الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عبء الاختيار

السيد نصر الدين السيد

2017 / 5 / 18
مواضيع وابحاث سياسية


تتعدد اوصاف الانسان فالبعض يقولون عنه انه حيوان ناطق فهو يعبر عن مشاعره وعن أفكاره برموز منطوقة يفهمها الآخرون ويستجيبون لها. والبعض الآخر يقولون عنه انه حيوان عاقل تستقبل حواسه ما يدور حوله احداث وتنقلها الى خلايا مخه التي تعمل على فهم ما يربطها سويا وعلى التعرف أيا منها كان من النتائج وأيا منها كان من الأسباب. وهناك أيضا من ينظر اليه كحيوان ذو تاريخ يتعلم من أخطائه ويستخلص من تاريخه العبر. والجميع على حق فيما ذهبوا اليه من اوصاف فكل منهم ينظر للإنسان من زاوية معينة. والنتيجة هي مجموعة من الرؤى المختلفة الا انها تتكامل سويا وتسهم في رسم صورة لكائن متعدد الابعاد. وتشترك هذه المقاربات في ان كل منها يرتكز على صفات الانسان فهو ناطق وعاقل وذو تاريخ. الا أنى سأنظر اليه من منظور مختلف، منظور ديناميكي، وأقول ان "الانسان كائن في حالة خيار دائم". وهي الحالة التي تحدث عندما نجد أنفسنا امام عدة بدائل وعلينا اختيار بديل واحد منها. والانسان منذ ان يستيقظ الى ان ينام يمر بالعديد من هذه الحالات بداء من اختياره لطعام الإفطار وانتهاء باختيار مدرسة لابنه الصغير.


وبالطبع هناك عوامل شخصية قد تؤثر على اختيارنا لواحد من المطروح امامنا من بدائل. فنقص المال قد يدفعنا للبديل الارخص ثمنا حتى وان لو كان هو الأسوأ، وقرابة المتقدم لشغل وظيفة ما قد تدفعنا لتفضيله عن الأكفأ، وانتماء المرشح لمنصب معين لنفس التيار السياسي الذي انتمى اليه قد تدفعني لاختياره برغم كونه ليس الأنسب. وهكذا قد تدفعنا عواطفنا وتحيزاتنا الى اختيار البديل الأسوأ والغير كفء وغير المناسب. وهنا تظهر الحاجة الى أداة تمكنا من المفاضلة بين البدائل المتاحة بطريقة موضوعية لا ترتبط بشخص بعينه بل ترتبط بموضوع الاختيار. فعلى سبيل المثال يمكن اعتبار السعر، تنوع الوجبات، مستوى الخدمة، الموقع معايير "موضوعية" يمكن استخدامها للمفاضلة بين المطاعم المتاحة وتساعدنا على اختيار أحدها. انها "معايير الاختيار" أو تلك الصفات التي تحدد قيمها البديل الذي يقع عليه الاختيار. وبقدر جودة معايير هذه المعايير يكون صواب الاختيار. والمعايير الجيدة هي تلك المصاغة بلغة سهلة وواضحة، هذا بالإضافة الى توفر شواهد تساعد على الحكم بصحتها (موجودة/غير موجودة). فتنوع الوجبات، على سبيل المثال، هو امر يمكن التحقق منه بمراجعة قوائم طعام كل مطعم التي تشمل ايضا الأسعار.

كانت هذه مقدمة لازمة قبل الدخول في موضوعنا الرئيسي وهو "اختيار رئيس". فالأمة المصرية قادمة على انتخابات رئاسية في العام القادم. وتدفعنا الأوضاع الحرجة التي تمر بها هذه الامة الى اول هذه المعايير وهو:

1. "امتلاك رؤية كلية (ليست تفصيلية) لما يجب فعله للارتقاء برفاه الانسان المصري تتضمن الأهداف المرجو تحقيقها والسياسيات اللازم اتباعها والموارد المطلوبة"

وترجع أهمية هذا المعيار الى ارتباطه بوظيفة الرئيس كقائد يقود سفينة الوطن نحو وجهة محددة. ووجود هذه الرؤية يشكل المصدر الذي تشتق منه رؤى الأجهزة التنفيذية. هذا بالإضافة الى ان أهدافها المحددة ومدى تحققها تشكل أساس محاسبة الرئيس. وفي كافة الأحوال، ان تسليم المركب لقبطان يجيد فنون الملاحة ولكنه لا يعرف الوجهة امر خطر على حياة الركاب. ان هذا المعيار، بلغة الرياضيات معيار لازم ولكنه ليس كافي. وهنا تأتي بقية المعايير لتستكمل الصورة.

إذا كان المعيار الأول يتعلق بالهدف المرجو تحقيقه فإن المعيار الثاني لابد وان يتعلق بقدرة الرئيس على تتبع المسيرة نحو تحقيق الأهداف المرجوة التي حددتها الرؤية. وعلى الرغم من قيام الأجهزة التنفيذية المعنية برصد وتسجيل الفرق بين المخطط والمتحقق فإن خطورة هذه المعلومات تقتضي قيام كيانات مستقلة وغير حكومية (أحزاب سياسية، منظمات المجتمع المدني، ...) بعملية المتابعة. وهنا يبرز الدور الذي تلعبه هذه الكيانات وهو الدور الناقد الذي يبرز نقاط الضعف واوجه القصور في أداء المنظومة التنفيذية، ويوضح الفرق بين ما هو متحقق فعلا وما هو مخطط. وهو الامر الذي يمكن صياغته كما يلي:
2. "رؤية المرشح الرئاسي لدور الكيانات غير الحكومية في عملية التنمية"

ويتعلق المعيار الثالث بقدرة المرشح على التعامل مع المنظومة التنفيذية (البيروقراطية) المصرية ودفعها لتنفيذ ما يطلب منها بكفاءة وفعالية. فهذه المنظومة بالغة القدم قادرة على افشال أي محاولة للتغيير. لذا يمكن صياغة المعيار الثالث على الصورة التالية:
3. "خبرة في التعامل مع المنظومة التنفيذية المصرية"

كانت هذه قائمة غير مكتملة لمعايير اختيار الرئيس الا انها تتضمن ما اعتقد انها معايير حاكمة وترتبط بدور الرئيس في عملية التنمية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ملف الهجرة وأمن الحدود .. بين اهتمام الناخبين وفشل السياسيين


.. قائد كتيبة في لواء -ناحل- يعلن انتهاء العملية في أطرف مخيم ا




.. وسائل إعلام إسرائيلية تناقش تداعيات الرد الإيراني والهجوم ال


.. إيران وروسيا والصين.. ما حجم التقارب؟ ولماذا يزعجون الغرب؟




.. مخلفا شهداء ومفقودين.. الاحتلال يدمر منزلا غربي النصيرات على