الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل النكهات الاسلامية المتنوعة، مخاض لاسلامية جديدة ام مقدمة لزوالها؟

سامي عبدالقادر ريكاني

2017 / 6 / 15
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


من خلال دراساتنا لواقع العالم الاسلامي لاحظنا بان المنطقة الاسلامية برزت فيها ظاهرة اسلامية عجيبة وهي في ازدياد مستمر يوما بعد يوم حتى تزاحمت بها القنوات الاعلامية وشبكات التواصل الاجتماعي واجتاحت واجهات الفعاليات السياسية والاجتماعية من خلال ظهور ايديولوجيات وافكار وممارسات اسلامية تعبر عنها سلوكيات اشخاص عبر نكهات متنوعة تبتعد يوما بعد يوم عن مسار ايديولوجياتها الاسلامية حتى وصلت بها الامر اليوم الى حالة من الضياع، بحيث توحي للناظر اليها بانها فقدت بوصلتها بين السياسة والدين فلا هي اجادت الدين ولا هي اجادت السياسة، بل اصبحت تمارس سلوكا سيوليا نفعيا تبريريا قل نظيرها في التاريخ الاسلامي، تتغير الوانها باستمرار مثل الحرباء بحيث اصبح من الصعوبة تحديد لونها او فصلها عن لون البقعة التي تتحرك فيها.
فعلى المستوى الافقي بين الحركات الاسلامية ظهرت منذ الثمانينيات والتسعينيات بعد الانفتاح الخليجي على مصر بعد انتقال مصر من العهدة الروسية في مرحلة السادات الى العهدة الامريكية خاصة بعد فشل مشروع الوحدة القومية بقيادة جمال عبدالناصر، والذي تسبب باكبر ظاهرة تلقيح اسلامي بين كافة التيارات الاسلامية من سلفية واخوانية وجهادية في مصر والمنطقة بصورة عامة، فظهرت شخصيات اخوانية بنكهة سلفية، واخرى قطبية بنكهة جهادية، وفي الخليج ظهرت سلفيات بنكهة اخوانية، واخرى جهادية، واخر بنكهة قطبية، وكانت كبداية لتنامي هذه الظاهرة ، ومن ثم ازدادت هذه الظاهرة يوما بعد يوم لتتزاحم تلك القنوات بتلك الشخصيات، حتى وصلت في الاونة الاخيرة بعد الربيع العربي والانقلاب في مصر وفشل الاسلام السياسي، بظهور شخصيات اسلامية ذا نكهات علمانية واخرى قومية واخرى متمردة وحتى وصل ببعضها الحال الى التذمر من كل ماهو اسلامي حتى فضل بعضهم النكهة الالحادية عليها وغزت جميع القنوات الفضائية قبل ان تنتقل الى شبكات التواصل الاجتماعي العنكبوتي .
فلو نظرنا الى القنوات المصرية اليوم فسوف نتعجب من الشخصيات الاسلامية فيها التي تحولت الى شخصيات (اسلامسيسوية (مداهنة لسيسي) وفي الخليج اسلام ذا نكهة ملكية، تنتج اسلاما تشبع نزوات شخصيات من العوائل المالكة، كما ستلاحظ في الاونة الاخيرة في المنطقة الاسلامية العربية ظهور شخصيات اخوانية بنكهة اردوغانية، و سترى بالمقابل في تركيا شخصيات صوفية بنكهة اخوانية.
ولم تتوقف الظاهرة عند الاشخاص بل تعدت لتغزوا جموعا من الحركات الاسلامية وخاصة المسلحة منها، حيث ظهرت في الاونة الاخيرة فصائل اسلامية مسلحة بنكهة تركية في كل من سوريا والعراق، واخرى بنكهة سعودية وقطرية، وشمل هذا الاجتياح لتصل الى الفصائل الشيعية حيث سترى حشود شيعية بنكهة ايرانية انتشرت في المنطقة ووصلت الى الحشد الشيعي العراقي، الذي هو ايضا انقسم بدوره الى حشدين ، حشود شيعية بنكهة خمينية ايرانية مالكية، واخرى بنكهة عراقية سيستانية او صدرية، ولم يستثني هذه الظاهرة اقليم كورستان من نكهاتها، فمنذ التسعينيات وبدات فيها ظهور شخصيات سلفية بنكهات بارتية(حزب الديمقراطي الكوردستاني) (في منطقة بادينان) واخرى اتحادية(الاتحاد الوطني الكوردستاني) (في المناطق السورانية ) واخيرا ظهرت شخصيات اخوانية من(الاتحاد الاسلامي الكوردستاني) بنكهة بارتية في بادينان واخرى بنكهة كورانية(حركة التغيير الكوردستانية) في السليمانية)، كما سترى فيها ايضا اسلاميات بشقيه السلفي والاخواني ذات نكهات اردوغانية.
فهل فقدت الايديولوجيات الاسلامية بوصلتها وهي متجه نحو الزوال ام انها صورة اخرى من صور الصحوة التي تريد التجذر في العمق المجتمعي، التجات الى تلك السلوكيات اخيرا لتحمي نفسها بعد فشل سياساتها في وضع نفسها وجماعاتها ضمن اطر محددة تجعل من تميزها طريقا للوصول الى احتواء المجتمع والسياسة فارغمتهم في النهاية حقيقة الواقع للنزول من مثاليتهم وخيالهم بعد كشفهم بان البرزغ الذي وضعوها بينهم وبين المجتمع اصبح مانعا ابديا امام بغيتهم في تحقيق طموحهم ،فما كان لهم الا بالرجوع والتضحية بكل قيمهم من اجل تحقيق ذلك التلاقي بينهم، فسلكوا طريق التلون والمداهنات والتخلي عن القيم الثابتة التي نادوا بها لصالح القيم المتغيرة والنفعية ؟.
وهل هذه الطريقة في استعادة الذات صائبة وسليمة، وهل ستبقي لايديولوجياتهم الاسلامية شيء من خصوصيتها الاسلامية بعد كل هذا، واذا كان صائبا ذلك، فمالفرق المميز الذي سيبقى بينهم وبين بقية التوجهات والايديولوجيات الاخرى في ممارساتهم الدينية والسياسية والمجتمعية، ومادام لم يبق بينهما فارق، الا يكفي قرن من الخداع باسم الاسلام، الم يحن الوقت ليرحموا الاسلام ويحذفوا مصطلح الاسلام من واجهة اعمالهم ويعترفوا ويقروا بانهم ظلموا المجتمع كما ظلموا الاسلام ؟
ام ان هذه هي المرحلة النهائية من المخاض الذي يجب ان نمر من خلالها للوصول الى وضع مفهوم جديد للدولة والسياسة والدين ولنضع كل منها ضمن سياقها الصحيح، ولنخطوا بعدها خطوات نحو العالم المتحضر ونتبع خطواتهم نحو بناء الدولة والمجتمع ونحررها من بداوة الفكر الديني والقومي لننطلق الى رحابة التمدن وانسانية الدين والدين الانساني، كما مر به العالم الغربي في بناء مجتمعاتهم واستفادوا من تجربتهم في صراعهم نحو الحرية والانفكاك من قيود البداوة التي كانت تمارس ضدهم باسم النقاء العرقي والقبيلة والقومية وباسم الدين.
ولكن في اعتقادي ان مامر بها مخاض الدولة في المنطقة من تحولات من مرحلة البداوة القومية وصراعهم ضد بعضهم البعض ومن صراعهم مع البداوات الدينية التي قادها الحركات الاسلامية والتي هي ايضا في صراع اخر ضد بعضها البعض على السلطة وعلى قيادة الدولة ورسم شكلها وعلى من سيلبس المجتمع بلباسه ، والتي تحول هذا الصراع اخيرا ضمن التلاعب الدولي الى مرحلة تحول القومية والاسلاموية لتتبوتق ضمن دول قومسلاموية تعتبر اخر بلورة لماقبل النهائية من صورة التحول في فلسفة الدولة وتحولها من البداوة المشوهة التي ستقضي عليها عاجلا ام اجلا الى صورة الدولة الحديثة ، ولكنها باعتقادي ستعتبر من اصعب مراحلها لانها لن تتخلص منها الا بعد سفك دماء غزيرة وتضحيات لاتقل عما ضحى به الغرب في تجربتهم التي مروا بها قبلنا، والفوضى التي تمر بها المنطقة الاسلامية اليوم لهو اكبر دليل على ذلك.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عضو الكنيست السابق والحاخام المتطرف يهودا غليك يشارك في اقتح


.. فلسطين.. اقتحامات للمسجد لأقصى في عيد الفصح اليهودي




.. مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى بحماية قوات الاحتلال صبيحة عي


.. هنية: نرحب بأي قوة عربية أو إسلامية في غزة لتقديم المساعدة ل




.. تمثل من قتلوا أو أسروا يوم السابع من أكتوبر.. مقاعد فارغة عل