الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سلام ثلاثي الوجهة

رائد مهدي
(Raed Mahdi)

2017 / 5 / 23
الادب والفن


((سلام ثلاثي الوجهة ))

يخيل الي وأنا أشاهد سلاما يبتعث لماطر في الروح أن هناك يد من عالم المادة تمتد بالسلام لشيء ما يتساقط على مساحات الروح من شاهق علي على شاكلة الماء على الأرض لكن أمطار الروح ليست من قطرات ماء بل من كلمات حب .
هذا الذي أفادني به تصوري عن ذلك الماطر بالحب والذي تحدثت عنه شاعرة النص شذى أسعد لها مني كل الود والتقدير والإعجاب بذلك السلام الذي تنوعت مدلولاته فكل حين نراه شيئا ما وحقيقة جديدة تتجلى لنا . فهو حينا يد من عالم الحس تلوح لماطر بالروح ولأنه يمطر بالروح كلمات حب مفادها السلام كان السلام بيد تلوح عبر أناملها الكاتبة للحروف الى كلمات تتساقط على الروح من ذهن علي ماطر عليها بكلمات من حب وسلام ليمتد جسر من سلام مادي لسلام روحي عبر قناة الفكرة والحرف فأوصلت سلامها دون أي حواجز ولا هنات ووفقت في هذا الموقف .
ننتقل إلى السلام الثاني في النص والذي ارتأيته تصورا أنه سلام بصوت الإنسان والذي يواجه مفردات الصمت الطبيعي والمتمثل بالروابي والأرض والنهر وجذع النخلة الممتد ويمكننا هنا ربط الصوت بالصمت لكون الصمت هو بوابة للأصغاء فالسلام الصوتي حتى يلج وجهته لابد من صمت ليعلن عن حضوره ومامفردات الصمت في هذا المشهد سوى بوابات ونوافذ لحضور السلام كونهن مرتبطات مكانيا بمن هو مقصود بالسلام فمن خلالهن إليه لكونهن بوابات سلام هذا من جهة .
من جهة أخرى يتشعب السلام نحو وجهة جديدة لأنسام الهواء العذب ومعلوم أن النسيم رقة غير معهودة وكأنها تقول سلام لرقتك وتعرج بسلامها لأشجار تظلله ومعلوم أن بيت القصيد هو الظل لا الشجر فالسلام هنا للظل والرابط بين النسيم والظل هو أن كلاهما لايمكن جمعه أو استجماعه وكأنها ترسل سلاما لا يعرف سوى الإنتشار ولايعترض طريقه أحد وأشجار الظل بالنص عابقة بالعطر ذلك الكائن الشبحي الذي يلج الأنوف والصدور بغتة من دون صورة يحط رحاله في صدر الإنسان دون سابق أنذار وكأنها تبعث له بسلام لايتوقع طبيعته أو لايتاح له تصورها حسا فقط عقلا ووجودا مباغتا وحضور دون استعداد أنه ذلك السلام الذي لا يشترط تهيئة ولا استقبال وكأنه من غير شرط .
وتعرج بنا الشاعرة الى سلام ثالث يختلف عن سابقيه فبعد أن كان سلاما جسميا ثم صوتيا تصل بنا الى سلام شعوري داخلي لايسمعه غيرها والمقصود الساكن بها بالسلام فوصفته بسلام القلب ولأنه القلب موطن للسلام وبما أنه هو سلام القلب فالسلام منه واليه وكأنها تقول انت سلامي الذي في قلبي ماأن تغادره فليس من بعدك سلام .
صاغت الشاعرة سلامها على ثلاثة أبعاد جسميا متحركا بالصورة والثاني صوتي متحرك بلا صورة وشعوري متحرك دون صوت ولا صورة وقد أبدعت أشد الإبداع بنشر سلامها على هذه الأبعاد ورغم أن السلام إن قدر له أن يبتعث فلا يتجاوز الصورة والصوت والشعور لكن كان النص يبدو بحالة أفضل لو أضيف إليه بعد زمني لأن الكاتبة نجحت بالامتداد مكانيا عبر سلامها ولو أضيف له أمتداد زمني أشمل من الظل لأستحوذ السلام أبعاد الوجود وأحاط بذلك المقصود بالسلام من كل جهة ولحظة.
تمنياتي لشاعرة النص المبدعة شذى أسعد أطيب الأمنيات بالتوفيق ومزيد من التألق وهذا هو نصها الذي تناولناه نقدا :

سلاما
أيها الماطر
في الروح
السلام .
سلاما للربى
حولك
للأرض
للنهر
لجذع النخلة الممتد
لأنسام الهواء العذب
لأشجار تظللك
وتعبق من شذى
عطرك .
سلاما يا سلام
القلب ...

نقد : رائد مهدي / العراق








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كل يوم - طارق الشناوي: أحمد مكي من أكثر الممثلين ثقافة ونجاح


.. كل يوم - الناقد طارق الشناوي لـ خالد أبو بكر: مسلسل إمبراطور




.. كل يوم - الناقد طارق الشناوي: أحمد العوضي كان داخل تحدي وأثب


.. كل يوم - الناقد طارق الشناوي : جودر مسلسل عجبني جدًا وكنت بق




.. شاهد: فيل هارب من السيرك يعرقل حركة المرور في ولاية مونتانا