الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الانظمة الوراثية الرثة

جواد البياتي

2017 / 6 / 23
مواضيع وابحاث سياسية


الانظمة الوراثية الرثة
الانظمة الوراثية العربية والاسلامية حصريا ، وبشكل اخص في الانظمة الملكية ، وتليها انظمة الخلافة الجائرة التي تتابعت على الدول والامبراطوريات العربية والاسلامية . التي تسلطت على رقاب الناس تحت اغطية العديد من التوصيفات التي تهدف جميعها الى تحقيق الاطماع والرغبات الشخصية ، هذه الانظمة عبر تاريخها الطويل لم تكن مثالا للوفاء وصدق النوايا ، وانما كانت جميعها بلا استثناء خلايا للخبث والحسد والتآمر والحيلة والكذب والتزلف والنفاق ثم التآمر والذبح او دس السم ، وفي احسن الاحوال السجن او الترحيل او الاقامة الجبرية . والمتتبع لهذا التاريخ المشوه منذ بداية الدعوة الاسلامية ولحد اليوم ، لا يمكن ان يفخر بهذا السلف ولا ينظر اليه باحترام ، خاصة وان معظم التغيير الذي يأتي على هذا الاساس لا يحدث الاّ على برك من دماء الابرياء وغير الابرياء .
واستمر هذا الحال من سنة 632 م - 1922 م تعاقب عليها 137 خليفة وتنقلت بين ثمان عواصم هي : مكة ، الكوفة ، دمشق ، قرطبة ، بغداد ، سامراء ، القاهرة واسطنبول . وان المهتم بهذا التاريخ يدرك ان من النادر حصول عملية انتقال سلس للسلطة خلال هذا التاريخ الطويل ، فبين مسموم ومذبوح ومقتول ومنفي وسجين ينهي الخلفاء فترة خلافتهم التي قضاها معظمهم في الفسق والفجور والغلمان والجواري والندمان وتبذير اموال الدولة على المادحين ، في وقت يلاحق رجال الحسبة فيه الناس بوجوب دفع الضرائب تحت مسميات عديدة . هذا ان لم يقضيها بالرعب والتوجس والتربص للاعداء والمعارضين .
ولم تختلف النظم الملكية والاميرية الحديثة في منطقتنا عن الخلافة القديمة سيئة الصيت ، فإذا كانت الخلافة الراشدية والعثمانية مبنية على مبدأ المبايعة البعيد عن الوراثة ، لمن يختاره حكماء القوم من بين اكفأ الناس ، ففيما عداهما اصبحت خلافة وراثية مرتبطة بسلسلة مؤسس السلطة كما حدث مع الامبراطورية الاموية والعباسية وملكيات وامراء القرن العشرين ، ومن لم يقرأ التاريخ للتأكد من ذلك ، بإمكانه النظر الى التاريخ الحديث الذي نعيشه اليوم والذي لا يختلف منذ بداية القرن العشرين ولحد الان من حيث جوهره ، وما حدث في المملكة العربية السعودية في العشرين من الشهر الحالي من تعيين محمد بن سلمان وليا للعهد بدل محمد بن نايف واعفاء هذا الرجل الخبير من جميع مناصبه دليل على استمرار نهج الاستئثار الاسري للسلطة وانكارها حتى على اقرب الناس صلة بالعائلة حتى ولو تمتع الاخير بالحكمة والعقل الراجح والرأي السديد والمجرَّب ، وكانت لهذه الحركة المفاجأة مثيلاتها في الاردن وقطر وعمان واليمن على عهد الامام يحيى .
ومع ان تعيين الامير الشاب محمد كولي للعهد ليس غريبا ولا يثير الدهشة فهو في جوهره يدعو الى استحضار الكثير من الاسئلة : منها على سبيل المثال لا الحصر هل يعتبر ذلك بطاقة حمراء لأبعاد الملك عن عرشه بعد سلسلة الانهيارات والهزائم التي نتجت عند تنصيبه بسبب قراراته المتسرعة في اشعال حرب اليمن ودعم الارهاب واستعداء بعض الدول ، بدل ان تكون فترة حكمه فرصة لأصلاح ما كان يعتبر خللا في زمن الملك عبد الله ، الكل يجمع ان هذه الخطوة ربما جاءت من بين القرارات الجانبية غير المعلنة التي تمخضت عنها قمة الرياض التي اشرف عليها الرئيس الامريكي ترامب شخصيا ، ام انها خطوة في درء الخطر المحتمل الذي يحيق بالسعودية بعد انهيار اسعار النفط واهدارها الاموال في حرب اليمن وتمويل الجماعات المسلحة ، فضلا عن بذخ العائلة المالكة .
ان من يقرأ سجل ولي العهد الشاب لا بد ان ينظر اليها بشئ من الحكمة قبل الدهشة والاستغراب ، بل ربما الخوف على مستقبل المنطقة وربما توريطها في مشاكل جديدة تؤدي الى مزيدا من التوتر في المنطقة بل ومزيدا من الخراب ، خاصة عندما تجتمع السلطة مع المال في يد شاب بعمر ولي العهد الجديد ، وربما تكون الولايات المتحدة قد قررت جملة من التغييرات يكون فيها محمد بن سلمان حصان طروادة بعد ان رفضها الملك سلمان ومن بينها الاحتكاك بايران . وفي كل الاحوال ، فمن المؤكد ان ذلك سيأذن بل وسيسرع ذلك بأبعاد سلمان عن العرش السعودي واختفاؤه عن المسرح السياسي الى الابد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تحشد قواتها .. ومخاوف من اجتياح رفح |#غرفة_الأخبار


.. تساؤلات حول ما سيحمله الدور التركي كوسيط مستجد في مفاوضات وق




.. بعد تصعيد حزب الله غير المسبوق عبر الحدود.. هل يعمد الحزب لش


.. وزير المالية الإسرائيلي: أتمنى العمل على تعزيز المستوطنات في




.. سائح هولندي يرصد فرس نهر يتجول بأريحية في أحد شوارع جنوب أفر