الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لوحة موناليزا في مختبر نٍزار قباني

حيدر الحيدر

2017 / 5 / 14
الادب والفن


لوحة موناليزا في مختبر نزار قباني *
حيدر الحيدر
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كتب جمع من المحللين والنقاد دراسات مسهبة عن لوحة موناليزا ومعظمهم أكدوا على ان اهم ما يميز موناليزا هو نظرة عينيها والابتسامة الغامضة التي قيل ان دافنشي كان يستأجر مهرجاً لكي يجعل موناليزا تحافظ على تلك الابتسامة طوال الفترة التي رسمها فيها . وربما اختلف اخرون بتفسير تلك الابتسامة ، فهل باستطاعتنا وضع هذه اللوحة بكاملها في مختبر الشعر المزخرف للشاعر الراحل نِزار قباني لعله صاحب رأي أخر لخبرته الشاعرية بالرسم والنساء، لنخرج بنتيجة جمالية أخرى في اعماله الشعرية الكاملة ان جاز لنا حق الإقتناص والتضمين بتصرف معقول :
...................................
* ربما اللوحة تقـــول عن لسان قباني :
من انا خلّي السؤالات أنا
لوحة ٌ تبحث عن الوانها
***
* لنتخذ من وجه موناليزا بداية لهذه التجربة الاقتناصية :
في وجهها يدور ُ كالبرعمِ
بمثله الاحلام لم تحلمِ
كلوحة ٍ ناجحة لونها
اثار حتى حائط المرسمِ
كنجمة ٍ قد ضيَّعت دربها
في خصلات الأسود المعتمِ
***
تُذكي جحيمي صورةٌ تلفها البراعمُ
وانت من ورائها هُدبٌ ووجهٌ ناعمُ
ومبسمٌ ململمٌ يحار فيه الراسمُ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* ولنأتي الى عينيها ، لنعلم لِمَ حار فيهما الحائرون ؟
فهي زيتية أم خضراء أم زرقاء سماوية أم سوداوان ؟
هذه الحقيقة تتباين في مختبر نِزار:
***
المسا شلال ُ فيروزٍ ثري . وبعينيك ألوف الصّوَرِ
وأنا منتقلٌ بينهما .... ضوء عينيك وضوء القمرِ
وبعينيك مرايا اشتعلت .... وبحار ولدت من ابحرٍ
أنا عيناك انا كُنتهما قبل بدء البدء قبل الأعصرِ
***
* وهنا تاه الشاعر في شتى الصور وكان لا بد ان يتعرف أكثر :
يسكن الشعر في حدائق عينيك فلولا عيناك لا شعرٌ يكتبُ
اخبريني من انت ؟ أن شعوري كشعور الذي يطاردُ ارنبُ
***
هل أنت ( طليانية) سألتها قالت وفي ( فلورنسا ) ميلادي
( قلتُ وعيناك في محجريهما ) تتوالد الأبعادُ من أبعادِ
***
ما المصابيح التي تغلي على فتحتي عينيك الا فِكري
رجع الصيف لعينيك ولي.. فالدنا مرسومة بالأخضرِ
الثواني قبل عينيك سُدى...... وترابٌ برجوع المطرِ
أننني اعبد عينيك .........فلا تُنبئي الليل بهذا الخبرِ
***
زيتية العينين لا تغلقي يسلم هذا الشفق الفستقي
كأنما عينك وسط الضيا صفصافة تحت الضحى الزنبقي
يا مطر العينين لا تنقطع انا حنين الطيب للدورق ِ
***
قالت الا تكتب في محجري . خضرة عينيَّ على دفتري
خضراء بين الغيم مزروعة ٌ..في خاطر العبير لم تخطرِ
يا عين يا خضراء يا واحة ًخضراء ترتاح على المرمرِ
في عينها لون مشاويرنا .... نشرد بين الكرم والبيدرِ
أي صباح لبلادي غفا وراء ......هُدبٍ مطمئنٍ طري
عيناك يا دنيا بلا آخرٍ ............ حدودها دنيا بلا آخرِ
***
لا تسأليتي هل أحبهما ؟ ...... عيناك إني منهما لهما
استغفر الفيروز كيف أنا ....أنسى الذي بيني وبينهما
وجميع أخباري مُصورة ٌ يوماً فيوماً في اخضرارهما
***
الموج الأزرق في عينيك يجرجرني نحو الأعمق
وانا ما عندي تجربةٌ في الحب ولا عندي زورق
***
عيناك كنهري احزانِ نهري موسيقى حملاني
نهري موسيقى قد ضاعا بوراء وراء الأزمانِ
الدمع الأسوَد فوقهما ...... يتساقط أنغامَ بيانِ
عيناك وتبغي وكحولي والقدح العاشر اعماني
فأنا لا أملك في الدنيا .... الا عينيك وأحزاني
***
اسوحُ بتلك العيون ...على سفنٍ من ظنون
وتعلم عيناك اني ...... أجدفُ عَبر القرون
اكوِّن جزراً وأُغرقُ .... جزراً فهل تدركين
ويسعدني ان الوب ....على مرفأ لن يكون
عزائي اذا لم أعُـد ان يقال : انتهى عيون
***
هي من فنجانها شاربةٌ وانا اشرب من اجفانها
قصة العينين تستعبدني من رأى الانجم في طوفانها
***
لأفرط حًبّات توت السياج واطعم حلمتك الناهده
سماوية العينين مصطافتي على كتف القرية الساجده
***
الثواني قبل عينيك سُدى ً وافتكار ٌ بانائي جوهرِ
انني اعبد عينيك ..... فلا تنبئي الليل بهذا الخبرِ
***
في مرفأ عينيك الأزرقْ اغرفتِ البحر ولم أغرقْ
أحلمُ بالبحر وبالابحار لو أحدٌ يمنحني زورق
فأصيد ملايين الأقمار ....وعقود اللؤلؤ والزنبق
من خبأ آلاف الأشعار... في دفتر عينيك المغلقْ
***
ماذا؟ ايتعبك المدى ؟ أبداً لا شيءَ في عينيك يتعبني
تاهت بعينيها وما علمت ... اني عبدتُ بعينها وطني
***
اين هدبٌ يمرّ منسبل الريش .. قصيفاً يغمي عليه السوادُ
تعب الجُرح يا ملونة العينين وطاش الهدى وضلَّ الرشادُ
***
كتبتُ عن عينيك الف شيءٍ ............. جميعها مكتوبةٌ بنورِ
من أنت من رماك في طريقي ؟ من حرك المياه في جذوري ؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* وما حكاية الشـفاه ؟ .. يوماُ ما سألتْ موناليزا ( دافنشيها ) عما دفن فيهما ؟
فاجابها بلسان قِباني قائلاً :
فثغرك بعض ٌ من اناقة أحرفي وصدرك بعضٌ من عويل زوابعي
أنا بعضُ هذا الحبر ماعدتُ ذاكراً حدود حروفي من حدود أصابعي
***
من اين يا (دافنش)عصرت الجنى وكيف فكرت بهذا الفمِ
وكيف بالغت في تدويره وكيف وزعت نقاط الدمِ
وكيف ركّزت الى جنبهِ غمّازة تهزأُ بالانجمِ
***
هذا الفمُ مطيَّبٌ .. ينبع منه المغربُ
صلى على ضفافه وعد هوى معذّبُ
***
ويمنحني ثغرها موعدا فيحضر في شفتيها الصدى
وامضي اليها انا شهقات القلوع تغازل لون الندى
***
اقبِّل إذ أقبِّلها حقولاً ويلثمني على شفتي الربيع
فلا تخشي الشتاء ولا قواهُ ففي شفتيك يحترق الصقيع
***
في ثغرها ابتهال يهمس لي : تعال
الى انعتاقٍ أزرقٍ حدوده المحال
نشردُ تياري شذا لم يخفقا ببال
***
منضّدة مزقزقة مبلولة كالورقه
سبحان مَن شقهما كما تشق الفستقه
***
وميعادٌ على فمها شحيحُ .... يحاول ان يبوح ولا يبوحُ
وكم شفةٍ بها عطشُ الدوالي عليها الحرف مبتهلٌ ذبيحُ
***
مشبوهة الشفتين لا تتنسكي.. لن يستريح الموعد المكبوتُ
شفتان معصيتان اصفحُ عنهما ما دام يرشحُ منهما الياقوتُ
إن الشفاه الصابرات اُحبها ... ينهار فوق عقيقها الجبروتُ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* ولعل للنهـود قصة أخرى :
يا صَلبةَ النهدين يأبى الوهم ان تتوهمي
نهداك اجمل لوحتين على جدار المرسمِ
***
وثديك الفُلي كوم سنا يغمي على البياض منه القماش
شقراء لا اعدمها لثغةً يعيا بها ثغرك عند النقاش
***
وفي النهد يعلك طوق الحرير وفي نخوة الحلمة الغاضبه
احبك حرفاً ببال الدواة ووعداً على الشفة الكاذبه
***
وداعبتْ نهداً كالعوبةٍ تصيح ان دغدغها اصبعان
نهداً لجوجاً فيه تيه الذرى وما لدى (قلبي)من عنفوان
***
رافعة النهد ِ احيطي به كوني له احنى من الحاتمِ
قد يجرح الدنتيل احساسه فخففي من قيدك الظالم ِ
هذا الذي بالغت في ضمّه اثمن ما أُخرج للعالم ِ
***
حـلَّ الشتاء بكل زاويةٍ ........ فالثلج عند مفاتق النَّهدِ
لا تكشفي العُنق الغلام فلا عاشت حراج اللوز من بعدي
***
لم يكن حبك العميق ُ ارتجالاً هوَّ رأيٌ وفكرةٌ واعتقادُ
فمتى تدركين انك انثى ..... عند نهديك يؤمن الإلحادُ
***
ونهدك تحت ارتفاف القميص شهيٌّ شهيٌّ كطعنة خنجر
فبالوهم أخلق منك إلهاً ...... واجعل نهدك قطعة جوهر
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* أما عن خصلات شعرها المسفوح فربما يحمل الأزاميل الى ضوء القمر الأسود ،
ولعل قباني يسمعها حين تقول بكبرياء متعمد :
شعري سريرٌ من ذهب ....فرشته لمن أحبْ
غمسته في الشمس ......... أوجعتُ الشُهبْ
بعثرته أحس ان (الشعر) من شعري اقتربْ
شعري أنا قصيدة ....... حروفها من الذهبْ
داخت عصافيرُ به ...بطوله شعري الذهبْ
فأين من شعري أنا .............. أين الذهبْ
خبأتُ تموز به ......... قمحاً ولوزاً وعنبْ
***
يا شعرها على يدي شلّال ضوءٍ أسوَد ِ
المّه سنابلاً سنابلاً ، لم تحصد ِ
***
احسك بين السطور ضحوكة ٌيحدثني ( شعركِ) في رقةٍ قصوى
ثقي بالشذا يجري بشعرك انهرا ليجعلها في الناس قصةً تروى
***
وشعرك المسفوح خصلاته مهملةٌ لا تعرف اللملمه
ونهدك الملتف في ريشه كأرنبٍ اليّ يدني فمه
***
على شعرها الغجري يئنُّ مساءٌ ورهبهْ
وفي ثغرها الكرزيّ تبرعمُ رغبهْ
***
وشعرك ملقى على كتفيك .... كبحرٍ كابعاد ليلٍ مبعثر
وبالوهم ازرع شعرك دفلى وقمحاً ولوزاً وغابات زعتر
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* يدها وهل أجمل ؟
يدك المليسة كيف أقنعها اني بها اني بها معجبْ
يدك الصغيرة نجمةٌ هربت ماذا أقول لنجمةٍ تلعبْ
أنا ساهرٌ ومعي يد ُ امرأةٍ .... بيضاء وهل أطيبْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* وعند اناملها ينهي المختبر الحكاية :
لمحتها اذ نسلت .... قفازها المعطرا
واوقدت شموعها الخمس وقالت هل ترى
ارشق من اصابعي ..... فيه رايتَ منظرا
انظر يدي وانفلت ... الحريرُ فوقي انهرا
معي يد جميلةٌ ....... تغزل شمعاً أصفرا
يدٌ غديرُ فضّةٍ .......... من النجوم قُطرا
انهارُ ماسٍ خمسةٌ ترشق دربي جوهرا
اناملٌ كأضلع البيان ........ سالت مرمرا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*اختيار الأبيات من قصائد في الاعمال الشعرية الكاملة لنِزار قباني ( بتصرف )








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الحلقة السابعة لبرنامج على ضفاف المعرفة - لقاء مع الشاعر حسي


.. الفنان أحمد عبد العزيز ينعى صلاح السعدنى .. ويعتذر عن انفعال




.. االموت يغيب الفنان المصري الكبير صلاح السعدني عن عمر ناهز 81


.. بحضور عمرو دياب وعدد من النجوم.. حفل أسطوري لنجل الفنان محمد




.. فنانو مصر يودعون صلاح السعدنى .. وانهيار ابنه