الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لمذا بدأ ماكرون رحلته بالمانيا ؟

حمدي حمودي

2017 / 5 / 16
مواضيع وابحاث سياسية


في سياقات كثيرة يتساءل الكثير من المتتبعين عن قضية تحويل مركز ثقل الاتحاد الأوروبي من فرنسا وبريطانيا الى برلين، العاصمة التاريخية التي أعيدت كعاصمة من جديد بعد الاتحاد بين طرفي المانيا كرأس الابرة التي سيبدأ منها حياكة الثوب الألماني، لتعبر عن تصالح المانيا مع نفسها ومع تاريخها وبالتالي مع مستقبلها.
انها فكرة القوة في الوحدة، التي فشلت الكثير من الكيانات في غرس جذورها داخل قلوب مواطنيها قبل عقولهم، ان المغناطيس الألماني الجذاب الذي له القدرة على ابتلاع كل المسافات والفراغات بين الاجسام.
فرغم ان المانيا قد سويت مع الأرض تماما في منتصف القرن الماضي وحاولت كل القوى تقريبا ان تجعل من طرفيها اشارتين مختلفتين لنفس قطعة المغناطيس التي ظلت قابلة للتلاصق من الظهر والتاريخ والامتداد، مما حتم بناء جدار عازل بين طرفي المغناطيس.
فما ان كسر الحاجز حتى رجع المغناطيس أشد جذبا نتيجة قوة التنافر السابقة وكانت ضجة قوة الالتحام كافية لإيقاظ الجميع بفعل ذلك الصوت الذي ما لبث ان التقطت دائرة تأثيره كل الدول المجاورة لتلتحم أوروبا كلها.
ففي حين تحافظ المانيا على وحدتها بدأ التململ في بلدان أخرى كإسبانيا مثلا التي فعليا هي منفصلة روحيا وان كانت جسديا ملصقة ولكن مثل لعبة "قطع اللغز" التي تتشكل من قطع منفصلة من ورق وإن شكلت جسما واحدا وصورة واحدة وأرض واحدة.
فسقف البيت الألماني الذي تمتد داخله قضبان من الحديد التي تحافظ على قوة المرونة ضد الكسر وانهيار وتقاوم شد الانفصال وضغط الانفجار...
يخالف تماما بنية تكوين السقف الاسباني الذي وان ظهر بشكل البنية القوية الا ان التصدعات وخطوط الشقوق نتيجة لعدم وجود تلك جسور المرونة وامتداد الجذور الحديدية فيه حيث تكون نسبة الهشاشة مرتفعة وبالتالي لا محالة من الانفصال اليوم او غدا ان حدثت أي هزة ,ولا يشك انه لا يختلف اثنان ان مطالبة كاتالونيا بالانفصال والباييس باسكو في استغلال لقضية الازمة الاقتصادية تعبير بشكل واضح على وجود تلك العيوب الخلقية, حيث يعتبر الكثير من الاسبان انهم ليسوا عائلة واحدة بل هم جوار فقط وكم من جوار ليس بينه الا الاوار.
ومثال اسبانيا للمقارنة فقط فنحن نرى ذلك المظهر يتجلى في المملكة المتحدة البريطانية أيضا
وان كان هناك خصوصية لكل منهما ففي حين تتجه بريطانيا الى حسم الامر ديمقراطيا بصناديق الانتخاب وبالسلم الاجتماعي ,تواجه المملكة الاسبانية الامر بإشهار العصى وسن القوانين المجحفة ,وسد الطرق وتجعل الانفصال جرما في وقت انها لم تستطع اقناع المواطنين بأهمية الوحدة.
وهنا يظهر جليا اختلاف الظاهرتين البين, ففي حين الوحدة هو مزية ورغبة جامحة في المانيا ولا يشكل الانفصال أي ظاهرة .نقف على النقيض في اسبانيا وبريطانيا مع اختلاف أسلوب
مواجهة ظاهرة الانفصال.
ويطل على الامر عنصر واضح وهو العرق او الأصل او بكلمة اكثر دقة هو اصل الوحدة هل قام على الضم بالقوة ام بالقناعة ووحدة المصير.
ان مخرجات هذه المقارنة تؤدي الى طريق واحد وهو ان الانسان فوق الأرض أي ارض كانت هو الذي يجب ان يقرر مصيره بنفسه وبالتالي أي اتجاه الى فرض الامر باي مبررات تاريخية او دينية او جغرافية او عسكرية هو هروب الى الحلول المؤقتة او الترقيع التي ستؤدي في النهاية الى الرجوع الى نقطة الصفر أصلا وهي الانفصال.
ولكن لكي تكمل الصورة فان هناك الثمن في جميع الحالات الذي سيدفع من عمر التوحيد بالقوة والتوحيد بالتراضي.
وهكذا نصل الى الحقيقة التي اقرتها الأمم المتحدة وهي تقرير المصير الذي يرفض كل مظاهر القوة بالضم او الاحتلال او الاستعمار وسنت لذلك القانون 1514 حرية الشعوب في تقرير مصيرها بنفسها، وأصبح مبدأ معمولا به في الأمم المتحدة.
ان توجه فرنسا الى المانيا الرائدة في قوة الالتحام نتمنى ان يكون بعدا عن الجار الاسباني وهنا نتحدث من ناحية الفكر والسياسات الكبرى خاصة اننا نجد دول كالصين تستثمر ما يستثمره الاتحاد الأوروبي والولايات مجتمعين دون ان تطلق رصاصة واحدة او تعمل على التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان وكذا النهج الألماني الذي يتبنى قوة الانسان وليس قوة الحقن التي ينتهجها الاقتصاد الفرنسي في امتصاص خيرات الشعوب وبث روح فرق تسد وغيره من الأساليب الوقحة التي تنم عن ضعف الساسة الفرنسيين على صنع اقتصاد منافس لا أساليب النهب تحت مختلف المبررات.
نتطلع وليس الامر بالصدفة ان الرئيس الفرنسي يتجه الى تحويل الاتحاد الأوروبي الى مصنع للأفكار والابداع ومواجهة العالم ولن يتم ذلك بالبقاء في نفس الأساليب السابقة ويحتاج منه ذلك الى تغييرات في الطبقة الحاكمة من الحزبين التقليديين والتي لا يمكن التغلب عليها الى بتجديد
الأفكار والنهج واهمها التفكير في خلق أساليب جديدة التي اتجه بها الى المانيا كي تنطلق
العربة الأوروبية من قلب أوروبا الشابة الجديدة والشفافة وليس من بؤر الفساد في المغرب
الذي اعتاد الرؤساء الفرنسيون ان يبدؤا به تعويذاتهم ورقيتهم التي ثبت انها خرافات عفى عنها الزمن...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الرد الإسرئيلي على إيران .. النووي في دائرة التصعيد |#غرفة_ا


.. المملكة الأردنية تؤكد على عدم السماح بتحويلها إلى ساحة حرب ب




.. استغاثة لعلاج طفلة مهددة بالشلل لإصابتها بشظية برأسها في غزة


.. إحدى المتضررات من تدمير الأجنة بعد قصف مركز للإخصاب: -إسرائي




.. 10 أفراد من عائلة كينيدي يعلنون تأييدهم لبايدن في الانتخابات