الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العرس أو الزفاف عادات وتقاليد

مولاي جلول فضيل

2017 / 6 / 13
الادب والفن


العرس في توات ولاية أدرار الجزائرية وما جاورها :
كل شاب من شباب العالم والمعمورة قاطبة والأمة العربية و الإسلامية والجزائر عامة وتوات خاصة يطمح الى إيجاد شريكة الحياة وإتمام نصف دينه ، تعالوا نعرج الى تلك العادات والطقوس التي يمر بها العريس في منطقة توات حين يدف أول دف معلناً بداية ميلاد زفاف الشاب.
يكون حينها أعد العدة ووجد الصاحبة التي تصحبه خلال مسيرة حياته، وتشاركه أياها ، مرها وحلوها ، يكون أول رباط بينهما الخطبة والخطبة هي عربون المحبة واعلان عن الرغبة وصدق نية الطرفين بأنهما يرغبان في ان يكملا مسيرة حياتهما مع بعضهما ، الخطبة هي الإقرار بالمحبة وإظهار تلك المحبة للعلن ، حيث يقوم في توات الشاب بابلاغ عائلته برغبته في الزواج من فلانة ابنة فلان ، وعادتاً ما تكون هذه المصارحة إذاناً للأم قبل الأب وهي من تُخبر والد الزوج ، في نفس الوقت تكون البنت قد صارحت أهلها او لمحت لهم بذلك ، يحدد أهل الشاب موعداً للذهاب الى بيت الخطيبة ليعطوا الكلمة ويظهروا رغبة ابنهم في الزواج من إبنتهم ، وكانت الكلمة في منطقة توات أكبر ميثاق والكلمة لها مقامها وتعتبر ميثاق شرف من العائلة إلى حين ياتي الخطيب بملح الخطبة أو عربون المحبة وعادتاً كانت شئ من اللباس والعطر والسكر والشاي كهدية إلى أن أدخلت عليها تعديلات التحضر والتمدن بتقديم خاتم او محبس ذهبي يحبس له خطيبته ويؤمنها له بحيث كل من شاهد ذاك الخاتم في يد البنت يوحي له انها مخطوبة ، ومن العادة أن يوضع الخاتم في إحدى أصابع اليد اليسرى لأتصالها بجهة القلب ، والرجل بدوره يضع خاتم فضي او رقيق ذهب.
حينما يحل الصيف يبدأ موسم الاعراس في توات حيث يكون معظم الناس في عطلة عمل ،وفي هذا الموسم ، المقبلين على الزواج يكونون قد اكملوا تحضيراتهم للعرس وبأكتمالها يبدأ العرس قبل ثلاثة أيام من يوم الدخلة أو الزفة وعادتاً في توات كانوا يختارون لها يوم الخميس ويدوم العرس أو الحجبة سبعة أيام بالتمام والكمال. إلا انه تم تقصير ايام العرس الى ثلاثة أيام في بعض المناطق من توات واضيفت ليلة الاثنين كليلة ثانية للدخلة، فأصبح هناك من يجعل ليلة الدخلة ليلة الخميس الى الجمعة وهناك من يجعلها ليلة الاحد إلى الإثنين.
خلال الايام التي قبل الدخلة كان يتم الاستعداد للعرس وجمع واستدعاء الضيوف والمعزومين من كل مكان ومن كل القصور والبلدان، ممن لهم علاقة بالعائلة وكذا الاحباب والأصدقاء ، الى ان يحضر كل من كان بعيد تكون بذلك انتهت مدة ثلاثة ايام من التحضيرات ، وكل من حضر ضُمِن له الإطعام والإيواء سواء من جانب أهل العريس أو العروس حسب الجانب الذي قدم الدعوة من طرفي العرس.
في يوم العرس أو يوم الزفة تكون الطبول وأهازيج العرس في أوجها وعنفوانها وتتعالى زغاريد النساء هنا وهناك، التحضيرات تكون قد اكتملت من الجانبين، واهل العرس تراهم في زينة وترى على وجوههم البشارة بشارة الفرح والسرور بالعرس ، في هذا اليوم تقام مأدبة شاملة للضيوف وأهل القصر ، من طرف العريس والعروسة ، تقدح نيران الطناجر وتملأ بلحم الخرفان يطهى الطعام وتملأ القدحان هذا قدح عشرة رجال وهذا قدح خمسة رجال يأكل كل من حضر العرس وقد يصل عدد القدحان ذات عشرة رجال في القصر الى مائة قدح خصوصا لو كان البلد كبير من وزن قصر تيلولين اوقصر سالي أو زاوية كنتة او توريرين أو انزجمير أو و أو .....
قبل ايام من العرس يكون قد اتفق اهل العريس والعروس على المهر والمهور والذي كان قديما يؤتى مادي ملموس أي كسوة من كل صنف عدد محدود ، كان من قبل يعد كل شئ بالعشرة من اقمصة وغيرها حتى الجوارب والاحذية ويضاف لها قصط واقراط وخواتم وانبالات من الفضة أو النقرة واستبدلت في وقتنا بمعدن الذهب .
في هذا اليوم وقت الغذاء (أو ما يسمى وقت الفطور في توات) أو يوم قبله يتم عقد القران في ساحة عامة او مسجد أو بيت كبير حيث يحضر اهل العريس وأهل العروس والشهود والمدعوون لعقد القران من طرف إمام عارف بالله و بامور الزواج وعقد النكاح قد لايحضر الزوج وقد لا تحضر الزوجة إذا وكلوا وكيل ينوب عنهما . ومن العادات التي نراها أثناء العقد إن الوكالة تسلم من وكيل إلى وكيل حتى تصل لكبير العائلة ليسلمها ويوكل الامام بعقد القران وهكذا يتم أيضا من طرف أهل الزوجة في وكالة إبنتهم. إلا ان هذه العادة ليس شرط .
في صبيحة يوم الدخلة يقرأ في بيت العريس القرآن بأكمله او ما يسمى بالسلكة أي يسلك على القرآن بالقراءة من طرف الشيوخ وحفظة القرآن. ويحسن استقبالهم بالشاي والتمر واللبن والأكل والشرب.
وعندما يحل المساء من يوم الزفاف يكون العريس مستعدا في فناء بيت العرس او سطحه وبحضور شلة من رفقائه وبجود الكبار والصغار ياتي شيخ أو كبير العائلة أو شخص مبارك يقوم بـ تحسين حافة شعر رأس العريس أوما يسمى في توات بالتقوريرة اوم ما نسميها بالفرنسية (تور دوراي) وأثنائها يردد الحاضرون بصوت حاني وملحون وبتأني مايلي:
بسم الله الرحمان الرحيم
صل الله على سيدنا محمد
باسم الله يافتاح القلوب علمنا
ياعلام الغيوب
يرددون هكذا الى أن يكمل الشيخ من تحسينته للعريس ، وعندما يكمل يضع في فم العريس عود لقماري ويطالبه بإلزام الصمت حتى تظهر اول نجمة في السماء اي نجمة المغرب حيث بدأت التحسينة قبلها بدقائق.
بعد مدة تأتي أختي العريس وهو لم يبرح مكانه او عمتيه او امرأتان قريبتان له يحملان قفة بها زرع اي قمح ومعهم مجموعة يرددون نسب العريس على هذا المنوال :
الله معا فلان ابن فلان ابن فلان حتى خمسة جدود أو اكثر ويتخلل هذا الترديد زغاريد النساء.
تضع الأختين قفة القمح وطبق يقوم العريس بأخذ ثلاث حفن بظهر كفي يديه ملتسقتان ويوضع الحفن الثلاث في الطبق ويضع قليل من النقود فوقهم أي شئ من الصرف . تأخذ الاختين الطبق والقفة ويرجعان بهما كما جأئوا بالزغاريد ، تخلط تلك الحفن فيما تبقى في القفة من قمح ويتم طحنه بواسطة الرحى في تلك الليلة وتعد له وجبة كسرة تاكَبُّوسْ. ام تلك النقود فهي للأختين أو من أحضروا القمح للعريس.
عادتاً تكون هذه الكسرة مملؤة بالتوابل المحلية ذات النكهة والجودة العالية وخاصة النوار وهو عشبة طبية مقوية للجسم.
يوم العرس يحدد شخص كخادم عن طريق الإختيار يطلق عليه وزير العريس يكون مستعد لخدمته والاستجابة لطلباته واستقبال ضيوفه والحرص على كل الامور المتعلقة بالعرس بالمقابل تحدد أو تختار وزيرة للعروس تكون تحت تصرفها وأوامرها . يتقاضى الوزير والوزيرة بعد نهاية العرس مبلغ أدائهم تلك الخدمة وعادتا ما يكون هذا المبلغ رمزي او هدية محبة فقط.
بعد صلاة العِشاء يكون العريس مستعد لأن يتقلد لباس العُرس المتكون من قميص ابيض وعمامة بيضاء ونعل أو حذاء ابيض وسلهام أو برنوس ابيض او اسود وسيف.
يحضر العريس الى المسجد أو باحته اوفناء كبير أو ساحة أو سطح منزل ، مرفوق بمجموعة من الأهل والاصدقاء وكل من يريد الحضور، يؤتى بالحنة معجونة والكحل وادوات التزيين من بيت الزوج وتلك اللبسة التي ذكرناها يغطى العريس بغطاء يحف الغطاء من كل جانب باصدقاء العريس وهم واقفون ويشدون أطرافه الغطاء أو الضَّرَاء، يستدعى أحد الأشراف المنتسبين لآل البيت أو شيخ أو كبير العائلة أو انسان مشهود ببركته يقوم بتلبيس العريس تحت الغطاء وتحنيته بالحناء ، وفي نفس الوقت يردد الجميع قصيد البردة للبصيرة ،
مولاي صل وسلم دائما ابدا
على حبيبك خير الخلق كلهم
الحمد لله منشئ الخلق من عدم
ثم الصلاة على المختار في القدم
أمن تذكر جيران بذي سلم
مزجت دمعا جر من مقلة بدم
ام هبة الريح من تلقاء كاظمة
واومض البرق في الظلماء من إضم
فما لعينك إن قلت أكففاهمتا
وما لقلبك إن قلت استفق يهم
ايحسب الصب إن الحب منكتم
مابين منسجم منه ومضطرم
لول الهوى لم ترق دمعا على طلل
ولا أرقت لذكر البان والعلم.....إلى نهاية القصيدة

عندما يتم تلبيس العريس يذهب محفوفا برفاقه من المسجد او ساحته إلى بيت الزوجية
مرددين جميعا قصيدة البردة. بعدما ينتهون من المديح تقام فاتحة جماعية وينصرف الجميع ماعدا الوزير والبعض من الاصدقاء المقربين الذين يبقون متأخراين قليلاً هنا يؤتى بكسرة تكبوس ياكل منها العريس ،ثم يأتى له ايضا بالكرشة أي كرشة الخروف كاملة ومربوطة أطرافها مبطنة باللحم والتوابل وهي اكلة خاصة تعد للعريس ليلة زفافه يقوم بفتحها بواسطة أصبعه الصغير وعندما تفتح يأكل منها قليلا ، والباقي منها ومن كسرة تكبوس يوزع على الحاضرين في جو بهيج تملأه زغاريد النساء ومرح الأطفال وبهجة الكبار.
بعد التلبيس يبقى العريس في بيته الى أن تزف له عروسه
في الجهة المقابلة من العرس ،أهل العروس يقومون بتحضير عروسهم يلبسونها ابهى حلة يزينونها ويُحَفِّلونها لأستقبال عريسها ثم يزفونها إليه بالدف والطبل والاغاني مرددين ما يلي
أداتوا واداها .. بغاتوا وبغاها ...سيد الرجال اداها ....
وإذا كانت ابنة عمه او قريبته
يرددون ايضا
إلاَّ بنت عموا جابها لأمه ماخسر مالوا ما امشى للمطار
لكن هذه الاغنية حديثة ووليدة العصور الجديدة
تزف العروس لعريسها في جو بهيج تدخل لبيت عريسها يصلي بها ركعتين ويؤم زوجته وبعد السلام يدعيان الله معاً أن يكلل زفافهما بالنجاح والفلاح وأن يرزقهما بالزرية الصالحة وأن يبارك لهما زفافهما .
بعد ليلة الدخلة يستمر العرس سبعة ليال تكون فيهم دار العرس والعريس مفتوحة للجميع الكل يأكل ويشرب هذه الايام تسمى ايام الحجبة ، بحيث لا ترى العروس ابوها وامها ولا يرى العريس ابوه وأمه ، عندما يحل يوم الخميس المقبل اي نهاية السبعة ايام في هذا اليوم يستعد العريس لنزع ذاك اللباس كما لبسه يوم العرس ليستبدله باللباس اليومي العادي معلنا بنهاية العرس، تحت غطاء كما بدأ وبترديد قصيدة
بسم الله يافتاح القلوب علمنا يا علام الغيوب
بسم الله الرحمان الرحيم صل الله على سيدنا محمد
ذاك اللباس الذي نزعه ، الاطفال الذين لم يتزوجوا يقومون بالجري واختطافه والكل يدهن طرف منه على يديه او جسده فال واستبشاراً بأنه سيصل يوما للزواج ، إنها عادات فقط لا اكثر تخلق جو من المرح للأطفال .
في هذه اللحظة يكون اهل العريس وخلاته واعمامه ينتظرون قدومه رفقة شلة من أصحابه ففي كل بيت يحضرون له الاكل والثمر والحلويات يقوم بزيارة كل تلك البيوت في وقت واحد يدخل هنا يأكل ويجلس هنيهة ثم يذهب للبيت الآخر وبهذا يكون قد أنهى العريس أسبوع زفافه.
العروس بدورها في اليوم الموالي اي الجمعة يقومون بتزيينها أو ما يسمى بالحزام أو يوم الحزام وهذا بحضور اهلها ورفاقها واحبابها، يكون العريس في هذا الوقت قد جمع وأحضر من الجَنان او البستان من كل زهرة وردة ومن كل عشبة عرف ومكل نبتة قليل ويحزم ويأتي به وهذا الحزمة من الحشائش تسمى بالشامية في توات يوضع قليلاً منها في حجر عروسه والباقي يرميه في وسط الدار كان قديما يصعد للسطح ويلقيه فتتخاطفه أيادي النساء الحاضرون والذين جلهم من أهل العريس والعروسة، تحاول كل واحدة من تلك النساء الحاضرات ان تأخذ نصيب منه كي تعطيه لغنمها كي يبارك لها الله فيهم. وتضع قليلا منه في بيتها حتى يجف استبراكا وتبركاً .
بعدها تذهب العروس رفقة عمتها ووزيرتها واحبابها للمسجد لتصلي ركعتان بمفردها عندما يكون المسجد فارغا وينتظرها الباقون خارج المسجد ، بعدها تقوم بزيارة الاهل والجيران الذين هم في انتظار استقبالها بالحلويات والتمر واللبن وما لذ وطاب.

على هذا المنوال كان يتم الزفاف قديما في توات.

وصف لطريقة العرس من منطقة توات بالضبط من قصر تيلولين الشرفاء ولاية أدرار
بقلم الكاتب: مولاي جلول فضيل











التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وداعا صلاح السعدنى.. الفنانون فى صدمه وابنه يتلقى العزاء على


.. انهيار ودموع أحمد السعدني ومنى زكى ووفاء عامر فى جنازة الفنا




.. فوق السلطة 385 – ردّ إيران مسرحية أم بداية حرب؟


.. وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز




.. لحظة تشييع جنازة الفنان صلاح السعدني بحضور نجوم الفن