الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كلمة واحدة لا تكفي

نغم المسلماني

2017 / 5 / 7
الادب والفن


بكت بحرقة فقاطعها بصوته الجهوري الذي اختلط بنبرةٍ حادة اعتادت عليها مؤخراً:
ـــ ما بكِ يا امرأة؟ لمَ البكاء؟ أنادمة أنتِ؟!
فأجابته بصوتٍ يتكسر تحت شهقات الدموع:
ـــ إنه الشوق ينكأ جراح الفقد.. أ نسيتَ أم تغافلت أنني أم؟!
صرخ بحزم سينهي عويلها:
ـــ أ وَ ترمين بطولاته تحت أقدام ضعفك وتسحقينها بهذا الأنين؟! إن هدفه كان أسمى من "ولولة" النساء.
ثم ربض كالأسد أمامها يتحين الفرص ويحاسب سكناتها.. لم أعد أحتمل ضيق الانتظار الذي أطبق على أنفاسي حتى كاد يقتلني، عندها أمسكت عضدها برفق وكأني أرجوها أن تخبرني ما أجهله عن ولدها، ولو بكلمة واحدة.
أجابتني في حيرة وهي تلملم بقايا دموعها بصمت:
ـــ لا يمكن ذلك فكيف لي أن أختصر عمراً بكلمة؟ هيهات.. لا أعتقد ذلك.
ثم صوبت نظرها إلى صورته المعلقة على جدار الغرفة محتضنةً ربع حيزه، وأنا أتابع أحداقها ارتحلت مصغية لقولها:
ـــ كنت أحاول إقناعه بالمكوث قربي بدل الالتحاق، بتعليل أنه لا يزال صغيراً وهناك من هم أولى بتلبية النداء.. كنت أراه طفلاً يحمل بندقية، فيستهجن تلك النظرة والفكرة؛ ويذكرني بأنه هجر طفولته مع أجسادٍ الأبرياء ويمم وجهه مجاهداً يحمل الموت على أكتافٍ أثقلها الواجب، يروم تحصيل منزلةً جهلها الآخرون حين وهنوا واستكانوا.
أما أنا فقد كنت أراها تحبس دموعها خلف قضبان هيبة والده التي تربصت بها.
تنهار ثم تتجالد الكلمات بين شفتيها من جديد:
ـــ كيف أصفه لك؟! لا تسعفني الكلمات.. أستحلفكِ بالله يا ابنتي، هل يوجد رجلٍ اليوم يُقبل أقدام والدته كل صباح كما كان يفعل؟ أم هل توجد روعة حديثٍ كروعة حديثه؟ كان يشعرني بأني حبيبته الوحيدة التي يحيطها بعطفه ورعايته حتى إنني أضعتُ المعادلة.
من منا كان بحاجة الآخر؛ أنا أم هو؟ ماذا أقول بعد؟ كيف أصف عماد؟ وبماذا أصف قلباً أرحم من قلبي؟
سأترك هذا الكلام لعلكِ تشككين بصحته كونه ممزوجاً بروح الأمومة وحنين الذكرى.. سأحدثكِ عن سريتهِ التي التحق بها حيث فوضته قائداً لبسالته وليُخبركِ خاله الذي كان يشده بقوة من خلف الساتر؛ يحاول إبعاده كونه الأصغر سناً بينهم:
ـــ انزل بني.. فهناك من هم اكبر منك سناً لاعتلاء منصة الموت وقوفاً.
أ تعلمين ما كانت إجابته؟ّ أحسبكِ لا تتوقعين. أفلت يده من قبضة أخي قائلاً: أتركني يا خال أرجوك.. لأي شيء تظنني أتيت؟ أو ليس لأجل ذلك؟!
ثم اقترب منه ينظر ملء عينيه: افهمني أنا لم آتِ لأجل المال بل أغرتني الشهادة وها أنا أتيتها ساجداً.. ثم أطلق بضع رصاصات في الهواء مؤكداً قوله وصعد إلى أعلى الساتر.
خفتت نبرتها حين قالت: رحيله الأخير كان غريباً وكأنه قطع حبال الوصل بعالمٍ لم يعد يعنيه، فأخذ ينهي أعماله المتعلقة ويتصل بكل الأقرباء والأصدقاء ولعل أيام إجازته الخمسة كانت كافية لزيارة كل المراقد الطاهرة.. "سأجلب شهادتي التقديرية من النجف الأشرف".
بهذه العبارة استقبل طريق أمير المؤمنين عليه السلام، لم أفهمه.. كأنه كان يهذي.. ولم ينم كثيراً، حاول ذلك ولكن دون إغماض.. لم يكن طبيعياً في تلك الإجازة؛ يتصرف بغرابة كمن يخط وصيته.
ارتعبت وارتعدت مفاصلي ولم أشأ.. لكنه رحل.. فكان الالتحاق الأخير.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفنان أحمد عبد العزيز ينعى صلاح السعدنى .. ويعتذر عن انفعال


.. االموت يغيب الفنان المصري الكبير صلاح السعدني عن عمر ناهز 81




.. بحضور عمرو دياب وعدد من النجوم.. حفل أسطوري لنجل الفنان محمد


.. فنانو مصر يودعون صلاح السعدنى .. وانهيار ابنه




.. تعددت الروايات وتضاربت المعلومات وبقيت أصفهان في الواجهة فما