الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


يوسف عبدلكي.. والفن السياسي

أسامة أبوديكار

2017 / 5 / 16
مواضيع وابحاث سياسية


يوسف عبدلكي.. والفن السياسي
أسامة أبوديكار
ابن القامشلي، المدينة الجميلة الهادئة، كما وصفها، المدينة التي وُجدت بقرار سياسي في ظل الاستعمار الفرنسي، والتي عاش فيها قرابة الخمسة عشر عاماً، له فيها ذكريات، يعشقها كما كانت منذ زمن، وليست كما هي اليوم حين اقتحمتها العشوائيات، هو لا يريد العودة اليها اليوم حتى لا تختلط ذكراها الجميلة في رأسه.
فنان مرهف الاحساس انخرط بالسياسة منذ شبابه، فتم اعتقاله لمدة عامين في الفترة 1978-1980، على خلفية عمله مع رابطة العمل الشيوعي، وبعد خروجه بسنوات عمل عدة أعمال فنية أسماها "أشخاص"، اختار هذا الاسم الحيادي لكي لا يُعتبر انتقاماً أو ثأراً، فهذا الفكر يرفضه ويعتبره بدوياً ثأرياً، ففي هذه الأعمال اختار ثلاثة أشخاص وألبسهم نياشين وأوسمة وأوشحة، فيها دلالات تشير الى العسكر وغير العسكر، اعتبرها تصفية حساب مع فترة السجن، ولم يحقد فيها على السجّان أو جلاديه، فقد اعتبرهم ضحية نظام سياسي وفكر قمعي.
وفي لوحته الجميلة والشهيرة" السكين والعصفور"، تنبأ بما يحدث اليوم وأعلن فيها انتصار القاتل على القتيل، فقد رسمها قبل بدء الثورة السورية، وقبل أن تدور رحى الحرب الشرسة وتحرق الأخضر واليابس وتهدم الحجر والبشر، وأكد فيها بأننا محكومون دائما بالثنائيات، بين القسوة والشراسة والعنف من جهة، وبين الوداعة والإنسانية والرقي من جهة أخرى، بين نظام قمعي يستخدم كل ما ملكت خزينته من أسلحة دمار ووحشية، وبين شعب خرج وله مطالب سلمية محقة ومشروعة، من جهة أخرى.
أما معرضه في بيروت قبل عامين، فكانت لوحة ام الشهيد هي الأبرز والأقوى، هي لوحة تختصر المشهد السوري ومأساته، فلا عنف يوازي أو يضاهي قتل متظاهر سلمي دون سلاح، مطلبه الحرية والكرامة، فالأم التي لديها ثلاثة أولاد وقد خرج أحدهم للمشاركة في مظاهرة، وعاد إليها جثة هامدة، كيف يمكن وصف هذا العنف، وكيف تمكن مجابة آلة قتل لا ترحم؟
أما "عاريات"، معرضه الأخير في دمشق بين 15/ 12/ 2016 و 15/ 1/ 2017 وتم تمديد قترة المعرض اسبوعاً إضافياً بعد الاقبال عليه، وبعد الانتقادات التي وُجهت الى يوسف بسبب المعرض والصور ومكان إقامته، فكان فيه رسائل عديدة من يوسف الفنان، ويوسف السياسي.
فقد أراد إعادة إحياء الفن على أصوله، ورسم الجسد العاري الذي كان هذا الاسلوب معمولاً فيه سابقاً، بل هو منذ بدء ظهور الانسان في الكهوف، وعلى أيام الفراعنة والاغريق واليونانيين، والرومان وغيرهم.. الخ.
هو فن قديم إذاً.. لكن تم قمعه بعد ظهور المتشددين من شيعة وسنة، وخاصة بعد استلام الثورة الاسلامية في إيران، وحملة التشيع التي سادت البلدان العربية، وقابلها تطرف سنّي بمجابهة التمدد الشيعي المتطرف، فكان الفن أول الضحايا، ففي سورية تم إلغاء الرسم العاري منذ ثمانينات القرن الماضي والتغلغل الاسلامي المتطرف في أرجاء البلد والدولة، وتم منع تدريس هذا الفن في كليات الفنون الجميلة.
فكان معرضه صرخة بعد عدة عقود على هذا الفكر المتطرف، وضد الفكر المتشدد الذي يحاول السيطرة اليوم على سورية، فلاقى معرضه انتقادات من معارضين في الخارج، اعتبروا معرضه مصالحة مع النظام، وإعطائه شرعية كما اتهموه.
لكنه أكد ان هذه الاتهامات هي عامل نفسي لمن انخرط في الثورة ويرفض الاعتراف بعدم وجود ثورة أو فشلها حالياً على الأقل، ومن جهة ثانية قال بأن بعض منتقديه هم ممن ركبوا موجة الثورة ومن المستفيدين منها، وسوف يتضررون بوقف الحرب الدائرة على الأرض السورية، فما يحدث اليوم لا علاقة له بالثورة أو بمطالب السوريين.
لذلك الحياة يجب أن تستمر ويوجد داخل البلد أناس يستحقون الحياة، ويستحقون العمل لأجلهم، فهم مناضلون حقيقيون رفضوا المغادرة ولأي سبب كان.
واعتبر أيضاً أن أي نشاط ثقافي أو فني لا يستفيد منه النظام أو أي فصيل مسلح ارهابي، هو نصر للإنسانية والمواطنة، نصر للحياة والبقاء.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عقوبات أميركية على مستوطنين متطرفين في الضفة الغربية


.. إسرائيلي يستفز أنصار فلسطين لتسهيل اعتقالهم في أمريكا




.. الشرطة الأمريكية تواصل التحقيق بعد إضرام رجل النار بنفسه أما


.. الرد الإيراني يتصدر اهتمام وسائل الإعلام الإسرائيلية




.. الضربات بين إيران وإسرائيل أعادت الود المفقود بين بايدن ونتن