الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحروب العالمية محلياً

سعد العبيدي

2017 / 4 / 9
مواضيع وابحاث سياسية


في الأمس القريب وعندما كانت أسلحة الجيوش الكبرى (أمريكا، روسيا، بريطانيا، فرنسا...الخ) تقليدية، ووسائل التواصل والاتصال العالمي محدودة، كانت الدول وبضوء المصالح والرؤى المستقبلية تنقسم الى كتلتين أو فريقين، يعتقد كل واحد منهما أنه قادر على ادارة وكسب الصراع المسلح مباشرة مع الطرف المقابل، وبما يحقق فرض الارادة، وهكذا تبدأ الحروب ومهما علت أرقام خسائرها البشرية والمادية فهي بالمقارنة مع إجمالي السكان والثروة البشرية تعد محدودة بالقياس الى ما يمكن أن تسببه الحروب بأسلحة تدمير شامل باتت جميع الدول الكبرى تمتلك خزين لها قادر على الفتك بعموم البشرية، على هذا وكنتيجة لتطور الحس الانساني للخسارة والرفاه، توجه القادة السياسيون والعسكريون الكبار الى سبل تصادم عسكري محدودة، قوامها حروب انابة أو نزاعات محلية، وقودها دول وجماعات لم تنضج حضارياً، إدارتها جهد دولي محدود نسبياً، وما حصل ويحصل في العراق وسوريا واليمن وليبيا تعبير عن هذا النوع من الحروب التي لا ينطبق عليها وصف حروب محلية، وكذلك لا يمكن نعتها بالحروب العالمية.
إنها حروب هجينة لا تسمح في سوحها الأطراف الدولية الكبرى المحركة والداعمة سوى باستخدام الاسلحة التقليدية، وبشكل يتلاءم وتقدير فعل التأثير المطلوب في ساحة المعركة، وبدلاً من الصدام المباشر بينها دول كبرى تتجه الى مد هذا الطرف المحلي أو ذاك بالمال والسلاح والدعم السياسي الكافي لدفعه الى القتال بالضد من الأطراف الأخرى، والتواجد المحدود عندما تقتضي ضرورة تعديل التوازن أو ترجيح كفة أحد الأطراف من خلال تنفيذ بعض الفعاليات العسكرية المحدودة، أو تقديم الاستشارة والتدريب والتعاون وتنفيذ اتفاقيات. واقع حال وشكل حروب مسيطر عليها عن بعد، لا تخرج الضربة الأمريكية على المطار العسكري السوري بحجة استخدام السلاح الكيمياوي عن سياقها الذي جرى فيه زيادة ملموسة لعيار فعل التأثير واستعراض القوة في ساحة حرب محلية يعي الامريكان جيداً مقدار الانتشار الروسي فيها واحتمالات وقوع خسائر جانبية حاولوا جاهدين تجنبها ونجحوا في هذا، ويعي الروس من جانبهم أن الأمريكان في زمن ترامب وتشكيلته العسكرية قادرين على اتخاذ قرارات تفوق شدتها كثيراً تلك القرارات التي كانت تؤخذ في الزمن السابق فحاولوا وسيحاولون تجنب آثار اتخاذها.
ومحصلة القول أن الحرب على الأرض السورية وكذلك العراقية هي حروب وان بدت محلية، فان واقعها ومخرجاتها النفسية تجعلها حروب كونية تستخدم فيها الدول الكبرى المتحاربة أسلحتها التقليدية (المسيطر عليها) وأسلحتها النفسية المعلوماتية وبعض تحركاتها العسكرية للتأثير على آراء وقرارات أطراف محددة... حروب من النوع الذي يمكن أن تستمر طويلاً، تتداخل في سوحها الغايات وتختفي أشكال الأعداء الحقيقيين، ويكون أكثر المنفذين لها هم المواطنون المحليون ومؤازرون عقائديون مقتنعون بحملهم السلاح من أجل أهداف نفسية لا يدركون طبيعتها في غالب الأحيان.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أزمة القميص بين المغرب والجزائر


.. شمال غزة إلى واجهة الحرب مجددا مع بدء عمليات إخلاء جديدة




.. غضب في تل أبيب من تسريب واشنطن بأن إسرائيل تقف وراء ضربة أصف


.. نائب الأمين العام للجهاد الإسلامي: بعد 200 يوم إسرائيل فشلت




.. قوات الاحتلال تتعمد منع مرابطين من دخول الأقصى