الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
الزعامة الدرزية .. خيار جنبلاط أم قدره ؟؟
أنيس يحيى
2006 / 1 / 23اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
لا أعتقد أن أحداً في لبنان يسعى الى الحرب الاهلية ، فالجميع يدركون الكلفة الباهظة التي تستلزمها هذه الحرب . إلا أنني لن اصدّق أحداً اذا قال يوماً أنه تفاجأ بهذه الحرب ، أو أنه وجد نفسه دون ارادةٍ منه في وسطها . فالحرب مثل أي أمر آخر ، تحتاج إلى مناخٍ ملائم تنمو وسطه ، وعند اكتمال شروط هذا النمو ، فان الحرب لا تحتاج إلى أحداثٍ كبرى لتنفجر . بل أن واقعة قد تبدو تافهة بذاتها ، قادرة على اشعال مثل هه الحرب .
لقد شهد الاسبوع الأخير في لبنان هيجاناً سياسياً ملفتاً . تمثّل بالموقف الذي أطلقه السيد وليد جنبلاط حيال التجاذب الكبير الذي تشهده الساحة السياسية . لقد أطلق جنبلاط جملة مواقف سياسية واضحة من النظام في سوريا ومن حزب الله ومن السلاح الفلسطيني فوق الاراضي اللبنانية . هذه المواقف وإن بدت ذات مرامٍ متباعدة ، إلا أنها في الواقع ذات بُعد واحد ، يتمثل في المعوقات التي تمنع قيام دولة لبنانية قادرة على الامساك بقراراتها الوطنية .
هل كان الواقع السياسي في لبنان يحتاج الى هذه الجرأة ، أو ما هو أبعد منها ، التي أطلقها وليد جنبلاط ؟ بكلام آخر ، هذ يحق لطرف سياسي مثل وليد جنبلاط ، أو لمن هو في حجمه أن يحدث هذا الهيجان في الساحة اللبنانية ؟
الاجابة تستدعي شيئاً من التأمل في كلّ من الواقع السياسي في لبنان من جهة ، وتستدعي ايضاً احاطة بشخصية وليد جنبلاط التي ارتضى لنفسه الوصول الى حيث هو .
فمن جهة الواقع السياسي اللبناني ، أقول نعم . هذا الواقع وصل الى المكان الذي يحتاج فيه إلى كلام مباشر ، أو لنقل استفزازي . الجميع في لبنان ، والمتتبعون للحالة اللبنانية يدركون أن البلد سائر في اتجاهين متعاكسين ؛ واحد يعلن أصحابه أنهم في حلف استراتيجي مع سوريا ومن هم وراءها . وانهم مستعدون للدفاع عنها في كل المجالات . وآخر ، يعلن اصحابه أنهم مهددون من النظام في سوريا ، وينادون بالتالي باسقاط هذا النظام .
إن اصحاب هذين الاتجاهين يعملون بجد للوصول الى أهدافهم . لكن عملهم هذا كان يتم ، قبل مواقف جنبلاط الأخيرة بشيء من الممالأة والمجاملة . وكأن كل فريق منهم ينتظر استكمال عدته قبل الوصول الى المواجهة العلنية .
إن كلام جنبلاط أخرج ما كان مكنوناً ومكبوتاً الى الواجهة . وجعله بالتالي مادة للكلام بين الفريقين بعيداً عن التكاذب والتدليس . فجنبلاط أعلن بوضوح ، ووراءه من يقف موقفه ، بانه ضد احتفاظ حزب الله بسلاحه الى ما لا نهاية . بالأحرى حدد بدقة مهمة هذا السلاح ، وهي تحرير الاراضي اللبنانية . وأضاف أن الأراضي اللبنانية قد أصبحت محررة بالكامل وفقاً للشرعية الدولية . أما التذرّع بمزارع شبعا ، فان جنبلاط طاللب حزبَ الله ، وبوضوح أيضاً باستحصال وثيقة من حليفه السوري تؤكد لبنانية مزارع شبعا ، وإلا على اللبنانيين انتظار تطبيق القرار الدولي رقم 242 للبت في هوية تلك المزارع .
كلام في منتهى الوضوح والدقة . وما أجاب به حزب الله كان في منتهى الوضوح والدقة أيضاً . وقد عبّر عن ذلك الكثيرون من قيادات حزب الله حتى أطل الامين العام للحزب عبر احدى الشاشات وحدد أهداف السلاح الذي يمتلكه الحزب . فالهدف استراتيجي ، ويتمثلل بالاحتفاظ بالسلاح تحسباً من اعتداءات اسرائيلية . واستشهد الامين العام بالانتهاكات اليومية والمتنوعة التي تقوم بها اسرائيل . هذا يعني ، أن على حزب الله البقاء على جهوزية قتالية للتصدي لهذه الاعتداءات طالما بقي لبنان في حالة عداء مع الدولة العبرية . وهو بالتالي مشروع حرب لا نهاية لأفقه ، ومَن سار من الاطراف اللبنانية خلف هذه المقولة كان حليفاً لحزب الله ، ومَن رفض الانجرار كان عليه تحمل تبعات الاتهامات التي تلصق به تهمة العمل في مشروع غربي ؛ اميركي فرنسي بالتحديد لجر لبنان ومن ثم المنطقة الى مواقع مغايرة لمصالحها . واصبح أيضاً الحديث عن مزارع شبعا ، والالتباس في هويتها مسألة غير ذي قيمة ؛ فالسيد نصرالله أعلن في احدى خطبه الجماهيرية بأن من أهداف سلاح الحزب تحرير القرى السبعة وصولاً إلى تحرير القدس .
هل من نجاحات مرجوة من الحوار الذي يدعو اليه امين عام حزب الله ، الأطراف اللبنانية حول سلاح الحزب ، بعد أن أعلن السيد نصرالله مؤخراً بأن سلاح الحزب هو " عرض " حامليه ؟ واستطرد موضحاً مكانة العرض عند الشرقيين عامة والمسلمين خاصة .
السؤال الثاني : هل يحق لوليد جنبلاط أن يحدث هذا الهيجان في الساحة اللبنانية ؟
لعل جنبلاط يحاول ازالة الالتباس حول شخصه ودوره وقيادته . فالبعض يقول أن جنبلاط قامة وطنية كبيرة ، وهذا يسمح له تناول الموضوعات على اختلافها . ويرى البعض الاخر أن جنبلاط غير قادر على تجاوز المصالح الدرزية الضيقة ، وانه يهتم بالتفاصيل الصغيرة للحد من بروز شخصيات درزية تطمح إلى لعب أدوار على الساحة الدرزية ، وكأن جنبلاط غير مطمئن الى قدرته على النفاذ الى الساحة الوطنية إلا من آحادية زعامته على الدروز .
لا شك أن جنبلاط شخصية فاعلة في الحالة الوطنية ، إن لجهة ما يحمله من تراث في هذا المجال ، وإن لجهة تداخل مصالح الجماعات اللبنانية التي هي بمجملها طائفية ومذهبية .لكن اطلالة جنبلاط على المشهد تبقى ملتبسة دائماً ، وكأنه لا يدرك استحالة الجمع بين المغالاة في تمثيل الدروز وبين الادعاء بزعامة وطنية .
قد يقول البعض أن جنبلاط ليس فريداً بين الزعامات اللبنانية ؛ فجميعها طائفية ومذهبية ، وجميعها تخفق عند ادعائها بالزعامة الوطنية . هذا صحيح ، ولان جميع هذه الزعامات ساهمت طيلة سنوات طويلة في المغالاة في تمثيل جماعاتها ، أصبح المشهد السياسي مفتقراً إلى قيادة يلتف من حولها اللبنانيون باطمئنان من الانزلاق الى المهاوي الطائفية والمذهبية المعيقة لقيام دولة تظلل الجميع . وبالتالي يفشل وليد جنبلاط في التعالي على المصالح المذهبية ، ويكثر كلام المشككين في قدرة جنبلاط على لعب دور جامع للبنانيين ، ليبقونه ممثلاً لشريحة طائفية قليلة العدد ، ألا وهي الدروز . خاصة وان جنبلاط سعى لاطلاق مواقفه الأخيرة التي أحدثت هياجاً في الساحة السياسية ، وسط جماهير درزية احتشدت حوله وكأنها تؤكد تقدّم زعامة جنبلاط الدرزية على ما يشتهي محبو جنبلاط من دور وطني .
لسنا في موقع تقديم النصح لوليد جنبلاط حول كيفية بناء زعامته الوطنية التي نظنه خاطئاً اذا ادّعى امتلاكها ، رغم قناعتنا بأن لديه من الانفتاح والأفكار العلمانية ما يؤهله لذلك .
تبقى المسافة بين الخيار والقدر شاسعة . غير أن البعض يدّعي امكانية المساهمة في صنع الاقدار .. عند هؤلاء تتضاءل المسافات وتصبح الكلمات دون معنى متراصفة في جوار بعضها البعض .
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. حرب غزة.. هل تتسبب في تفاقم الأوضاع في الأردن؟ | المسائية
.. 16 قتيلاً حصيلة 24 ساعة من القصف المتبادل بين إسرائيل وحزب ا
.. العراق.. توجه لحجب تطبيق -تيك توك-! • فرانس 24 / FRANCE 24
.. الرهائن ووقف إطلاق النار.. آخر تطورات المفاوضات بين إسرائيل
.. واشنطن.. نتنياهو وافق على إعادة جدولة اجتماع رفح