الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السفوف

مولاي جلول فضيل

2017 / 6 / 15
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


في موضوعنا هذا سنتطرق الى مادة حيوية تعتبر زاد ساكن الصحراء قديماً وصاحبته وعوينه أثناء الترحال، وفاتحة شهية الضيف وأولى ما يستقبل به الضيف في المواسم التي يغيب فيها الثمر الطازج ألا وهي :
السفوف أو ثمر النخيل المهرس المدقوق.
وإذا دعيت إلى تمر أو تمر مهروس وغرَّاف لبن فاعلم إنك أمام المعتاق
المَعْتَاقْ ( g ) القاف بالجيم القهرية : ولا يكون معتاق إلا إذا إجتمعا شيئان معاً التمر واللبن وقد يحل محل التمر السّفُُوفْ وهي عبارة عن تمر مدقوق ومهرس ، كما يعوض اللبن الحليب أو الماء.
فتفضلوا حلُّوا لِسانكم ، فالحلاوة في الفم مصدر الطاقة والنشاط ، وحلاوة اللِّسان في الكلام هي مفتاح البيبان والقلوب كما يقول المثل " لكلام الزين أيخلص الدين "
السفوف هي نعمة من النعم التي أجاد بها الله علينا من النخلة، تلك العمة الكريمة التي سخرها الله لنا ، والتي لها علينا من الفضائل ما لا يعد أويحصى ، تلك الشجرة المباركة التي ذكرت في القرآن الكريم عشرون مرة و في ثماني عشرة سورة ، والتي قيل فيها في الحديث "أكرموا عمّتكم النخلة فإنها خلقت من الطين الذي خلق منه آدم" وعن امنا عائشة رضي الله عنها إن الرسول صلى الله عليه وسلم قال "يا عائشة بيت لا تمر فيه جياع أهله ، يا عائشة بيت لا تمر فيه جياع أهله أو جاع أهله قالها مرتين أو ثلاثا " رواه مسلم.
و التي استفدنا من ثمارها وخشبها ، وجريدها، وسعفها ، واليافها ، وعلفها، وقرنتها بمعنى مايوجد في اسفل النخلة اوما يسمى بالقرنيط عند اهل توات او الجمار، واستظلينا تحت ظلها.
الى جانب تلك الفوائد السالفة الذكر فالتمر وحده له العديد من الفوائد على الإنسان والتي لا تعد أو تحصى من كثرتها لكن ارتأينا اليوم أن نتكلم فقط عن إحدى مشتقاته ألا وهي السفوف أو التمر المهرس المدقوق:
كان الناس قديما في الصحراء خصوصا سكان توات تلك المنطقة المواتية للعيش والسكن في الصحراء والمناطق المجاورة لها يعتمدون بشكل كبير في غذائهم على ثمر النخيل فكان مصدر قوت وتجارة متداولة في الصحراء عبر العصور ، لكن وجود الثمر الناضج هذه المادة الحيوية ، لايوجد إلا في مواسم جني الثمور ، مما فكر الإنسان في توات حصراُ على إيجاد طريقة لحفظ التمر لمدة أطول بصفته غذاء أساسي في تلك العصور ومن ليس لديه ثمر ناسه جوعى . فتم حفظ الثمر الطازج في حاويات وشكائر مبطنة ، يطلق على هذا الطريقة لحفظ الثمر في توات لَبْطَاَنة ،إلا انه مع مرور الايام وطولها يصبح قديم وقد تدخله الدودة والسوسة وتفسده ، مما جعل أهل توات والمناطق المجاورة لها في التفكير في طريقة أخرى عن طريق تجفيف الثمر، وعنما يكون جافا يكون أبعد وفي مأمن عن أن يدخله الدود والسوسة. وكانت هذه الطريقة ناجعة وناجحة إلى حد ما، إلا انه بهذه الطريقة يصبح قاسي جداً ويصعب اكله وتهريسه بواسطة الأسنان ،مما جعل التفكير في طريقة أخرى وهي تهريسه ودقه بما يتناسب ومضغه بحيث لايكون غبرة تُكهم أثناء الاكل، ولا ثمر يابس قاسي لا يساعد على الأكل والهضم.
وكي يتم تهريسه وصناعة السفوف او الثمر المهرس ،لابد من إيجاد الآت لتهريسه ، فتم صناعة المهراس قديماً من الأحجار بحفر حجر حتى يصبح مَغْرُوف بالداخل، وتصنع مدقة على شكل عمود حجري ،تدق ما يوضع في المهراس، كما صنع المهراس أيضاً من جزوع الاشجار والنخيل ، بقطع جزع ضخم وكبير وحفره من الأعلى حيث يوضع في داخله التمر اليابس المنقى الذي ليس به سوسة أو دود
كما تم صناعة مدقة من جزوع الاشجار الصلبة وهي على شكل عمود صلب وقاسي يتم استعماله لدق التمر في المهراس .
إن تحضير السفوف يتم على عدة مراحل بعد تنقية التمر يتم دقه وتهريسه تهريس أولي خفيف في المهراس ، حتى يتم فصل الثمر عن علفه ، ثم يتم تنقية العلف منه وبعدها يوضع التمر المكسر الذي تم تنقيته في المهراس من جديد يدق هذه المرة دق جيد حتى يصبح على شكل قطع تمر صغيرة بحجم السن ، واثناء صناعة السفوف ودقه نحصل على أشياء اخرى إلى جانب السفوف وهي غبرة الثمر او ما يسمى في توات النغاد او النجاد يستعمل كغذاء ينجد به الاطفال الصغار الرُّضع بحيث يوضع في الماء ويغرى لهم، كما ينتج أيضا من عملية دق التمر وصناعة السفوف عجين الثمر الذي يلتسق بالمدقة ويسمى في توات وما جاورها باللًّفيظ وهي كلمة عربية فصيحة تعني العصيدة أي عصيدة التمر بمعنى اللَّفِيتَة أي العصيدة . تصنع منها الحلوة و تستعمل في تبطين بعض الأكلات المحلية كخبز التمر والمردوف، الذي يتكون من ردفين من رقائق الخبز محشي بالتمر.
بعد ان يتم تهريس التمر بواسطة المهراس على شكل سفوف كما ذكرنا سالفاً ، يتم تخزينها في شكائر وأكياس ،وجزأ منها يوضع في طَبق او تدارة بحيث يكون حاضراً وموجود استعدادا لأستقال به الضيف وزوار البيت والإستعمال اليومي.
طبق السفوف: هو عبارة عن طبق مصنوع من سيوان او زيوان النخيل ، ملفوف ومغطى بسعف النخيل ومخاط به على شكل طبق.
التدارة: مصنوعة بنفس صناعة الطبق إلا انها على شكل طبق دائري، مما أشتق من شكلها الدائري إسم التدارة ، تشبه قصعة تكاد تغلق ، يصنع لها مغلاق او مَكَبْ أو غطاء بنفس الوسائل التي تم صناعة الطبق والتدارة منها وبها . يقوم بتغطيها كي لا يمس السفوف غبار او تلوث.
وكلمة السَّف أو السفوف: كانت مستعملة عند العرب منذ القدم فيقال سَفِفْتُ السَّويقَ والدَّواءَ ونحوهما، بالكسر، أَسَفُّه سَفّاً واسْتَفَفْتُه: قَمِحْتُه إذا أَخذته غير ملتوت، وكل دَواء يؤخذ غير معجون فهو سَفُوفٌ، بفتح السين، مثل سَفُوفِ حبّ الرُّمان ونحوه، والاسم السُّفّةُ والسَّفُوفُ ، واقْتماحُ كل شيء يابس سَفٌّ، والسَّفوفُ: اسم لما يُسْتَفُّ أي على شكل شي متراص ومتماثل كحبات السفوف مَسْتَفَّة وتُسف.
.
.
الكاتب : مولاي جلول فضيل








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عاجل.. شبكة -أي بي سي- عن مسؤول أميركي: إسرائيل أصابت موقعا


.. وزراءُ خارجية دول مجموعة السبع المجتمعون في إيطاليا يتفقون




.. النيران تستعر بين إسرائيل وحزب الله.. فهل يصبح لبنان ساحة ال


.. عاجل.. إغلاق المجال الجوي الإيراني أمام الجميع باستثناء القو




.. بينهم نساء ومسنون.. العثور جثامين نحو 30 شهيد مدفونين في مشف