الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جمهورية ابناء العم.. عرض مدهشة لتاريخ المرأة على حوض المتوسط

محمد عبعوب

2017 / 4 / 8
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات


في كتابها " الحريم..و أبناء العم. تاريخ النساء في مجتمعات المتوسط" الصادر في باريس عام 1974 وقدمته للقارئ العربي دار الساقي عام 2000م ، تتناول الباحثة الفرنسية في مجال الانثربولوجيا "جيرمين تيليون" تركيب وتطور المفاهيم والبنى الاجتماعية والثقافية التي تؤطر وضع المرأة المتوسطية، وتدير علاقاتها بالأفراد والجماعات على كل المستويات عبر العصور منذ فجر التاريخ وحتى بداية القرن العشرين في المجتمعات المطلة على حوض المتوسط .

ويحظى وضع المرأة في هذه الدراسة باهتمام واسع ، حيث ترى الباحثة أن الاضطهاد الذي تواجهه المرأة والمعاملة الدونية سواء على المستوى المعنوي أو المادي لا يقتصر على الضفة الجنوبية والشرقية لهذا الحوض كما يروج له الكثيرون، بل يمكن رصد ظواهر له قديمة وحديثة على الضفة الشمالية للمتوسط، أي اليونان وجنوب ايطاليا وفرنسا واسبانيا .. وتلفت إلى أن هذا السلوك المتطرف والشاذ في التعامل مع المرأة لا يقتصر على المجتمعات الإسلامية المنتشرة على الضفة الشرقية والجنوبية للمتوسط، بل هو جزء من ميراث قديم مستمد من الوثنية الماقبل تاريخية والتي لا تزال تثقل على المجتمعات المسيحية والإسلامية سواء بسواء.

وتقول في باب التدليل على تعامل الشعوب الانتقائي والمصلحي مع مجموعة القيم التي نادت بها الأديان والفلاسفة لتنظيم العلاقات الإنسانية والتي انعكست في تعاملها مع المرأة " لقد انطلقت هذه السيرورة التطورية من غسق التاريخ –قبل موسى وعيسى عليهما السلام ومحمد صلى الله عليه وسلم –لكنها مثل الصدأ لم تؤثر إلا على السطح، أثرت هناك حيث كان الاتصال بين مجتمع البوادي والسهوب وبين مجتمع المدن (...) إنه لتمرين جيد للعقل و وسيلة لكسب حميمية حضارة ما ، القيام بمقارنة العادات الواقعة لمجتمع ما بتعاليم أخلاقه ودينه ، ثم قياس التصدع بينهما. والحال أنه مثلما تختار المجتمعات الأوروبية القديمة من المسيحية ما يدعم مواقفها (بإسقاط أو تحريف المسائل الرادعة لفواحشها الأساسية)، كذلك أخضعت مجتمعات أفريقيا وآسيا الصغرى الإسلام لتعامل من المستوى نفسه" ، وتسرد الباحثة جملة من الروايات عن أحداث عاشتها وأخرى سمعت عنها من أشخاص عاشوها وذلك خلال تجوالها في مدن وواحات وصحاري المغرب العربي والشام ومصر ودول البلقان وجنوب اوروبا ، تكشف هذه الانتقائية في التعامل مع القيم، والتي أفرزت اختلالا ملفت في البنية الثقافية والحضارية والعلاقات الاجتماعية لدى هذه الشعوب لا زالت آثاره موجودة حتى اليوم.

وتشير الباحثة الى أن وضع المرأة في مجتمعات جنوب المتوسط رغم ما شهدته هذه الساحة من ثورات دينية ( يهودية ومسيحية وإسلامية) خاصة منها الإسلام الذي أعطى للمرأة وضعا متقدما في تشريعاته، إلا إنها لازالت تعاني وضعا مأساويا ومتدنيا، فيما جارتها على الضفة الشمالية كانت قد تجاوزته منذ عقود..

واعتمدت تيليون في تعزيز أطروحتها هذه على ما جمعته من معلومات واستنبطته من أفكار من خلال ما سطره مفكرون و مؤرخون وبحاث قدماء من هيرودوتس الى ابن خلدون حول تطور حياة المجتمعات الإنسانية على ضفاف هذا الحوض، وعلى ما جمعته من مشاهد وقصص الحياة اليومية خلال رحلات ميدانية قامت بها خلال النصف الأول من القرن العشرين شملت كل البلدان المطلة على هذا الحوض تنقلت خلالها بين مراكز حضارية قديمة ومدن عريقة وأرياف ونجوع بدوية وقوافل رحل متتبعة حياة السكان وتقاليدهم وثقافاتهم لتقدم لنا هذا السرد المدهش والدقيق لثقافات إنسانية بكل جوانبها المضيئة والمظلمة التي تداولت ولازالت تعيش وتتبادل التأثير فيما بينها على ضفاف هذا الحوض حتى اليوم..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. واشنطن تفرض عقوبات جديدة على طهران بعد الهجوم الإيراني الأخي


.. مصادر : إسرائيل نفذت ضربة محدودة في إيران |#عاجل




.. مسؤول أمريكي للجزيرة : نحن على علم بأنباء عن توجيه إسرائيل ض


.. شركة المطارات والملاحة الجوية الإيرانية: تعليق الرحلات الجوي




.. التلفزيون الإيراني: الدفاع الجوي يستهدف عدة مسيرات مجهولة في