الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من أجل كوكبٍ أقلَّ دفئا

معاد محال

2017 / 4 / 10
الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر


في نهاية عام 2017، ستجتمع الدول في مدينة بون الألمانية، مرة أخرى لاستكمال رحلة التفاوض بشأن الحد من انبعاثات الغازات الدفيئة، تحت رعاية الأمم المتحدة. أحداث كثيرة كانت قد كشفت عن عورات "بروتوكول كيوتو"، ففي الوقت الذي كانت فيه الصين قد تجاوزت الولايات المتحدة من حيث نسبة انبعاثات غاز ثنائي أكسيد الكربون في الجو، كانت "الدول النامية" تزيد من التلوث دون ضوابط. فما هو الدور الذي قد تلعبه الدول "الأقل تلويثا" في جعل الكوكب أقل دفئا؟
في العام 1896، درَس العالم السويدي سفانت أرينوس Svante Arrhenius (1859-1927) العلاقة بين تغير كمية ثنائي أكسيد الكربون وتدفئة الأرض، وتوصل إلى أن البشر تسببوا في رفع درجة حرارة الكوكب. الأحداث العالمية التي ظهرت لاحقا، أكدت صحة نظرية أرينوس. ففي 1988، صرح عالم الناسا الأمريكي جيمس هانسن James Hansen أن لحرق الوقود الأحفوري تأثير واضح على المناخ، في العام ذاته لفت اغتيال الناشط البرازيلي شيكو منديسChico Mendes، الذي صار فيما بعد رمزا للدفاع عن غابات الأمازون وعن قضايا البيئة بصفة عامة، أنظار العالم إلى الدمار المستشري في غابات الأمازون بسبب تقلص رقعة الغابات وما ينتج عنه من تحرير لثنائي أكسيد الكربون الذي تمتصه الأشجار وتخزنه. في نفس العام أيضا أنشأت الأمم المتحدة اللجنة الحكومية الدولية المعنية بالتغير المناخي IPCC. بدأت رحلة المحادثات والمباحثات والمفاوضات حول معاهدات المناخ سنة 1990. بعدها بسبع سنوات، اجتمعت الدول في كيوتو حيث وعدت الدول الصناعية، تحت ما سُمي ب"بروتوكول كيوتو" بخفض انبعاثات الغازات الدفيئة فيما لم يُلزم البروتوكول الدول النامية بشيء. وفي سنة 2007، عُقد لقاء دولي في بالي (أندونيسيا)، حيث وافقت "الدول النامية" على إشراكها في سباق الدول مع الزمن، ففيما تستمر المفاوضات التي تتخلها مشاعر العناد حينا وخوف بعض الدول على اقتصادها أحيانا، تستمر درجة حرارة الكوكب في الارتفاع. كما تم إنشاء "صندوق المناخ الأخضر" لمساعدة "الدول الفقيرة" على خفض انبعاثاتها. فإلى أي مدى يمكن أن تساهم دولة نامية مثل المغرب – الأقل تلويثا ومن بين الدول الأكثر تضررا من تغذية الغلاف الجوي بالملوثات- في الجهود الرامية إلى الوصول بمعدلات الغازات الملوثة إلى مستويات تنتفي فيها التأثيرات البشرية على النظام المناخي ؟
فالمغرب، ونظرا لموقعه الجغرافي المطل على محيطين (البحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلسي)، وحيث تتمركز أهم المراكز الاقتصادية والإدارية في المناطق الساحلية، فإنه يُعتبر من الدول النهددة بالآثار السلبية للتغير المناخي وفق لجنة IPCC، التي أعلنت من خلال أولى تقاريرها أن ارتفاع مستوى ارتفاع المحيطات سيغدو مشكلة كبيرة إذا استمرت المعدلات الحالية تسير على نفس الوتيرة. بيد أن انعكاسات الاحتباس الحراري قد ظهرت فعلا متجلية في انخفاض الأراضي الصالحة للزراعة والجفاف وشح المياه في بلد تُعتبر الفلاحة أهم مقومات الاقتصاد فيه.
دراسة أجراها البنك الدولي على مجموعة من دول العالم،اعتبرت المغرب، إلى جانب دول الساحل الافريقي، المناطق الأكثر تضررا من ارتفاع درجة حرارة الأرض. وعليه، فهي معرضة لشتى أنواع الكوارث الطبيعية مثل الجفاف ونقص موارد المياه والتصحر. ويتنبأ الخبراء المغاربة بتقلص كمية التساقطات، وبارتفاع درجة الحرارة بخمس درجات، الأمر الذي قد يدمر اقتصاد البلد النامي. فكيف السبيل لمواجهة الخطر؟
في قمة باريس (كوب 21) تعهد المغرب بتقليص انبعاثات الغازات الدفيئة بنسبة 13% بحلول 2030. كما احتضن في نوفمبر 2016، قمة المناخ بمراكش (كوب 22)، الذي تقررت فيه خطة العمل لتطبيق اتفاق باريس حول تثبيت الاحترار العالمي دون درجتين مئوتين ومواصلة الجهود للوصول إلى درجة ونصف 1,5 C.
في المقابل، يبذل المغرب جهودا ملحوظة في سبيل التقليص من انبعاثات الغازات الدفيئة، من خلال تبنيه لاستراتيجية طموحة تتجلى في عدد من المشاريع والتدابير المتخذة التي من شأنها أن تنقذ البلاد من خطر كارثة طبيعية مُحتملة. ومن أهم إنجازاته في هذا الصدد، تبنيه مشاريع تعتمد على الطاقة البديلة لتلبية احتياجات الكهرباء والنقل والماء والاتصالات...حيث أنشأ أكبر محطة للطاقة الشمسية في العالم: "نور للطاقة الشمسية".
لكن، لن تثمر هذه الجهود – رغم أهميتها - في شيء ما لم يلتزم الملوثين الرئيسين، أمريكا والصين، بتعهداتهما. فعندما يتعلق الأمر بالاحتباس الحراري، فللجميع يد في المشكلة. وعلى الرغم من اتفاق العلماء على خطورة ارتفاع درجة الكوكب إلا أن هناك سياسيين ينكرونها. وما دامت هناك دول لا تفي بتعهداتها وما دام هناك سياسيون يعرقلون الجهود المبذولة لإنقاذ الكوكب، فسيظل العالمُ معرضا لأفجع المخاطر.
الاحترار في تصاعد، فعلى الدول، إذن، أن تصعد من التزاماتها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. توقيف مساعد نائب ألماني بالبرلمان الأوروبي بشبهة التجسس لصال


.. الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين تهز عددا متزايدا من الجامعات




.. مسلحون يستهدفون قواعد أميركية من داخل العراق وبغداد تصفهم با


.. الجيش الإسرائيلي يعلن حشد لواءين احتياطيين -للقيام بمهام دفا




.. مخاوف من تصعيد كبير في الجنوب اللبناني على وقع ارتفاع حدة ال