الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاعلام بين الهدم والبناء

فاطمة الحصي

2017 / 5 / 2
المجتمع المدني


الاعلام بين الهدم والبناء
يقول الفيلسوف الجزائرى مالك بن نبى فى كتابه وجهة العالم الإسلامى ص55 "إن المشكلة ليست فى أن تبرهن للإنسان على وجود الله ،بقدر ماهى فى أن تشعره بوجوده وتملأ به نفسه بإعتباره مصدرا للطاقة "فهل هذا ما ينقصنا فى حياتنا الإجتماعيه ،وهل غياب الله كمصدر للطاقة فى أعماق النفس البشرية هو ما أدى بأحوالنا الأخلاقيه الى هذا التدنى ؟وما العلاج الناجع لحالات الانفلات الأخلاقى والإجتماعى الذى تمر بها البلاد العربية ،اقول هذا ولايغيب عن عقلى لحظة ظاهرة الغش الجماعى التى حدثت هذا العام فى اثنتين من كبريات الدول العربية الجزائر ومصر ،هذا على سبيل المثال لا الحصر من ناحية ،من ناحية أخرى يستوقفنى تماما ما يحدث فى الاعلام العربى والمصرى بصفة خاصة ،وأخص بالحديث هنا ذلك الاعلان "الصرعة "الذى أعده البعض كتكريم للدكتور مجدى يعقوب ، ومما لاشك فيه أن الدكتور مجدى يعقوب نموذج مصرى عربى يستحق الفخر والإنحناء أمامه إحتراما وتقديرا له كنموذج للطبيب الإنسان ،الذى يسعى لخدمة وطنه ، وقد شاهدنا بكل حب و إحترام هذا الاعلان كشكر وتقدير للطبيب المصرى المحترم د.مجدى يعقوب ،والحقيقة أن الرجل يستحق هذا وأكثر بكثير فما يقوم به من أعمال خيريه فى علاج مرضى القلب ،وتأسيسه لمركز القلب ،وقد استقبله ودعمه الشعب المصرى بمحبة شديدة ،وهاهوهذا الاعلان يمنحه بعض مما يستحق وليس كله، ،ويمكن لمن يهمه الأمر الاطلاع على تاريخ د.مجدى يعقوب الحافل بأعماله الإنسانية وإنجازاته الطبية عبر ويكيبديا ، فليس هذا فقط ما أود الحديث عنه اليوم ،فاللافت أنه فى الوقت الذى إنجذبنا جميعا إلى الاعلان الذى يفى د.مجدى يعقوب حقه ، تناقلت وسائل التواصل الإجتماعى بشرح واف للوجه الجديد الذى طل علينا فى الاعلان وشرح مطول لمهنته ومواهبه المتعددة وقدراته الخارقة ...الخ
والحقيقة التى ظهرت لى جَلية أن هذا الإعلان الذى يحمل صبغة إنسانية راقية ،وله هدف جعل الجميع يتشدق به ليل نهار وهو تكريم شخصية محترمة أدت دورها بكثير من الحب تجاه الوطن الأم "مجدى يعقوب "،قد صٌمم خصيصاً لا لشئ الا للدعاية لذلك الفتى إبن العائله الفنية المشهورة ،والذى يدخل عالم الإعلان من بوابته الواسعة ،فما كان من مساعديه واصحاب الافكار اللوذعية التى "تُلمع" من الأفراد والشركات والمؤسسات إلا أن تفتق أذهانهم عن فكرة عبقرية ،ساقوا فيها من كل حدب وصوب وجوه مشهورة ،مطربين ولاعبى كرة قدم وممثلين ، ثم وفى وسط تلك الكوكبة قاموا بإلقاء الوجه الجديد الغريب على عيون المشاهد المسكين المطيع الذى قتله الفضول لمعرفة من هذا الدخيل !وكان هذا هو المطوب بالضبط ،لذلك وبمجرد أن بدأ البعض فى ترديد السؤال اياه "من يكون هذا الدخيل " حتى إنتشر بوست به شرح واف لإلقاء الضوء على هذا الوجه ،وبأنه صاحب شركه دعايه وانه صاحب مواهب متعددة..وانه الشاب العبقرى الذى بدأ حياته العملية فى السادسة عشر من عمره .... الى أخر ذلك الحديث الذى تداولته وسائل التواصل الاجتماعى وحفظناه عن ظهر قلب !! وهكذا تمت صناعة نجم المرحلة القادمة من الهواء ! بديل "طارق نور"!
إنها المصيدة التى نقع فيها جميعا ،فنظلل نطنطن ونردد ما يُنقل إلينا دون أن نعرف المصدر الأول لبث كل هذه المنشورات الصريح منها و المتخفى !
وهكذا أصبح د.مجدى يعقوب أيقونة (فى حين أنه أيقونة مصر منذ سنوات عديدة )، ولكنه الان من لوازم الاعلان عن النجم المخفى ! أعتقد أن الجميع الان يفهم كيف أصبحنا لعبة فى يد ذلك الاعلام وتلك الوسيلة من وسائل التواصل الاجتماعى وغيرها ؟!!
ضربت هذا المثال للتعبير عن حالات البناء التى يقوم بها الاعلام أما الهدم فحدث ولا حرج ..فنحن نرى يوميا وفى كل لحظة الإعلانات تطنطن كعادتها ويردد أطفالنا أغانيها ،بما فيها بعض الكلمات التى تعد خارجة عن الآداب المألوفة ،وتقع الأسرة فريسة عبارات يرددها الصغار بل والكبار أيضا ،وحينما تبرق العين وتخرج كلمة "عيب"من أفواه الآباء ،يرد البعض قائلا :"هذه كلمة ذُكرت فى إعلان ليست عيبا لا من قريب ولا من بعيد :"وهكذا نعتاد ماهو خارج نطاق أخلاقنا وقيمنا ومبادئنا ..الخ
أما الطامة الكبرى فهى فى إستخدام بعض الأغنيات الوطنية للترويج لسلعة ما ،مثلما حدث فى أغنية "الوطن الأكبر"التى تحولت الى أغنية دعائية لمنتج ما ،كذلك الحال لما حدث لقصة "حلق زينب "التى كان ينبغى أن تظل رمزا متعففاً بعيداً عن كل هذا التسويق التجارى السئ ،فأمتهنوا الفكره وسطحوها ،وأفرغوها من كل معانيها السامية ،وهاهم يقدمونها للأجيال الجديدة التى بسهوله ستدرك ومن خلال ذلك الاعلان مدى سذاجة "السيده زينب "حينما ضحت من أجل إيمانها القوى بوطنها !!
هكذا يلعب الاعلام ألعابه القذرة لخدمة مصالحه فقط لا غير دون أى إعتبارات أخلاقيه أو إجتماعية أو وطنية ،فمن القائم على الاعلام فى بلادنا ؟ وهل يدركون كمّ الخسائر المعنوية والأخلاقية والروحية التى نخسرها بشكل يومى نتيجة لترك الحبل على الغابر بهذا الشكل ،إن أصحاب المصالح يلعبون بنا الكرة يا ساده ،واعود مرة أخرى الى مقولة "مالك بن نبى "والدعوة الى امتلاء الروح بالقيم الروحية النبيلة .فالحقيقة أننا لم نعد بحاجه الى قوانين ،ولكننا بحاجة إلى إعادة بناء الإنسان كما كان يذكر دائما شيخ التربويين العرب حامد عمار ، نحن بحاجه الى جعل المحتوى الانسانى للكتب السماوية يتعمق بداخل الفرد فيتحول لى طاقة فاعلة بالمجتمع .بحاجة إلى إحياء القيم الإنسانية فى المجتمع ،فبدونها تتحول ارض الوطن إلى غابه ،والقيم والمبادئ والوطنية إلى سذاجة !
يقول "مالك بن نبى":من المهم أن نرد إلى العقائد الدينية فاعليتها وقوتها الإيجابية وتأثيرها الإجتماعى ،وأعتقد أن هذا ما ينبغى أن نقوم به فى مدارسنا من خلال تفعيل القيم الإنسانية التى بالديانات السماوية اليهوديه والمسيحية والاسلام .


باحثة –مصر








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. القسام تنشر فيديو أسير إسرائيلي يندد بتعامل نتنياهو مع ملف ا


.. احتجاجات واعتقالات في جامعات أمريكية على خلفية احتجاجات طلاب




.. موجز أخبار الرابعة عصرًا - ألمانيا تعلن استئناف التعاون مع


.. بدور حسن باحثة في منظمة العفو الدولية: يستمر عقاب الفلسطينيي




.. تدهور الوضع الإنساني في غزة وسط تقارير بشأن عملية برية مرتقب