الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جريمة في غزة

شفيق التلولي

2017 / 4 / 23
مواضيع وابحاث سياسية


جريمة في غزة
بقلم/ شفيق التلولي

منذ أيام وتتوالى جرائم القتل والسطو والسرقة في قطاع غزة بتداعيات مختلفة، صحيح أن الجريمة ليست بجديدة بل قديمة قدم الإنسان، لكن أن تجري بهذا الشكل في بلد صغير كغزة التي يأكلها الفقر والتيه والضياع بعدما أتى الإنقسام البغيض على آخرها لهو أمر خطير لا بد أن نقف أمامه مطولاً.

الناظر إلى المعطيات الأخيرة التي تجلت معادلاتها تباعاً بعد التجاذب السياسي الذي ما غاب البتة عن غزة واستئثار الحكم بأي ثمن أدى إلى حالة من الفوضى والعودة إلى مسرح الجريمة بهذه السرعة المتنامية والمتصاعدة حيث وصلت إلى حد لا يتصوره العقل؛ الأمر الذي بث الذعر في قلوب الغزيين وبلغ ما بلغ من حالة الهذيان.

إن شعور الفرد بحالة من عدم الإستقرار الإقتصادي سيؤدي حتماً إلى انهيارات متواترة في منظومة القيم الإجتماعية بفعل الخطر الذي يتهدد حياة الأفراد في المجتمع والذي يدفعهم إلى السرقة والسطو الذي قد يصل إلى القتل، وهذا ما بات يحدث في غزة، غزة التي تعاني من البطالة المستشرية والفقر الذي يصل إلى حد الجوع والحرمان.

وتعتبر الجريمة من سرقة وسطو وقتل من أهم عوامل تفكيك المجتمع وهتك نسيجه الإجتماعي بخاصة مجتمع مثل غزة الذي ما زال يحمل موروثاً من العادات والتقاليد سيما الأخذ بالثأر، بل تنذر بعدم الإستقرار الذي يدفع الفرد إلى محاولة حماية نفسه بنفسه نظراً لغياب الأمن والحماية، وزيادة مستوى الخوف والتوتر وفقدان الثقة في محيط الفرد وارتفاع منسوب الشك والريبة إلى درجة الرعب الذي من الممكن أن يصبح ظاهرة في المجتمع.

هذا ما يترتب عليه مكافحة هذه الجرائم ولجم انتشارها بالسرعة الممكنة؛ إذ أن المعطيات تشير إلى أن غزة إذا ما أعملنا العقل وأحسنا التفكير والتدبير فهي مقبلة على صيف ساخن ربما يشتعل بفعل الواقع السياسي والإقتصادي السيء الذي من الممكن أن يعصف بها وما قد تحمله الأيام الحبلى من آلام بعدما قاربنا من انسداد الأفق وانعدام الرؤية لمستقبل غزة وتيقن الجميع بأنه لا جدوى من المساعي الرامية إلى انهاء الإنقسام في المنظور القريب وبالتالي قد يفضي هذا إلى ما لا يحمد عقباه.

وحتى نواجه تلك الحقبة الظلامية التي تتربص بغزة لابد من العمل على تحقيق التالي:

أولاً: صياغة خطاباً إعلامياً موجهاً بعيداً عن السجالات والمناكفات السياسية والدعايات المروعة بما يحفظ المجتمع ويعمل على لجم الجريمة والحد من انتشارها.
ثانياً: إشراك الكل الفلسطيني في غزة من فصائل، مؤسسات، شخصيات عامة، وجهاء وأعيان ومخاتير، كتاب ومثقفين وغيرهم من أجل وضع خطة شاملة تواجه هذا التغول والإمعان في الجريمة.
ثالثاً: تقوم هذه الفعاليات بمحاولة الوصول إلى وثيقة شرف تتضمن السبل الكفيلة بوأد الجريمة قبل أن تصبح ظاهرة في الأيام القادمة كما ولا ضير أن تؤسس إلى إنهاء الإنقسام فوراً.
رابعاً: تضع تصوراً شاملاً حول الآليات التي تؤدي إلى تمكين حكومة الوفاق الوطني من العمل في قطاع غزة لحقن أي تداعيات قد تنشأ نتيجة التعنت وفشل الحوار الجاري.
خامساً: تدعو الأسر والعائلات المتضررة من هذه الجرائم إلى مصالحة مجتمعية على قاعدة المحبة والتآخي وحفظ السلم الأهلي دون المس بحقوقها في معاقبة الجناة بما كفله القانون الذي آن له السؤددا في إطار السلطات الثلاث القضائية والتشريعية والتنفيذية.

علينا إعمال العقل وألا نستهين بالوضع الراهن الذي تمر به غزة فالمؤشرات لا تبشر بخير والإمعان في العناد يعيدنا مرة أخرى إلى ذات الدائرة التي ما زلنا ندور في فراغها ولم نجن غير العدم، بل وربما يأخذنا إلى مربع الإنتحار ، لا بد أن نقدر حياة الإنسان فهي ليست برخيصة، هذا الإنسان الذي صنع ثورة وظل على قيد الوطن قابضاً على الجمر.

أنقذوا غزة من الجريمة ولا داعي للطم والعويل؛ فلن تعيد كربلاء رأس الحسين، والسماء لا تمطر حرية؛ والوطن ليس معبد شمشون، دعونا نعض على النواجذ حد الألم؛ لننتصر بالوطن للوطن على قاعدة أن إنقاذ غزة هو انقاذ المشروع الوطني والعكس.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تونس.. زراعة الحبوب القديمة للتكيف مع الجفاف والتغير المناخي


.. احتجاجات متزايدة مؤيدة للفلسطينيين في الجامعات الأمريكية




.. المسافرون يتنقسون الصعداء.. عدول المراقبين الجويين في فرنسا


.. اجتياح رفح يقترب.. والعمليات العسكرية تعود إلى شمالي قطاع غز




.. الأردن يتعهد بالتصدي لأي محاولات تسعى إلى النيل من أمنه واست