الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سطوة الكلاب (2/2)

محمد عبعوب

2017 / 6 / 19
الادب والفن


أمضى بقية يومه وتلك القهقة المتبوعة بطلقات تخرق مشاعره وتثير تفكيره في كيفية الرد على هذا البحار الصعلوك الذي اعتاد خوض جولات صراع و تهكم معه بلغة منفلتة لم تفارق ذاكرته.. "زيد بالله نبحة واحدة باش تخلص بالوافي"!!! ..
- الكلب سأجعله آخر من ينبح في هذه الجولة.. بل سأجعله يعوي عواء كلب أوسعه صاحبه ضربا.. سيرى الكلب من النابح الأخير..
خطرت له فكرة طريفة ستجعل غريمه ينبح و يعوي أمام كل رواد المرفأ طالبا ثمنا لما جاد به عليه البحر..
اتصل بثلة أصدقائه من الصعاليك وروى لهم قصة ما جرى له صباح ذلك اليوم مع هذا الجلف ، موضحا لهم انه سيجعله يدفع ثمنا باهظا لتهكته الموجع، مقترحا عليهم أن يرافقوه صباح الغد الى المرفأ وينتظروا مقدم هذا البحار الصعلوك كعادته وقد جمع كميات معتبرة من السمك، مشيرا عليهم بأن ينطلقوا في نوبة نباح لا تنقطع بمجرد نزول صديقهم البحار ومساعده الى المرفأ ، ثم ينقضوا على حصيلة رحلته من اسماك يقتسمونها بعنف يحاكي عنف الكلاب الشاردة وهي تقتسم جثة حيوان نافق، دون أن يردوا على عبارته بأي كلمة و لا يعيروا تهديداته او تهكماته أي اعتبار وينصرفوا بما غنموا دون حتى أن يلتفتوا له..
ضحى اليوم التالي وبعد أن تأكدوا من صديق مشترك أنه قد خرج في رحلة صيده المعتادة، التقت شلة الصعاليك في المرفأ وأمضوا ساعات انتظارهم وهم يتبادلون النكات حول ردود الأفعال المتوقعة لذلك الجلف المتعجرف على هجومهم المباغت وارتباكه في كيفية الرد عليهم والحصول ولو على جزء بسيط من ثمن صيده الذي سيتقاسمونه بكل جرأة أمام عيونه..
وفيما هم منهمكون في تفحص المراكب الداخلة للمرفأ حتى لاح لهم كعادته منتصبا بمقدمة المركب فيما مساعده يدير الدفة مناورا للرسو.. لم يلاحظ وجودهم ، لاختلاطهم بجمع من الزبائن المعتادين للتعامل مع الصيادين..
وما ان نزل من المركب بخطواته المتثاقلة قاصدا ذلك الجمع ومساعده خلفه يحمل حصاد يومه، حتى انقضوا عليه وأحاطوا به من كل جانب في جلبة من النباح والعواء والضحك، فوجئ بالموقف وشعر أنه قد أخذ على حين غرة، وان كلب الأمس قد جمع للثار لنفسه منه وأدرك أنه إذا كان قد ضاع منه أمس سهم من صيده، فإن صيد اليوم ضائع كله لا محالة .. انقض الجمع بين نابح وعاوي يتقاسمون ما حوته تلك الحافظة كل حسب جهده والضحكات تملأ وجوههم كلما لاح لهم وجهه المأخوذ بهول المفاجأة..
وقف بينهم مذهولا ونوبة ضحك ممزوجة بالغضب تغالب وجهه المكدود من تعب البحر.. ناشدهم بالله أن يكونوا عادلين في كَلَبِهِمْ وان يحسبوه شريكا لهم في تلك الغنيمة وان يتركوا له نصيب أسرته، لكن لا يبدو أنهم قد سمعوا رجاءه.. وفجأة خطرت له فكرة، فاندفع بينهم ماداً يده داخل الحافظة نابحا وعاويا مثلهم محاولا الحصول نصيب من السمك، عندها انتبه صديقه كلب الأمس، وصاح في المجموعة طالبا منهم ان يرموا له كل واحد بسمكة بعد أن اثبت انه كلب مثلهم..
أنساهم مشهد صديقهم المتعجرف الذي أعلن كلبيته معهم بنباحه الأجش هدفهم و رموا بأكياس السمك على الأرض ودخلوا جميعا في نوبة ضحك هستيرية باذخة يتخللها بين الحين والآخر نباح و زئير ، وتكدسوا متخذين من تراب الشاطئ فراشا لهم و أكياس السمك ملقاة الى جانبهم وقد غادروا حاضرهم يجترون مغامرات ومقالب ماضيهم الجميل بروعته و روعاته ولم يلفت انتباههم إلى ضياع صيدهم الا عراكاً حاداً يتخلله عواء وكرير نشب بين قطط وكلب كانوا يتنافسون على الاستفراد بآخر سمكة من ذلك الصيد الثمين الذي نسوه بعد أن غرقوا في سكرتهم الباذخة في استرجاع ذكريات زمانهم الجميل الذي لن يتكرر بعد أن أصبحوا في بدايات العقد السابع من أعمارهم.. انتهى..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المخرج المغربي جواد غالب يحارب التطرف في فيلمه- أمل - • فران


.. الفنان أحمد عبدالعزيز يجبر بخاطر شاب ذوى الهمم صاحب واقعة ال




.. غيرته الفكرية عرضته لعقوبات صارمة


.. شراكة أميركية جزائرية في اللغة الانكليزية




.. نهال عنبر ترد على شائعة اعتزالها الفن: سأظل فى التمثيل لآخر