الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أنصاف الحلول

نغم المسلماني

2017 / 5 / 23
الادب والفن


غريبة هي الحياة وقاسية، والأكثر قسوة هي تلك الغصة التي نشعر بها أمام أناسٍ بنوا صروحهم التي تقزمنا أمام هيلمانها وعظمتها؛ ممن لسنا أقل منهم في شيء سوى ثبات العقيدة.
والغريب في الأمر أن هكذا أشخاص يولدون ويعيشون مع فوجٍ من أمثالهم، فعندما نذهب بحثاً عما ورائهم وما تركوه نشعر بهزيمة اكبر ونمتعض من ذواتنا، فنتيقن أن وراء كل رجلٍ عظيم امرأة تآزره وتشد عزمه وتدفع بهمته إلى الأمام، زوجة كانت أم أو أخت أو كل الأمثلة مجتمعة معاً بفكر واحد.
كيف ذلك؟ وكيف يحدث أن كل من يخصه يسير على نفس الخطى دون تخاذل او تقاعس؟ حتى الهواء والطبيعة وكأن كل شيء انصاع لرغبة النصر، فما أحوجنا لهذه الأمثلة وما أصعب موقفنا لا موقفهم من هذا كله .
إذاً ما دورنا نحن؟ أين وجودنا؟ في أي مكان طبعنا بصمةً لا تُنسى؟ أنا أبحث فلا أجد.
نحن من نشيد بانتصاراتهم، يقتلنا الحنين ويتملكنا الامتنان! ماذا فعلنا؟!.
لا شيء إلا النظر من خلف الكواليس، كمن يضم انتصارات غيره في قائمةٍ يظن أنها دليلُ فخره لا هزيمته كي يريح ضميره فحسب!.
إن الفتوى كانت بالجهاد الكفائي نعم أعلم، كما كان عبد الجبار يعلم ذلك، ويعلم انه جهاد كفائي وليس عيني، ولم ينسى أبداً أنه أبٌ لأحد عشر طفلاً أكثرهم إناث، والبنت دوماً هي الأحوج لعطف أبيها! وكان يعلم أن والدته بحاجته فهي تسكن معه وتحتاج لبره في فصول عمرها الأخيرة، فقد تكالب الشيب على قواها.. من سيمد يد البر إليها بعده؟ ويعلم جيداً أنه لم يترك لهم المال الكافي! ولم تسعفه سنواته الخمسة والثلاثون على بناء بيت يحمل كل وسائل الراحة والرفاهية لعائلته كان يعلم كل شيء ويعي تماماً ما سيحدث بعده.
لماذا رحل إذاً وهو واجبٌ كفائي؟ لماذا لم ينظر خلفه ليرى ما ترك ورائه؟ لماذا كانت والدته تتجسد بهيئته حين تتكلم أمامنا وكأننا نحدث عبد الجبار بشحمه ولحمه؟
فنراها تقول: " أن هذا المصير هو جل ما أردته لولدي " فتشكر الله وتحمده على " أن دمه إنما سال على طريق الفتوى في سبيل الحفاظ على مقدسات الوطن ".
نعم.. تملكتها لحظات ضعف لثوانٍ فقط... سألت نفسها: " ماذا سأفعل ورمضان على المشارف يدق الأبواب؟ وكيف سأعتني بزوجته وأطفاله مع صعوبة الحياة؟ وهل سأتم واجبي قبل أن يُختم أجلي في موعدٍ معلوم؟
تتكلم بلسان حالها دون شعور حتى ظننت أنها لم تعد ترانا! نسيت وجودنا! وغاصت بهمومها، لكنها وقبل أن تكمل ما جال في قلبها من تساؤلات رأيتها تسرع الى الاستغفار وتقول لِمَ أبالي والله يرزق ويدبر الأمور ولا تخفى صغيرة وكبيرة عن علمه؛ تسأل نفسها وتجيب بحزم، ثم أغمضت عينيها وعادت تتكلم عن ولدها عبد الجبار وكأنها تستحضره في ذاكرة القلب والعقل، تحدثنا عن دينه وخلقه، عن حنانه وعطفه على أحبابه؛ وقسوته وإباءهُ أمام أعدائه.
ارتحل دوماً ممتلئة بالمشاعر والتناقضات، وكثيراً ما خرجت ألوم نفسي على نقصها وتقصيرها وأتساءل.. هل سأفعل ما فعلته هذه الأم؟ هل سأحث زوجي على الخروج؟ أخي.. ابني؟ هل سأقنع نفسي كما حاولت من البداية أن الجهاد كفائي وما من داعٍ لخروج الجميع؟ التحاق الجميع ؟ استشهاد الجميع؟
كلا.. لم يعد هناك مفرٌ من المراوغة، والرضا بأنصاف الحلول، بل لا بد من تحشيد الفكر والعمل لعقيدة واحدة وهدف مدعاة للفخر، هذا ما أراد البطل عبد الجبار أن يوصله لعقولنا وسواعدنا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تكريم إلهام شاهين في مهرجان هوليود للفيلم العربي


.. رسميًا.. طرح فيلم السرب فى دور العرض يوم 1 مايو المقبل




.. كل الزوايا - -شرق 12- فيلم مصري يشارك في مسابقة أسبوع المخرج


.. الفيلم اللبنانى المصرى أرزة يشارك فى مهرجان ترايبيكا السينما




.. حلقة #زمن لهذا الأسبوع مليئة بالحكايات والمواضيع المهمة مع ا