الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في ضرورة استعادة ناصية الحوار

عديد نصار

2017 / 5 / 31
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية


على مدى السنوات الثلاثة أو الأربعة الأولى من الانتفاضات والثورات الشعبية التي عمت البلاد العربية، شهدت وسائل الاعلام المختلفة وكذلك، وعلى الأخص، مواقع التواصل الاجتماعي نقاشات متواصلة وحوارات شبه دائمة سياسية وثقافية واجتماعية واقتصادية فرضتها حركة الشارع وتقدُّمُ الحالة الثورية على الأرض. وقد ساهم فيها وشارك في طرح مواضيع تلك النقاشات ووجهها غالبية المفكرين والمثقفين والكتاب العرب وعدد كبير من الأجانب في جهد متواصل لفهم وتفسير ما يجري واستشراف توجهاته ومآلاته، أو في التشكيك فيه وتشويه صورته.
لقد فرض هذا الزخم في التواصل والنقاش نفسه مدعوما بمجريات الواقع على الأرض، على مختلف وسائل الاعلام، فلم تخل ساعة على محطة فضائية من مقابلة مع هذا الكاتب أو حوار مع هذا المفكر في إطار سعي تلك الفضائيات الى صناعة رأي عام يسند توجهات من يقف وراءها من أنظمة وقوى سياسية.
غير أن الأمور بدأت بالتراجع والانحسار منذ سنتين على الأقل، فشبكات التواصل باتت تفتقر الى حلقات النقاش الجدية المفيدة واحتلت صفحاتها منشورات السخرية والإحباط، والتعليقات المهينة والشتائم... في حين أن المواضيع الأكثر تطرقا للقضايا الحيوية قلما تجد من يتفاعل معها وإن حصل فبطريقة سطحية لا تنشد المتابعة ولا الوعي ولا التأثير، في حين أن وسائل الاعلام والفضائيات تراجعت في تعاطيها مع المفكرين والكتاب والمثقفين الى درجة أن كل منها بات يعتمد كتابا معينين يتبعون توجهات محددة وكأنهم موظفون لديها مهمتهم الوحيدة تأويل الأحداث وتفسير المواقف منها بما يتناسب مع الأنظمة والقوى التي تقف وراء هذه الوسيلة الفضائية أو تلك حتى بتنا وكأننا أمام مسلسلة تلفزيونية لا تنتهي حلقاتٍ! أما المفكرون وأصحاب الرأي الحر فقد ابعدوا الى زاوية التجاهل.
لئن كانت الشعوب المنتفضة وموجاتها الثورية قد سحقت وتراجعت الى حدود قصوى تحت نيران الأنظمة والقوى المحلية والعالمية المضادة للثورة، لكن الأنظمة لم تتمكن بعد من إحكام قبضتها ولا زالت قضية إعادة تأهيلها بعيدة المنال، فإن الحاجة الى طرح المواضيع الملحة والكثيرة للنقاش باتت أكثر إلحاحا حيث المشهد بات أشد تعقيدا إضافة الى سوء الرؤية في ظل الغبار الذي تثيره التدخلات من كل جانب.
صحيح أن بلدانا كسوريا باتت شبه خالية من أبنائها المثقفين وقادة الرأي الحر إلا قلة لا يمكنها بمفردها فعل الكثير، وأن الغالبية الساحقة قد شتّتَ شملَهم النفي القسري أو الطوعي في مختلف بلدان العالم فبات البعد الجغرافي حائلا بينهم وبين التواصل المثمر، إضافة الى انشغالهم بأوضاعهم المزرية التي فرضها اللجوء، وهذا لا يقتصر على سوريا ولكن يشمل غالبية البلاد العربية بما فيها التي لم تشهد زعزعة استقرار كبرى حيث قادة الرأي يحاولون تجنب اتخاذ مواقف واضحة أو المساهمة في حوارات حرة قد تعرضهم لمصير مشؤوم.
غير أن تسارع الأحداث وتشابكها واستعادة وسائل الاعلام والفضائيات لأدوارها السابقة في الترويج لبضائع الأنظمة والقوى النافذة المسيطرة واشتداد سوء الرؤية يفرض على المثقفين والمفكرين مزيدا من الجهد والتضحية. إن غزارة المقالات في الصحف والمواقع الالكترونية وتدبيج النظريات في الكتب لا يكفي، بل لن يقدم الجرعات الطارئة للحالات المستعجلة ما دامت الأوضاع متسارعة التطور والتبدل، مثيرة للإرباك هنا وهناك، فالجرعات العاجلة المطلوبة يمكن ضخها عبر حوارات مفتوحة على وسائل التواصل الاجتماعي التي يمكنها أن تلعب دور حَقْنِ العلاج مباشرة في الدورة الدموية في جسم المريض والتي بدورها تسرع بإيصالها الى جميع الأعضاء التي تستعجل الدواء.
من هنا، أدعو جميع المفكرين والمثقفين وكتاب الرأي والناقدين، والذين يتركز عدد كبير منهم في البلدان الأوروبية وفي تركيا وقد انشغلوا بأوضاع تلك البلدان وما أصابها من أعمال إرهابية تارة وبالانتخابات التي أجريت (فرنسا) أو ستجرى (بريطانيا) تارة أخرى، وكذلك المتواجدين في أمريكا اللاتينية والبرازيل وأيضا في آسيا وأستراليا الى المبادرة إلى تشكيل حلقات ومجموعات حوارية على مواقع التواصل الاجتماعية وطرح مواضيع النقاش في القضايا الخطيرة التي تحيق ببلادنا ومتابعة وترشيد الحوارات والاصغاء الى راي المعلقين والتفاعل معهم إيجابيا بهدف توضيح الرؤية وفهم الوقائع واستشراف القادم منها.
لا بديل عن الحوار لفهم الواقع واتخاذ الخيارات، وما دامت الوسائل متوفرة فكل تقصير في هذا المجال سيحسب على كل مفكر وكل صاحب رأي ورؤية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - وعند جهينة الخبر اليقين
فاخر فاخر ( 2017 / 5 / 31 - 11:59 )
وجهينة هنا هو المرجعية الماركسية فؤاد النمري الذي كتب عن الربيع العربي في الحوار المتمدن بتاريخ 14/2/2011 التحليل الماركسي الدقيق الذي لم يأت به غيره تحت عنوان -ماذا في مصر وفي تونس-
الربيع العربي خاص بالجملكيات العربية وليس فيما عداها

اخر الافلام

.. Read the Socialist issue 1271 - TUSC sixth biggest party in


.. إحباط كبير جداً من جانب اليمين المتطرف في -إسرائيل-، والجمهو




.. الشرطة تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة كولومبيا


.. يرني ساندرز يدعو مناصريه لإعادة انتخاب الرئيس الأميركي لولاي




.. تصريح الأمين العام عقب الاجتماع السابع للجنة المركزية لحزب ا