الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جولة في التاريخ ..نحو تجديد في الفكر والخطاب (2)

مسَلم الكساسبة

2017 / 4 / 16
مواضيع وابحاث سياسية


في محاولة لتفكيك وحلحلة لغز الفوضى العارمة التي سادت الفكر الاسلامي تاريخيا منذ نشأته ولليوم والتي كان من نتائجها هذه الفوضى في المذاهب والفرق التي وصل التباين بينها في الفكر والاجتهاد حد التصارع واستباحة الدم وإخراج كلٍ صاحبه من الملة ، وكل يكفر ويلعن الاخر ..الخ.

هنا نحاول ان نجترح بضعة مقاربات حية لمسائل من واقعنا اليوم حتى لا نغرق في قضايا تراثية من الماضي مجرد سمعنا عنها ولم نشهدها .. بل من حاضرنا ، ونتناولها لا لذاتها بل كامثلة ولتكون قادحا يحرض الفكر على الاسئلة ..

ولكي نرى هل هناك مشكلة بنيوية في الفكر ذاته بينما الامر متعلق بما اعتدنا دوما نفسه به بان ننحو باللائمة على انفسنا ونتهم فهمنا ودمنا المهراق ، وبأننا نحن من قصرنا او لم نعِ او اختلفنا وما الى هنالك من تفاسير وتعليلات ..

وحينما نقول مقاربة او محاولة فهو يعني انها تعرض المشهد او الحدث او اللقطة وتعلق عليها كيفما اتفق بما يحرض العقل ويحرشه على تفكير تفكيكي تحليلي اعمق فيما يشبه عصفا ذهنيا وتداعيا حرا ..

فالمشاهد التي نتناولها ليست مقصودة لذاتها كما اسلفنا ، بل هي في هذا السياق كلقطات من هنا وهناك لتوظف في هذه المقاربة لتفكيك وتأويل سر هذا الصداع وتلك الفوضى التى تصل احيانا حد الخرف والذهان ..

(1)خطب حسب الطلب تكشف ما بان واحتجب
-----------------------------

تحديد وتوحيد موضوع خطب الجمع - شيء جيد من اوجه عدة .. سبما في ظل جمود وتكلس وتقليدية الخطاب وعدم اقترابه من ملامسة روح العصر .. وهو جيد من نواح عدة ، لأنه سيثبت ويكشف للناس في العلن ما كان يجري اصلا في الخفاء من قبل (ليس عندنا وحسب بل على طول تاريخنا كله ) وهو ان الدين حليف الغالب .. وان الخطباء لم يكن ما يخطبوا على الناس به هو قناعاتهم وما يجب ان يقال او ما امر الله به وأراده كما صوروا للناس فامّنوا خلفهم ..

بل انهم دائما سوقوا ارادة الساسة والسلاطين وطوبوها وباركوها وشهدوا لها باعتبارها ارادة الله .

وانهم -اي الخطباء - غالبا ما يعتلون المنابر فيسوقون ارادة الغالب وكأن من اوحى لهم بها هو الله ودون ان يكشفوا ان ما اوحى لهم بها سواه ..

وهو شيء جيد وكخطوة اولى
كي يزهد الناس في الخطب والخطباء ويكتشفوا سر الامر كله منذ بدءه لليوم - ..وهو ايضا بدوره مرحلة اولى كي يزهد الخطباء انفسهم ، في الخطابة فيرتاح الناس من هذا الجلد بالكلام الذي لا طائل منه ..

اما الاهم فهو ما قلناه سابقا انه تجربة واثبات عملي ان الدين طوال تاريخه كان لله بالاسم لكنه عمليا كان للسلطان الغالب وللتمكين له وما على الناس الا السمع والطاعة .

وكل حروبنا وكل مصائبنا غلفت بغلاف ديني ، حتى حينما ارادوا الاستدارة 180 درجة شرقا لأسباب سياسية ايضا قررها "السلطان الغالب " بدوره .. طلب من الفقهاء والخطباء التبرير .فهطلت الفتاوى والخطب. والناس قالوا بعدهم امين ...وصار لنا قضية جديدة هي المذهبية وصارت اللد والرملة هي تورا بورا والفاو والمحمرة ..الخ

دائما السياسة كانت تقرر والدين كان يلتمس التبرير والمباركة ويبحث في النصوص عن غطاء وفتيا لما تم تقريره اصلا لدواع اخرى لا علاقة لها بالأمر..

(2)"جهاد " الارهاب ، والجهاد على الارهاب
----------------------------

ولكي لا يبقى الكلام عاما نعطي امثلة ..

فاليوم بدورها تقرع الطبول للحرب على الارهاب في سياق توجه الادارة الأمريكية الجديدة للحرب عليه .. فققرع معها طبول المنابر هنا ان حي على "الجهاد"

ونحن عانينا وفطرت قلوبنا من الارهاب بشتى صوره ، فمن اكثر منا حماسا لمحاربة الارهاب اي ارهاب كان ؟

ولو اننا اصلا لم نعرف كيف وجد هذا الارهاب وتخلق ومن اين .. وان ما انقضى من هذا القرن فقط عدا عن سابقه كله كان في هذا السياق ، وتتحدث عم سبعى عسر عاما اي ما يعادل اربع ادارات امريكية ,, والإرهاب والحرب عليه لا يود ان ينجلي غبارها عن شيء ؟؟ من القاعدة وحتى داعش وما بينهما ولا ندري ما تخبئ الايام من مسميات ؟؟

فلا علاقة لهذا الكلام اذا بموقفنا من الحرب على الارهاب ودعمنا لها والتي هي حربنا ، لكن بفهم مخلص وصادق لطي هذا الملف لا للمتاجرة به .. بينما نسوق الحديث هنا فقط للتمثيل والتدليل على ما ذهبنا اليه سالبقا في (1) ..

فتحديد خطبة الجمعة الاخيرة ها لتكون عن فضائل الجهاد بينما من يتذكر منكم حين الغي الجهاد في قرارات احد مؤتمرات القمة الاسلامية ايضا القيت الخطب لتسويغ وتبرير الامر .. وحينما اقيم السلام الهش ايضا حدث الشيء نفسه .. وفي الحالتين كان الغاء الجهاد واحياء الجهاد هو بطلب من السلطان الغالب ذاته ، وفي الحالتين كان الخطباء والمفتون جاهزون ؟ هو اكبر دليل ان ولي الامر وخليفة المسلمين ومن يحدد لهم الاولويات كان دوما هو الغالب حتى لو كانت هي "الادارة الامريكية " مثلا ، او بشكل عام هو السلطان الغالب ..

وذا امعنت النظر ستجد ان الجهاد ذاته هو حجة الطرفين ؛ من يمارسون الارهاب ومن يودون محاربته والقضاء عليه .. فالذي يمارس الارهاب يستند الى حجج وفتاوى يصف نفسه من خلالها "مجاهدا" عن "دين الله" ضد المفرطين والمرتدين و,,, الخ ، والذي يواجه الارهاب ايضا يستند الى حجج وفتاوى تستند الى نفس الحجة والهدف "الدفاع عن دين الله " ضد الغلاة والمتشددين.

فهم يقتتلون وشيخهم واحد ؟؟ّ تماما كما حصل في معارك الاسلام الاولى في فتنة الخلافة وما تبعها ..

وهو اكبر دليل ان الامر برمته والرأي في الارض دوما كان لمن عز وغلب فادعى انه هو من استخلفه الله .. الذي كان دوما قناعا فقط لإرادة الغالب او السلطان الغالب بشكل عام ورغباته والتي كانت دوما تصدر باسم الله وحتى يكون من يعترض عليها ليس معترضا على الحاكم بل على ارادة الله .اما نحن فقد كان لنا من الامر فقط ان نصلي ونصوم وندعو الله بالنصر اما حصتنا في الفعل فهي ان نؤمّن وراء خطباء الغالبين الذين هم من يقررون ما يريده الله منا ولنا ..

هكذا كان دوما ، السلطان الغالب يغلف ارادته ورغباته بلبوس ديني ويطوبها ويباركها بفتوى شرعية .. وهذا وان كان واضحا لكنه قد يخفى على عامة الناس دون اعمال فكر او توضيح من ذي نظر ..سقته فقط للتمثيل والتدليل على ما نذهب اليه .

وإلا فان حاجة الامة - لولا ان الامر دوما وظف في خدمة السياسية - هي أن يتحدث الخطباء عن وحدة صف الامة ، وعن معاناتها بسبب ذلك الضخ والتلبيس عليها بتسمية النزاعات البينية والصراعات الطائفية بأنها .. "جهاد " او دفاع عن الله ..الخ

املين في الوقت نفسه للحرب على الارهاب ان تكون فعلا حربا على الارهاب لا غير ، وان نرى لها ثمارا تجعلنا نؤمّن وراء الخطباء ولو اننا نعرف انهم السنة الغالبين ومسوقوا ارادتهم ورغائبهم .


















التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اضطرابات في حركة الطيران بفرنسا مع إلغاء نحو 60 بالمئة من ال


.. -قصة غريبة-.. مدمن يشتكي للشرطة في الكويت، ما السبب؟




.. الذكرى 109 للإبادة الأرمينية: أرمن لبنان.. بين الحفاظ على ال


.. ماذا حدث مع طالبة لبنانية شاركت في مظاهرات بجامعة كولومبيا ا




.. الاتحاد الأوروبي يطالب بتحقيق بشأن المقابر الجماعية في مستشف