الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السياسه الدينيه السوفياتيه في اسيا الوسطى

عبد المطلب العلمي

2017 / 4 / 3
مواضيع وابحاث سياسية


قبل عام 1917،كانت الحكومة القيصرية تدعم بقوة الكنيسة، وخاصة الأرثوذكسية. ومع ذلك، موقفها تجاه الإسلام، كان ذا شقين. من جهه، الخشيه من أن الإسلام يمكن أن يكون بمثابة الأساس الأيديولوجي لتوحيد جميع الشعوب الإسلامية. ولذلك، فإن الحكومة القيصرية كانت قلقة من امكانيه تاسيس تجمعات و ادارات إسلامية موحدة. و من ناحية أخرى، أدركت الحكومة القيصرية أنه بدون دعم المساجد وأئمتها سيكون من الصعب الاحتفاظ بالسيطره على السكان المسلمين. لهذا السبب محافظ عام تركستان ،كان يأمر السكان المسلمين في المنطقة بالتقيد الصارم بتعاليم الإسلام والى طاعة رجال الدين. كما أنه لم يتدخل في نظامي القضاء و التعليم.
في السنوات الأولى بعد ثورة أكتوبر ، بدأت الحكومة السوفيتية بتنفيذ تدابير عملية لمعالجة العلاقة بين الدولة والدين. اعتمد مجلس مفوضي الشعب في روسيا الاتحادية الاشتراكية السوفياتية في20 كانون الثاني 1918 مرسوما بشأن "حرية الضمير، و الجمعيات الكنسية و الدينية"، الذي اشتهر بتسميه "الفصل بين الكنيسة والدولة و الفصل بين المدرسة و الكنيسة" . و صدر قرار مماثل من قبل مجلس مفوضي الشعب لجمهوريه تركستان السوفياتيه الذاتيه الحكم بتاريخ 20 تشرين الثاني عام 1918 .
المرسوم المعتمد من قبل مجلس مفوضي الشعب لروسيا الاتحادية الاشتراكية السوفياتية ، أصبح أساس السياسة العامة للدولة السوفيتية تجاه الدين والمنظمات الدينية. الغت هذه الوثيقة اي تمييز بين المواطنين بسبب موقفهم من الدين. أعلنت علمانية الدولة والمدرسة. قضى على التمييز القائم للمنظمات الدينية و تقسيمها الى "مرحب بها"، "متسامح معها" و "مضطهده" . جميعها اصبحت متساويه في الحقوق "كجمعيات خاصة" شكلت على أساس طوعي ويتم الصرف علىها من قبل المؤمنين. خلق الشروط القانونية والتنظيمية والمادية التي بموجبها اصبح كل مواطن حر في تحديد موقفه من الدين والتصرف وفقا لقناعاته . السلطات السوفياتية وضعت قيودا على حقوق وأنشطة الكنيسة، وخاصة في مجال الملكية الكنسية. أمر المرسوم بوقف إعانات الدولة للكنيسة والجمعيات الدينيه، والقضاء حذف بند الانتماء الديني من جميع الوثائق الرسمية للمواطنين. إلغاء القَسم الديني ونقل إجرائات الأحوال المدنية للسلطة التنفيذيه.
تنفيذ هذا المرسوم كان صعبا للغاية، وذلك لأن رجال الدين والمراكز الدينية وقفوا ضده ، وافتقرت السلطات المحلية إلى ضبط النفس ورباطة الجأش. أعطى المرسوم صلاحيات أكبر لممثلي السلطات المحلية، الذين لم يدركوا الطبيعة الحقيقية للمرسوم، و تسرعوا في العمل، مقتنعين في إمكانية القضاء على الدين في الحياة اليومية ووعي السكان المسلمين ، بضربه واحده. بين العاملين في جهاز الحزب والدولة كانت الرغبة جامحه ، باللجوء الى الأساليب الإدارية و الاوامر في مسيرتهم ضد المعتقدات الدينية والحياة الروحية للشعب. تنفيذ المرسوم كبحه نقص العاملين المحليين المدربين ، والهيئات الحكومية المتخصصة في الشؤون الدينيه، والتضارب بين السلطات المحلية،و اللجوء الى اساليب "الضغط الثوري"وتناقضات بعض أحكام المرسوم ، الفهم المختلف لبعض بنوده وحتى الجهل .
تنفيذ المرسوم كان بشكل غير متسق. كانت هناك حالات قمع ضد الملالي، الذين يدرسون الإسلام في المساجد ، اما في أماكن أخرى فسمح بتدريس الإسلام حتى في المدارس العلمانية. في منتصف 1918 أرسلت مفوضيه القوميات لروسيا الاتحادية الاشتراكية السوفياتية رسالة توجيهيه، منعت بشدة استخدام أي قمع ضد الملالي المدرسين لتعاليم الدين الإسلامي في المساجد، او في منازلهم، او في منازل المواطنين بناء على طلبهم الأخير و تحريم إغلاق المدارس الدينية المموله من تبرعات الأفراد. و وجدت المفوضية الجمهورية لشؤون التعليم، أنه من الضروري السماح مؤقتا بتدريس قواعد الدين في المدارس.
في أوائل عام 1920، أرسلت اللجنة المركزية للحزب الشيوعي (البلشفي) تعميما حول العلاقة مع شعوب الشرق، حيث حددت المهمة " مضاعفة الجهود من اجل اختراق الإيديولوجية الشيوعية لوعي السكان المسلمين ". ومع ذلك، فإنه شدد على ضرورة ألاخذ بعين الاعتبار التخلف السياسي والثقافي للشعب. وتم توجيه الشيوعيين على التركيز على نقطتين لعبتا في حياة المسلمين دورا كبيرا ، الدين والوطنية. وحذر التعميم، من محاربه الهراء الديني بشكل مباشر ، بل تقويضه من خلال فتح المدارس والنوادي وقاعات المطالعة و تعميم التنوير.
تنفيذ مبدأ الفصل بين الدين والدولة في مجال السياسة التربوية في آسيا الوسطى واجه مشاكل محددة. إنشاء المدارس العلمانية كان يسير ببطء بسبب مجموعة متنوعة من الأسباب، بما في ذلك نقص الاموال و ضعف البنيه التحتيه. الثقافية والمحلية، و الميزات العرقية كانت تتناقض مع تعليمات السلطة السوفيتية. في آسيا الوسطى، حيث نظمت الاحكام الدينيه و أركان الدين الإسلامي، طريقة العيش و العلاقات الاجتماعيه ، كان من الصعب تنفيذ التعليم المشترك للبنين والبنات. و وافق العديد من الآباء على تعليم أبنائهم في المدارس العلمانية فقط إذا كان المعلم يرتدي العمامة والعباءة، والأطفال يؤدون الصلاة في اوقاتها . في جمهوريه بخارى ، حسب المناهج الدراسية في المدارس العلمانية ، تم تخصيص بعض الوقت للدروس الدينيه، والطلاب الذين بلغوا سن 14 عاما، يمكنهم، عند الرغبة تعلم أساسيات الإسلام في المسجد. وقد ادى موقف قيادة الجمهورية هذا من هذه المسألة الهامة جدا ،رد فعل إيجابي من قبل الإدارة الروحية للمسلمين. في خطابها الموجه لجميع الأئمة والمسلمين بشكل عام، صرحت بأن "التعليم فقط يعطي الناس القدرة والحق في العيش كمواطنين كاملين، أخذين كل هذا بعين الاعتبار، فإنه من الضروري أن ننظر إلى المدرسة الحكوميه بشكل صحيح وسليم، و ان لا نتوانى عن المساعدة الممكنة لها ومحاولة دعمها ماليا.
المدارس الدينية تمتعت بشعبية كبيرة بين السكان، رغم وجودها جنبا إلى جنب مع المدارس الجديدة العلمانية. فقد تمتعت بوضع مالي أفضل من المدارس العلمانية. ويرجع ذلك إلى حقيقة أن المدارس الدينية الاسلاميه كان يتم تمويلها من عائدات الأوقاف. وبالإضافة إلى التأثير الكبير للملالي على السكان ،كل هذا ادى الى تعزيز مكانه المدارس الدينية. على سبيل المثال، في عاصمه جمهوريه خوارزم الشعبية السوفياتية كان عدد من العاملين في المنظمات الدينية والذين يدرسون في المدارس الدينية والمدارس التقليدية 2550شخصا عاشوا جميعا في حساب ارباح الأوقاف.
في منتصف العشرينيات تغيرت السياسه السوفيتيه بشكل حاد بالنسبه للمدارس الدينية. تم نقل ملكيه مباني المدارس الدينية الى السلطات السوفياتية، و تم فتح المدارس العلمانية على حساب إيرادات الوقف. و تم استبعاد مناهج التعليم الديني في معظم المدارس العلمانية ومنع الملالي من العمل في المدارس العلمانية، و حتى من العمل في نظام التعليم بشكل عام. ادى هذا الوضع الى زرع عدم الثقة بالمدرسة العلمانية،و بالنظام السوفياتي بصفة عامة. في بعض الحالات، تجلى هذا في دعوه السكان لعدم إرسال أبنائهم إلى المدارس العلمانية، زاعمين أن التعليم في المدارس العلمانية يقوض الأسس الأخلاقية للمجتمع.
نظرت هيئات الدولة والحزب بعين الشك إلى رغبة رجال الدين للتكيف مع ظروف النظام السوفياتي. وأدانت في الوثائق الرسمية للحزب أنشطة رجال الدين الإصلاحيين و مدارسهم الدينية. في الجلسة الموسعه للجنه المركزية لمكتب آسيا الوسطى للحزب الشيوعي (البلشفي)، التي جرت في 24 كانون الثاني 1927، قال أمين سر اللجنة المركزية للحزب الشيوعي في أوزبكستان إيكراموف: "عندنا في أوزبكستان خُلق انطباع زائف، وكأن رجال الدين اليساريين او التقدميين يدافعون عنا، و يسيرون معنا. نتج هذا فقط لأن رجال الدين يقولون انهم مع المدرسة العلمانيه و مع نظام إصلاح الأراضي والمياه وضد رجال الدين القدماء. كل هذا صحيح، ولكن يتم ذلك ليس للدفاع عن خطنا بل للنضال ضدنا ". وبعد فترة من الوقت في الجلسة الموسعه للجنة المركزية للحزب الشيوعي(البلشفي) في أوزبكستان، التي جرت في 14 حزيران 1927، قسم رجال الدين، إلى ثلاث مجموعات: رجال الدين المحافظين وما يسمى رجال الدين التقدميين او الاصلاحيين و الايشانيين[ احدى الطرق الصوفيه المنتشره في اوزبيكستان]. في رأيه، رجال الدين الاصلاحيين، لهم تأثير قوي على السكان، و هم الأكثر خطورة. فهم الأكثر نشاطا وو تركيزا للمهمات الاداريه في ايديهم في اطار حربهم مع رجال الدين المحافظين ، و قاعدتهم أقوى بكثير من الصوفيين والمحافظين وبالتالي فهم يناورون للسيطره و من بعد ذلك ممارسه كافه طرق المقاومه ضد السوفيات .
الشريعة والعادات لقرون شكلت الوعي القانوني للجماهير العريضة من السكان المحليين. المحكمة الدينيه سادت بين الشعوب المستقرة في آسيا الوسطى ( الطاجيك والأوزبك)اما بين البدو( القرغيز والتركمان) كانت هناك محكمة الباي[المحكمه العشائريه]، المستنده إلى العادات و العرف، و اصول تحديد الملكية والعلاقات الشخصية.البلاشفة المحليين في آسيا الوسطى، الذين في معظمهم روس، لم ياخذوا بعين الاعتبار نفسيه وعادات السكان المسلمين و لم يستطيعوا تقييم قوة العادات والتقاليد، وعمق تغلغل الدين في الحياة المحليه.
عمليات إلغاء المحاكم الشرعية و المحاكم العشائريه،التي كانت تتمتع بمكانة كبيرة بين السكان. متجاهلين أن الجزء الأكبر من السكان الأوزبك والطاجيك وغيرها من الجنسيات الآسيوية الوسطى ، يدينون بالإسلام، والذي يختلف عن الأديان الأخرى في أنه تطرق في قوانينه لبعض الجوانب الدنيويه في حياة الناس.
بحلول منتصف عام 1919 تراكمت لدى الحكومة السوفييتية ما يكفي من الخبرة لتنفيذ سياسات أكثر تطورا. تم الترحيب بدخول المؤمنين في المنظمات البلشفية المحلية. و ظهر من سموا لاحقا أيضا ب "الملالي الحمر" و "كازي[قاضي] الشعب".
ورد في احد قرارات المؤتمر لأول للمنظمات الإسلامية للحزب الشيوعي (البلشفي) في تركستان " الحاجة إلى المضي قدما في عملية إعادة التنظيم التدريجي للمحاكم الشرعيه و العشائريه، من أجل استبدالها بمحكمة شعبيه واحدة ،المحكمة الجديدة، من الممكن ان تعتمد بعض أسس الشريعة والعادات، والتي لا تتعارض مع الحس البروليتاري من العدالة والضمير".
ومع ذلك، فإن حكومة جمهورية تركستان بدلا من إعادة التنظيم بدأت بالغاء المحاكم الإسلامية في وقت مبكر جدا، لأنها لم تكن قد فقدت مصداقيتها بعد بين المسلمين. كان ينظر إلى القضاء على هذه المحاكم من قبل السكان بانه هجوم على أسس الإسلام. لذلك في 31 كانون الثاني 1920 اقرت اللجنة التنفيذيه المركزية للسوفييت في جمهورية تركستان تنظيم لجنة للتشاورحول تعديل اللوائح والأوامر الصادرة عن حكومة العمال والفلاحين في جمهورية تركستان مع أحكام الشريعة الإسلامية والعادات .اما قرار المكتب السياسي للحزب الشيوعي (البلشفي)حول الاوضاع في تركستان – بخارى، احتوى على تدابير أخرى لمعالجة الوضع المتفاقم على الجبهة(انتفاضه البسماشيين) حيث نص على اعاده أراضي الوقف و عمل المحاكم الشرعيه، كذلك تاسيس لجنة الطوارئ الديكتاتوريه في بخارى الشرقية ، التي أصدرت مرسوما يحتم على السلطات المحلية دعوه الجماهير للصلاة في المساجد، وفي حالة واصلت السلطات المحلية حظر الأنشطة الدينية، مقاضاتها و اصدار الاحكام بحقها ، بما في ذلك حكم الاعدام.
عقد في طشقند مؤتمر موظفي العدل مع ممثلي المحاكم الشرعية، الذي اعتبر أنه من الضروري اعاده العمل بنظام المحاكم الشرعيه. و اصدرت اللجنه التنفيذيه التركمنستانيه مرسوما يسمح للمحاكم الشرعيه بالعمل إلى جانب المحاكم السوفييتية. ومع ذلك، فان نشاطها بقى محدودا حيث لم يتم تمويلها من قبل الحكومة السوفيتية.
ولكن بعد ستة أشهر تغير الوضع. اللجنة التنفيذيه المركزية لسوفييت مفوضي الشعب في تركستان و حكومه تركستان، اصدرتا مرسوما جديدا، ينص على منع عمل المحاكم الشرعيه في معظم محافظات الجمهوريه وسمح لها بالعمل في ثلاثه محافظات فقط على شرط موافقه المدعي و المدعى عليه المثول امامها ، اما في حالة عدم رغبه احد الطرفين المثول امام المحكمه الشرعيه، فتنقل المحاكمه الى المحكمه السوفياتيه.
عام1924 تم تقليص نشاط المحاكم الشرعيه في تركستان ،فقد أزيلت ولايتها القضائية عن جميع القضايا الجنائية، و لم تعد تحكم الا في القضايا الدينيه وسرعان ما اندثرت . اما في بخارى فاستمرت المحاكم الشرعيه في العمل ، مع وجود و نشاط المحاكم السوفياتيه، نظرت المحاكم الشرعيه القضايا المدنية فقط. و كان يتم انتخاب قضاتها لمدة سنة واحدة. الشريعة حسب فهم البخاريين ليست مخالفة للوعي الثوري للشعب البخارى و القوانين المعمول بها و الصادرة عن حكومة بخارى .في بخارى في عام 1923، كان هناك 65 محكمه شرعيه تمول من الموازنة العامة للدولة ، و كثير من القضاه الشرعيين كانوا حتى أعضائا في الحزب الشيوعي.تدريجيا تم تقليص مهام المحاكم الشرعيه عن طريق اصدار المراسيم و القوانين الضروريه ، في نهايه عام 1927 لم يبقى في كل اوزبيكستان سوى 7 محاكم شرعيه.
الأصلاح الزراعي واصلاح نظام توزيع المياه بدايه العشرينيات. كان في جوهره نظام تدابير ثورية ديمقراطية للقضاء على الإقطاعية في مجال استخدام الأراضي و تنظيم الري، فالاقطاع حافظ إلى حد كبير في القرى على علاقات الإنتاج ما قبل الرأسمالية. في نوفمبر 1925 قرر مكتب آسيا الوسطى للجنة المركزية للحزب الشيوعي (البلشفي) بدء المرحلة الثانية من الإصلاح: مصادرة الأراضي الزراعية والمعدات و المواشي من الإقطاعيين ، وتوزيعها على الفلاحين حسب معايير القدره على استصلاحها. لكن، الفلاحين المؤمنين رفضوا بشدة احتياز هذه الممتلكات، والتي، في رأيهم، لا حق لهم بها، فالشريعة حرمت الاستيلاء على املاك الاخرين . في هذه المرحلة، دورا حاسما في تعميق الإصلاح لعب رجال الدين المسلمين، الذين ساعدوا الفلاحين على التخلص من الفهم الخاطئ، وشرح معنى ممتلكات ألاخرين.
رئيس الإدارة الروحية لطشقند الملا عبد الحافظ مخدوم وأعضاء فريق الإدارة في بداية 1926 اصدروا نداء إلى جميع المسلمين. جاء في النداء أن صحابه النبي وزعوا الحدائق المفضلة لديهم وممتلكاتهم المفضلة على الفقراء. مع الاشاره إلى السور القرآنية ذات الصلة، وأوضح للفلاحين أن الأرض ملك لمن "يحيها" – اي يعمل عليها بجهده الشخصي .مع تذكير المؤمنين أن الاستيلاء على ممتلكات وثروات الاخرين خلافا لقوانين العدالة والمساواة هو الحرام، كما اشاروا أنه نظرا لأن أصحاب الاراضي ليسوا قادرين على زراعتها ، ينبغي على الحكومة مصادرتها و توزيعها على الآخرين، حتى لا تبقى بور .على هذا الاساس فعلى الاقطاعيين المالكين الكثير من الأراضي التخلي بانفسهم عن أراضيهم للفلاحين الذين لا يملكون أرضا ، اما اذا لم يتخلوا طوعا عن الأرض، و لجئوا الى الحيل والخداع، فيجب مصادره الارض من قبل الحكومة و توزيعها على الفلاحين. و لا يحرم العمل على هذه الأراضي .
وثيقة أخرى مماثلة - نداء من أئمة المسلمين: "ايها الفلاحون الكادحون ،نؤكد لكم على أساس ما سبق أنكم فقط أصحاب الأرض! لأن عملكم المباشر هو احيائها. نحن نبارك توزيع ألاراضي على الفلاحين الفقراء والمتوسطين التي كان يمتلكها من لا يفلحها، و نناشدكم عدم ممانعه توزيع الاراضي، وتقديم الدعم الكامل للفلاحين الفقراء والمتوسطين ،فهذا امر يسمح به و يدعمه الاسلام .
من بين الأخطاء الأكثر خطورة لهيئات الحزب والحكومة ، التي عقدت إلى حد كبير الوضع في تركستان، السعي للقضاء على المحاكم الشرعيه والأراضي الوقفية والمدارس التقليدية. رئيس مكتب آسيا الوسطى للجنة المركزية للحزب الشيوعي (البلشفي) رودزوتاك قال في وقت لاحق: "كنا نظن أنه كان كافيا بعد هذا التغيير الثوري ان نعلن أننا حررنا الجميع، ليس فقط من نير الرأسمالية، ولكن أيضا من الاضطهاد الديني ، وكانت النتيجة أنه في هذا الصراع كان التعاطف الشعبي الى جانب رجال الدين ، أن هذا كان السبب الاساسي الذي قدح النار في انتفاضه الباسماشيين، التي عارضت النظام السوفياتي ".
عدد المشاركين في انتفاضه الباسماش تزايد بسرعة. بحلول الخريف من عام 1921، وصل عددهم فقط في فرغانة الى 7-8 الاف ، و وفقا لمصادر أخرى 15 الف .في بعض مناطق آسيا الوسطى كان الوضع حرجا. إبراهيم بيك، الموالي لأمير بخارى، فرض سيطرته شبه الكاملة على بخارى الشرقية. و سمي القائد الأعلى لل"الجيش الإسلامي".
الملالي الأكثر شعبيه و الايشانيين دعموا بقوة إبراهيم بك، وكانوا الاكثر نشاطا و تنظيما في حركه الباسماش ،وكدليل على الموافقة وقبول اعمال إبراهيم بك كتبوا له بعض التعويذات مع أقوال من القرآن ، التي كان من المقروض ان تحمي قائد الجيوش من رصاصات العدو. و أرسل سلطان ايشان الى إبراهيم بيك تمائمه الخاصة، التي كانت تعتبر في العالم الإسلامي ذات قيمة خاصة .تم اطلاق اسم "جيش الإسلام" أو "القوات النبي على ذلك الجيش" وأعلنوا "الحرب المقدسة" (الجهاد) على الكفار. و أصبح المسلمين كفارا ، إذا أرادوا أن يعيشوا في سلام في ظل السلطه الجديدة.
أقسم رجال الدين المحافظين رسميا على القرآن بدعم الجهاد و الانخراط في النضال مع جميع المسلمين في بخارى الشرقية. تم التركيز الرئيسي على التحريض الديني من أجل "تحرير" بخارى،و بالطبع، على المشاعر الدينية للسكان. كل أولئك الذين سوف ينضمون الى حركه الباسماش وعدوا بغفران الذنوب والنعيم السماوي في الاخره.
أدت التطورات الى توحيد الفصائل المختلفة وغالبا المتحاربة، تحت الرايه الخضراء للإسلام ،. بين جماعات الباسماش في فرغانة وبخارى قامت علاقات وثيقة، و توحدوا في سبيل "الحرب المقدسة" . هنا تجدر الإشارة إلى دور وزير الحربيه التركي السابق أنور باشا.
ومع ذلك، كان هناك في بخارى الشرقية ملالي من الطبقات السفلى من رجال الدين الذين لا يتفقون مع سياسة ابراهيم بك. وكانوا أقرب إلى الناس و احتياجاتهم، وبالتالي أعربوا عن شكوكهم في نجاح الجهاد ، مؤكدين أن إراقة الدماء في صراع غير متكافئ - فكرة، لا تسر الله.
جزء من الزعماء الدينيين في فرغانة، الذين دعموا السياسات السوفيتية، شاركوا في أعمال الهيئات الحكومية و عملوا على إعداد وتوزيع نداء خاص الى الشعب لدعم النظام السوفياتي، داعيين لمكافحة الباسماش .كان النداء ذا أهمية جوهرية، حيث أن مستوى التدين لدى شعوب آسيا الوسطى وخصوصا في فرغانة في ذلك الوقت كان عاليا جدا. في فرغانه كان لكل 325 شخصا مسجدا واحدا؛ بينما و بشكل عام، في آسيا الوسطى مسجدا واحدا لكل ألف شخص.
وبطبيعة الحال، فإن موقف هذا الجزء من رجال الدين المسلمين من السلطه الجديدة أثار حفيظة قادة حركة الباسماش. و سقط بعض الملالي ضحايا للمجازر.
وفي الوقت نفسه، مباشرة بعد القرار السياسي على اعاده عمل المحاكم الشرعيه، ورفع اليد عن الأوقاف و تقنين عمل المدارس التقليدية في فرغانة بدأ الانقسام بين صفوف الباسماشيين. عقدت المؤتمرات الإقليمية لعلماء الدين و القضاه. تحدث في المؤتمر السادس للحزب الشيوعي في تركستان، السكرتير التنفيذي للجنة مقاطعة المدينة في فرغانة حول ضرورة عقد مؤتمر الملالي، وإدراج رجال الدين في الحياة السياسية للمجتمع، وضمان حرمة دور العبادة، قائلا أنها يمكن أن تكون فرصة للتقرب من الناس، وسوف نحقق أفضل النتائج بطريقة سلمية، بدلا من الاحتراب بمساعده الجيش.
في عام 1924، تلقت حركه الباسماش ضربات ساحقة، الملا لي و الصوفيين اصبحوا يكررون ان الجيش الأحمر و السوفييت يستولوا على الأطفال ، لذلك فمن الأفضل ابعادهم عن المساجد وتدريسهم الشريعة في المنازل. و تحت طائلة العقاب من الله منعو السكان قبول المعونة الغذائية من الكفار، حتى لمن يوشك على الموت جوعا.
في نهايه كانون الثاني1924 في بخارى الشرقيه انعقد المؤتمر الاول لعلماء المسلمين. حيث ورد في قراراته: "ان الباسماش يتسترون كذبا تحت شعار حماية الإسلام ، لكن هذا هو خداع و شر، السلطة السوفياتية لا تتناقض مع أحكام الشريعة الإسلامية، لأنها توفر سلطة الشعب، لذلك على شعبنا أن يكون وفيا لها مقدما كل مساعدة ممكنة ". تشير هذه الوثيقة إلى أن جزءا كبيرا من رجال الدين في بخارى الشرقيه،موالين للنظام السوفياتي. أيضا أدان مؤتمر رجال دين شرق بخارى تصرفات الباسماش واعلن ان السلطة السوفياتية "لا تتعارض مع الشريعة الإسلامية".

*مترجم بتصرف عن بحث للدكتور بازاروف.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - شكر وتحية
مريم عبد النبي ( 2017 / 4 / 5 - 06:56 )
كل الشكر للكاتب على تنويرنا بتاريخ الإسلام في آسيا الوسطى السوفياتية
هذا جهد كبير ودقيق يستحق ما هو أكثر من الشكر
تحياتي للكاتب الفلسطيني عبد المطلب العلمي

اخر الافلام

.. تقارير عن ضربة إسرائيلية ضد إيران وغموض حول التفاصيل | الأخب


.. إيران وإسرائيل .. توتر ثم تصعيد-محسوب- • فرانس 24 / FRANCE 2




.. بعد هجوم أصفهان: هل انتهت جولة -المواجهة المباشرة- الحالية ب


.. لحظة الهجوم الإسرائيلي داخل إيران.. فيديو يظهر ما حدث قرب قا




.. نار بين #إيران و #إسرائيل..فهل تزود #واشنطن إسرائيل بالقنبلة