الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل فعلا يتغير الأعداء مع تغير الصباح والمساء !؟ الحلقة 1

محمد علي الحلاق

2017 / 6 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


نحن من جيل زاره الوعي السياسي مبكرا ، كان ذلك عند حدوث العدوان الثلاثي على مصر الشقيقة عام 1956 ، كنا تلاميذ في الصف (الثالث الإبتدائي ) حيث شاركنا طلاب المدرسة الثانوية بالتظاهرات المستنكرة للعدوان ، وحيث كان لنا فيها اول ممارسة (بالعنف الثوري) عندما كنا نجلب (الطابوق) لطلاب الثانوية الذين كانوا يصدون فيها هجوم (الشرطة السعيدية) .
كنا عندها نهتف وكما علمنا (معلمونا الذين كانوا يشاركون بالتظاهرات وطلاب الثانوية ) ضد (الاستعمار والرجعية) .
صحيح اننا لم نكن وقتها نفهم معنى تلك الكلمات ،لكننا عرفنا ومنذ ذلك الحين من المعلمين والطلاب الاقدم منا في درب النضال الوطني ، انهم (الاستعمار والرجعية) اعدائنا ، وصرنا لذلك نكرههم .
بعد ثورة 14 تموز 1958 الخالدة ، تعمق وعينا وتجذر ، ولا اكون مدعيا او مبالغا اذا ما قلت بأنه وبعد شهرين على قيام الثورة ، كان وعينا قد اكتمل ، فعلى الرغم من اننا كنا عند ذاك اطفالا صغارا ، ببداية الحادية عشرة من العمر ، الا اننا ومنذ ذاك الوقت المبكر جدا كنا قد حسمنا موقفنا من اتجاهنا الفكري في الحياة ، بل وحددنا طريقنا في الحياة كلها (بشكل نهائي لا رجعة عنه) ، باختيارنا الطوعي الانضمام الى فصيل (المخلصَين) (تلاميذ وطلاب مدرسة وكلية "يوسف سلمان فهد" الجامعة للوطنية الصادقة والمعرفة العلمية التقدمية) . اولئك الذين وهبوا حياتهم للعراق دون منه ، وحتى دون انتظار جنة .
نعم لقد قررنا وبكامل ارادتنا ، ونحن بذلك العمر الصغير (ان نخوض الغمار وان ندخل حلبة الصراع ، وصرنا ونحن بذلك العمر لانهاب من مقارعة اقوى واكبر الدول الاستعمارية ، دون خشية او خوف .
قد يقول قائل لأننا كنا صغارا ، فلم نكن نقدر حقيقة حجم ما قد يواجهنا من المخاطر .
وانا ارد عليه ، كلا هذا غير صحيح ، لان الطفل الذي يتربى على قيم الشجاعة والثقة العالية بالنفس فأنه سيغدو رجلا جريئا في الحق وليس عليه . ولقد اثبتت تجارب الشعوب الاخرى ، من انها حين تنتظم قواها الوطنية وطبقاتها الاجتماعية صاحبة المصلحة الحقيقية بالعيش الحر الكريم في الوطن ، وحين تقودها قيادة واعية وصلبة لا تعرف التهاون والتهادن ، فأن اكبر قوة استعمارية في هذا العالم ومهما بلغت من جبروت لن تستطيع قهرها وإخضاعها .
لم يعد خافيا على الغالبية العظمى من القراء ، من ان حدوث ثورة 14 تموز المجيدة قد احدثت صدمة كبيرة للقوى الاستعمارية صاحبة الشركات النفطية الاحتكارية في العراق وخاصة الولايات المتحدة وبريطانيا ، وللدول الاقليمية (المجاورة) الاعضاء في (حلف بغداد) وبطبيعة الحال للطبقات والشرائح الرجعية – الطفيلية داخل الوطن .
كانت قوى الثورة وكما هو معروف ، تتشكل من الاحزاب الوطنية والقومية المؤتلفة فيما سمي بـ ( جبهة الاتحاد الوطني) وايضا ( الحزب الديمقراطي الكردستاني ) الذي كان يقيم تحالفا ثنائيا مع ( الحزب الشيوعي العراقي) العضو بالجبهة المذكورة .
والتي ساندت تنظيم (الضباط الاحرار) الذي قام بالعمل العسكري الذي ادى الى اسقاط النظام الملكي الرجعي – العميل للدول الامبريالية .
حال الاعلان عن الثورة اتخذت كل من بريطانيا والولايات المتحدة موقفا عدائيا سافرا منها ، حيث انزلت جيوشها في كل من الاردن ولبنان ، تمهيدا للقيام بعمل عسكري لسحق الثورة واعادة النظام الملكي وكما حصل في عام 1941 بعد حركة (العقداء الاربعة) غير ان نزول الغالبية العظمى من الشعب العراقي الى الشوارع ، تأييدا للثورة والاعلان عن الاستعداد للدفاع عنها بالأنفس ، وذلك بعد دعوة وجهتها (جبهة الاتحاد الوطني ) لجماهير الشعب .
ذلك الاعصار الجماهيري هو الذي افشل اول مخطط للاعداء لوأد الثورة وهي في المهد .
وذلك ايضا هو السبب الرئيس الكامن وراء كل هذا الحقد ضد الشعب العراقي وهو ما لمسناه طيلة النصف قرن من تأريخ العراق المعاصر ولحد هذه اللحظة !؟
وسرعان ما وضح من ان اعداء الثورة ، هم الدول الامبريالية (بريطانيا واميركا) والدول الاقليمية الاعضاء في (حلف بغداد) تركيا وايران والدول العربية الرجعية المجاورة للعراق وفي مقدمتها (مملكة آل سعود) حصن الرجعية العربية وبنك تمويلها وكذلك (المملكة الاردنية ) التي كانت تقيم اتحادا مع العراق سمي بـ ( الاتحاد الهاشمي ) وكذلك (مشيخة الكويت) اما في داخل العراق فصار اعادء الثورة يتشكلون من كل الطبقات والشرائح والاحزاب والقوى التي كانت يتشكل منها النظام الملكي المباد وفي مقدمتهم (شبه الاقطاع) و( التجار الكبار) و(كبار الضباط والموظفين) في جهاز النظام الملكي الاداري والعسكري .
كل اولئك كانوا قد ضربت الثورة مصالحهم الاقتصادية والاجتماعية .
ولم يكاد يمضي شهرين على قيام الثورة ، الا وحدث خرق كبير في صفوف قوى الثورة ، حيث انسحبت القوى القومية وفي مقدمتها (حزب البعث) لتنظم الى صفوف (قوى الثورة المضادة) اي الى صفوف اعداء الوطن وجماهيره الكادحة والمحرومة .
وما ان حل عام 1959 الا ونظمت تلك القوى صفوفها بدفع وتنظيم وتمويل من مخابرات الدول الامبريالية التي فقدت نفوذها في العراق بعد الثورة ومنها على وجه الخصوص الـ ( CIA) و الـ ( MI6) مع تنسيق مع المخابرات
(الجمهورية العربية المتحدة ) والتي كان يقودها في سوريا ما سمي بـ (المكتب الثاني)الذي كان يرأسه (عبد الحميد السراج) فتشكلت على ضوء ذلك ما سمي بـ ( الجبهة القومية – الاسلامية) تحت يافظة (يا اعداء الشيوعية اتحدوا) (هم يقولوا وبكل صراحة انهم اعدائنا) ! . فكان ان ضمت تلك الجبهة المعادية لثورة 14 تموز ولاهدافها التحررية – الاجتماعية كل من :
1-حزب البعث الفاشي ، 2- حركة القوميين العرب ، 3- بقايا شبه الاقطاع (شيوخ العشائر) من القوميات كلها ، 4- التجار الكبار (البيوتات الغنية "الارستقراطية" مثل (بيت الجلبي وبيت علاوي وشاكر وادي) وغيرها ، 5- الوزراء والمدراء العامون وكبار القضاة والاداريين في الجهاز الاداري للنظام الملكي ، 6- الضباط الكبار وضباط الاجهزة الامنية القمعية – السعيدية – العطية ، 7- حزب الدعوة الاسلامية الذي كان حينها ببداية تأسيسه ، كما يذكر ذلك الباحث الفرنسي (اللبناني الاصل) (انطون صفير) في الكتاب المعنون (شيعة العراق – رؤية فرنسية) من اعداد الدكتور (جواد بشارة) .
8- حركة الاخوان المسلمون ، 9- حزب التحرير الاسلامي بقيادة (محمود الصواف) .
ولقد حصلت هذه (الجبهة الشريرة ) بدعم معنوي ومباركة من المؤسسات الدينية على مختلف درجاتها وتسمياتها وانتماءاتها المذهبية !؟
حيث وقفت بشكل علني وسافر ضد القوانين التي اصدرتها حكومة الثورة وبالخصوص منها قانون الاصلاح الزرعي رقم (30) لسنة 1958 وقانون الاحوال الشخصية لسنة 1959 ، حيث (حرمت الصلاة في الاراضي التي صادرتها حكومة الثورة من الاقطاعيين و وزعتها على الفلاحين الفقراء ) ! .
ولاسباب كثيرة ومتعددة منها موضوعية ، ولكن كان للاسباب الذاتية منها هو الاثر الكبير والحاسم وفي مقدمتها 1- فردية عبد الكريم قاسم ونزعته العسكرية
2- وهو الاهم برأينا المتواضع : غياب (العين "الواعية") والارادة المستقلة الجريئة والشجاعة لقيادة الحركة الثورية في العراق حيث وعلى الرغم من تحذير القيادات العسكرية الوطنية ( القائد الشهيد جلال الاوقاتي والشهيد البطل الرئيس الاول (الرائد) الركن خزعل السعدي والراحل الكبير (عطشان ضيول ) لقيادة الحركة الثورية وبوقت مبكر جدا ، في بداية عام 1959 من النزعة الفردية لعبد الكريم قاسم وسياسته الخطرة القائمة على مبدأ (توازن القوى السياسية ) والعمل على اضعاف القوى الوطنية الثورية بل وانتهاج ذات السياسة القمعية التي كان ينتهجها النظام الملكي اتجاهها وبذات الاجهزة الشرطوية – الامنية الملكية ، حيث لم يجري تغيير ولا حتى تطهير تلك الاجهزة القمعية من العناصر المعادية للقوى الوطنية – الثورية وفي مقدمتها (الحزب الشيوعي العراقي).
وكذلك تحذير العديد من الكتاب الوطنيين والشعراء ، من جدية مخاطر التآمر الاستعماري – الرجعي على الثورة ، كشاعر العرب الاكبر الراحل (محمد مهدي الجواهري) بقصيدته الشهيرة بعد محاولة اغتيال (عبد الكريم قاسم) من قبل (البعثيين) عام 1959 (ضيَق الحبل فأن في ارخائه ضرر) .
وقصيدة الشاعر المناضل الكبير (مظفر النواب ) ( يسعود احنه عيب نهاب) والتي قال فيها مخاطبا و منبها قيادة الحركة الثورية ( تحذَر ياشهم يسعود .. حكام المدن دفلة ) و ( عين الذيب عيب تنام .. من تصوفر الحية) !
او المقالات والاعمدة الصحفية التي كانت تكتب بالصحف الوطنية وفي مقدمتها صحيفة (اتحاد الشعب ) بقلم الشهيد الخالد (عبد الجبار وهبي – ابو سعيد) وكذلك الراحل الكبير ( شمران الياسري – ابو كاطع ) بعموده الشهير (بصراحة) وكذلك صحف (صوت الاحرار والانسانية والبلاد) .
نقول لتلك الاسباب ولغيرها استطاعات قوى الثورة المضادة وبتخطيط وتمويل ودعم لوجستي وكما ذكرنا من اجهزة ومخابرات (بريطانيا واميركا ) والدول الرجعية المجاورة عربية وغير عربية وفي مقدمتها (مملكة آل سعود ) وايضا وللاسف الشديد (قيادة مصر الشقيقة) وقتها !؟
استطاعت كل تلك القوى من تحقيق النجاح في انقلاب (8شباط1963) بعد فشل العديد من المحاولات قبله .
- يتبع -








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. استقالة المبعوث الأممي إلى ليبيا، أي تداعيات لها؟| المسائية


.. الاتحاد الأوروبي يقرر فرض عقوبات جديدة على إيران




.. لماذا أجلت إسرائيل ردها على الهجوم الإيراني؟ • فرانس 24


.. مواطن يهاجم رئيسة المفوضية الأوروبية: دماء أطفال غزة على يدك




.. الجيش الإسرائيلي: طائراتنا الحربية أغارت على بنى تحتية ومبان