الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأمريكيون و وصول الأسلاميين إلى السلطة في المنطقة

فراس سعد

2006 / 1 / 31
مواضيع وابحاث سياسية


ليس بعيداً عن العقل السياسي الأمريكي العقل الأستراتيجي أن الأسلاميين قادمون بقوة إلى الحكم للتفرّد فيه أو للمشاركة على الأقل , فالصعود الأسلامي شئنا أم أبينا حالة واضحة و كبيرة منذ سقوط الأتحاد السوفيتي و الكتلة الشيوعية الغربية , لذلك وجد المخططون الأمريكيون أنه لا بد من التعامل بجدية مع الأسلاميين العرب و في ذلك توجهات و نظريات :
النظرية الأولى تعتقد أنه لا بدمن فتح حوار مع الحركات الأسلامية لثلاثة أهداف : تخفيف العداء الأسلامي الشعبي تجاه أمريكا – محاولة أيجاد نقاط لقاء بين المصالح الأمريكية في العالم العربي و بين التيار الأسلامي الصاعد – تنفيس الضغط و الأحتقان داخل الشارع الأسلامي و داخل التيارات و الأحزاب الأسلامية ذاتها للحيلولة دون انفجارها في وجه الأنظمة العربية التي ترفض فتح حوار معها و يمكن الحديث عن هذف رابع هو دفع هذه الحركات نحو الأعتدال و مراجعة ذاتها لتصبح أكثر اعتدالاً و عقلانية و قبولاً للأفكار الديمقراطية و للآخر عموماً .
و قد بدأ الحوار بين الامريكيين و الأسلاميين بداية التسعينات من قبل الأمريكان لكن بعض الأنظمة العربية وجدت خطراً عليها و سحب للبساط من تحتها فتدخلت لأيقاف الحوار قبل أن يبدأ كما أن الأسرائيليين وقفوا بقوة ضد هذا الحوار الأمريكي – الأسلامي لأنهم يطرحون أنفسهم الطرف الديمقراطي الوحيد في المنطقة

الثاني مضمونه قناعة لدى بعض النخب الامريكية ان القضاء على الاصولية الاسلامية لن يتم الا بعد وصول الحركات الاسلامية الى الحكم و انكشافها على حقيقتها امام مناصريها و جماهيرها الواسعة, فهو السبيل الوحيد لامتصاص النقمة الشعبية الاسلامية و اجتثاث الارهاب من جذوره , فهذه التنظيمات لا بد ان ترتكب الاخطاء القاتلة عتد وصولها الى الحكم و ليس ادل على ذلك من تورط الطالبان بالحكم في افغانستان الامر الذي ازاح عن الشعب الافغاني الغشاوة التي رماها الطالبان على الجمهور بوسائل الدعاية النفسية و التضليل مستغلين المشاعر الاسلامية البسيطة لدى الجمهور و جهله و انسياقه وراء الدعوات و الافكار الطوباوية التي تلجأ الحركات الاسلامية اليها في سبيل كسب الانصار, هذه التنظيمات و الحزاب الاسلامية لا بد ان ترتكب الاخطاء التي لا بد ان يرتكبها أي عقل شمولي اصولي مثالوي حينما ينزل الى ارض الواقع ليعمل فيه و بهذا يسحب البساط من تحت هذه الاحزاب لتنتقل جماهيرها الى تنظيمات و افكار اخرى ربما تكون نقيضة او اقل تطرفا و اكثر واقعية , لا بد ان نذكر دعوة المفكر شاكر النابلسي الى ما يشبه هذه الفكرة حينما تمنى السماح للتنظيمات الاسلامية الوصول الى الحكم لانها ستقع كما الاحزاب القومية في اخطاء قاتلة ...
سياسة الأحتواء الأمريكي للحركات و الأنظمة الأسلامية :
فما هو موقف الأمريكان من وصول الحركات الأسلامية إلى السلطة في بعض دول المنطقة بلاد الشام و العراق خصوصاً و ما يحيط بهما من دول كبرى اقليميا كتركيا و مصر و ايران و السعودية ؟
منذ أن نشأت المملكة السعودية توطدت العلاقات الأمريكية السعودية حتى في قمة التصدير السعودي للفكر الوهابي إلى العالم العربي و الأسلامي , و بعد ايلول 2001 و تبدل جوهر السياسة الامريكية خارجيا تعرضت المملكة لضغط امريكي دفعها لاستأصال المتشددين من اراضيها و اطلاق دعوات و مؤتمرات اسلامية لتعميم الوسطية في الدين و قامت المملكة باصلاحات سيكون لها افق سياسي ,أما تركيا العلمانية فلقد تقبّل الأمريكيون وصول الأسلاميين فيها إلى الحكم و بموافقة العسكر الذين انتهى دورهم بعد سقوط الأتحاد السوفييتي , و عبر عدد من التلاؤمات ,الطوعية و القسرية رسّخ الأسلاميون وجودهم في البرلمان و استطاعوا الوصول إلى رئاسة الحكومة بل و في ظلهم ستبدأ مفاوضات دراماتيكية للألتحاق بأوروبا , و هكذا استطاع الأسلاميون الأتراك التلاؤم من النظام العلماني المتشدد و استمرت العلاقات الأمريكية التركية سياسياً و عسكرياً , أما في أيران ذات النظام المتشدد مع مؤسس الجمهورية الأسلامية خميني فلقد وجد الأمريكيون صعوبة كبرى في التلاؤم لاسيما أن السوفييت قدموا مساعدات للخميني الذي خربط موازين القوى في المنطقة , و بعد عقدين من العداء حصل نوع من التقارب بين التيار المعتدل في ايران بزعامة خاتمي و بين الغرب عموماً لم تكن امريكا بعيدة عنه و حاولت تشجيع الأعتدال في ايران , و نجح هذا التيار بصنع ما يشبه دولة مدنية- اسلامية , أما في مصر فكان وصول الأخوان المسلمين إلى البرلمان ب80 نائب نتيجة مباشرة للضغط الديمقراطي الأمريكي بقيادة رايس حيث تم اجراء تعديل دستوري تاريخي سمح بتداول السلطة و الرئاسة و اجريت أنتخابات برلمانية نصف نزيهة .
أما في الأردن فلم يجد الأمريكيون غضاضة من وصول الأسلاميين إلى البرلمان ليكونوا تحت سقف النظام , , أما في لبنان فلم يكن باستطاعة الأمريكيون فعل شيء مع وصول حزب الله إلى البرلمان و من ثم الى الحكومة الأخيرة – السنيورة مع انهم دعوا حزب الله الى تسليم سلاحه و الانتقال الى العمل السياسي , و فعلاً انتقل حزب الله الى العمل السياسي لكنه لم يسلّم سلاحه و لن يفعل في المستقبل القريب , و في الضفة الغربية الواقعة تحت الأحتلال الأسرائيلي رحّب الأسرائيليون – أولمرت تحديداً- بالأنتخابات الفلسطينية الأخيرة التي تجري برعاية دولية و وصفها بالتاريخية حيث شاركت فيها حماس لأول مرة في تاريخها و امتنعت الجهاد الأسلامي عن المشاركة , و يتوقع أن تنال حماس ثلث مقاعد المجلس التشريعي الفلسطيني لتنتزع من فتح تفردها بالقرار السياسي الرسمي الفلسطيني و لا يتوقع تنازل حماس عن سلاحها , أما في اراضي 48 فإن اسرائيل تسمح بنشاط الأسلاميين العرب اجتماعياً و سياسياً , أخيراً في العراق
و بعد ثلاثة عقود من القمع و الأرهاب الحزبي المخابراتي الأسروي تصاعد ت الحركة الأسلامية و تمت إبادة الثورة الشيعية في الجنوب بدعم أمريكي و بعد سقوط النظام و اجراء الأنتخابات البرلمانية الثانية وصل الأسلاميون الشيعة و السنة إلى البرلمان ليهيمنوا عليه على الرغم مما تسرّب من حديث عن محاولة أمريكية لعلمنة الأحزاب الشيعية .
و بهذا تتلاقى الأنظمة العربية الديكتاتورية و الشمولية مع المصالح الأسرائيلية في استبعاد الأسلاميين سواء كانوا متشددين ام معتدلين من المشاركة في السلطة أو الوصول إليها أو حتى في الحوار من أجل التغيير و تتلاقى المصالح الأمريكية مع الحركات الأسلامية المعتدلة كالأخوان المسلمين و حزب الله على المدى البعيد و تتنافى مع الحركات المتطرفة كالقاعدة و الزرقاويين و سواهم , و هي حتى بعد وصول الأسلاميين إلى السلطة تحاول دفعهم إلى مزيد من التنازلات باتجاه الأعتدال .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ضربة إيران لإسرائيل: كيف غيرت قواعد اللعبة؟| بتوقيت برلين


.. أسو تخسر التحدي وجلال عمارة يعاقبها ????




.. إسرائيل تستهدف أرجاء قطاع غزة بعشرات الغارات الجوية والقصف ا


.. إيران قد تراجع -عقيدتها النووية- في ظل التهديدات الإسرائيلية




.. هل ستفتح مصر أبوابها للفلسطينيين إذا اجتاحت إسرائيل رفح؟ سام