الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كهرباء العراق : ارقام ومقارنات

أحمد إبريهي علي

2017 / 5 / 16
الادارة و الاقتصاد


كان متوسط توليد الكهرباء للفرد في العالم، عام 2015 ، تقريبا 3.29 ميغاواط ساعة، وفي العراق 2.64 ميغاواط ساعة عام 2014 ما يعادل 80 بالمائة من المتوسط العالمي وذلك للعراق عدا كردستان. وتتفاوت الدول في استهلاك الكهرباء وتوليدها تبعا لمستويات الدخل وبنية الانتاج. وعلى سبيل المثال متوسط توليد الكهرباء للفرد في السويد 17.55 ميغاواط ساعة للفرد يعادل 533 بالمائة من المتوسط العالمي ، بينما في الهند 1.02 ميغاواط ساعة بنسبة 31 بالمائة من المتوسط العالمي . وعادة يتباطأ نمو الكهرباء، توليدا واستهلاكا، في الدول المتقدمة و يتسارع في الدول النامية، بحسب معدلات نموها الاقتصادي، على مسار لحاقها بالدول المتطورة.
ولذلك نجد معدل نمو مجموع الكهرباء المولدة في الولايات المتحدة والسويد قريبا من الصفر بين عامي 2005 و2015 وسالبا في اليابان لنفس الفترة. بينما في الصين والهند كانت معدلات النمو السنوية المركبة للكهرباء المولدة 8.8 بالمائة و 6.6 بالمائة على التوالي لنفس الفترة. و الصين تجاوزت المتوسط العالمي للفرد في الكهرباء بنسبة 26 بالمائة، واصبحت الدولة الاولى لانتاج الكهرباء في العالم لكنها لازالت ادنى من ثلث مستوى الاستهلاك الامريكي للفرد.
وفي المنطقة تركيا وايران قريبة من المتوسط العالمي، بينما السعودية والامارات 334 بالمائة و392 بالمائة من المتوسط العالمي للفرد و انجزتا نموا سنويا في مجموع الكهرباء المولدة 6.4 بالمائة و7.4 بالمائة لفترة المقارنة آنفة الذكر.
كانت الكهرباء المجهزة من وزارة الكهرباء في العراق 28.4 مليون ميغاواط ساعة عام 1990 اصبحت 35.6 مليون ميغاواط ساعة عام 2002 ثم 80.2 مليون ميغاواط ساعة عام 2014. ومعدلات النمو السنوية 1.9 بالمائة للفترة الاولى و 7 بالمائة بين سنتي 2002 و 2014. ومن المعروف ان التجهيز الرسمي للكهرباء ادنى من الطلب بفارق جوهري حيث يمكن القول دون تردد ان مشكلة الكهرباء باقية. خاصة وان الطلب الحالي الذي يعجز انتاج وزارة الكهرباء عن مواجهته هو استهلاكي اساسا وللقطاع الاسري بصفة رئيسية. وعند نهوض انتاج الصناعة التحويلية، والنشاط السلعي عموما، سوف تتسع الفجوة الى مستويات مربكة، هذا اذا ما سلمنا ان عجز الكهرباء بذاته من معوقات التنمية.
وعند الرجوع الى عام 1990 نلاحظ ان 76 بالمائة من الكهرباء المولدة في العراق حرارية ( بخارية) ، و8 بالمائة منها فقط غازية والباقي كهرومائية، من مساقط السدود المرتبطة بنظام الري. وبقيت الكهرباء المولدة من المحطات البخارية الى الآن كما هي عام 1990 تقريبا. فبعد ان كانت 21.5 مليون ميغاواط ساعة انتكست عام 2006 الى 13.5 مليون ميغاواط ساعة لتستعيد قدرات عام 1990 تقريبا بحوالي 21.1 مليون ميغاواط ساعة.
اما التحسن الذي انجزته وزارة الكهرباء فمصدره وحدات التوليد الغازية التي نشرتها على اغلب المحافظات. وفي عام 2014 اصبح التوليد من الوحدات الغازية 37.3 مليون ميغاواط ساعة بنسبة 47 بالمائة من الكهرباء المجهزة، رسميا من وزارة الكهرباء، بينما انخفض المصدر البخاري الى 26 بالمائة، واضافت وزارة الكهرباء التوليد بالديزل وتشتري من مصادر خارجية ومحلية، ايضا، فتصل جميع المصادر من غير البخارية ووحدات الغاز الى 21.8 بالمائة من مجموع الكهرباء المجهزة.
الكهرباء في العراق الى مطلع خمسينات القرن الماضي كانت تجهز من مولدات الديزل وعلى المستوى المحلي واغلبها للانارة وفي المدن . وانتقل العراق الى التوليد الحراري ( البخاري) في سياق برنامج التنمية ( الاعمار) وتمثل محطة الدورة باكورة التحول. وهو الاتجاه المنطقي والمنسجم مع معايير الكلفة / المنفعة للامد البعيد، لأن التوليد البخاري يستفيد من وفورات الحجم الكبير، وهو اساس الشيكة الموحدة وطنيا طالما ان الاستهلاك على النطاق المحلي لا يستوعب عادة طاقة التوليد في المحطات الحرارية.
اما وحدات التوليد الغازية فهي صغيرة الحجم ويتطلب الامر انشاء العديد منها لكن فترة التشييد اقصر والمتطلبات التقنية ابسط ، ولجأ العراق اليها عندما تعذر استدراج شركات رصينة وعالية القدرات في مثل الاوضاع التي عاشها العراق ولازالت لحد الآن. وقد تداخل سبب عزوف الشركات الكبرى عن دخول العراق بشروط اعتيادية مع رؤوس الاموال الضخمة التي يقتضيها التوليد البخاري وتقليص تخصياصات الاستثمارلأدامة الانفاق الجاري الضخم والذي يصعب كبحه سياسيا واجتماعيا.
تقدر وزارة الكهرباء الطلب 108 مليون ميغاواط ساعة عام 2014، في العراق خارج كردستان، ما يعني ان الكهرباء المجهز من الوزارة يعادل 74 بالمائة من ذلك الطلب. ولا يبدو هذا التقدير واقعي . وفي السنوات القريبة القادمة سيرتفع الطلب نتيجة استئناف الوضع الاعتيادي اضافة الى العوامل الاخرى مثل الدخل والسكان واثر نمو القطاعات السلعية.
العراق يحتاج مراجعة دقيقة لمجريات الاستثمار في التوليد الحراري ( البخاري) التي اخفقت او تعطلت، وكيف يستطيع استئناف الجهد الاستثماري على اسس اخرى. ومن المهم، بالتأكيد، التركيز على التكاليف، الراسمالية والتشغيلية، وتحليل مصادر الكلفة الى مكوناتها واستنادا الى مقارنات دولية على افضل وجه من جهة مصادر المعلومات واساليب التحليل. والمقصود ليس المفهوم المالي للكلفة انما الاقتصادي وعلى المستوى الكلي و في هذا الاطار ينظر الى تكاليف الوقود بالاسعار الحقيقية وتكاليف الثلوث بهدر الموارد ومتطلبات المعالجة. ولهذا الغرض ايضا تعاد قراءة وثائق استراتيجية الطاقة وما رسمت ، تلك الوثائق، لقطاع الكهرباء في جانبي العرض والطلب ، خاصة وانها بينت افضلية التوليد البقخاري واستخدام الغاز لهذا الغرض على حساب النفط الخام ، واوصت بالجمع بين مشاريع لتحلية المياه والتوليد الحراري للكهرباء بالغاز. ان التحليل القويم للتكاليف يكشف عن اوجه القصور والتقصير الاداري واختراقات المصالح المغرضة.
ان وفرة مصادر الطاقة في العراق من النفط والغاز تقود الى مزايا للصناعت كثيفة الطاقة وهذا سبب آخر لتسريع الاستثمار في الكهرباء. والتطور التقني في مجالات الانتاج السلعي ارتبط بالتحول نحو الكهرباء ، فضلا عن الاتمتة الالكترونية للكثير من انشطة الخدمات.
الكهرباء مدخل اساسي لجميع الانشطة الاقتصادية ومن الضروري الوصول الى طاقات توليد بقدر معقول من الفائض يسمح بالمناورة والصيانة الدورية والتجديد. وكلفة الوحدة المجهزة من الكهرباء لها دور كبير في تعيين القدرات التنافسية الدولية للعراق وبالتالي مستقبل الاستيرادات والصادرات. هذا الى جانب متطلبات الرفاه الاسري، والخدمات العامة ومنها التعليم والصحة والادارة الحكومية.
لقد تناولت الصحافة الكهرباء كثيرا واتخذتها الاحزاب موضوعا للتنافس السياسي لكن بلغة الشكوى و التبرير والتحريض على حساب فهم الموضوع بلغته وسبل العلاج ضمن الامكانات الاقتصادية والفرص الموضوعية للاصلاح.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. محافظات القناة وتطويرها شاهد المنطقة الاقتصادية لقناة السو


.. الملاريا تواصل الفتك بالمواطنين في كينيا رغم التقدم في إنتاج




.. أصوات من غزة| شح السيولة النقدية يفاقم معاناة سكان قطاع غزة


.. عيار 21 الآن.. سعر الذهب اليوم الخميس 25-4-2024 بالصاغة




.. بركان ثائر في القطب الجنوبي ينفث 80 غراما من الذهب يوميا