الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أض الخوف

فاطمة الحصي

2017 / 6 / 8
التربية والتعليم والبحث العلمي


"أرجو أن تتفهمى وجهة نظرى يافتاتى لن تتمكنى من التخلص من مخاوفك وأرى أنه من الأفضل لك أن تعودى الى بلدك "!
هكذا صارح استاذ الفلسفة طالبة مصرية بجامعة السوربون التى ذهبت اليه لكى يتولى الإشراف على اطروحتها للدكتوراه .
فهل حقا نتربى فى العالم العربى على ثقافة الخوف؟تبدأ الحكاية منذ نعومة الأظفار ، حين تتفتح عيون الطفل على الأراضى العربية ، فتبدأ الجدة فى قص الحكايات "أمنا الغولة "،و "أبو رجل مسلوخة "و"العسكرى ابو بندقية "الى آخر تلك الحكايات التى نتربى عليها فى ثقافتنا الشعبية المصرية وبخاصة فى الريف المصرى ، وما إن ندخل الى مرحلة الطفولة المبكرة حتى تبدأ الأم فى الترهيب من خروج الطفل وحده وهى تتوعده بالخطف والقتل من قبل مجرم ما بالشارع،هذا بالاضافة الى الترهيب من الأب والتوعد للطفل بالشكوى للأب حينما يحضر من عمله ....الخ.
وتكتمل المنظومة عندما نشب عن الاسرة ويمر العمر ونكبر ، فيحاصرنا الخوف من كل اتجاه ، فها نحن نخاف على انفسنا من المرض الذى يطاردوننا بصوره المختلفة عن طريق الأفلام والمسلسلات بل والاعلانات على اختلاف الشكل والاسلوب، وهو ما يجعلنى أتساءل حول كون هذه المنظومة تعمل عن وعى وادراك لبث منظومة الخوف فى نفوس الأفراد بالعالم العربى ؟
قد يكون أكبر مثل على هذه المنظومة التى تعمل بكفاءة أكثر من عالية هو حالات الترهيب الشديدة التى يمر بها الشعب المصرى هذه الأيام من مرض السرطان ،دون اعطاء الارشادات اللازمة لتجنب المرض ،ودون توعية حقيقية ضد المرض، وكأن الهدف الأصلى هو الترهيب فقط !!
منظومة الخوف هذه تنسحب أيضا على الوضع السياسي ، فما حدث أثناء ثورة 25يناير من تخويف من الفوضى ،ثم بعد ذلك اخراج برامج على شاكلة "الصندوق الأسود" الذى تم من خلاله اذاعة محادثات هاتفية بين افراد وبعضهم البعض مما فاقم من المخاوف بداخل كل فرد وهو ما ادى إلى ما يمكن تسميته بالرقابة الذاتية لكل حرف منطوق ، وهو أمر ليس بجديد فكلنا يعلم ما كان يحدث فى عصر عبد الناصر (على الرغم من أننى أعتبره الرئيس النزيه الوحيد الذى حكم مصر حتى الآن )،وكانت سياسة التخويف بعصره على الرغم من بكرتها الا انها كانت فى أزهى حالاتها ، وهكذا نجد أنفسنا فى تلك الدائرة المغلقة التى تبدأ بالتربية من خلال الأسرة وتستمر فى مراحل التعليم المختلفة وتستكمل الدائرة فى العمل وعام أو خاص وفى الحياة اليومية العامة.
أى أن الحصار يضيق على الفرد فى المجتمعات العربية فلا يستطع الفكاك منه ،ولذلك فقد كان استاذ الفلسفة بجامعة السوربون محقا فى رفضه الإشرف على تلك الفتاة المصرية فمخاوفه مشروعة ، حيث ان تلك التربة لن تنبت باحث لديه جرأة على البحث العلمى واستخدام مناهج علمية حديثة ولن يملك القدرة على البحث فى موضوعات حديثة التناول ، جريئة ...
لدى الرجل كل الحق ، لا لشئ الا لأن الباحثة المصرية قد تربت على ثقافة الخوف واتقنت منظومته مثلها فى ذلك مثل شعوب العالم العربى جميعا تبحث عن اشراف تقليدى ولا يهمها فى القصة سوى الحصول على لقب دكتورة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مليار شخص ينتخبون.. معجزة تنظيمية في الهند | المسائية


.. عبد اللهيان: إيران سترد على الفور وبأقصى مستوى إذا تصرفت إسر




.. وزير الخارجية المصري: نرفض تهجير الفلسطينيين من أراضيهم | #ع


.. مدير الاستخبارات الأميركية: أوكرانيا قد تضطر للاستسلام أمام




.. وكالة الأنباء الفلسطينية: مقتل 6 فلسطينيين في مخيم نور شمس ب