الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الانتخابات الرئاسية الإيرانية: انتخابات خوف الشعب من النظام، وخوف النظام من الخارج

لطفي الهمامي
كاتب

2017 / 5 / 29
مواضيع وابحاث سياسية


الانتخابات الرئاسية الإيرانية:
انتخابات خوف الشعب من النظام، وخوف النظام من الخارج
أعلنت وزارة الداخلية الإيرانية عن نتائج الانتخابات الرئاسية التي أجريت يوم 19 ماي 2017 والتي حسمت لصالح حسن روحاني بنسبة 57 بالمائة مقابل نسبة 38,5 بالمائة المتحصل عليها إبراهيم رئيسي.أجريت هذه الانتخابات في ظل وضع إيراني داخلي متميز بتصاعد وتيرة التناقضات الاجتماعية والسياسية وفي ظل توتر مستمر لإيران بمحيطها الإقليمي وتصاعد وتيرة الضغط الدولي والتحريض الخليجي ضدها.ورغم تصويت الأغلبية لصالح الخط السياسي الداعي إلى تحسين العلاقات الإيرانية بالمحيط الإقليمي والدولي، إلا انه في الضفة المقابلة عقدت قمة واشنطن- الرياض تزامنا مع الانتخابات الإيرانية لتعلن عن سياسة مهاجمة لإيران والحدّ من نفوذها الإقليمي، ورميها بتهمة رعاية الإرهاب ونشر الحرب بمنطقة الشرق الأوسط والتدخل في منطقة الخليج العربي.نحاول من خلال هذا المقال فهم ضوابط العملية السياسية الداخلية لإيران من ناحية وعلاقاتها الإقليمية والدولية في المستقبل من ناحية أخرى.
انتخابات تحت وصاية المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية
تجاوزت إيران 79 مليون نسمة، وهي تعتبر من الدول ذات الحضور السكاني والجغرافي المهم بغرب القارة الأسيويّة. يتفرد نظامها السياسي بالطابع الديني ذوا العقيدة الإسلامية ذات المذهب الشيعي الجعفري.يقوم نظامها الديمقراطي على خلاف معنى الديمقراطية المصطلح عليه، فمبدأ المواطنة والحرية الفردية والجماعية وحرية المعتقد وحق المواطنين في إدارة الشأن العام تصويتا وترشحا غير مضمونة.إذا الإطار الذي تجري فيه الانتخابات باسم الديمقراطية لا يحمل نفس ما نقصد بالديمقراطية المواطنية وإنما هو نظام ديني بامتياز، يضبط الشروط العامة والخاصة من المنطلق والبعد المذهبي الشيعي بالتحديد.فرئيس الجمهورية لا يمثل السلطة السياسية الأولى في البلاد، ولا يتمتع بصفة الحفاظ على الدستور والأمن الداخلي والخارجي والسلم بين المواطنين مثلما هو متعارف عليه، وإنما يخضع إلى سلطة أعلى منه. فيما يخص شروط الترشيح إلى رئاسة الجمهورية الإسلامية،أولا لابدّ أن تتم الموافقة على ترشح احد المترشحين بشرط موافقة "مجلس صيانة الدستور" الراجع بدوره إلى مؤسسة الولي الفقيه".كما أن المتر شح يجب أن يحوز على "نصيحة المرشد" وفي غياب تلك النصيحة فان مجلس صيانة الدستور يمكنه رفض الترشح تحت عنوان"عدم الامتثال لنصيحة المرشد".أما الشروط التي يجب أن تتوفر في المترشح فهي أساسا أن يكون مسلما شيعيا من الاثنى عشرية، وان يكون مخلصا للجمهورية الإسلامية، والإخلاص يتم إدراكه من قبل إمّا مرشد الجمهورية أو من قبل مجلس صيانة الدستور. إذا شخص ما ترشح وحاز على الرئاسة مثل حسن روحاني فانه يخضع إلى مؤسسة أعلى من الرئاسة وهي "مؤسسة الوليّ الفقيه" ومن صلاحياتها والمهمات العائدة لها، منصب المرشد الأعلى،ومجلس الخبراء،ومجلس تشخيص مصلحة النظام،ومجلس صيانة الدستور،وتعيين كبار الضباط في الجيش والأمن والإدارة والقضاء.إذا هو نظام من حيث الهيكلة والمبادئ العامة مذهبي بامتياز. لكن الأعمق من ذلك هو الطابع المذهبي والعرقي.فالمؤسسات التابعة للدولة لا يمكن إدارتها إلا من قبل الشيعة الجعفرية مذهبا ومن الفرس عرقا. فمثلا السنة لا حق لهم الترشح مطلقا بمقتضى الفصل 115 من الدستور، فلو ترشح فارسيا ولكنه غير شيعي فان ترشحه يكون مرفوضا.كما انه إذا ترشح عربيا ولو كان شيعيا فان ترشحه يكون مرفوضا.هذه هي الديمقراطية التي أجريت في ظلها الانتخابات الرئاسية الأخيرة وهي ديمقراطية الوصاية والتعيين المذهبي والعرقي بامتياز.أجريت إذا الانتخابات الرئاسية باجمالى مرسمين بالقائمات الانتخابية بلغ 56 مليون.لكن الملفت للانتباه أن هذه "الديمقراطية" التي وصفناها بالمذهبية والعرقية بلغت نسبة المشاركة بها 70 بالمائة أي حوالي 41 مليون، وتحصل حسن روحاني على 23,5 مليون صوت ليحوز على منصب الرئيس.أجريت الانتخابات والبطالة تجاوزت نسبة 16 بالمائة من المجموع النشطين و بلغت نسبة الشباب صلب هذه النسبة 29 بالمائة،كما يواجه حوالي 12 مليون إيراني المجاعة،أما الأميّة فبلغت نسبة 16 بالمائة. في حين أن نسبة النمو لسنة 2016 تجاوزت 7,4 ولكن نمو الناتج المحلى غير النفطي فلم يتجاوز 0,9 أي أن الفارق بينهما يعود إلى إنتاج النفط.ثمة فكرة أساسية ربما تجيب نسبيا على نسبة المشاركة العالية في الانتخابات وهي،الحشد الإيديولوجي ضد التدخل الخارجي والتهديدات الإقليمية والحروب التي تشارك فيها إيران بشكل مباشر وكذلك البعد المذهبي والعرقي في مواجهة الايدولوجيا السنية التي يعتبرونها مهددة لكيانهم. في ظل كل ذلك ومن الناحية الطبقية فان رجال الدين يسيطرون كلية على الثروات وعلى مراكز القوة المالية والسياسية وهم من بين اكبر الأثرياء في العالم.
انتخابات من اجل السلم أم من اجل توسيع دائرة الحرب
المحور الأساسي الذي تم التصويت لصالحه أو ضده خلال الانتخابات هو علاقات إيران الخارجية، وأساسا بالولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا، لقد صوتت الأغلبية لصالح فكرة تحسين العلاقات، وهو ما طرحه حسن روحاني مقابل الموقف المتشدد الذي عبر عنه إبراهيم رئيسي، وفي الحقيقة فان هاذين الموفقين هما عبارة عن نقاش دائم صلب مؤسسة الولي الفقيه. لكن يبدوا أن الأحداث الإقليمية والدولية وموقف الولايات المتحدة الأمريكية ذهب عكس ذلك. فالصراع الإقليمي بين الشيعة والسنة دمر المنطقة بأكملها،فاستغلت إيران سقوط نظام صدام حسين لتدفع بالحرس الثوري بالزى المدني الطائفي للسيطرة على عدة مناطق عراقية عبر الشيعة أو عبر المرتزقة أو عبر التحالفات مع الأكراد ضد السنة.وتمكنت من دعم الحوثيين في اليمن حتى بات الصراع عسكري مفتوح بين السعودية المدعومة من دول الخليج وأمريكا من جهة وإيران من جهة ثانية عبر الشيعة اليمنية.كما أن المشهد السوري لا يخفى على احد فالحرس الثوري الإيراني جنبا إلى جنب مع القوات النظامية السورية في حين أن السعودية تدعم الفصائل الإجرامية هناك.إذا ما لخصنا الوضع الإقليمي الإيراني فان الحرب المفتوحة على المجهول هي العنوان الأساسي الذي يحيط بها وهي رأسا متورطة فيه، إضافة إلى تواجدها بلبنان وفلسطين.يبدوا أن الصراع ديني ولكن عمقه هو السيطرة على الثروات وعلى المجال الحيوي لكل من الطرفين ولا ندعي انه خال من الصراع الإيديولوجي والذي يدفع ضريبته شعوب المنطقة بأكملها. أما دول الخليج بقيادة السعودية فان أمرها لن يهدا إلا إذا تمكنت من تحطيم القدرات العسكرية الإيرانية وبذلك تتمكن من السيطرة على عدة مناطق حيوية بالنسبة لأمنها القومي ومزيد السيطرة على ثروات المنطقة.
يمر الشعب الإيراني بفترة تاريخية تتميز بفقدان حقه في تقرير مصيره داخليا وخارجيا، فنظامه السياسي يتغذى من الحروب التي تارة تفرض عليه وتارة أخرى يفتعلها لغاية من الغايات،وهو نظام معادي للديمقراطية التي تعنى المواطنة بما هي حق الاختيار الحر لمن يحكمه عبر وسائل مدنية وديمقراطية.أما خارجيا فان الشعب الإيراني يمر بفترة تاريخية تتميز بصراعات إقليمية خطيرة بلغت حد الحرب المفتوحة على المجهول سواء في العراق أو في سوريا أو في فلسطين أو في لبنان أو في اليمن.كما أن السياسية الدولية العدوانية والبربرية بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا ودول الخليج تجعل الشعب الإيراني أمام مصير لا يحسد عليه.لكن إرادة الشعوب لا تقهر وقدرة الشعوب في تغيير جذري للمشهد تبقي ممكنة.نحن في تونس من جهتنا فبالقدر الذي ندين فيه التدخل في شؤون الشعب الإيراني من قبل دول النهب والاستعمار فإننا ندين تدخل النظام الإيراني في شؤون عدة دول مجاورة لان في ذلك تعقيد للصراع السياسي في المنطقة وإضافة إراقة الدم.كما يمثل لنا الشعب الإيراني شعبا صديقا لا بد من تطوير العلاقات معه على الأقل في المجالات الممكنة في ظل حالة الرعب المفروضة على الجميع.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عقوبة على العقوبات.. إجراءات بجعبة أوروبا تنتظر إيران بعد ال


.. أوروبا تسعى لشراء أسلحة لأوكرانيا من خارج القارة.. فهل استنز




.. عقوبات أوروبية مرتقبة على إيران.. وتساؤلات حول جدواها وتأثير


.. خوفا من تهديدات إيران.. أميركا تلجأ لـ-النسور- لاستخدامها في




.. عملية مركبة.. 18 جريحًا إسرائيليًا بهجوم لـ-حزب الله- في عرب