الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


البحر من ورائكم واسرائيل من أمامكم .. من قتل بائعة الكبريت في الوطن العربي..؟؟

بلال فوراني

2017 / 4 / 27
مواضيع وابحاث سياسية


البحر من ورائكم واسرائيل من أمامكم .. من قتل بائعة الكبريت في الوطن العربي..؟؟

قصة بائعة الكبريت قصة قصيرة أبدع فيها الشاعر والأديب الدنماركي هانس كريستيان أندرسن. تروي القصة حكاية فتاة في ليلة عيد رأس السنة، حيث تتساقط الثلوج، والجو القارس يعم الشوارع، كانت هناك طفلة صغيرة مسكينة عارية الرأس، فقدت حذاءها القديم الكبير بينما كانت تسير في الشارع، الذي استعارته من والدتها، وأكملت سيرها حافية القدمين، كانت هذه الفتاة الصغيرة تجوب الشوارع، وتسير فيها ؛ لكي تقوم ببيع أعواد الثقاب (الكبريت) آملةً أن يحزن عليها أحد ما، ويشتري منها، ولكن لم تصادف ولا حتى شخص واحد، حيث كانت تشعر بالبرد، فقامت بإشعال عود ثقاب، وأحاطته بيدها حتى تشعر بالدفء، وعلى الضوء الخافت من عود الثقاب هذا، تراءى لها بأنها جالسة أمام مدفئة كبيرة حديدية، والنار تشتعل فيها ؛ فينتشر الدفء ويعم المكان، فمدت ساقيها ؛ لتدفئهما، لكن عود الثقاب انطفئ، واختفى ما رسمته أمامها من أحلام، وبقي طرف عود الثقاب مشتعلاً، فأشعلت به عوداً ثانياً، فاشتعل وأضاء ما حولها ؛ فتراءى في مخيلتها مائدة طعام، عليها ديك رومي مشوي تفوح منه رائحة زكية، ثم انطفأ اللهيب، فأشعلت آخر، فتخيلت نفسها جالسة تحت شجرة ميلاد، أجمل بكثير من التي امتلكها جيرانها في السنة الماضية، ثم انطفأ عود الثقاب، ثم أنارت عود ثقاب آخر، فتخيلت جدتها واقفة وسط الأضواء، راضية سعيدة، كانت جدتها حنونة، وتعامل الفتاة الصغيرة معاملة رقيقة، وما إن رأتها الصغيرة حتى صرخت : جدتي، جدتي، خذيني إليك قبل أن ينطفئ العود، إني أعلم أنكِ ستختفين، كما أختفت المدفئة، والديك الرومي، وشجرة الميلاد، وسارعت الصغيرة إلى إشعال بقية أعواد علبة الثقاب عبر حكها بالحائط، لكي تتخيل جدتها فترة أطول، فاقتربت الجدة من الصغيرة المسكينة، وأحاطتها بين ذراعيها، وطارتا معاً إلى السماء، فلم تعد الصغيرة تشعر لا بالبرد ولا بالجوع، ثم انطفأت كل الأعواد، وقد كانت بائعة الكبريت ممدة بين زاويتي المنزلين، بخديها المحمرين، وبسمتها الجميلة على فمها، وقد ماتت إثر البرد في المساء الأخير من السنة، وعندما طلع النهار، ورأى الناس جثتها الممدة، قالوا: يا لها من فتاة صغيرة حزينة، أرادت الدفء ؛ لكن في الحقيقة، لم يعرفوا بأنها نالت الدفء طوال حياتها .
لم تكن النهاية حزينة بالنسبة لبائعة الكبريت، بل كانت نهاية سعيدة
لأنها صعدت إلى السماء مع جدتها، تاركة وراءها الكبريت، والبرد الشديد، والجوع ...؟؟

بائعة الكبريت صارت تماما مثل كرامتنا العربية .. هذه الكرامة التي تمشي في شوارع الوطن ولا أحد يلقي لها بالاً ... تمشي وهي مكسورة الرأس .. تدق الابواب ولا أحد يفتح لها ... هذه الكرامة التي ترتمي في الرصيف كي تجد مكان تنام فيه حين تتعب من المشي ولا أحد من المارة يقول : ما بال هذه الفتاة ليس عندها سكن تنام فيه .. هذه الكرامة الذي تلوثّت بفضلات الوهابية السعودية وصارت أجيرة في حناجر شيوخها المأجورين وكلبة تنبح حين تشعر أي دولة بالتهديد لأمنها القومي .. هذه الكرامة التي صارت تلبس دشداشة سعودية وعقال قطري وحذاء كويتي في نشرات أخبار الجزيرة والعربية .. لكنها في الواقع مجرد طفلة صغيرة مرمية في الطرقات تبحثّ عن كسرة شرفّ أو شربة عزّ .. تمشي في حدود هذه الأوطان ولا أحد يتشرفّ باستقبالها لأنها فقيرة .. تحاول أن تزوّر لهم جواز سفر فيعتقلونها بتهمة الخيانة الوطنية .. تحاول أن تغيرّ اسمها فيبصقون عليها لأنها تبرأت من أصلها القديم .. تحاول أن تغير ثيابها ولكنها مسكينة لا تملك آبار النفط في دول الخليج .. ولا تملك الأصوات التي تنعق في استديوهات الجزيرة والعربية .. ولا تملك جمهوراً عريضا يجتمع لأجله في ليلة كرة قدم بين ريال مدريد وبرشلونة .. ولا تملك أرضاً شريفة ينام عليه خدها من دون أن تستيقظ كي تكتشف أنهم سرقوا حتى ثيابها الداخلية التي كانت تملكها ...؟؟

بائعة الكبريت كانت تجرب أن تشعل عود ثقاب كي توهم نفسها بالدفء .. ولكن من يجعل الكرامة العربية تنتفض لأجل أسرى فلسطين الذين يعيشون اليوم اضراب عن الطعام .. من يجعل كل الناس في الشوارع العربية تلقي بنظرة على هؤلاء الذين يقفون في وجه الاجرام الصهيوني وهم في سجونهم يتضورون جوعا وعطشا .. مالذي سوف يحرك ضمائرهم .. مالذي سيشعل براكين الغضب في نخوتهم .. من الذي سيقول كلمة حق في زمن صار الحق فيه لا يجوز شرعاً الا على شاشات الجزيرة والعربية واورينت وقنوات السعودية الصهيونية .. من يخبر فيصل القاسم الحقير والخائن والمريض بأن أهل فلسطين وشعب فلسطين لا يتشرفون بك .. من ليس فيه خير لبلده يا ابن العاهرة لن يكون له خير في بلد لا يعرفه إلا في نشرة الجو حين يكتبون عليها في نشراتهم.. اسرائيل .. من يخبر اسماعيل هنية ومحمود عباس وكلب قطر خالد مشعل .. بأنهم أبناء عاهرة ضاجعوا بائعة الكبريت كي تصفق لهم اسرائيل ..؟؟

بائعة الكبريت كانت تبحث عن الحرية في سورية .. ولكن من الذي خطفها واستبدلها بثورة حقيرة قذرة .. كل همها تدمير البلد وتجويع شعبها واستقدام كل حثالة الأرض كي يجاهدوا فيها .. كأن الرب الذي ينتظرها يعدّ لها مأدبة عشاء في جوّ دافئ جميل .. مالذي جعل كل كلاب الأرض تنبح على سورية باسم الحرية القذرة .. وهي الأرض التي استقبلت للأسف كل كلاب الأرض حين جاعوا ... بائعة الكبريت كانت تعيش في ظل هذا النظام الذي يقولون عنه مجرم ... كانت تعيش آمنة من دون خوف ولم تضطر يوما الى بيع عيدان الثقاب في الشوارع .. ولكن ثورة مأجورة حقيرة لا بد أن ينزعوا ثيابها ويتاجروا فيها على الاعلام كما تاجروا بأطفال سورية ثم يرفعوا عيدان الثقاب المحترقة على شاشاتهم القذرة ...؟؟

بائعة الكبريت في اليمن ..كانت تعرف أن هذا المريض السعودي الذي أصله يهودي لن يتركها في حالها ... فجمع معه بعض من حيوانات الدول العربية كي يهجموا عليها بدعوة التمددّ الشيعي .. على اعتبار أنهم منبر شريف للسنة وهم من يمثلون السنة .. وهم من يحاربون هذا التشيع الذي أخترعوه كي يوهموا العرب بأنهم أبطال هذا الدين .. وهم منبر اجرام لا يعرفون رب ولا رسول أصلا.. هذه الدول العربية المأجورة التي تقبض المال كي تقتل أخيها العربي والذي يوحدّ الله اذا اعتبرنا أننا كلنا من فئة دين واحد .. هذه الدول بقيادة حكومة حقيرة يهودية صهيونية سعودية.. تقتل أطفال ونساء اليمن ولا أحد يتكلم ولا أحد يصرخ ولا أحد في مجلس الأمم الرخيصة يقول هذا اجرام يا ناس.. هذا الحلف العربي الحقير من كل الدول العربية برعاية آل سعود الوهابيين جربوا أن يقطعوا يد بائعة الكبريت في اليمن .. لكنهم لم يجربوا أن يقطعوا يد اسرائيل في فلسطين ...؟؟

هل أتكلم عن بائعة الكبريت في العراق التي شنقوها بدعوة أنها تملك في أصابعها أسلحة دمار شامل وليس عيدان ثقاب .. هل أتكلم عن بائعة الكبريت في ليبيا التي كانت لا تدفع أجور كهرباء ولا سكن ولا حتى دراسة ولا حتى زواج .. هل أتكلم عن بائعة الكبريت في لبنان التي صارت ثيابها مرقعة بالطائفية حتى صار ثوبها مزركشا ومضحكا في نفس الوقت .. هل أتكلم عن بائعة الكبريت المضطهدة باسم أنها شيعية والتي تعيش في البحرين ... هل أتكلم عن بائعة الكبريت في الكويت والتي صار أسمها ( بدون ) ..هل أتكلم عن بائعة الكبريت في الامارات التي أرسلت وفدا طبيا الى غزة كي نكتشف أنهم مجرد عملاء لاسرائيل .. هل أتكلم عن بائعة الكبريت في الأردن التي صارت حنجرتها مأجورة للميكرفون الامريكي .. عن أي بائعة تريدوني أن أتكلم .. الكرامة العربية في أوطاننا بائعة كبريت .. لكنها يا خسارة الشرف في العرب .. لم يعد عندها من كثر النذالة والحقارة في العرب .. أي شرفّ ..؟؟

-
/

على حافة عود الكبريت

بائعة الكبريت ماتت للأسف من البردّ
ونحن نموت كل يوم في الهزل والجدّ
نتلقى الصفعات الحقيرة على الوجه والخدّ
ولا نعرف سوى الاستنكار والشجبّ بدل الردّ
هذا ما يستحقه الشرف العربي
حين يرميه العدو ببصّقة ونحن للأسف نرميه بالوردّ

#بلال_فوراني








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل ساعدت كوريا الشمالية إيران بهجومها الأخير على إسرائيل؟ |


.. مسلسل يكشف كيفية تورط شاب إسباني في اعتداءات قطارات مدريد في




.. واشنطن تؤكد إرسال صواريخ -أتاكمس- بعيدة المدى لأوكرانيا


.. ماكرون يدعو إلى أوروبا مستقلة أمنيا ودبلوماسيا




.. من غزة| 6 أيام في حصار الشفاء