الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جولة في التاريخ ..نحو تجديد في الفكر والخطاب !

مسَلم الكساسبة

2017 / 4 / 5
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


نحو تجديد في الفكر والخطاب ..

التاريخ الاسلامي هو تاريخ بشر وحراكهم في فهم وتطبيق ما امنوا او اعتقدوا انه اوامر الهية ..وليس تاريخ الهة معصومة ..فـ " الله " الطوائف والفرق والمذاهب والمجتهدين باسمه لم يتدخل ولم يبد رايه او يقر احدا او فئة او طائفة على ما اجتهدت به او يشهد لها انها هي من تمثل ما يريد ، كما لم يُخطئ الأخرى ، رغم ان كل واحدة منها تدعي انها هي من تملك الله الى صفها ..بل ظل على حياده بصفته هو الله الذي يخص الجميع ، بينما ثمة بشر اجتهدوا فأصابوا مرة واخطئوا مرات .. وكل فئة احتكرت "الله" الخاص بها او ادعت ان الإله لها وحدها .. بينما بقيت طريقة الفهم تلك ، هي فهمهم واجتهادهم البشري ولا يوجد ما يعصمها من النقد والتناول ..


ان تاريخ الاسلام كله بعد انتهاء حياة نبي الاسلام هو تاريخ ارضي وحراك بشري آدمي لمنظومات سياسية اجتماعية كتاريخ اية دولة خاضع للغربلة وإعادة النظر والتقييم. لكن وللأسف فإن بقاء التاريخ والثقافة الاسلامية تحت غطاء العصمة والقداسة جمّده وحرمه من التجديد ومن حراك العقول وتخصيبها له من خلال التحاور والنقد والتناول ..


بالمناسبة ، فالنقد كلمة دائما اخذت في الاذهان المعنى السلبي وهو تناول المساوئ ، في حين هي تعني التناول الموضوعي المحايد الذي ينطلق من صفر التحيزات او الافكار المسبقة ، بحيث اذا وجد حسنات او مزايا ذكرها وأشاد بها وإذا وجد مثالب وهنات ايضا ذكرها ونوه لها ..


اما الفكرة المعصومة التي لا تريد ولا تقبل منك الاقتراب منها إلا مادحا مبهورا مقدسا لها ، فهي التي تجعلك في الواقع زاهدا بالاقتراب منها او درسها .. بالتالي تذوي وتضمحل ، ولا يبقى من يحملها الا من دخل تحت شروطها فأصابه مس جمودها واضمحلالها ،وهو بالضبط ما اصابنا كأمة حين دخلنا تحت شروط فقه القرون الوسطى الذي حرَم نفسه وحرمنا معه من ان نتحرك ونحركه حين اضفى على نفسه العصمة والقداسة وما هو الا اجتهادات بشر يعتورها النقص وتخضع للصواب والخطأ الذي يكشفه تقدم الزمن والحياة مع إعمال الفكر فيهما .


ولا يمكن لنا ان نخرج من هذه الورطة والمأزق المستحكم الذي شل وعطل العقل والإرادة لقرون طويلة الا بالحجر على الفقه الاسلامي الذي اضفى القداسة والمعصومية على نفسه كله ، والسماح للعقل بلا اي حدود بتناول تاريخ الاسلام كتاريخ بشري خاضع للنقد والمراجعة .. لا بل اكثر من هذا ,, اذا لم يغدو متاحا للعقل بحرية ان يحدد موقفا يرتضيه حتى من اكثر ثوابته قدسية والوهية فيختار ان يعلن موقفا يرتضيه بملء حريته ليكون مسؤولا عنه بالفعل امام الله وامام نفسه والمجتمع ..


( اما والله) امة مؤمنة بالحماية الاغلاقية ، لان الذي لا يؤمن او على الاقل يعلن موقفا ما ولو متسائلا سيطيح السيف بعنقه بعد ان يطيح اللعن والرجم والنبذ والكراهية والتحريض الذي سيتعرض له بوجوده المعنوي كله ؟ فمعناها نحن امم بعدد افرادنا لا امة ، و 90% منها لا نعرف حقيقة انفسها ولا كفرها من ايمانها ، بالتالي ما نعانيه من تفشي النفاق والسلبية وفساد الاخلاق والذي هو بسبب اجبار الناس بالقوة والرعب على ان يعتقدوا بامر كما نحدد ونصف لهم ..


سوى ذلك فاي كلام عن حرية المعتقد وسماحة الاسلام وحرية العقل يظل مجرد لف ودوران لا ينتج شيئا عند الجد .. وأقول الاسلام بالذات لأن الاديان الاخرى قد حسمت موقفها من هذه المسألة من قرون وأراحت رأسها واستراحت..


ولكوننا بلا شك بحاجة للاسلام كثقافة وهوية منطقة ..إذ لو ذهب حتى المسيحي العراقي "المسلم ثقافة" من اقصى الشرق العربي .. الى موريتانا في اقصى الغرب العربي ووجد نفسه وسط قبيلة لم يعتد رطنها ولا عاداتها وقرأ "قل هو الله أحد " لتغير كل شيء على الفور ولشعر وشعروا على الفور ان بينهم شيء مشترك يوحدهم ..لهذا نحن بحاجة ان نخرجه من ورطة الجمود والتطرف ومن فقه الاحكام الباتة المبرمة الذي اخترعه بشر مثلنا بالمناسبة في زمن غير زمننا .. ولسنا ممنوعين بدورنا ان نجتهد وان نتحرر من ذلك الفقه ويكون لنا فهمنا الخاص في زمن يخصنا وحياة تخصنا كل شيء فيها بات مختلفا عن تلك الازمان التي انتج بها ذلك الفقه.

ولكي نعطي مثالا هنا ولا يظل القول عاما ، فمن الافكار والاجتهادات التي لم تعد تصلح لا لزماننا هذا ولا لسواه هي فكرة الجزية او القتال وما يرتبط يها من سبي ورق وغنائم ...الخ ،هذا اذا لم تكن بالأساس اجتهاد خاطئ حتى في زمانها ، لما يرتبط بها من اذلال وامتهان لإنسانية الانسان ومن ارغام يتنافى مع حرية الرأي والمعتقد .

وهو بدوره ما يثير سؤال العصمة والقداسة من اساسه ؟ اذ من شأن المعصوم المقدس ان يأخذ الحياة اليه وان يرعاها لتتطور على عينه وبما ينسجم مع ما يطرح .. لكننا نحن هنا امام حياة باتت معظم تفاصيلها وعمومياتها في واد وفقهنا في واد اخر متخلف عنها مناف لها ، لا تقبله ولا يقبلها ؟؟ فأين هي القداسة والعصمة ؟؟


عليه ..هل نكون مدينين للعالم باعتذار ؟
------------------------


منتصف القرن السادس الميلادي حتى بدايات السابع بدأت تتشكل ملامح قوة جديدة على مسرح الاحداث على وجه الارض ، هذه القوة حددت ثلاث شروط للتعاطي معها :


- الدخول في الفكر الذي تطرحه (الاسلام)
- دفع الجزية
- أو فالقتال ..


هكذا في المراجع الخاصة بتلك القوة ومن وجهة النظر الخاصة بها سميت تلك الشروط ..
لكن هذه الشروط نفسها لو قراناها في مراجع الطرف الآخر ومن وجهة نظره سنجد انه نظر لها وسماها :

- الاستسلام
- الاتاوة
- السبي والقتل


هذه القوة الجديدة هي اكثر قوة استأثرت بالنفوذ والهيمنة على وجه الارض اذ استمرت من القرن السابع الميلادي حتى منتصف الى نهايات القرن التاسع عشر الميلادي ممتدة على نحو من 13 قرن والعالم تحت هذه الشروط "المذلة" بالنسبة له ومن وجهة نظره ..


نحن بصفتنا ورثة لكل ذلك الماضي ندفع اليوم ضريبة ذلك الرعب الذي عاشه العالم طوال تلك الحقبة الطويلة ..


ان العالم رغم خبرته تلك معنا إلا انه وعقب انهيار الامبراطورية العثمانية لم يعاملنا بالمثل وكل ما وصفناه عن تاريخ الاستعمار لا يعد شيئا نسبة ل 13 قرن من فرض الهيمنة بالسيف والسبي ..فقد تعامل معنا العالم كشعوب مبتلاة متخلفة يجب تحضيرها لاتقاء شرها باعتبار الخوف من تخلفها لا منها ..فلم يبخل علينا بالطابعة والآلة البخارية والكهرباء والسيارة والطائرة والسكك الحديد ووسائل النقل والمواصلات والدساتير والنظم السياسية والأفكار الحديثة في الحكم (إلا ان ثقافتنا نفسها كانت ترفض باستماتة ) ...الخ.. وآخر محاولة تم افشالها والشماتة بمن دعمها هي حركة الربيع العربي التي استبدلنا بها مستبدا سياسيا بآخر ثيوقراطي تنطح بدوره وقفز الى مقاعد السلطة بغباء منقطع النظير فافسد اللحظة التاريخية الرائعة لتعود للفى دياجير التسلط من جديد ..


وكل تلك التقنيات التي بعضها يصل حد المعجزة الحقيقية المعاشة والملموسة لم نرثها عن الاسلام ..فقد تركتنا الدولة العثمانية نغتسل ببول الابل والماعز ونعقم الملابس بالتدخين والحرق ، وبلا طرق ولا مدارس ولا جامعات .. وكل المدنية الحديثة والعمران عرفناها من هؤلاء المستعمرين لا من ثقافتنا وتاريخنا ..


ولو استمرينا نحن من نحكم العالم لما كنا سمحنا حتى لريشة رسام ان ترسم عصفورا فضلا عن المخترعات والتقنيات المعقدة .. فكل الرسومات التي صورت لنا الحياة في الشرق العربي هي لرسامين غرب وشرق لكن ليسوا عربا ولا مسلمين لان الرسم من الكبائر وتقليد لصنع الله في الفقه الاسلامي ومن يرسم عصفورا او بقرة سيأتي يوم القيامة ويطلب منه ان يحييها والا يكب به في النار (دائما حسب فقه الاسلام ) !! .. فما بالك ان نسمح بان نقلد الطائر بالطيران مثلا بينما الله خلق البشر يمشون على اثنتين ؟؟ وهو كمثال هنا .


لكنه ، اي العالم ، رغم ذلك ، حينما انتصر ، لم يعاملنا بالمثل !! فيفرض علينا الجزية او يجبرنا على دينه او ايديولوجيته .


ورغم ذلك وبالأمس القريب حاولت جماعات وبالبث الحي المباشر ان تعيد ذلك الماضي الرهيب فيما عرف بدولة الخلافة في العراق والشام ..فشاهد العالم تمرينا حيا لما يمكن ان يحصل للعالم لو انفردنا بالقوة والقرار فيه - لا سمح الله ولا قدر - اذ حتى الحجارة والأوابد التاريخية لم تسلم من شرهم ، وحتى تلك السكاكين التي لا يصنعوها لم يستحوا ان يتباهوا بشجاعتهم المزعومة وهم يعملوها في رقاب العزل بلا رحمة ..وحتى نساء اوطانهم وأخواتهم في لوطن والإنسانية لم يستحوا من سبيهن وجلبهن في اسواق الرق وليحيوا عهود النخاسة في القرن 21 ، ولنرى مشاهد مقززة للرجم والجلد وفرض الدين بالسوط والسكين .. ولنعرف من خلال تمرين حي كيف ومن اين خلقت تلك الكراهية للإسلام وأهله ؟ وكيف ومن اين صنعت تلك الشخصية المنافقة والذليلة التي تعيش بيننا اليوم بلا اخلاق ، فقط بمظاهر التقى الخادع ، بحيث تنجح في امتحان الذهاب للجامع في الثلج لصلاة الفجر بدافع من ذات الرعب الموروث في الجينات ، بينما تفشل في امتحانات ابسط من ذلك بكثير بمستوى التصدق بدينار او سداد دين بنفس القيمة اذا قدر ان يفلت من سداده ، وليعيدوا لنا صور مصغرة وحية على الهواء ..... وكأنما يريدوا أن يقولوا بكل صراحة : هذا ما سيحصل اذا نحن حكمنا او اي من الفرق والفصائل التي تمثل وتنتمي للفكر الذي نتبنى ..














التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بينهم طلاب يهود.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين تهز جامعات أمري


.. رحيل الأب الروحي لأسامة بن لادن وزعيم إخوان اليمن عبد المجيد




.. هل تتواصل الحركة الوطنية الشعبية الليبية مع سيف الإسلام القذ


.. المشهديّة | المقاومة الإسلامية في لبنان تضرب قوات الاحتلال ف




.. حكاية -المسجد الأم- الذي بناه مسلمون ومسيحيون عرب