الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دراسة حول عرض مسرحية المنتحر

عقيدي امحمد

2006 / 1 / 29
الادب والفن


مسرحية المنتحر اقتبس نصها الأستاذ مالك العقون عن نص للكاتب نيكولاي ايردمان ، وخرجها للمسرح الوطني ، مع طاقم من الممثلين المحترفين ، خرجي المعهد الوطني العالي للفنون المسرحية ، وقام بإنجاز السينوغرفيا الأستاذ يحي عبد المالك .
وكما يقال " إن مصائب قوم عند قوم فوائد " هذا ما يتخلص على الأقل من قصة موت سليم البطل الذي كان فائدة لبعض السماسرة من اجل تحقيق أهدافهم الشخصية ، في الوقت الذي يكتسب فيه سليم مكانة مرموقة في وسط المجتمع ، خاصة عندما تصبح له أهمية بالغة لدى رجال الفن ، والثقافة والإعلام ، ذالك أن سليم توقف عن العمل لمدة سنة ، وهذا ما جعله يعيش التهميش من طرف جيرانه ، وفي أحدى الليالي وعندما لا يجد سبيلا إلى النوم يسأل زوجته عن العشاء ، وهذا مايؤدي الى شجار بينهما ، حيث يخرج سليم من الغرفة ويختفي ، حيث تعتقد زوجته انه يريد الانتحار ، فتخبر الجيران ، الذين حاولوا منعه . يتبنى فكرة الانتحار ليس لان اليأس قد نال منه وإنما لكون فكرة الانتحار قد سهلت من عيشه وأعطته مكانة ، ودورا اجتماعيا ، ونتيجة لهذا ، اندمج في محيطه من جديد ، وهنا يبدأ عرض مستمر لشخصيات غريبة ، تحاول الحصول عن موته من أجل خدمة مصالحها الشخصية ، والملفت للانتباه في العرض ، الذي أدى الدور الرئيسي فيه الممثل المحترف عباس محمد إسلام باقتدار ووقار ، ومجموعة الممثلين منهم فتيحة وراد ، وسعيدي مرزوق ، وسلامي عمر ، وياسين زايدي ، وحجلة خلادي ، ونسرين صبرة بلحاج ، وفضيل عسول ، و بلغياط ريضا ، وبراهيم شرقي ، وفرحات بن يزى ، وحميد بوحايك ، ومحفوض بركان , وعلي ثامرت ، حيث لم يكونوا دون البطل ، وهذا ما جعل العرض المسرحي يجري بدقة ، من حيث الإيقاع والحركات ، والأداء ، والإضاءة ، ويأتي هذا نتيجة حسن اختيار المخرج للمثلين كل في مكانه ، وكذالك اختيار التقنين الذين استطاعوا من خلال مهارتهم تحويل العرض إلى مساحة متناغمة توحي بالعديد من الدلالات الفنية ، لتصبح فيما بعد قيادة العرض مثل قيادة فرقة سيمفونية ، أنما بلغة يشترك فيها الممثلون والتكوينات البديعة في فضاء مسرحي شاعري أنيق ، حيث جاءت حركاته مدروسة بإمعان وإتقان ، الأمر الذي جعل قاعة المسرح الوطني تغوص في صمت عميق من بداية العرض حتى نهايته وهذا من اجل اكتشاف المعدلة التي رسمها المخرج .
صمت ثقيل ربما بث الخوف والتوجس في قلوب المؤيدين ، لم يصفق الجمهور خطأ ، كما يجري أحيانا بين لوحات العروض المسرحية ، بل استقبل العرض بكامله ، ونغمس الحضور في حضوره ، ثم كانت حماسة الجمهور أكبر مما كنا نتصور من قبل ، أمام عرض مسرحي صرف فيه كلام ينضج بالحكمة ، كما فيه صور تعبيرية تنضج بالحيوية والفن ، وهذا بفضل المخرج الذي سار على خطوات مسرحيون عالميون ، هذا بالتأكيد ، وإذا كنت أتمنى أن أشاهد تنويعا أخر لانتصار مالك العقون ، من الممكن أن يكون حققه من قبل في عروض لم تتح لي فرصة مشاهدتها . مع أن التحدي الصعب مع الموهبة الحقة سيفتحان أفاقا أوسع لتجربة هذا الفنان الفريدة ، وهذا في الجمع مابين احتراف الإخراج والاقتباس ، للأسف الشديد فإن هذا الطراز نفتقده ، وعندما يقاربه بعض المسرحيين يفعلون بانتقائية ومحاكاة واستعارات أجنبية تجعل الحصيلة كوكتيلا غير متجانس النكهة واللون والرائحة ، والهدف هو العبث الفني من اجل إبهار العديد من المهتمين بالثقافة ، وليس التعبير الفني للتواصل مع جمهور عريض يتطلع شوقا إلى مسرح جديد ، ونستطيع القول في الأخير أن مسرحية المنتحر هذا العرض الجميل بعث نشوة روحية حقيقية في النفوس ، وليس بوسعنا سوى ان نرفع له إبهامينا معا متمنين لمخرجه مالك العقون وطاقمه مزيدا من الانتصارات في ميدان الفن الرابع .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شراكة أميركية جزائرية لتعليم اللغة الإنجليزية


.. الناقد طارق الشناوي : تكريم خيري بشارة بمهرجان مالمو -مستحق-




.. المغربية نسرين الراضي:مهرجان مالمو إضافة للسينما العربية وفخ


.. بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ




.. كيف أصبحت المأكولات الأرمنيّة جزءًا من ثقافة المطبخ اللبناني