الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التونسيون بالخارج: سوء المعاملة والرشوة في استقبالهم عند العودة

لطفي الهمامي
كاتب

2017 / 5 / 22
مواضيع وابحاث سياسية


التونسيون بالخارج:
سوء المعاملة والرشوة في استقبالهم عند العودة

نظم مكتب الجبهة الشعبية بمدينة شالون الفرنسية يوم 14 ماي الجاري لقاء مفتوح مع التونسيين بحضور عضو مجلس نواب الشعب عن ولاية المنستير والقيادي بالجبهة الشعبية عبد المؤمن بلعانس و ممثل الجبهة بشالون الرفيق عامر ماي. كان موضوع اللقاء مزدوجا فالجبهة تريد تبليغ موقفها مما يجري الآن في تونس وكذلك الاستماع المباشر للتونسيين بفرنسا حول أهمّ القضايا التي تشغلهم.انه موسم العودة إلى الوطن بامتياز،فلا تزال لدى التونسيون بالخارج عادة العودة خلال الصيف إلى تونس لقضاء العطلة العائلية، ولمتابعة شؤونهم الحياتية في بلادهم. خلال التعرض إلى أهمّ القضايا التي يرون أنّها ذات أهميّة قصوى كان موضوع الفساد والرشوة وسوء المعاملة الديوانية أهم تلك القضايا. انه أمر محيّر وأنت تستمع إلى شهادات حيّة حول ما يتعرضون إليه، ونتائج ذلك على أطفالهم.
سوء المعاملة بوابة الدخول للوطن
بدأت عدّة عائلات تونسية بالخارج تعود إلى تونس لقضاء العطلة السنوية والتي تنطلق هذه السنة مبكرا نظرا لحلول شهر رمضان بداية الصيف. لكن عدد هائل من بين التونسيين بالخارج لم يقرّر بعد العودة، أو هم بصدد التردد تحت عدة ضغوط اقتصادية واجتماعية.التردد والعزوف عن العودة يطال أساسا الجيل الثاني والثالث بنسبة أكثر حتى أنهم باتوا يرغبون في قضاء عطلهم ببلدان أخرى عدى بلادهم. المسالة لا تتعلق بقضية اختيارات شخصية مزاجية أو من قبيل حبّ الإطلاع وإنما متصلة مباشرة بإشكالات مرتبطة بصعوبات حقيقية عند التوجه إلى تونس. بداية هذه الإشكالات ،هي سوء المعاملة.لتجنب التعميم وبلوغ الوضوح في هذا الموضوع فان الحديث عن سوء المعاملة المقصود به مباشرة هوالمرفق العمومي التونسي وأساسا الديوانة. من مظاهر ذلك ،سلوك التعالي و الحقرة والتظاهر بالغلظة والخشونة وكأنهم يريدون إبلاغ رسالة تعالي غريبة ،لأنها مليئة بالألغاز ومنها لغز الإيحاء بان السلطة بين أيدينا ونتصرف بها كما نريد.يقولون أن سوء المعاملة تطال طريقة طلب الوثائق والنظرة واستعمال الإشارات التي تعتبر مستفزة رغم طابعها الشكلي عند البعض،ولكن تراها الأغلبية أنها نوع من قلة الاحترام ومنافية لضوابط الاستقبال.من الواضح أن طريقة الاستقبال من قبل الديوانة التونسية غير مدروسة ومتروكة إلى تصرف مزاجي للأعوان لذلك يعتبر البعض أن هذا العون عاقل أو طيب والأخر عكس ذلك في حين أن الموضوع لا يتعلق الحكم على الأفراد. الجيل الثاني والثالث غير متعود على تلك العنجهية فيرونها غير مقبولة بالمطلق لأنهم يعيشون في فضاء يدين قانونا مثل تلك الممارسات من قبل الإدارة تجاه المواطنين.إذا بداية العلاقة تكون متوترة منذ البداية. سوء المعاملة لا ينتهي عند ذلك الحد، بل يطال كافة مراحل النزول بالميناء للذين اختاروا العودة عبر البحر. طريقة التفتيش،من اخطر تلك الانتهاكات لأنها تصل حد الغرابة، والغرابة تأتى من عدم فهم ما يجري.التفتيش هو احد أهم مهمات العمل الديواني من اجل حماية تونس،لكن بأية كيفية يقع التفتيش وبأية طريقة وبأي سلوك وبأية إجراءات؟. بات الجميع مقتنع أن طريقة تفتيش التونسيين العائدين عبر البحر يقع بطريقة متعمدة للابتزاز،فهل هذا صحيح؟،الجواب حتى لو كان بالنفي فانه لن يلغى قناعة ناتجة عن ممارسة، لان الممارسة هي التي تفرض قوانينها بدل القوانين التي تم تشريعها. في هذه الحالة ما يمارسه الموظف العمومي في ظل عدم قدرة المواطن على الدفاع عن نفسه يعتبر عنصرا من بين عناصر انتشار سوء المعاملة.نعم ،هناك إمكانيات للتظلم ولكن الحيلة بالمعنى السلبي اقوي،وانتشار الظاهرة طالت الجميع.فالإفلات من العقاب هو السائد، والمطالبة باحترام القانون بات هامشي،وغير مسموع. لان الشهادات المقدمة من قبل المواطنين تقول أن كوادر ديوانية ميدانية هي على بينة من الأمر وهي ضالعة في تلك التجاوزات. لقد ذكر احد الحضور وسانده كل من كان ضمن الاجتماع أن أبناءه لا يرغبون في العودة الموسمية لتونس بل إنهم سئموا تلك الممارسات وهم يرغبون في الذهاب إلى بلدان أخرى لقضاء العطلة بما فيها بعض الدول العربية مثل المغرب. سوء المعاملة ليس سلوك فردي كما يبدوا لعديد الأشخاص، وإنما نتيجة لمنظومة شاملة تحتوي على طرق العمل والمراقبة والرسكلة والعلاقات المهنية وكذلك المرتبات والحقوق والواجبات وكيفية ضبطها وتطبيقها. فسوء المعاملة للمواطنين العائدين إلى تونس لقضاء العطلة هم عينة من بين العينات ولكن الأمر متضخم بها لان سوء المعاملة مرتبط بالضغط على العائد إلى بلاده ليدفع الرشوة دون تردد،.
الرشوة للإفلات من الهر سلة
لقد اجمع الحضور كما لم يجمعوا على أي موضوع أخر وموضوع إجماعهم هو قضية الرشوة عند عودتهم إلى تونس خاصة عبر البحر. لقد ذكروا أن لحظة نزولهم من "البطو" هي لحظة عسيرة ينسى فيها الجميع فرحة العودة ليستقر مكانه الشعور بالخوف والقلق. انه بالفعل أمر محير ولا يصدق. ليس لديهم أي ممنوع ولكن في نفس الوقت لهم قناعة بان كل ما عادوا به مخزّنا في السيارة أو غيرها هو ممنوع إلى حين أن يعلمهم الديواني أنه بإمكانهم مواصلة الطريق. وإذا ما اعلم الديواني احدهم أن كذا غير مسموح به فان قوله يكون مطلقا ولا إمكانية للاعتراض عليه، أما إذا ما تم الاعتراض فتلك قصة أخرى تبدأ بعملية انتقام بتحويل السلع إلى مكان خاص للتفتيش الدقيق وبطبيعة الحال لن يخرج منها بسلام فدائما أو جرت العادة أن يكون هناك شيء ما ممنوع أو مخالف أو يخضع إلى ضريبة أو خطية مالية، وفي الأثناء لن ينجوا هذا الشخص من الإهانة المتواصلة من قبل كل من لهم صلة بما في ذلك من عمال الشركات الخاصة العاملين بالمنطقة الديوانية.وبما أن الأمر على غاية من الغموض وعلى غاية من التعقيد وفي ظل غياب المعلومة والوثائق التي تحدد ما هو مسموح به وما هو غير مسموح به فان كل عائد ما عليه إلا وضع اليد على القلب في انتظار الوصول إلى لحظة الحسم الديواني، لكل ذلك وخوفا من مزيد الانتظار والمفاجآت فان كل عائد يكون مستعد لدفع رشوة مقابل الإسراع في الإجراءات وحسن المعاملة وتفادي فوضي التفتيش على الطريقة التونسية.هذا المناخ يبدوا انه مفتعل حتى يتمكن الجميع من قبض ودفع الرشوة.عادة ما يرى البعض أن التونسيين بالخارج يعودون محملين بالادباش وغيره من الأدوات التي تدخل في باب المواد المحمية. أليس هذا الأمر مضحك؟ يعنى أن البضائع المكدسة في السوق الموازية تابعة للتونسيين بالخارج؟ أبدا، إنها تعود إلى مافيات مختصة تحت أنظار الديوانة والدولة وأجهزتها الأمنية والإدارية.
الرشوة باتت أمرا ديمقراطيا في هذا الفضاء،لان طريقة تنظيمه والتراتيب المعمول بها والسياسة الديوانية الحالية هي التي أوجدت هذه الظاهرة وتطورت في أحضانها المحمية.الرشوة ارحم من الانتظار الطويل والرشوة ارحم من الهرسلة والرشوة ارحم من حجز البضابع رغم أنها عائلية وليست تجارية،هذا ما ردده الجميع رغم أنهم ضد الرشوة ومستعدين لدفع معاليم مالية لحمايتهم من هذه الظاهرة.التونسيون بالخارج العائدون إلى وطنهم باتوا هدفا للابتزاز في زمن تصوروا أن الرشوة فيه جريمة.
هل يمكن إقامة علاقة بديلة بين المواطنين والديوانة؟
ثمة حلول جذرية، تمكن الدولة من المليارات سنويا للخزينة العامة، وفي نفس الوقت تضمن للمواطنين حقوقهم وتصون كرامتهم وتغنيهم عن دفع الرشوة وتجعل من أعوان الديوانة الممثل الحقيقي للمرفق العمومي الجمهوري.لكن ذلك يتطلب جرأة ووضوح القيادة السياسية للدولة،والقيادة السياسية الحالية لا يمكن أن تكرس سوى منظومة الإفلات من العقاب. تونس في حاجة في قيادة سياسية ذات برنامج وطني يطال كافة المرافق وبالأخص الديوانة.في كل ما ذكرنا نؤكد على أن الديوانة التونسية تحتوى على ذوى الأيادي النظيفة، والتعميم مرفوض.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - حتي تونس ؟؟؟
Joyman ( 2017 / 5 / 22 - 18:34 )
لست تونسياً . ولكن كنت أفكر في قضاء الشتاء القادم في تونس
ظننت الحال هناك أفضل من دول أخري بالمنطقة

اخر الافلام

.. قوات الاحتلال تقتحم بلدة شرقي نابلس وتحاصر أحياء في مدينة را


.. قيادي في حماس: الوساطة القطرية نجحت بالإفراج عن 115 أسير من




.. هل باتت الحرب المفتوحة بين إسرائيل وحزب الله أقرب من أي وقت


.. حزمة المساعدات الأميركية لأوكرانيا وإسرائيل وتايوان..إشعال ل




.. طلاب جامعة كولومبيا الأمريكية المؤيدون لغزة يواصلون الاعتصام