعلم الطبيعة، منذ القديم، اكتشاف اسباب التنوع في الطبيعة، وكيفية ارتباط ظواهرها بعضها ببعض، خاصة ارتباط الطبيعة الميتة اللاعضوية بالطبيعة الحية العضوية ومسؤولية الاثنين في ظهور أشكال الحياة المتنوعة. ومن تم اسباب ارتباط بعض انواع النباتات والحيوانات بعضها ببعض. وكذا ارتباط الانسان بأنواع من الحيوانات ... الخ.

لكن الاكتشاف الصحيح حول هذه الروابط لم يحدث دفعة واحدة، لان العلم لم يكن متطورا، وكذلك نشاط الانسان العملي. ولذلك سار العلم نحو الحقيقة في طريق معقد بين الشك واليقين، ممهدا التربة لظهور التفسير الصحيح الوحيد لتنوع العالم كيفيا، ومقيما العلاقة الواقعية بين النواحي الكمية والنوعية في الظواهر والعمليات. فتطور الكمياء، والفزياء، والبيولوجيا وغيرها من العلوم ساعد الانسان على النفوذ الى جوهر الظواهر، وعلى فهم التطور كتحول بعض الأشياء، نوعيا، إلى أشياء غيرها، نتيجة التبدلات الكمية. وكان لنجاحات الكمياء أهمية كبيرة خاصة في هذا المضمار.

يقول انجلز: "إن بوسعنا تسمية الكمياء بعلم التحولات الكيفية التي تطرأ على الأجسام نتيجة لتغير تركيبها الكمي.".(انجلز، فردريك ، ديالكتيك الطبيعة، ترجمة د. توفيق سلوم، دار الفرابي، ص: 82.).

إن التطور الهائل للفزياء، واكتشاف تحول العناصر والاشعاع الراديوي، وتحول بعض الجزيئيات "الأولية" إلى أخرى، كل هذا يؤكد، مرة بعد أخرى، المفهوم الديالكتيكي للتطور المادي في الطبيعة، ويغني هذا المفهوم بمعلومات جديدة.

إن النظرية الماركسية الديالكتيكية حول تحول الكم الى الكيف تعتبر تعميما لمعطيات العلوم حول الطبيعة، وتعميما لتجربة التاريخ الانساني العالمي، وهو يكشف عن أحد أهم قوانين التطور الموضوعية.

ويفسر ماو تسيتونغ الديالكتيك بالانتقال من الكم الى الكيف كما يلي: " إن كل شيء يتخذ في حركته شكلين: شكل السُّكون النسبي، وشكل التَّبدُّل الملحوظ. وإن كلا شكلي الحركة يتسبب فيه صراع العاملين المتناقضين اللذين ينطوي عليهما الشَّيء. فعندما يتخذ الشَّيء في حركته الشَّكل" الأول، فإنه يطرأ عليه تبدلٌ كميّ فقط لا تبدلٌ نوعي، لذلك يبدو في حالة من السُّكون الظَّاهريّ. وعندما يتخذ الشَّيء في حركته الشكل الثاني، فإنه يكون قد بلغ نقطة معينة هي قمة التَّبدُّل الكميّ الذي حصل في الشَّكل الأول، فينتج عن ذلك تفكك الكيان الواحد، ويحدث تبدل نوعي، لذلك يبدو الشَّيء في حالة من التَّبدُّل الملحوظ."( ماوتسيتونغ، في التناقض، المختارات، المجلد الأول، دار النشر باللغات الاجنبية، بيكين 1968، الصفحة 495 - 496).

ويشير انجلز بهذا الصدد الى أن "التحولات الكيفية في الطبيعة – هذه التحولات المحددة بدقة في كل حالة فردية – لا تحدث الا بإضافة كمية، أو طرح كمي، للمادة أو الحركة (المدعو طاقة)( انجلز، فردريك ، ديالكتيك الطبيعة، ترجمة د. توفيق سلوم، دار الفرابي، ص 79.)

إن حدوث التراكم مع بقاء الحالة على ما هي عليه يعتبر تغير كمي؛ فمثلا في حالة الغيمة المتشكلة من البخار تظل التغيرات الكمية تتراكم أي تستمر الأبخرة بالتصاعد والتجمع في الغيم ولا يحدث التغير النوعي إلا عندما تتراكم هذه المتغيرات الكمية الى درجة معينة لحدوث تغير نوعي أي للدرجة اللازمة من اشباع الغيمة بالأبخرة لهطول المطر.

كما أن نمو الطفل يعتبر تغيرا كميا، فعندما يصل الى مرحلة البلوغ فيعتبر تغيرا نوعيا. فإذا حدثت في جسم الطفل التغيرات النوعية وتراكمت فلا بد أن يحصل هذا التغيير النوعي أي أن "يبلغ" عندما تصل تغيرات جسمه الفسيولوجية التي تراكمت إلى المستوى الذي يصبح معه بلوغه حقيقة مؤكدة.

وهنا يمكننا القول بأنه عندما يحدث تراكم في التغيرات الكمية الضرورية لحدوث التغيير النوعي فإن حدوثه يصبح أمرا حتميا. فارتفاع درجة حرارة الماء هو تغيير كمي، وطالما ارتفعت درجة حرارة الماء فإن التغيير يضل كميا لان الماء لا زال في حالته السائلة، أما عند بلوغ الماء مستوى 100 درجة حرارية، فيطرأ حينذاك تغير نوعي على الماء لأنه يتحول من سائل الى بخار.

إذن، فسلسلة التحول من الكم الى الكيف تتشكل كما يلي:

1 – التغير الكمي: ارتفاع درجة حرارة الماء، نعتبر ان التغيير هو دائما كميا، لانه لم يحدث أي تغيير في حالة سيولة الماء؛

2 – التغير الكيفي: تحول الماء من حالة السيولة الى حالة البخار؛

3 – معيار حصول التحول من الكم الى الكيف: وصول حرارة الماء الى 100 درجة فيتحول الماء الى بخار، أو هبوط حرارة الماء الى 0 درجة، فيتحول الماء الى ثلج.

4 – حتمية التحول: منطوق هذا القانون يقول ان تحول الماء من سائل الى بخار عند بلوغ الدرجة 100 أو التحول الى ثلج عند بلوغ الدرجة صفر، يكون التحول الكيفي حتميا.

في كتابه ضد دوهرينغ، يشرح انجلس حدوث الطفرة الكيفية الحتمية عند بلوغ التراكم الكمي مستوى معين، "عند بلوغ نقطة حرجة معينة، تؤدي أية زيادة أو نقصان كمي بحت إلى طفرة كيفية، فمثلا، في حالة الماء الذي يسخن أو يبرد، حيث تشكل نقطة الغليان ونقطة الانجماد النقطتان اللتان فيها، تحت ضغط جوي اعتيادي، تحدث الطفرة إلى حالة تكتلية جديدة، والتي عندها نتيجة لذلك يحدث التحول من الكم إلى الكيف. (انجلز، فردريك ، ضد دوهرينغ. ترجمة محمد الجندي، دار التقدم، 1984، الصفحة: 146.)

كيف يمكن إذن أن نميز التغير النوعي عن التغير الكمي؟، فلا شك ومن واقع رؤيتنا للمادة أن حالة التغير هي مسلمة علمية الاشياء في حالة تغير مستمر لكن كيف نميز بين التغير الكمي والتغير النوعي؟

إن معيار التميز بين التغيرات الكمية والكيفية في الواقع هو أن التغير الكمي هو تغير مستمر أي يتسم بالاستمرارية ولا ينقطع إلا بحدوث التغير النوعي أو الكيفي، فنمو الجنين في بطن امه هو تغير كمي يتراكم، لكن ولادته هي تغير نوعي كيفي، فقد تحول من جنين إلى طفل مولود، إن التغير النوعي أو الكيفي هو تغير طفري يحدث كطفرة مباغتة مفاجئة تؤدي تماما إلى تغير جذري في النوع. والتغير الكيفي أو النوعي أيضا ليس فعلا مستمرا بل يحدث مرة واحدة دفعة واحدة عند بلوغ التراكمات الكمية للمعيار الضروري أو شرط حدوث هذه الطفرة، أو عندما يصبح حدوث هذه الطفرة حتميا.

وفي هذا الصدد يقول ستالين، "على عكس الميتافيزيقا، لا يعتبر الديالكتيك عملية التطور انها عملية نمو بسيطة، حيث لا تتحول التغيرات الكمية إلى تغيرات كيفية، بل على انها تطور يجتاز من تحولات كمية تافهة غير محسوسة إلى تحولات اساسية مكشوفة، إلى تحولات كيفية، يعتبرها تطورا لا تحدث التغيرات الكيفيه فيه بصورة تدريجية، بل بصورة سريعة ومفاجئة، تتخذ شكل طفرة من حالة إلى حالة اخرى، لا تحدث بصورة عرضية بل نتيجة طبيعية لتراكم تغيرات كمية غير محسوسة وتدريجية".(Staline(J), Le matérialisme dialectique et le matérialisme historique - 1938 , Éditions de l’Évidence — 2007 page : 3.)


في المجتمع:

سبقت الاشارة الى أن المجتمع متحرك كالطبيعة. وتقوم حركته على الانتقال من التحولات الكمية إلى التحولات الكيفية.

ولقد فهم لينين ذلك حينما كان لا يزال طالبا سنة 1887 في جامعة كازان ـ وكان يقوم بمقاومة القيصرية ـ فأجاب على مفوض الشرطة الذي قال له: "أنكم تنطحون برؤوسكم حائطا لا يتزحزح" ـ حائطا؟ أجل، ولكنه حائط نخره السوس، وتكفيه دفعة بسيطة حتى ينهار"(Politzer (G), Principes fondamentaux de philosophie, Edition Sociale, 1954, page : 42). فالقيصرية كانت في الواقع، كالحائط الذي أفسدته الأمطار سنة بعد أخرى، ولقد أدرك لينين أن التحول الكيفي (وهو انهيار القيصرية) قريب.

وهكذا يسبق التحولات الكيفية في المجتمع تحولات كمية بطيئة.

فالثورة (تحول كيفي)، فهي إذن، نتيجة تاريخية حتمية لتطور بطيء (تحول كمي). ولقد حدد ستالين بوضوح الجانب الكمي والجانب الكيفي للحركة الاجتماعية حيث يقول:

"يعلمنا المنهج الديالكتيكي أن الحركة تتخذ صورتين: صورة تطورية وصورة ثورية، وتكون الحركة تطورية حين تستمر العناصر التقدمية في عملها اليومي بصورة تلقائية (الصراع الطبقي) فتحدث في النظام القديم بعض التحولات الكمية الطفيفة. كما تكون الحركة ثورية حين تتحد هذه العناصر تحت لواء فكرة واحدة (البروليتاريا المنظمة سياسيا) فتنطلق ضد العدو لتقتلع النظام القديم من جذوره وتحدث في الحياة تحولات كيفية كما تقيم نظاما جديدا محل النظام القديم. وهكذا يمهد التطور للثورة بينما تقوم الثورة بإتمام هذا التطور كما تساعده في عمله المقبل. (Staline (J), Anarchisme ou socialisme ?, Œuvres, t. I, Editions Sociales en 1953, page : 251 et 252.)

ويستشهد ستالين على هذا التحليل بحوادث 1905. فلقد "قامت طبقة العمال (البروليتاريا) في دجنبر سنة 1905 بمهاجمة مستودعات الأسلحة ثم سارت للقضاء على الرجعية". ولقد سبق هذه الحركة الثورية تطور طويل تم خلال السنوات السابقة "حين كانت البروليتاريا في تطورها العملي، تكتفي بالإضرابات المتفرقة وايجاد نقابات للعمال صغيرة".

كذلك سبق الثورة الفرنسية عام 1789 نضال طبقي طويل، نظري من خلا الفكر التنويري وعملي من خلال الاصطدامات مع امراء الاقطاع ورموز الملكية المطلقة، فإذا بالتحولات الكيفية الهائلة تحدث في فرنسا خلال بضع سنوات (1789–1790) ولم تكن هذه التحولات ممكنة لولا التحولات الكمية التي تراكمت عبر السنين، أي لولا الهجمات العديدة الجزئية التي شنتها البرجوازية ضد الإقطاعية إلى غاية الهجوم النهائي واستيلاء الرأسماليين على الحكم.

أما فيما يتعلق بالثورة الاشتراكية المجيدة لأكتوبر 1917 والتي نحتفي هذه السنة بذكراها المئوية، فإن كتاب "تاريخ الحزب الشيوعي (البلشفي) في الاتحاد السوفياتي" (Staline (J), Histoire du Parti Communiste Bolchevik de l URSS, 1938, page : 132 et suivant)، يطلعنا على الطريقة التي تم بها هذا التحول الكيفي الهائل، وهو أكبر تحول في التاريخ، سبقته سلسلة من التحولات الكمية، فإذا ما أردنا الاقتصار على الفترة بين 1914 ـ1917 ففصول الكتاب تدلنا على تضخم الحركة الشعبية في هذه السنوات الخطيرة حتى استيلاء السوفيتات على الحكم.

وتجذر الإشارة هنا، أن الانتقال من الحالة الكيفية القديمة إلى الحالة الكيفية الجديدة يشكل بالفعل تقدما. فالحالة الرأسمالية كانت أفضل من الحالة الإقطاعية، والحالة الاشتراكية تعتبر أفضل من الحالة الرأسمالية، إذ أن الثورة تقوم بالانتقال من وضع سفلي إلى وضع علوي متقدم. لماذا؟ لأنها تقوم بالتوفيق بين النظام الاقتصادي للمجتمع وبين متطلبات نمو قوى الإنتاج في ظل توازن جديد لعلاقات الإنتاج الاجتماعية.

2 - قانون وحدة وصراع الأضداد

أ – في الطبيعة:

مضمون قانون وحدة وصراع الأضداد هو أنه لا توجد في الوجود ظاهرة إلا وتحمل في داخلها بذرة فنائها. فأضداد الظاهرة تتواجد معها في داخلها وتنبع من ذاتها بل تشكل شرط وجودها. حيث تعيش التناقضات دوما معا. والأصل في الطبائع التضاد الداخلي. لذلك فإن النقائض تعيش معا.

عندما نقول الشيء يحمل في داخله بذرة فنائه، فمعنى ذلك أن هذه حقيقة ملموسة يعيها الإنسان، ونرى هذا فيما نشاهده فلا يوجد في واقعنا المادي شيء يبقى إلا ما لا نهاية كما هو، فمهما استغرقت مدة فنائه أو تبدله او تغيره، فلا يمكن أن يبقى على حالة واحدة إلى ما لا نهاية. الأشياء الموجودة في الطبيعة هي في حالة تضاد وتناقض داخلي دائم، هذا التناقض هو محفزها نحو التغيير.

يقول إنجلز، "الطبيعة كلها من اصغر الاشياء إلى اكبرها، من حبة الرمل إلى الشمس، من البروتيستا إلى الانسان، هي في حالة دائمة من النشوء والزوال، في حالة تغير متواصل، في حالة حركة وتغير لا يتوقفان". (Engels (F), Dialectique de la nature, 1883, Paris : Éditions sociales, 1968, page 29)

ب – في المجتمع:

كل مجتمع له بنية اقتصادية، وتفرز هذه البنية تشكيلات اجتماعية على أسس طبقية، مالكين مثلا لرأس المال وعمال، فهذا التقسيم الداخلي للمجتمع يجعله في حالة من وحدة وصراع الأضداد، فالمجتمع ككل وحدة واحدة منسجمة وفي نفس الوقت تتصارع داخله الأضداد، المالكين لرأس المال يريدون زيادة ثرواتهم والعمال يريدون زيادة حصتهم من الأجر وتحسين ظروف معيشتهم والحصول على حقوقهم. إذن فالمجتمع هو في حالة تضاد داخلي. هذا التضاد الداخلي الذي هو جوهر الديالكتيك هو المحرك الأساسي أي محرك التغيير، لأن هذا التضاد هو الذي يؤدي بالنهاية إلى حدوث التغيرات الاجتماعية كنتيجة للصراع الطبقي في داخل المجتمع والذي يعتبر بحد ذاته معطى موضوعي نتيجة للتضاد الموضوعي.

ويمكن ملاحظة التضاد داخل الجسم السياسي لأي مجتمع حيث تتواجد تيارات تتصارع فيما بينها للهيمنة على السلطة السياسية. فهناك يمين رأسمالي وهناك يسار اشتراكي وهناك حركة محافظة دينية وهناك حركات أخرى، وكذلك هناك نظم أو نخب حاكمة تبعا لطبيعة المجتمع الداخلية. فهذه الحركات السياسية تشكل معا وحدة واحدة وفي نفس الوقت هي في حالة صراع. هذا الصراع بينها هو محرك التغير الذي يطرأ على المنظومة السياسية لهذا المجتمع.

ويتميز المجتمع البرجوازي الطبقي بانقسامه الى طبقتين اثنتين أساسيتين متضادتين، هما كل من البرجوازية المهيمنة مالكة وسائل الانتاج الاقتصادية والمتحكمة في السلطة السياسية من جهة، والطبقة العاملة المولدة اجتماعيا للإنتاج ورأس المال من جهة أخرى. ويتجلى التناقض فيما بين الطبقتين على مستوى سعي البرجوازية الى تشغيل قوة عمل الطبقة العاملة بأدنى أجر ممكن، لقاء ساعات طويلة من العمل في اليوم، من اجل الاستحواذ على اكبر كمية من ناتج قوة عمل العامل (والذي يتحول الى أرباح رأسمالية). وحيث لا يمكن الاجر الذي يحصل عليه العامل سوى من تجديد قوة عمله للعودة في يوم الغد من اجل الخضوع للاستغلال من جديد. فمصلحة الطبقتين إذن متناقضة بشكل كامل. ولكي تبقي الطبقة البرجوازية، الطبقة العاملة، تحت الاستغلال، فإنها تلجأ الى وسيلتين: أولا، التخدير الايديولوجي وثانيا، القمع المادي.

وتعتمد الطبقة البرجوازية في اطار تخديرها الايديولوجي للطبقة العاملة اساسا على رجال الدين الذين يسوغون استغلال العمال وعلى المثقفين الانتهازيين لنشر الفكر المثالي وسط الطبقة العاملة لتكريس اغترابهم الديني والايديولوجي. كما تلجأ ايضا إلى خدمات البرجوازية الصغرى الانتهازية بطبيعتها الا في حالات استثنائية نادرة، والتي تشكل نصف طبقة تشتغل ملتصقة بالبرجوازية الحاكمة، خاصة في قطاع الخدمات. كما تحصل على مداخيل مقتطعة من فائض القيمة التي ينتجها العمال تتجاوز بكثير اجور هؤلاء. فالبرجوازية الصغرى، نظرا لقربها من الطبقة العاملة، ونظرا ايضا لتطلعاتها التسلقية الى مصاف البرجوازية الحاكمة، فإنها تعمل على توظيف خدماتها السياسية لصالح البرجوازية ومن اجل تخدير الطبقة العاملة وتقليص حدة الصراع الطبقي. وتلعب البرجوازية الصغرى من خلال برامج احزابها الانتهازية والتحريفية، دورا اساسيا في التخفيف من حدة التناقض الأساسي القائم بين الطبقتين المتناحرتين، موظفة بقوة بيروقراطيات المركزيات النقابية للمحافاظة على استمرارية التخدير اللازم وبالتالي المحافظة على ما يسمى بالسلم الاجتماعي و"الاستقرار" استقرار الاستغلال والاضطهاد.

لكن الصراع والتناقض حتى وان تم تخفيفه لبرهة زمنية معينة، نتيجة التخدير الايديولوجي والقمع المادي، فان التراكم الموضوعي للنضالات العمالية يؤدي مع مرور الزمن الى تطور الوعي الطبقي وإلى اشتعال انتفاضات حقيقية تعيد ترتيب موازين القوى. وفي خضم هذا الصراع يحدث التطور نحو مرحلة نوعية جديدة.

النتيجة الأكيدة هي ان انتفاء طبيعة التناقض عن الظواهر معناه أنها فقدت حالة الصراع الداخلي أو سقط التضاد الداخلي وصارت منسجمة وبالتالي فإن النتيجة ستعني توقف التطور. وتأخذ شكلا ثابتا لا يتغير لانتفاء تضادها الداخلي. لكن التاريخ يشير دوما إلى أنه طالما استمر الوجود البشري، فحالة التضاد الداخلي الذي هو طبيعة الأشياء والوجود مستمر ودافع باستمرار نحو التطور بشكل لا نهائي.

إن قانون وحدة وصراع الأضداد موجود في كل مظاهر حياتنا اليومية بشكل عام، في علاقتنا مع أسرنا في علاقتنا مع أي ظاهرة مجتمعية نعيشها حتى في داخل انفسنا وتفكيرنا.

قد يفهم من الصراع للوهلة الأولى الذي تتواجد فيه الأضداد أنه حالة متشنجة، في الواقع. الصراع الذي تتواجه فيه الأضداد يأخذ عدة مستويات ودرجات من الصراع. فتجد مثلا على مستوى التعبير السياسي المعارض أن هناك مستوى من الرفض والعمل بسرية متناهية أو المواجهة على صفحات الجرائد والتناحر بين الاحزاب. وهناك مستوى الثورة أو مستوى العنف الدموي الذي قد تلجأ اليه اطراف الصراع السياسي المضطهدة. لهذا قد يكون الصراع تناحريا كالصراع بين الوطنيين والاستعمار، والماء والنار، والحب والبغض، الديموقراطية والديكتاتورية، الحار والبارد...الخ. كما قد يكون الصراع غير تناحري بين الرجل والمرأة، والأب والابن، الصيف والشتاء ... الخ. إذن فالصراع الذي يحاول فيه كل طرف ضد، إلغاء الآخر هو صراع تناحري، أما الصراع الذي لا يلغي فيه طرف ضد الآخر فهو صراع غير تناحري.

وقد تمر الأضداد بمراحل، فتنتقل من الصراع غير التناحري إلى الصراع التناحري، فمثلا صراع الاحزاب مع الملكية قد يمر من صراع غير تناحري، تبحث فيه الاحزاب عن دور، ومشاركة سياسية ومستوى من التطبيق الديموقراطي، نحو صراع تناحري عندما تعلن الثورة على النظام الملكي رغبة في تحويله إلى نظام جمهوري مثلا.

لا يمكننا بطبيعة الحال أن نفهم قانون وحدة وصراع الأضداد وأهميته وفعاليته ودوره بشكل صحيح، إلا عندما نتعرف على بقية قوانين المادية الديالكتيكية، مما يمكننا من وضعه وفهمه في مكانه الصحيح. وليس الديالكتيك مجرد ترف فكري بل هو منهج ووسيلة فعالة بيد البروليتاريا حينما تستوعبه وتحوله الى سلاح ضد اعدائها.

كتب ستالين في كراسته حول المادية الديالكتيكي، "ان المعالم الاساسية للأسلوب الديالكتيكي الماركسي هي كما يلي: أ) على العكس من الميتافيزيقي، لا يعتبر الديالكتيك الطبيعة تراكما عرضيا من الاشياء، أو الظواهر، لا ترتبط احداها بالاخرى، أو منعزلة ومستقلة احداها عن الاخرى، بل يعتبرها كيانا كليا مرتبطا ارتباطا لا ينفصم تكون فيه الاشياء والظواهر مرتبطة ارتباطا عضويا وتعتمد احداها على الاخرى وتقرر احداها الاخرى. (Staline(J), Le matérialisme dialectique et le matérialisme historique - 1938 , Éditions de l’Évidence — 2007 page : 5)

هكذا تقرر المادية وحدة الأضداد معا من وحي الوجود المادي الطبيعي.

ثم يضيف : ستالين، ب) وعليه فان المنهج الديالكتيكي، يعتبر انه لا يمكن فهم اية ظاهرة طبيعية اذا اخذت بذاتها، منعزلة عن الظواهر المحيطة بها، إلى حد ان اية ظاهرة في اي مجال من الطبيعة قد تصبح عديمة المعنى لنا اذا لم تدرس بالترابط مع الظروف المحيطة بها، بل بالانفصال عنها، وانه على العكس من ذلك يمكن تفهم اية ظاهرة وتوضيحها اذا درست في ارتباطها الذي لا تنفصم عراه مع الظواهر المحيطة بها، كظاهرة تقررها الظروف والظواهر المحيطة بها. (نفس المرجع السابق)

إذن، فالظواهر لا يجب أن تدرس معزولة عما حولها، فهي تدخل معها في تركيب الوحدة الكونية. إن الظاهرة المفردة يستحيل عزلها عن المحيط وإن جاز هذا العزل فهو من قبيل التجزئة في البحث فقط. أما إغفال عضوية العلاقة بالعالم المادي المحيط فسيؤدي حتما إلى نتائج مغلوطة في التحليل، فهل يمكن مثلا أن ندرس الإنسان بمعزل عن الغذاء؟

يواصل ستالين في كراسه، ج) على العكس من الميتافيزيقا، يعتبر الديالكتيك ان الطبيعة ليست في حالة سكون وعدم حركة وجمود وعدم تغير، بل في حالة حركة دائمة وتغير مستمرين، حالة تجدد وتطور مستمرين، حيث ينشأ شيء ما جديد ومتطور على الدوام وشيء متفسخ وزائل على الدوام. وعليه فان الاسلوب الديالكتيكي يتطلب دراسة الظواهر ليس فقط من وجهة نظر علاقاتها المتبادلة واعتماد بعضها على البعض، بل كذلك من وجهة نظر حركتها وتغيرها وتطورها، من وجهة نظر نشوئها وزوالها.(نفس المرجع السابق)

فالأشياء دائما هي في حالة وحدة وتضاد في آن معا، ولولا هذا التضاد لما حصل التطور. التطور لا يأت من عدم وفكرته لا تولد من فراغ، فلولا التضاد هذا لما حصل التطور. فالسكون عدو التغيير والتغيير هو نتيجة للتضاد الديالكتيكي الذي هو بناء الأشياء.

3 - قانون نفي النفي

أ – في الطبيعة:

يفيدنا قانون نفي النفي أولا بأن حركة التطور ليست حركة خطية بل حركة لولبية، وإن كانت هذه الحركة اللولبية لها محور رأسي يتجه للأمام وأعلى دوما في سلم التطور.

إن تصور حركة التطور الصحيحة ليس كحركة خطية وإنما كحركة لولبية؛ حيث تعود الظاهرة في حركتها إلى النقطة التي انطلقت منها لكن في مستوى أعلى.(Sewell, Rob, 2002, What is dialectical materialism? - A study guide with questions, extracts and suggested reading.)

فمن أين يأتي القول بالحركة اللولبية لتطور الظواهر؟ إن حركة التطور، عبارة عن سلسلة تناقضات حيث يتم تجاوز المراحل القديمة إلى مراحل جديدة لكن المراحل هي مثل الحلقات تتداخل حيث أن فصل كل حلقة على حدة مسألة شبه مستحيلة!

إن باستطاعتنا تميز الحلقة من خلال ذلك التركيب الذي تهيمن عليه تشكيلة معينة لكننا لا نستطيع الزعم أن الحلقة مستقلة تماما، لا عن الحلقة التي تسبقها في السلسلة ولا عن الحلقة التي تليها ، مع ذلك هذا لا يمنع من أنها حلقة لوحدها.

فالبذرة عندما تتحول في التراب الى نبتة فإن هذه الاخيرة تعتبر نفي للبذرة، كما ان تحول النبتة الى شجرة فان الشجرة تعتبر نفيا للنبتة، فنفي النفي ليس الغاء تام للمرحلة السابقة، بل هو تطوير لها. فمثلا الابناء يعتبرون نفيا لآبائهم وفي نفس الوقت يشكلون استمرارا نوعيا لهم.

إننا لو ركزنا انتباهنا على إحدى الحلقات سنجدها متداخلة مع حلقة سابقة وحلقة لاحقة. وهذا تماما هو شكل الظاهرة وهي تحتوي في رحمها على نقائضها.

ب – في المجتمع:

لو أردنا القياس على مثال عملي اجتماعي لأخذنا أي تشكيلة اجتماعية اقتصادية كالإقطاع مثلا:

في نمط الانتاج الإقطاعي فإن النموذج السائد في الظاهرة الاجتماعية هو نموذج الإنتاج الإقطاعي، طبقة أرستقراطية صغيرة، مالكة للأرض الزراعية التي هي عصب عملية الانتاج، ثم مزارعين أقنان يمثلون الاغلبية، لكن هناك أيضا عبيد من مخلفات مرحلة أسبق، وهناك نشاط تجاري يتبرعم، وبداية لصناعة المنيفاكتورة. لكن هذا لا يمنع بأن الوصف الذي ينطبق على هذه التشكيلة هو أنها نمط انتاج إقطاعي، لأن هذا هو النمط المهيمن على التشكيلة.

إن الانتقال الذي يتم من مرحلة لأخرى هو عملية نفي للمرحلة السابقة لكنه نفي ديالكتيكي. فظاهرة التحول من نمط الانتاج الإقطاعي لنمط الإنتاج الرأسمالي هي عملية نفي ديالكتيكي، لأن التغيرات التي راحت تتكرس ببروز النمط التجاري وتراكم الرأسمال التجاري وبداية الصناعة راح يحول معه النمط تدريجيا لصالح الانتاج الرأسمالي ضد نمط الانتاج الاقطاعي. إنه وهو يهيمن – أي النمط الرأسمالي- يقوم بعملية نفي للنمط السابق وهو الإقطاعي، وما أن يدخل المجتمع النمط الرأسمالي حتى يتحول شكل الظاهرة التي هي التشكيلة الاجتماعية الاقتصادية هنا ويسود الشكل الانتاج الرأسمالي إلا أن هذا لا يمنع أن نجد على ضفافه نمط إنتاج إقطاعي هو من مخلفات أسلوب الإنتاج السابق لكنه لا يمثل ظاهرة مهيمنة.

نقول نفي ديالكتيكي لأن الحالة المهيمنة السابقة تتحول إلى ضد سلبي في شكل الظاهرة الجديدة، والضد الإيجابي في الظاهرة السابقة صار حالة مهيمنة، وولد ضد إيجابي جديد من رحم شكل الظاهرة الجديدة.

يركز إنجلز كثيرا على قانون نفي النفي في رده على دوهرين من خلال الأمثلة الطبيعية: "إن عملية خروج الشرنقة من البويضة هي عملية نفي لمرحلة البويضة ، ثم تبدأ مرحلة تراكم كمي جديدة إلى ان تنضج الفراشة جنسيا وتصبح مؤهلة للتزاوج فيتم التزاوج لتضع البيض وتموت نافية النفي".(Friedrich Engels, Anti-Duhring , (1878), Edition Social, 1971 , page : 78)

إن عملية التطور عبارة عن سلسلة لامتناهية من نفي النفي، الذي لا يجب اعتباره رجوعا للوراء، وإنما نفي إيجابي، لأن اتجاه المحصلة له دوما للأمام وأعلى أي اتجاه تطوري.

---------------

(1) - مصطلح المادية الديالكتيكية dialectical materialism لم يستخدم من قبل ماركس أول من استعمل المصطلح هو جوزيف ديتزغن dialectical materialism الذي كان على اتصال بكارل ماركس ونقله إلى الاشتراكية الروسية جورجي بليخانوف Georgi Plekhanov بينما استخدم انجلز مصطلح materialist dialectic أي الديالكتيك المادي وليس المادية الديالكتيكية في كتابه : ديالكتيك الطبيعة Dialectics of Nature الذي اصدره بعد وفاة ماركس عام 1888 . للمزيد راجع كتابات بليخانوف








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصادر: مقتل مسؤول في منظومة الدفاع الجوي لحزب الله بغارة إسر


.. قبيل عيد الفصح.. إسرائيل بحالة تأهب قصوى على جميع الجبهات| #




.. مؤتمر صحفي لوزيري خارجية مصر وإيرلندا| #عاجل


.. محمود يزبك: نتنياهو يفهم بأن إنهاء الحرب بشروط حماس فشل شخصي




.. لقاء الأسير المحرر مفيد العباسي بطفله وعائلته ببلدة سلوان جن