الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الانعكاسات النفسية للحروب على شخصية الأطفال

زوزان خلف

2017 / 6 / 21
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


في ظروف الحرب تتعرض الشعوب لأبشع أنواع الظروف الصادمة والضاغطة، والتي تترك بصماتها على معظم نواحي الحياة، وليس صدفة أن يكون الأطفال الأكثر تأثراً بما يحدث، وهم الأكثر تعرضاً لتلك الظروف، ويرجع علماء التربية وعلم النفس ذلك لعدم اكتمال نضج الأطفال نفسياً واجتماعياً، وبذلك إذا كانت ظروف الكوارث فوق طاقة الكبار فهي بشكل مضاعف فوق طاقة تحمل الصغار، وهنا لابد من إبراز معاناة الأطفال في ظل الحروب والأزمات وانعكاساتها النفسية والمعرفية والسلوكية على ذات الطفل وآليات التدخل السريع للحد منها والدور الذي يقع على الأسرة والمؤسسات التطوعية في وقت الحرب.
حيث تشكل ظروف الحرب والأحداث الصادمة اهتزازاً للثقة بالنفس وبالأخرين، فشعور الطفل بالخطر الذي يهدد حياته، والخوف والقلق المتزايد يؤثر في سلوكه ومزاجه، وتتكون لديه العديد من ردود الفعل الحادة على الصعيد النفسي والاجتماعي والفسيولوجي مثيرة بذلك أزمة وصدمة نفسية للطفل، فيصبح ضحية الخوف الشديد والكوابيس والكآبة وغيرها من الاضطرابات الانفعالية وهم في أمس الحاجة لتقديم المساندة النفسية ليس من الأهل فقط أو من الاختصاصين النفسيين إنما أيضاً من المتطوعين وفرق الطوارئ والأطباء اللذين يتواجدون باستمرار في مواقع الأحداث فتلك المعلومات في غاية الأهمية أن ندركها جميعاً لتتوج جهودنا المهنية والوطنية بالنجاح والتميز.
إن الأطفال اللذين تعرضوا لانتهاكات الحرب في سوريا والعراق ولبنان وفلسطين والكويت وأفغانستان بشكل مباشر أو غير مباشر من خلال قصف منازلهم، أو هدمها، أو اعتقال، أو قتل ذويهم، أو بشكل غير مباشر من خلال مشاهدتهم لانتهاكات الحرب من خلال التلفاز، غالباً يكثر لديهم ميلاً شديداً للعنف، وتغير عام في المزاج وفقدان للشهية، والشعور بعدم الاستقرار، واضطرابات النوم والقلق والكآبة والحزن والخوف، وعدم المبادرة والتردد، وتشتت الذهن وضعف الذاكرة خاصة تلك الأمور المتعلقة بالدراسة والمدرسة، وتظهر لديهم أيضا مشاعر القلق والخوف ومشكلة التبول اللاإرادي، ويشكون بعضهم من الاعتلال الجسمي الشديد.
فيعتبر الأطفال الذين يقعون تحت ظروف الحرب من أكثر فئات المجتمع تأثراً بقسوة السلاح والنيران وهمجية القوة والعنف، والتي اتخذتها الدول والحكومات و الجماعات الإرهابية كاستراتيجية لها لاحتلال الشعوب والاستيلاء على ثرواتها والسيطرة على مناطق لبسط نفوذها حتى في ظل القانون الدولي ومواثيق حقوق الإنسان ومحاكم جرائم الحرب أصرت تلك الحكومات والجماعات الإرهابية ألا يكون لها طريقة لفرض قوتها إلا من خلال العنف وقتل الأبرياء ذلك العنف الذي يقع على كل شيء اليابس والأخضر الصغار والكبار ويفسر علماء التربية وعلم النفس أن الطفل الأكثر تأثراً لأن نموه لم يكتمل ولأنه لا يستطيع التعبير عن غضبه وخوفه وقلقة بالألفاظ مثل الكبار ولكنه يعبر بلغة أخرى هي لغة الحركة وعدم الاستقرار وتلك رسالة منه للعالم الخارجي تؤكد قلقة وخوفه من الخطر الذي يحيط به وبمن حوله.

غالباً ما تسوء حالة الطفل النفسية في ظل ظروف الحرب لعدم إدراك ذويه لما يعانيه فهو يعبر عن معاناته بطريقة تستفز الكبار خاصة من ليس لديهم المعرفة الكافية عن الطفولة ومشكلاتها واحتياجاتها والأغلب يعامل الطفل كفرد عادي ولكن في الحقيقة يجب أن يعامل بشكل خاص وبأكثر أهمية من الأخريين لأنه في أمس الحاجة للشعور بالأمان والاستقرار في ظل اللاأمان واللااستقرار مما يحدث حوله، وأيضاً الطفل بطبيعته يستمد الشعور بالأمن والأمان ممن هم أكبر منه وما يحدث من الطفل من قلق وخوف ما هو إلا انعكاس خوف وقلق الكبار حوله مما يحدث حولهم لذلك ينصح ذوي الأطفال زيادة اهتمامهم ورعايتهم للأطفال في ظل الحروب وقدر الإمكان مساعدة الأطفال لتخطي أزمة العنف من خلال إشعارهم بالأمن وإخفاء مشاعر القلق والخوف قدر المستطاع وهذا يحتاج إلى اتباع آليات للتعامل مع الطفل في الحروب .
آليات التدخل لمواجهة الانعكاسات النفسية على الأطفال في ظروف الحرب:
• توفير أجواء الأمان للأطفال وإعادة ترسيخ الشعور بالأمن والحماية من خلال تأمينهم بمكان آمن بعيداً قدر الإمكان عن مكان الخطر وتهدئتهم وطمأنتهم.
• تشجيعهم على مواصلة الأنشطة الاعتيادية.
• مساعدتهم في فهم انطباعاتهم وردود أفعالهم اتجاه المواقف والخبرات الصادمة.
• التحدث مع الطفل عن الأوضاع التي تخيفه.
• توجيه انتباه الطفل الخائف إلى الأطفال الأخريين اللذين يتعاملون مع أحداث الصدمة بدون خوف من خلال سرد قصص عن الأطفال في أوضاع متشابهه وكيف تم التغلب على خوفهم.
• إشراك الطفل في أنشطة بدنية وألعاب وأغاني وتأليف قصص وورشات الرسم من أجل توفير مجال للتخفيف من حدة التوتر والضغط النفسي لديهم.
• تكليف الطفل بأعمال ومهام صغيرة لتقوية إحساسه بالكفاءة والثقة بالنفس.
• تقديم الإرشاد النفسي للطفل والأسرة حول مفهوم الصدمة وأعراضها وكيفية التعامل معها.
فالطفل بحاجة للشعور بالحب والحنان من حوله وخاصة المقربين منه وأي محاولة لعلاج المشكلة بشكل ظاهري دون الجوهر ستكون مصيرها الفشل وتزداد حالة الطفل سوءً، والعلاج الفعال للخروج بالطفل من هذه الحالة هو منحه الحب وإشعاره بأنه موضع التقدير والقبول وإتاحة الفرصة له لكي يكون آمناً وسعيداً.










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اضطرابات في حركة الطيران بفرنسا مع إلغاء نحو 60 بالمئة من ال


.. -قصة غريبة-.. مدمن يشتكي للشرطة في الكويت، ما السبب؟




.. الذكرى 109 للإبادة الأرمينية: أرمن لبنان.. بين الحفاظ على ال


.. ماذا حدث مع طالبة لبنانية شاركت في مظاهرات بجامعة كولومبيا ا




.. الاتحاد الأوروبي يطالب بتحقيق بشأن المقابر الجماعية في مستشف