الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إنقلب السحر على الساحر .... وإنكشف المستور

داخل حسن جريو
أكاديمي

(Dakhil Hassan Jerew)

2017 / 6 / 10
مواضيع وابحاث سياسية


ولعل ما يثير السخرية حقا أن دول الخليج العربي التي لم تكن حتى وقت قليل , سوى قرى صحراوية صغيرة متناثرة على سواحل الخليج العربي , لا يتجاوز عدد سكانها بضعة آلاف من البدو الرحل وصيادو الأسماك وغواصو اللؤلؤ,والتي جعل منها إكتشاف النفط والغاز في أراضيها بفضل الله دولا. وبدلا من أن ترعى الله في عباده أخذ البعض منها يصول ويجول ويوظف ما تراكم لديه من بلايين الدولارات , بتمويل الجماعات الإرهابية المسلحة لزعزعة أمن وإستقرار البلدان العربية الأكبر حجما والأكثر ثقافة وعلما والأعرق حضارة, بدعاوى الدفاع عن حقوق الإنسان ونشرالديمقراطية في تلك البلدان ,بينما بلدانهم أبعد ما تكونوا عن مفهوم الحريات والديمقراطية وحقوق الإنسان, ويمارس حكامها أبشع أساليب الإستبداد والتسلط فبحق شعوبهم.وبات البعض من هذه الكيانات النفطية الهزيلة تتصرف وكأنها قوى عظمى كما خيل لها ,وسط تطبيل وتزمير قنواتها الإعلامية التي وضعت تحت تصرفها ملايين الدولارات وجندت لها إعلاميون محترفون مرتزقة من شتى بقاع الأرض.
وبحكم تشكيلة هذه الدول العشائرية ونزعة حكامها الإستبدادية وميولهم التوسعية على حساب جيرانهم وغزوهم كلما وجدوا لذلك سبيلا , إنسجاما مع موروثهم التاريخي , لذا فإنهم أخذوا يتطلعون إلى توسيع نفوذهم عبر تمويلهم الجماعات الإرهابية المسلحة لغزو البلدان العربية وتدميره وتفتيتها إلى كيانات هزيلة متناحرة يتحكمون بها . ولا عجب في ذلك , فلو راجعنا تاريخ المملكة العربية السعودية مثلا لوجدنا أنها قد تأسست نتيجة غزوات مؤسسها عبد العزيز آل سعود حاكم نجد في مطلع القرن العشرين بمساعدة الحكومة البريطانية التي سهلت لقواته غزو بقية مناطق شبه الجزيرة العربية التي يحكمها أمراء آخرون تحت سلطة الدولة العثمانية التي كانت آيلة للسقوط حينذاك , ليكوّن فيما بعد ما يعرف الآن بالمملكة العربية السعودية. ولو لم يكن للبريطانيين مصالح واسعة في منطقة الخليج العربي , لما كان بالإمكان صد الغزو السعودي لهذه المناطق , حيث أخضعت بريطانيا ساحل الخليج العربي بمجمله لحمايتها المباشرة , فيما كان يعرف بالمحميات العربية التي شملت الكويت والبحرين وقطر والإمارات العربية المتحدة , تحكم كل منها مشايخ لتصريف شؤونها الداخلية. ولم تسلم اليمن من الغزو السعودي حيث تمكن السعوديون من إحتلال مدينتي نجران وجيزان وضمهما إلى مملكتهم , فضلا عن ضمهم بعض المناطق التي ما زالت كل من قطر والإمارات العربية المتحدة تدعيّ بعائديتها حتى يومنا هذا.
ويبدو أن حكام المملكة العربية السعودية أعتقدوا أن دفعهم الجزية للرئيس الأمريكي ترامب البالغة نحو ( 450 ) مليار دولار كدفعة أولى , قد مهد الطريق لتصبح سالكة أمامهم الآن لغزو قطر أو في الأقل إخضاعها لسلطانهم, بعد أن شقت عصا الطاعة عليهم وتمردت أكثر من مرة على سياساتهم وبخاصة ما يتعلق منها بحركة الإخوان المسلمين والموقف من النظام العسكري المصري الحالي, لدرجة باتت تهدد فيها زعامة السعودية المفترضة لدول مجلس التعاون , ناهيك عن نزاعات حدودية قائمة بين البلدين أدت في السابق إلى مواجهات عسكرية فيما بينهما , فضلا عن مداخلات كل طرف بمنازعات افراد الأسر الحاكمة في كل منهما , والتي سننتطرق إليها هنا بإيجاز.
المعروف إن قطر تعاني من صراعات حادة بين بعض أطراف الأسرة الحاكمة , طرفه الأول الأمير "تميم" حاكم قطر , وطرفه الثاني عائلة " آل مسند " عائلة والدته " موزة بنت مسند ". وتبرز ضمن هذا السياق مشكلته مع شقيقه الشيخ "جاسم بن حمد آل ثاني"، الذي كان وليًا للعهد قبل أن يقيله الأمير السابق لمصلحة تميم, وليس لتميم الآن ولي للعهد، نظرًا إلى أنّ نجله لم يتجاوز الست أو السبع سنوات. وهذا الفراغ على مستوى موقع ولي العهد، يخشاه "تميم" كونه قد يعيد فتح شهية شقيقه "جاسم" لملئه من جديد. كما إن هناك من بين أبناء الأمير حمد أنفسهم من يعارضون تدخله فى سورية وليبيا والعراق بتزويده الجماعات الإرهابية بالمال والسلاح لتفتيت تلك البلدان وتمزيقها , تحركه نوازع شيطانية لإشباع غرائزه التي أوهمته بالشعور بالقوة والقدرة على التحكم بمستقبل البلدان الأخرى لمجرد إمتلاكه المال المتراكم في خزائنه من مبيعات النفط والغاز , ومسايرة الدول الكبرى لمنهجه التخريبي في البلدان العربية التي لا تروق لهم نظمها السياسية . ويذكر أن تاريخ عائلة آل تميم حافل بإنقلابات بعضهم على البعض الآخر, فالشيخ "خليفة بن حمد آل ثاني" تولى مقاليد الحكم في قطر اثر انقلاب أبيض على ابن عمه الشيخ "أحمد بن علي بن عبد الله آل ثاني", وتولى الشيخ "حمد بن خليفة آل ثاني" مقاليد الحكم عام 1995اثر انقلاب أبيض على والده.
ولا يختلف الحال كثيرا في المملكة العربية السعودية , يقول خبراء ودبلوماسيون إن ثمة صراع على السلطة يدور بين وليي العهد في الأسرة المالكة للسعودية، في وقت تواجه فيه المملكة تحديات خطيرة في الداخل والخارج على الحد السواء. ويسود توتر واضح منذ أشهر بين ولي العهد الأمير "محمد بن نايف" (56 عاماً) وزير الداخلية وقائد عمليات مكافحة الإرهاب، وبين الأمير "محمد بن سلمان" الثلاثيني نجل الملك ووزير الدفاع. ويشغل "محمد بن نايف" و"محمد بن سلمان" على التوالي المرتبتين الثانية والثالثة بروتوكولياً لخلافة الملك "سلمان" الذي اعتلى العرش وهو في التاسعة والسبعين من العمر , وقد تفاقم الخلاف بعد إقصاء بعد الإقصاء المفاجئ لولي العهد الأمير "مقرن" الذي كان معيناً من الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز قبل وفاة الأخير. يرى الخبير في الشؤون السعودية ستيفان لاكورا من مؤسسة سيانس بو في باريس أن "كثيرين رأوا في ذلك شكلاً من أشكال الانقلاب" الذي يسمح لفرع من آل سعود "باحتكار السلطة". ولم تتم إزاحة ولي للعهد في المملكة من قبل، وإن كانت الأسرة المالكة قد أقالت الملك سعود في 1964. وصرح دبلوماسي غربي أن حالة الأمير "مقرن" تدل على أن "صفة ولي ولي العهد هشة"، وهذا ما يفسر سعي الأمير "محمد بن سلمان" إلى تعزيز سلطته. والى جانب حقيبة الدفاع، يترأس الأمير الشاب مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية في المملكة، ويشرف على "أرامكو"، المجموعة النفطية العملاقة التي تحتل المرتبة الأولى بين مصدري النفط في العالم. يدور الآن داخل العائلة المالكة في السعودية صراع على العرش بين الأمراء، بعد موت الملك سلمان المنتظر في أي لحظة. وأقوى المتصارعين وأقربهم للعرش هما الأمير “محمد بن نايف” ولي العهد الحالي ووزير الداخلية وابن أخ الملك سلمان، والأمير “محمد بن سلمان” وزير الدفاع ورئيس مجلس الشئون الاقتصادية والتنمية بالمملكة وابن الملك سلمان .
من المفترض أن لا نصل لمرحلة تولي الأحفاد للحكم الآن، فما زال الأمير “مُقرن” أخو الملك سلمان وأصغر أبناء عبد العزيز (70 سنة) على قيد الحياة، وكان من المفترض أن يخلف "سلمان" بعد موته في الحكم حيث كان هو ولي العهد. ولكن "سلمان" قام بعزله عن ولاية العهد فور جلوسه على العرش، وقام بتعيين "محمد بن نايف" وليا للعهد وابنه "محمد بن سلمان" وليا لولي العهد، واضعًا بذلك جيل الأحفاد في التسلسل الوراثي للمُلك.
وكذ الحال في دولة الإمارات العربية المتحدة , فقد نشر موقع "موند أفريك" الفرنسي تقريرا، حول الصراع على السلطة في دولة الإمارات العربية المتحدة، وقال إن رئيس الدولة وحاكم إمارة أبو ظبي، الشيخ "خليفة بن زايد" البالغ من العمر( 67 سنة ) ، تم إبعاده عن السلطة من قبل أخيه (من أبيه) الأصغر محمد بن زايد، الذي أصبح الحاكم الفعلي للبلاد, على الرغم أن الشيخ "خليفة" ، يمتلك خبرة أكثر من أخويه، ويعلم مدى تعقيد وخطورة التوازنات القبلية في دول الخليج، والأخطار التي يمكن أن تترتب عن التدخل في الشؤون الداخلية السعودية, ، حيث كان الشيخ "خليفة" ينظر بعين الريبة للتقارب الذي حصل بين "محمد بن زايد" والأمير "متعب" نجل ملك السعودية الراحل "عبد الله". ويعزو البعض أن سبب الخلافات بين الأشقاء إلى تباين مواقفهم بشأن التدخل في سورية والعراق وليبيا واليمن ومصر.
وفي ضوء ما تقدم يتضح جليا أن الأسر الحاكمة في الخليج وشبه الجزيرة العربية , أسرة متناحرة فيما بينها للإستحواذ على السلطة , ويتدخلون أحيانا في شؤون جيرانهم كما حصل بتدخل بعض حكام الإمارات العربية بتدبير إنقلاب عسكري بسلطنة عمان عام 2012 للإطاحة بحكم السلطان قابوس كما أعلنت ذلك الحكومة العمانية نفسها, وقد تمت تسوية هذا الموضوع عبر وساطة أمير دولة الكويت في حينه. ولا شك أن هكذا أوضاع تفتح شهية الدول الكبرى لتأجيج الصراعات بين هذه الدول من جهة ,وبين حكام كل منها من جهة أخرى, وإستنزاف مواردها المالية عبر عقود تسليحة ضخمة بدعوى حفظ أمنها وإستقرارها. وما صفقات السلاح الأخيرة التي عقدها الرئيس الأمريكي " ترامب " مع السعودية ودول الخليج الأخرى إلاّ خير شاهد ودليل.
وثمة أمر هنا يدعو للتساؤل , هو أنه ما أن إنتهت قمة الرياض الأمريكية التي يحلو لمنظميها وصفها بالقمة التاريخية التي جمعت (52) من قادة الدول الإسلامية والرئيس الأمريكي بدعوى محاربة الإرهاب عبر تشكيل ما أطلقوا عليه " ناتو إسلامي " يضم هذه الدول وإسرائيل بقيادة المتحدة الأمريكية , إلاّ ويشهد هذا التجمع الشيطاني تصدعا خطيرا في صفوفه , حيث أعلنت السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين ومصر, والتي تمثل حواضن الإرهاب ومصادر فكره وتمويله وتجنيد عناصره , قطع علاقاتها الدبلوماسية والقنصلية وفرض حصار شامل في البر والحر والجو على دولة قطر شريكها الأساسي بدعم الإرهاب والإرهابيين . كما قام كل طرف بفضح الطرف الآخر عن أنشطته الإرهابية في سورية واليمن وليبيا والعراق وغيرها عبر وسائل إعلامه دون حياء, وبخاصة قنواته الفضائية , أرب سكاي نيوز الإماراتية وقناة العربية السعودية وقناة الجزيرة القطرية, ونشر قوائم بأسماء وزراء ومسؤولين كبار ورجال دين ومؤسسات داعمة وممولة للإرهاب كانت تتستر عليها سابقا , والقادم ربما يكون أعظم عندما ينشر الجميع غسيله القذر . وقد أكد الرئيس الأمريكي ترامب ووزير خارجيته أن حكام قطر كانوا وما زالوا ضالعين بدعم الإرهاب والإرهابيين وعليهم التوقف عن ذلك , داعيا في الوقت نفسه السعودية ودول الخليج الأخرى إلى الحوار مع قطر ورفع الحصار عنها حفاظا على وحدة دول الخليج, بينما تهب تركيا أوردغان المتورطة هي الأخرى بدعم الإرهاب للدفاع عن حليفها القطري بإرسال قوات تركية مسلحة إلى قطر . وهنا نقول ماذا كان يناقش قادة قمة الرياض وهي تستضيف أحد أكبر داعمي الإرهاب الذي يستضيف أكبر قاعدة عسكرية أمريكية في الشرق الأوسط , إلاّ يعني ذلك أنهم جميعا داعمين وممولين حقيقيين للإرهاب بصورة وأخرى , وهل أن توجيه تهمة الإرهاب بإتجاه دول أخرى, هو لصرف الأنظار عن الدول الحقيقية الداعمة والحاضنة للإرهاب لمجرد دفعها الجزية للولايات المتحدة الأمريكية , أنه النفاق السياسي بأبشع صوره وقلة الحياء وإنعدام الشرف. نعم لقد إنقلب السحر على الساحر وإنكشف المستور لتظهر الوجوه الكالحة لقادة هذه الدول على حقيقتها وسيقول فيهم التاريخ كلمة الحق, وسيرى الظالمون أي منقلب ينقلبون.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مراسلنا: دمار كبير في موقع عسكري تابع لفصائل مسلحة في منطقة


.. إيران تقلل من شأن الهجوم الذي تعرضت له وتتجاهل الإشارة لمسؤو




.. أصوات انفجارات في محافظة بابل العراقية وسط تقارير عن هجوم بط


.. جيش الاحتلال يعلن إصابة 4 جنود خلال اشتباكات مع مقاومين في ط




.. بيان للحشد الشعبي العراقي: انفجار بمقر للحشد في قاعدة كالسو