الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دولة قوية دون شعبها

ابراهيم محمود

2006 / 1 / 26
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


شعبٌ يطيح بأصغريه الألأمُ ما بينه والذلّ ، عقدٌ مُبرَم
إن ديس بالبوط انبرى متباهياً طوبى لبوط ٍ كم أنا به أُكرَم
أو سيق بالكرباج قوَّس ظهرَه ليناله شرف ٌسفيه أرقم
يا دولةً، قهرٌ على عهر ٍ، على فسق ٍ مداها بالخراب معلَّم
شعب يموت، وليس يحيا جيفةً زمن تدوَّد فيه ماذا يعلم؟
ألِفَ الهوان المرَّلا فمه فمٌ جسد محيّره، ولا دمه دم

بين أن يكون المرء شاهداً على ما يجري في بلده، وما هو عليه البلد حالاً وحقيقة حال، فرق كبير من جهة الامكانات والتعبير عن الذات، وكيفية التواصل مع المستجدات.
ما يخص سوريا، وعلى صعيد الدولة كبناء وقوة سلطة وتعبير عن الهوية الخاصة بها، من جهة الامكانات وكيفية التكيف مع المتحولات المحلية والإقليمية والدولية، ومن خلال مجموعة وقائع، يمكن للمرء المتتبع لما جرى على مدى عدة سنوات، وخلال الفترة الأخيرة التي تغطي قرابة سنة، وتأثيرها في الشأن السياسي والأمني للدولة، ملاحظة مجموعة من الأمور الفارزة:
من الخطأ النظر إلى الدولة، بصفتها دولة ضعيفة، وأنها في ظل ذلك، قاب قوسين أو أدنى من التفكك، وفقدات الملامح التي تبقيها كياناً دولتياً، حيث إن سلسلة المقاومات الضارية، أو أوجه السياسة المتبعة من قبل النظام، تري أنها تمتلك الكثير من قوى التحدي لمن يعارضها داخلاً أو خارجاً، وكذلك المناورة لإدامة عمرها، ولا داعي لذكر الأمثلة، فهي أكثر من أن تحصى.
ورغم كل ما يقال ، عن أنها ليست دولة مؤسسات، وأنها إضافة إلى ذلك، تستمد قواها، من مجموعة من المرجعيات الداخلية( مؤسسات ذات طابع أمني وقائي، وحزبي خاصة بها، ورموز قوة مختلفة المرجعيات بدورها)، تعزز حضورها، وتبقيها ماضية فيما تنتهجه من سياسات متعددة المستويات، وخصوصاً إزاء الخارج، والضغوط الممارسة عليها.
وإن المضي قدماً على الصعيد النظري: التحليلي : الاجتماسي، ومعاينة الحراك السلطوي للدولة، يكشف الكثير من المفارقات ، تلك التي تشكل الرصيد الردعي أو المضاد لكل ما يتهددها، وتتمثل في مجموعة الخطوات المكوكية والمتقلبة، في السياسة الخارجية، ومن ثم ذات الطابع الشعاراتي داخلاً، وكيفية استنهاض القوى الشعبوية والاستزلامية، لإثبات خرافة الدولة الضعيفة، طالما أن مجريات الأحداث المتتابعة أرتنا الكثير مما يعرّفنا بأن الدولة هي أكثر مما هو مرئي فيها + أكثر مما هو مسموع ومقروء عنها مباشرة+ أكثر مماهوشائع ومتداول عنها أيضاً + أكثر مما يتردد بصور مبهمة أو نصف مفهومة عما يمكن أن يحصل لها تغيراً لاحقاً.
وإن بناء الدولة، وبصفتها دولة واقعاً، لا يساوي ما هو ممتد أمام النظر، أو مرسوم ومحكي عنه، بقدر ما يتحدد معمارياً، ومن جهة نفاذ القوة، خارج حدود النظر المحلي والإلقليمي والدولي بصورة اعتباطية. إنه البناء المعماري الصلد والخفي في أكثره، وراء، ربما، اتفاقيات وعقود ذات صلة بالدولة ككيان سياسي، وعلاقات تخفي أكثر مما تظهر، وتتأول أكثر مما تتفسر حقيقةً.
إن مسرحة القوة، بطريقة إيمائية، تتطلب الكثير من التدقيق، يمكن أن تقربنا من خاصية الدولة السورية، أو سوريا الدولة، هذه التي ننتمي إليها في مجمل أطيافنا السياسية والاجتماعية، حيث التلون بألوان عديدة ومختلفة، إزاء الخارج وتفاوت مراتبه قوة وضعفاً، والحفاظ كثيراً على ألوان محددة في الغالب، ترينا إياها قوية كلما تقدم بها الزمن، وكأنها حقاً موجودة حفاظاً على الشعب، وليس من أجله، أو أن الشعب موجود بفضل ٍ ومنة منها، وهي عدا عن ذلك، قادرة على الاستمرار، وكما تظهر بهلوانيات القوة المشخصة لشعبها، ولو تجاوزاً، وكما تؤكد ذلك للخارج: دولأ وأنظمة وجماعات دولية وتنظيمات، وأنها بذلك تكون الأقدر على تدبُّر أمورها، وهي أيضاً تستطيع تأمين احتياجات، وحتى تلبيتها أكثر مما لو تبدلت، فتكون معنية بمصالحها، حتى وهي تتبدى نقيض مظاهرقوة شد الحبل عكسياً، فلا يجب التمادي خارج هذا المنطوق الدولتي.
إن الاستمرار في نهب قوى الشعب وأحلامه، وحتى إرادته، بالمعنى الوطني، من خلال المزيد من التجويع والتصبيروالقهر المتعدد الأشكال، أوتعميق الإفقار المادي والمعنوي، تأكيد آخر على أن الشعب، هو آخر القوى التي يمكن للدولة( دولتنا الموقرة) أن تفكر فيها، من خلال البعد الهلامي له، كونه مجرد مفهوم تم اختلاقه، أو تمييعه، وأنه لم يكن، أو لا يكون القوة التي تصله بماض ٍ قريب، ولعل الإجراءات المتبعة خير دليل على ذلك، حيث لا تقدير لرد فعل شعبي، أو لا تمعين نظر لما يمكن أن يحصل إثر أي قرار يتم اعتماده، في شأن من شؤونه، كما في رفع أسعار المواد المهمة لهذا الشعب اللاشعب كالمحروقات والاسمنت حديثاً جداً، وما يعني ذلك من زيادة في اسعار الكثير من المواد الاستهلاكية اليومية، وخصوصاً ممن يعيشون تحت خط الفقر، وهم كثركنسبة، وكل ذلك لا يعني الدولة، لأنها ، ومن خلال المستجدات، لا يبدوعليها أنها مكترثة بوضعه أو مصيره، بعد الذي عُرض لـه، لتصدق مقولة الكثير من الشعراء أو الأدباء وحتى المفكرين العرب وسواهم، عن أن الشعب كمفهوم، غير موجود وغير معتبَر، في منظور الأنظمة القائمة، ولا أظن أن دولتنا بمعزل عن هذا التحديد، طالما أن كل ما تصدره الدولة: قرارات ٍ وأنظمة ومراسيم ، تخص الأوضاع المادية والنفسية والقيمية والثقافية للشعب، يكون من قبل أشخاص متربعين على رأس الهرم السلطوي، وهذا ما يثبته كل ذلك الاستنفارالذي أعلنته السلطة بشأن الفساد والمفسدين مؤخراً، ليكون الشعب ضحية الوعود الفاسدة بدورها، ولا ضير في ذلك، لأنه منزوع الخوف منه أصلاً، لهذا، وكما يظهر أخيراً، وليس آخراً، يستحق كل ما يناله من عقاب وضيم وعنف. تُرى هل من تفسيرآخر؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اضطرابات في حركة الطيران بفرنسا مع إلغاء نحو 60 بالمئة من ال


.. -قصة غريبة-.. مدمن يشتكي للشرطة في الكويت، ما السبب؟




.. الذكرى 109 للإبادة الأرمينية: أرمن لبنان.. بين الحفاظ على ال


.. ماذا حدث مع طالبة لبنانية شاركت في مظاهرات بجامعة كولومبيا ا




.. الاتحاد الأوروبي يطالب بتحقيق بشأن المقابر الجماعية في مستشف