الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
مراقب الورشة- أرستقراطيّة العمّال
علي عامر
2017 / 4 / 6ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
في حال استثنينا الغش والفساد, فإنّ أسعار مواد البناء الأساسية واضحة كوضوح سعر غرام الذهب, فسعر طن الحديد, أو سعر كوب الباطون, أسعار معلنة وصريحة وواضحة, كما أنّ أسعار الأراضي كذلك لا تعتمد على المشتري, وبالتالي فإنّ سعر الأرض المعروض لن يختلف باختلاف المشتري, أو باختلاف المقاول العقاري, وبالتالي فإنّ التنافس والتطاحن في السوق العقاري الفلسطيني بين المقاولين على الفوز بمعدل الربح الاعلى, لا بد أنْ يتوجه إلى وجهة أخرى.
إلى أين؟
إنّ امتصاص أعلى معدل ربح ممكن, لن يحدث, إلّا من خلال امتصاص أعلى معدلات فيوض القيمة من الأيدي العاملة, كيف ذلك؟
معروف أنّ فائض القيمة, وحسب المفهوم الماركسي, هو الفرق بين القيمة التي تنتجها الأيدي العاملة, وقيمة الأجر الذي تحصل عليه, وهذا الفرق, هو بالتحديد الربح.
فكلما زاد فائض القيمة زاد الربح, هذا يعني أنّ ارتفاع القيمة التي تنتجها الأيدي العاملة, وانخفاض الأجر الذي تحصل عليه, يعني زيادة ربح رب العمل أو صاحب شركة المقاولات.
لاحظ, أنّ هذا التقديم الماركسي لمفهوم الربح, يرفض ضمناً وجود الربح, ووجود الفرق بين القيمة التي ينتجها العامل والأجر الذي يحصل عليه, فهذا العرض لفائض القيمة, يفترض ضمناً, أنّ للعامل الحق في الحصول على أجر يعادل كامل القيمة التي ساهم في انتاجها, مما يلغي وجود الربح لرب العمل, وهذا لن يحصل إلّا حين تلغى الملكية الخاصة لوسائل الانتاج, وهذا هو جوهر المشروع الشيوعي.
• كيف يحقق رب العمل أعلى معدلات امتصاص لفائض القيمة (الربح)؟
1- خفض أجور العمّال.
ولكنْ أجور العمّال, لا يحددها رب العمل, بل تحددها قوى وتفاعلات السوق, فأجر العامل, هو معطاً موضوعيّاً وليس قراراً ذاتياً, والحد الأدني لأجر العامل, هو تكلفة حياته الأساسية الحيوانية (على افتراض غياب نقابة عمّالية نشطة وثورية), أي أنّ أجر العامل يعادل مجموع تكلفة الطعام والشراب واللباس والمسكن والمواصلات اللازمة للعمل, وهو ذلك الجزء, الذي يستعيده العامل من القيمة التي أنتجها, في حين يستحوذ رب العمل ويسرق باقي الأجزاء, وهذا الجزء, أو هذه التكلفة, أو الأجر الذي يعادل تكلفة الحياة الحيوانية الأساسية للعامل, هو تكلفة صيانة حياة العامل, ليعود في اليوم التالي للعمل+ تكلفة الحفاظ على طبقة العمال من خلال التكاثر وانتاج الذريّة, حيث ومن منظور رب العامل, لا يعامل العامل معاملة الانسان, بل معاملة الآلة أو الماكينة التي تنتج القيمة, والتي لا تحتاج إلّا إلى الصيانة البيولوجية, لتعود للعمل في اليوم التالي, مما يحرم العامل من حقه في التمتع بالحضارة التي ينتجها هو أساساً, ويحرم من التمتع بالحياة الاجتماعية والأخلاقية ناهيك عن التمتع بالفن والثقافة والموسيقى وغيره, بل هو محروم حتى من الراحة الجسدية الزائدة عن الحد الأدنى من حاجاته البيولوجية.
وبالتالي, فإنّ أجر العامل لا يدخل في حسابات التنافس بين أرباب العمل أو حيتان المقاولات, من حيث أنّه معطاً موضوعياً واحداً أمامهم جميعاً.
2- زيادة عدد ساعات العمل مع ثبات الأجر.
وهذا يسمح لرب العمل, بامتصاص فيوض قيمة أعلى, من خلال زيادة القيمة التي ينتجها العمّال بعد زيادة ساعات عملهم, مع تثبيت الأجر المستحق, ولكن, وبالأخص في صناعة البناء والعقار, هناك حد أعلى لساعات العمل في اليوم الواحد, لا يستطيع بعدها العامل, أن يقدم ولو دقيقة عمل واحدة, وهذا الحد, هو معدل الحد البيولوجي لقدرة مجموع أجسام العمال على تحمّل عدد معيّن من ساعات العمل الشاقة في يوم واحد.
زيادة عدد ساعات العمل مع ثبات الأجر, يمنح المقاول هامشاً لمنافسة المقاولين الآخرين في معدل الربح, ولكن هذا الهامش محدود بحدود قدرة جسد العمّال على التحمّل والبذل.
3- زيادة معدل انتاج القيمة مع ثبات عدد ساعات العمل, ومع ثبات الأجر.
يحدث هذا عن طريق زيادة انتاجية العمّال في الساعة الواحدة, وبافتراض أنّ آليّات وأدوات ووسائل البناء شبه واحدة في السوق الفلسطيني, فإنّ زيادة الانتاجية تحدث عن طريق عصر العمّال واستغلال أجسادهم للحد الأقصى, في مشهد يشبه مجازياً صورة العبد الذي يتحرّك من خلال ضرب السياط.
• كيف يحدث هذا؟
يصطفي صاحب العمل, أو مدير المشروع, من بين العمّال, أخبرهم وأكفأهم وأقدرهم على القيادة والتأثير, ثم يمنحهم امتيازات ومحفزات, أي يشتريهم ليخونوا طبقتهم, تسمّى هذه الفئة في اللغة السوقية الفلسطينية (معّلم البناء, أو مراقب العمّال), بالإضافة للوظائف الإدارية, من تقسيم أدوار وتوزيع موارد وأدوات, ينشط معلّم البناء للمحافظة على وضعه المميّز فوق طبقة العمّال وتحت أرباب العمل, من خلال الضغط على العمّال, وسلبهم إرادتهم, واعتصار أجسادهم لاستخراج أعلى معدلات الانتاجية, ليحقق رضاء سيّده رب العمل, ويمتّع نفسه ببعض الامتيازات والرشاوي, أطلق لينين على هذه الفئة اسم {ارستقراطيّة العمال}.
• خصائص هذه الفئة؟
1- ينتمي أعضاء هذه الفئة أساساً لطبقة العمّال, وبالتالي فهم الأقدر على فهم الخصائص الداخلية لهذه الطبقة والتعامل معها , وهم الأدرى بآليات سَوْق العمّال وسَوْسهم لما فيه مصلحة رب العمل.
2- تنشط هذه الفئة بجد حثيث لإرضاء رب العمل, والمحافظة على موقعها فوق الطبقة العاملة, من حيث إدراكها لوهن موقعها, وخطورة فقده في أيّة لحظة, ومن جهة أخرى, يدرك رب العمل هذه المعادلة, ويستغلها لحدها الأقصى.
3- تتكوّن هذه الفئة وتنشأ وترتاع على أساس خيانة طبقتها الأساس, طبقة العمّال, وتحافظ على تميّزها بإدامة هذه الخيانة ومضاعفتها.
4- تتميّز هذه الفئة بالكفاءة المهنية والإدارية المميزة لهم عن باقي العمّال.
5- تمتاز هذه الفئة بالتذبذب والنفاق وعدم الثبات والقلق, فدورها ونشاطها, يضاعف المسافة بينها وبين طبقتها الأساس طبقة العمّال, من خلال خفض أجور العمّال والتمتع بامتيزات خاصّة, كما يضاعف المسافة بينها وبين أرباب العمل, من خلال مضاعفة أرباح طبقة أرباب العمل, فكلما نشطت أرستقراطية العمّال أكثر, كلما وجدت نفسها معلقة وحيدة في الفراغ.
• الوظيفة الأساسية لهذه الفئة؟
مضاعفة انتاجية العمّال, من خلال استغلال أجسادهم للحد الأقصى, وسلبهم حقوقهم البسيطة, مثل حرمانهم من استراحة القهوة, أو تقليص فترة استراحة الغداء, ومساومتهم على التنازل عن حقوقهم, وأتعابهم, أو حقهم في التعويض للإصابة, أو حقهم للإجازة, الخ.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. التقدم والاشتراكية والشيوعي الفيتنامي يبحثان تعزيز التعاون و
.. ضوء على الفلسفة الماركسية - د. أحمد ماضي.
.. س?بار?ت ب? ه??بژاردني خولي ش?ش?مي پ?رل?ماني کوردستان
.. اشتباكات بين الشرطة ومتظاهرين قرب السفارة الإسرائيلية في طوك
.. من قلب مسيرة 6 أكتوبر بالرباط في الذكرى الأولى لطوفان الأقصى